١٦قوله عز وجل : وَالَّذانِ هو تثنية الذي يَأْتِيانِها يعني يأتيان الفاحشة مِنْكُمْ يعني من رجالكم ونسائكم وقيل هما البكران اللذان لم يحصنا وهما غير المعنيين بالآية الأولى وقيل المراد بمن ذكر في الأولى النساء وهذه للرجال لأن اللّه تعالى حكم في الآية الأولى بالحبس في البيت على النساء وهو اللائق بحالهن لأن المرأة إنما تفعل الفاحشة عند الخروج فإذا حبست في البيت انقطعت مادة المعصية ، وأما الرجل فلا يمكن حبسه في البيت لأنه يحتاج إلى الخروج في إصلاح معاشه واكتساب قوت عياله فجعلت عقوبة الرجل الزاني الأذية بالقول والفعل فَآذُوهُما يعني عيروهما بالقول باللسان وهو أن يقال له أما خفت اللّه أما استحيت من اللّه حين زنيت وقال ابن عباس : سبوهما واشتموهما وفي رواية عنه قال : هو باللسان واليد يؤذي بالتعيير ويضرب بالنعال فَإِنْ تابا يعني من الفاحشة وَأَصْلَحا يعني العمل فيما يأتي فَأَعْرِضُوا عَنْهُما أي اتركوهما ولا تؤذوهما إِنَّ اللّه كانَ تَوَّاباً رَحِيماً يعني أنه تعالى يعود على عبده بفضله ومغفرته ورحمته إذا تاب إليه وهذا الحكم كان في ابتداء الإسلام كان حد الزاني الأذى بالتوبيخ والتعيير بالقول باللسان فلما نزلت الحدود وثبتت الأحكام نسخ ذلك الأذى بالآية التي في سورة النور وهي قوله تعالى : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّه الآية فثبت الجلد على البكر بنص الكتاب وثبت الرجم على الثيب المحصن بسنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقد أصح أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رجم ماعزا وكان قد أحصن وسواء في هذا الحكم المسلم واليهودي لأنه ثبت في الصحيح أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم رجم يهوديين زنيا وكانا قد أحصنا وقال أبو حنيفة : لا رجم على اليهودي لأن المشرك ليس بمحصن و أجيب عنه بأن المراد بهذا الإحصان إحصان العفاف لا إحصان الفرج. قوله تعالى : |
﴿ ١٦ ﴾