٢١٢٢٢٣٢٤قوله تعالى : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللّه كَذِباً يعني ومن أشد عنادا وأخطأ فعلا وأعظم كفرا ممن اختلق على اللّه كذبا فزعم أن له شريكا من خلقه وإلها يعبد من دونه كما قال المشركون من عبدة الأصنام ، أو ادعى أن له صاحبة وولدا كما قلت النصارى أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ يعني كذب بحجته وأعلام أدلته التي أعطاها رسله كما كذبت اليهود بمعجزات الأنبياء وقيل معناه أو كذب بآيات القرآن الذي أنزله على محمد صلى اللّه عليه وسلم إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ يعني أنه لا ينجح القائلون على اللّه الكذب والمفترون على اللّه الباطل وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً أي اذكر يوم نحشر العابدين والمعبودين وهو يوم القيامة ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ يعني أنها تشفع لكم عند ربكم. قوله عز وجل : ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ يعني قولهم وجوابهم وقال ابن عباس معذرتهم والفتنة التجربة ، فلما كان سؤالهم تجربة لإظهار ما في قلوبهم قيل له فتنة قال الزجاج في قوله ثم لم تكن فتنتهم معنى لطيف وذلك أن الرجل يفتتن بمحبوب ثم تصيبه فيه محنة فيبرأ من محبوبه فيقال لم تكن فتنته إلا بذلك المحبوب فكذلك الكفار فتنوا بمحبة الأصنام ثم لما رأوا العذاب تبرؤوا منها. يقول اللّه تبارك وتعالى ثم لم تكن فتنتهم ومحبتهم للأصنام إلا أن تبرؤوا منها وهو قوله تعالى : إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللّه رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ وذلك إذا شاهدوا يوم القيامة مغفرة اللّه تعالى لأهل التوحيد فيقول بعضهم لبعض تعالوا نكتم الشرك لعلنا ننجو من أهل التوحيد فيقولون واللّه ربنا ما كنا مشركين فيختم على أفواههم وتشهد عليهم جوارحهم بالشرك والكفر قال اللّه تعالى : انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ يعني انظر يا محمد بعين البصيرة والتأمل إلى حال هؤلاء المشركين كيف كذبوا على أنفسهم يعني اعتذارهم بالباطل وتبرؤهم من الأصنام والشرك الذي كانوا عليه واستعمالهم الكذب مثل ما كانوا عليه في دار الدنيا وذلك لا ينفعهم وهو قوله : وَضَلَّ عَنْهُمْ يعني زال عنهم وذهب ما كانُوا يَفْتَرُونَ يعني ما كانوا يكذبون وهو قولهم إن الأصنام تشفع لهم وتنصرهم فبطل ذلك كله في ذلك اليوم. وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٢٦) |
﴿ ٢٤ ﴾