٨٨فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ اختلفوا في سبب نزول هذه الآية فقيل نزلت في الذين تخلفوا يوم أحد من المنافقين فلما رجعوا قال بعض أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أقتلهم يا رسول اللّه فإنهم منافقون وقال بعضهم أعف عنهم فإنهم قد تكلموا بكلمة الإسلام (ق) عن زيد بن ثابت قال لما خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى أحد رجع ناس ممن خرج معه فكان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيهم فئتين قالت فرقة نقتلهم وقالت فرقة لا نقتلهم فنزلت فما لكم في المنافقين فئتين فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إنها طيبة تنفي الرجال كما ينفي الكير خبث الحديد وقيل نزلت في قوم خرجوا إلى المدينة وأسلموا ثم استأذنوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الخروج إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها فخرجوا وأقاموا بمكة فاختلف المسلمون فيهم فقائل يقول هم منافقون وقائل يقول هم مؤمنون وقيل نزلت في ناس من قريش قدموا المدينة وأسلموا ثم ندموا على ذلك فخرجوا كهيئة المتنزهين فلما بعدوا عن المدينة كتبوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : إنا على الذي فارقناك عليه من الإيمان ولكنا اجتوينا المدينة واشتقنا إلى أرضنا ثم إنهم خرجوا في تجارة إلى الشأم فبلغ ذلك المسلمين فقال بعضهم تخرج إليهم ونقتلهم ونأخذ ما معهم لأنهم رغبوا في ديننا وقالت طائفة منهم كيف تقتلون قوما على دينكم وإن لم يذروا ديارهم. وكان هذا بعين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو ساكت لا ينهي أحد الفريقين فنزلت هذه الآية وقيل نزلت في قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا وكانوا يظاهرون المشركين وقيل نزلت في عبد اللّه بن أبي ابن سلول المنافق لما تكلم في حديث الإفك. ومعنى الآية فما لكم يا معشر المؤمنين في المنافقين فئتين أي صرتم في أمرهم فرقتين فرقة تذب عنهم وفرقة تباينهم وتعاديهم فنهى اللّه الفرقة الذين يذبون عنهم وأمر المؤمنين جميعا أن يكونوا على منهاج واحد في التباين لهم والتبري منهم ثم أخبر عن كفرهم بقوله وَاللّه أَرْكَسَهُمْ يعني نكسهم في كفرهم وارتدادهم وردهم إلى أحكام الكفار بِما كَسَبُوا أي بسبب ما اكتسبوا من أعمالهم الخبيثة وقيل بما أظهروا من الارتداد بعد ما كانوا على النفاق أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللّه هذا خطاب للفئة التي دافعت عن المنافقين والمعنى أتبتغون أيها المؤمنون هداية هؤلاء المنافقين الذين أصلهم اللّه عن الهدى وَمَنْ يُضْلِلِ اللّه يعني عن الهدى فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا يعني فلن تجد له طريقا تهديه فيها إلى الحق والهدى. قوله تعالى : |
﴿ ٨٨ ﴾