٣٩٤٠٤١٤٢٤٣قوله عز وجل : وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يعني بالقرآن وبمحمد صلى اللّه عليه وسلم وقيل : كذبوا بحجج اللّه وأدلته على توحيده صُمٌّ يعني عن سماع الحق وَبُكْمٌ يعني عن النطق به والمعنى أنهم في حال كفرهم وتكذيبهم كمن لا يسمع ولا يتكلم ، ولهذا شبه الكفار بالموتى لأن الميت لا يسمع ولا يتكلم فِي الظُّلُماتِ يعني في ظلمات الكفر ، حائرين مترددين فيها لا يهتدون سبيلا مَنْ يَشَأِ اللّه يُضْللّه يعني عن الإيمان وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني ومن يشأ يجعله اللّه على دين الإسلام وفي هذا دليل على أن الهادي والمضل هو اللّه تعالى فمن أحب هدايته وفقه بفضله وإحسانه للإيمان به ومن أحب ضلالته تركه على كفره وهذا عدل منه لأنه تعالى هو الفاعل المختار لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. قوله تعالى : قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ يعني : قل يا محمد لهؤلاء الكفار الذين تركوا عبادة اللّه عز وجل وعبدوا غيره من الأصنام أخبروني تقول العرب أرأيتك بمعنى أخبرنا بحالك وأصله أرأيتم والكاف فيه للتأكيد : إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللّه يعني قبل الموت مثل ما نزل بالأمم الماضية الكافرة من : الغرق والخسف والمسخ والصواعق ونحو ذلك من العذاب أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ يعني القيامة أَغَيْرَ اللّه تَدْعُونَ يعني في كشف العذاب عنكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يعني في دعواكم. ومعنى الآية أن الكفار كانوا إذا نزل بهم شدة وبلاء رجعوا إلى اللّه بالتضرع والدعاء وتركوا الأصنام فقيل لهم : أترجعون إلى اللّه في حال الشدة والبلاء ولا تعبدونه ولا تطيعونه في حال اليسر والرخاء؟ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ يعني بل تدعون اللّه ، ولا تدعون غيره في كشف ما نزل بكم فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ يعني فيكشف الضر الذي من أجله دعوتموه وإنما قيد الإجابة بالمشيئة رعاية للمصلحة وإن كانت الأمور كلها بمشيئة اللّه تعالى : وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ يعني : وتتركون دعاء الأصنام التي تعبدونها فلا تدعونها لعلمكم أنها لا تضر ولا تنفع وقيل معناه أنكم في ترككم دعاء الأصنام بمنزلة من قد نسيها وهذا معنى قول الحسن لأنه قال وتعرضون عنها إعراض الناسي لها. قوله تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ في الآية محذوف والتقدير ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك يا محمد رسلا فخالفوهم وكفروا وحسن هذا الحذف لكونه معلوما عند السامع فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ يعني بالفقر الشديد وأصله من البؤس وهو الشدة والمكروه وقيل : البأساء ، شدة الجوع وَالضَّرَّاءِ يعني الأمراض والأوجاع والزمانة لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ يعني يخضعون ويتوبون والتضرع التخشع والتذلل والانقياد وترك التمرد وأصله من الضراعة وهي الذلة. ومقصود الآية ، أن اللّه تعالى أعلم نبيه صلى اللّه عليه وسلم أنه قد أرسل من قبله رسلا إلى أقوام بلغوا في القسوة إلى أن أخذوا بالبأساء والضراء وهي الشدة في النفس والمال فلم يخضعوا ولم يتضرعوا ففيه تسلية للنبي صلى اللّه عليه وسلم فَلَوْ لا يعني فهلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا معناه نفي التضرع فلم يتضرعوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ يعني ولكن غلظت قلوبهم فلم تضرع ولم تخشع بل أقاموا على كفرهم وتكذيبهم رسلهم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني من الكفر والتكذيب وتزيين الشيطان إغواؤه بما في المعصية من اللذة. قال ابن عباس : يريد زين الشيطان الضلالة التي كانوا عليها فأصروا على معاصي اللّه عز وجل. فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥) |
﴿ ٤٠ ﴾