٦٩

وَمَنْ يُطِعِ اللّه وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه عَلَيْهِمْ الآية نزلت في ثوبان مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان شديد الحب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قليل الصبر عنه فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه يعرف الحزن في وجهه ، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : ما غير لونك فقال يا رسول اللّه ما بي مرض ولا وجع غير أني إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك. ثم إني إذا ذكرت الآخرة أخاف أن لا أراك لأنك ترفع إلى عليين مع النبيين وإني أخاف إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك وإن لم أدخل الجنة لا أراك أبدا فنزلت هذه الآية

وقيل إن بعض أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال : كيف يكون الحال وأنت يا رسول اللّه في الدرجات العلى ونحن أسفل منك فكيف نراك؟

فأنزل اللّه تعالى هذه الآية : وَمَنْ يُطِعِ اللّه يعني في أداء الفرائض واجتناب النواهي وَالرَّسُولَ أي ويطع الرسول في السنن التي سنها فأولئك مع الذين أنعم اللّه عليهم يعني بالهداية والتوفيق في الدنيا وبدخول الجنة في الآخرة مِنَ النَّبِيِّينَ يعني أن المطيعين مع النبيين في الجنة لا تفوتهم رؤية الأنبياء في الجنة ومجالستهم لأنهم يكونون في درجتهم في الجنة لأن ذلك يقتضي التسوية في الدرجة بين الفاضل والمفضول وَالصِّدِّيقِينَ الصدّيق الكثير الصدق فعيل من الصدق والصديقون هم أتباع الرسل الذين اتبعوهم على مناهجهم بعدهم حتى لحقوا بهم

وقيل الصديق هو الذي صدق بكل الدين حتى لا يخالطه فيه شك والمراد بالصديقين في هذه الآية أفاضل أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كأبي بكر فإنه هو الذي سمي بالصديق من هذه الأمة وهو أفضل أتباع الرسل وَالشُّهَداءِ هم الذين استشهدوا في سبيل اللّه

وقيل هم الذين استشهدوا يوم أحد وَالصَّالِحِينَ جمع صالح وهو الذي استوت سريرته وعلانيته في الخير.

وقيل الصالح من اعتقاده صواب وعمله في سنة وطاعة

وقيل المراد بالنبيين هنا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وبالصديقين أبو بكر وبالشهداء عمر وعثمان وعلي وبالصالحين سائر الصحابة وَحَسُنَ أُولئِكَ يعني المشار إليهم وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون وفيه معنى التعجب كأنه قال وما أحسن أولئك رَفِيقاً يعني في الجنة والرفيق الصاحب سمي رفيقا لارتفاقك به وبصحبته وإنما وحد الرفيق وهو صفة الجمع لأن العرب تعبر به عن الواحد والجمع

وقيل معناه وحسن كل واحد من أولئك رفيقا

(ق) عن أنس أن رجلا سأل النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن الساعة : فقال متى الساعة قال : (و ما أعددت لها قال لا شيء إلا أني أحب اللّه ورسوله فقال أنت مع من أحببت) قال أنس فما فرحنا بشيء أشد فرحا بقول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنت مع من أحببت قال أنس : فأنا أحب النبي وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بأعمالهم.

﴿ ٦٩