٧٨

٧٩

قوله تعالى : فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ يعني فأصبحوا في أرضهم وبلدهم جاثمين ولذلك وحد الدار كما يقال دار الحرب أي بلد الحرب ودار بني فلان بمعنى موضعهم ومجمعهم وجمع في آية أخرى ، فقال في ديارهم لأنه أراد ما لكل واحد منهم من الديار والمساكن وقوله جاثمين يعني باركين على الركب والجثوم للناس والطير بمنزلة البروك للبعير وجثوم الطير هو وقوعه لاطئا بالأرض في حال نومه وسكونه بالليل والمعنى أنهم أصبحوا جاثمين على وجوههم موتى لا يتحركون فَتَوَلَّى عَنْهُمْ يعني فأعرض عنهم صالح وفي وقت هذا التولي قولان :

أحدهما : أنه تولى عنهم بعد أن ماتوا وهلكوا ويدل عليه قوله فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ والفاء للتعقيب فدل على أنه جعل هذا التولي بعد جثومهم وهو موتهم.

والقول الثاني : أنه تولى عنهم وهم أحياء قبل موتهم وهلاكهم ويدل عليه أنه خاطبهم وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ

أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ وهذا الخطاب لا يليق إلا بالأحياء فعلى هذا القول يحتمل أن يكون في الآية تقديم وتأخير تقديره فتولى عنهم وقال : يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين وأجاب أصحاب

القول الأول عن هذا أنه خاطبهم بعد هلاكهم وموتهم توبيخا وتقريعا كما خاطب النبي صلى اللّه عليه وسلم الكفار من قتلى بدر حين ألقوا في القليب فجعل يناديهم بأسمائهم الحديث في الصحيح وفيه فقال عمر : يا رسول اللّه كيف تكلم أقواما قد جيفوا فقال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكن لا يجيبون.

وقيل إنما خاطبهم صالح بذلك ليكون عبرة لمن يأتي من بعدهم فينزجر عن مثل تلك الطريقة التي كانوا عليها.

( (ذكر قصة ثمود على ما ذكره محمد بن إسحاق ووهب بن منبه وغيرهما من أصحاب السير والأخبار)) قالوا جميعا إن عاد لما هلكت وانقضى أمرها عمرت ثمود بعدها واستخلفوا في الأرض فدخلوا فيها وكثروا وعمروا حتى إن أحدهم ليبني المسكن من المدر فينهدم والرجل حي فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتا وكانوا في سعة من العيش والرخاء فعثوا وأفسدوا في الأرض وعبدوا غير اللّه فبعث اللّه تعالى إليهم صالحا نبيا وكانوا قوما عربا وكان صالح من أوسطهم نسبا وأفضلهم بيتا وحسبا فبعثه اللّه تعالى إليهم وهو غلام فلم يزل يدعوهم إلى اللّه تعالى وإلى عبادته حتى شمط وكبر فلم يتبعه منهم إلا قليل مستضعفون فلما ألح عليهم صالح بالدعاء والتبليغ وأكثر لهم التحذير والتخويف سألوه أن يريهم آية تكون مصداقا على ما يقول فقال صالح أي آية تريدون؟ فقالوا : تخرج معنا إلى عيدنا وكان لهم عيد يخرجون فيه أصنامهم ، وذلك في يوم معلوم من السنة وقالوا تدعو إلهك وندعو آلهتنا فإن استجيب لك اتبعناك وإن استجيب لنا اتبعتنا فقال لهم صالح نعم فخرجوا بأصنامهم إلى عيدهم وخرج صالح معهم ودعوا أوثانهم وسألوها أن لا يستجاب لصالح في شيء مما يدعو به ثم قال جندع بن عمرو بن حراش وهو يومئذ سيد ثمود : يا صالح أخرج لنا من هذه الصخرة ، لصخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها الكاثبة ، ناقة مخترجة جوفاء وبراء عشراء والمخترجة ما شاكلت بالبخت من الإبل فإن فعلت آمنا بك وصدقناك فأخذ عليهم صالح مواثيقهم لئن فعلت لتصدقني ولتؤمنن بي قالوا نعم قال فصلى صالح عليه الصلاة والسلام ركعتين ودعا ربه عز وجل فتمخضت الصخرة كما تمخض النتوج بولدها ثم تحركت الهضبة عن ناقة عشراء جوفاء وبراء كما سألوا ووصفوا غير أنه لا يعلم ما بين جنبها إلا اللّه عز وجل عظيما وهم ينظرون إليها ثم نتجت سقبا مثلها في العظم فآمن به جندع بن عمرو ورهط معه من قومه وأراد

