٤٩

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ نزلت في رجال من اليهود أتوا بأطفالهم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا : يا محمد هل على هؤلاء من ذنب؟ قال : لا قالوا : ما نحن إلّا كهيئتهم ما عملناه بالنهار يكفر عنا بالليل وما عملناه بالليل يكفر عنا بالنهار فأنزل اللّه تعالى هذه الآية

وقيل نزلت في اليهود والنصارى حين قالوا نحن أبناء اللّه وأحباؤه وقولهم لن يدخل الجنة إلّا من كان هودا أو نصارى والتزكية هنا عبارة عن مدح الإنسان نفسه الصلاح والدين منه تزكية الشاهد حتى يصير عدلا

قال اللّه تعالى : فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى وذلك لأن التزكية متعلقة بالتقوى وهي صفة في الباطن فلا يعلم حقيقتها إلّا اللّه تعالى فلا تصلح التزكية إلّا من عند اللّه تعالى فلهذا

قال اللّه تعالى : بَلِ اللّه يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ ويدخل في هذا المعنى كل من ذكر نفسه بصلاح أو وصفها بزكاء العمل أو بزيادة الطاعة والتقوى أو بزيادة الزلفى عند اللّه تعالى فهذه الأشياء لا يعلمها إلّا اللّه تعالى فلهذا قال : فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى ومعنى يزكون أنفسهم يزعمون أنهم أزكياء لأنهم برءوا أنفسهم من الذنوب قال تعالى ردا عليهم : بَلِ اللّه يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ فيجعله زاكيا وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا يعني أن الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تلك التزكية من غير ظلم

وقيل معناه إن الذين زكاهم اللّه لا ينقصون من ثواب طاعتهم شيئا والفتيل المفتول وسمي ما يكون في شق النواة فتيلا لكونه على هيئته

وقيل الفتيل هو ما تفتله بين أصابعك من وسخ وغيره ويضرب به المثل في الشيء الحقير الذي لا قيمة له

﴿ ٤٩