٣٦٣٧٣٨قوله عز وجل : إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ يعني المؤمنين الذين فتح اللّه أسماع قلوبهم فهم يسمعون الحق ويستجيبون له ويبغونه وينتفعون به دون من ختم اللّه على سمع قلبه وهو قوله الْمَوْتى يعني الكفار الذين لا يسمعون ولا يستجيبون يَبْعَثُهُمُ اللّه يعني يوم القيامة ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ فيجزيهم بأعمالهم وَقالُوا يعني رؤساء كفار قريش لَوْلا يعني هلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ يعني الملك ليشهد لمحمد بالنبوة وقيل الآية المعجزة الباهرة كمثل معجزات الأنبياء قُلْ يعني قل لهم يا محمد إِنَّ اللّه قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً يعني أنه تعالى قادر على إيجاد ما طلبوه وإنزال ما اقترحوه من الآيات والمعجزات الباهرات وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ يعني ماذا عليهم في إنزالها من العذاب إن لم يؤمنوا بها وقيل معناه إنهم لا يعلمون أن اللّه قادر على إنزال الآيات وقيل إنهم لا يعلمون وجه المصلحة في إنزالها قوله تعالى : وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ قال العلماء : جميع ما خلق اللّه عز وجل لا يخرج عن هاتين الحالتين إما أن يدب على الأرض ، أو يطير في الهواء ، حتى ألحقوا حيوان الماء بالطير ، لأن الحيتان تسبح في الماء كما أن الطير يسبح في الهواء. وإنما خص ما في الأرض بذكر دون ما في السماء وإن كان ما في السماء مخلوقا لأن الاحتجاج بالشاهد أظهر وأولى مما لا يشهد وإنما ذكر الجناح في قوله بجناحيه للتوكيد كقولك كتبت بيدي ونظرت بعيني إلا أمم أمثالكم. قال مجاهد : أي أصناف مصنفة تعرف بأسمائها. يريدون أن كل جنس من الحيوان أمة فالطير أمة والدواب أمة والسباع أمة تعرف بأسمائها مثل بني آدم يعرفون بأسمائهم كما يقال الإنس والناس ويدل على أن كل جنس من الدواب أمة ما روي عن عبد اللّه بن مغفل عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : (لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل أسود بهيم) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي. فإن قلت ثبت بالآية والحديث أن الدواب والطير أمم أمثالنا وهذه المماثلة لم تحصل من كل الوجوه فيما يظهر لنا فما وجه هذه المماثلة. قلت : اختلف العلماء في وجه هذه المماثلة فقيل : إن هذه الحيوانات تعرف اللّه وتوحده وتسبّحه وتصلي له كما أنكم تعرفون اللّه وتوحدونه وتسبحونه وتصلّون له. وقيل : إنها مخلوقة للّه كما أنكم مخلوقون للّه عز وجل وقيل إنها يفهم بعضها عن بعض ويألف بعضها بعضا كما أن جنس الإنسان يألف بعضهم بعضا ويفهم بعضهم عن بعض. وقيل : أمثالكم في طلب الرزق وتوقي المهالك ومعرفة الذكر والأنثى. وقيل : أمثالكم في الخلق والموت والبعث بعد الموت للحساب حتى يقتص للجماء من القرناء وهو قوله تعالى : ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ يعني في اللوح المحفوظ لأنه يشمل جميع أحوال المخلوقات وقيل إن المراد بالكتاب القرآن يعني أن القرآن مشتمل على جميع الأحوال : ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ يعني الدواب والطير قال ابن عباس : حشرها موتها. وقال أبو هريرة يحشر اللّه الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شيء فيأخذ للجماء من القرناء ثم يقول كوني ترابا (م). عن أبي هريرة : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء. وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللّه يُضْللّه وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللّه أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّه تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ (٤١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) |
﴿ ٣٧ ﴾