بقية أشراف ثمود أن يؤمنوا به ويصدقوه فمنعهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب وكانا صاحبا أوثانهم ورباب بن ضمير وكان كاهنهم وكانوا من أشراف ثمود فلما خرجت الناقة من الصخرة قال لهم صالح : هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم فمكثت الناقة ومعها سقبها في أرض ثمود ترعى الشجر وتشرب الماء وكانت ترد الماء غبا فإذا كان يوم ورودها وضعت رأسها في بئر في الحجر يقال لها بئر الناقة فما ترفع رأسها حتى تشرب كل ما فيها فلا تدع قطرة ثم ترفع رأسها فتتفحج لهم فيحلبون ما شاؤوا منها من لبن فيشربون ويدخرون حتى يملؤوا أوانيهم كلها ثم تصدر الناقة من غير الفج الذي وردت منه ولا تقدر أن تصدر من حيث وردت حتى إذا كان من الغد كان يوم ثمود فيشربوا ما شاء اللّه من الماء ويدخرون ما شاؤوا ليوم الناقة فهم على ذلك في سعة ودعة وكانت الناقة تصيف إذا كان الحر بظهر الوادي فتهرب منها مواشيهم الإبل والبقر والغنم فتهبط إلى بطن الوادي فتكون في حره وجدبه وإذا كان الشتاء فتشتو الناقة في بطن الوادي فتهرب المواشي إلى ظهره فتكون في البرد والجدب فأضر ذلك بمواشيهم للأمر الذي يريده اللّه بهم والبلاء الاختبار ، فكبر ذلك عليهم فعتوا عن أمر ربهم وحملهم ذلك على عقر

الناقة فأجمعوا على عقرها وكانت امرأتان من ثمود يقال لإحداهما عنيزة بنت غنم بن مخلد وتكنى بأم غنم وكانت عجوزا مسنة وهي امرأة ذؤاب بن عمرو وكانت ذات بنات حسان وذات مال من إبل وبقر وغنم ، والمرأة الأخرى يقال لها صدقة بنت المختار وكانت جميلة غنية ذات مواش كثيرة وكانتا من أشد الناس عداوة لصالح عليه الصلاة والسلام وكانتا تحبان عقر الناقة لما أضرت بمواشيهما فتحيلتا في عقر الناقة فدعت صدقة رجلا من ثمود يقال له الحباب لعقر الناقة وعرضت عليه نفسها إن هو فعل فأبى عليها فدعت ابن عم لها يقال لها مصدع بن مهزج بن المحيا وجعلت له نفسها على أن يعقر الناقة وكانت من أحسن الناس وجها وأكثرهم مالا فأجابها إلى إلى ذلك ودعت عنيزة بنت غنم قدار بن سالف

وكان رجلا أحمر أزرق قصيرا ويزعمون أنه كان ابن زانية ولم يكن لسالف ولكنه ولد على فراشه فقالت عنيزة لقدار أي بناتي شئت أعطيتك على أن تعقر الناقة وكان قدار عزيزا منيعا في قومه

(ق). عن عبد اللّه بن زمعة رضي اللّه تعالى عنه أنه سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم يخطب وذكر الناقة والذي عقرها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (إذا انبعث أشقاها انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه مثل أبي زمعة) قوله انبعث أي قام بسرعة والعارم الخبيث الشرير والعرامة الشدة والقوة والشراسة والمنيع الممتنع ممن أراده. قال أصحاب الأخبار :

فانطلق قدار بن سالف ومصدع بن مهزج ، فاستنفروا غواة ثمود فاتبعهم سبعة نفر فكانوا تسعة رهط فانطلق قدار ومصدع وأصحابهما فرصدوا الناقة حتى صدرت عن الماء وقد كمن لها قدار في أصل صخرة على طريقها وكمن لها مصدع في أصل صخرة أخرى فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم في عضلة ساقها فخرجت أم غنم عنيزة وأمرت ابنتها فسفرت عن وجهها وكانت من أحسن الناس وجها ليراها قدار ثم حثته على عقرها وأغرته فشد قدار على الناقة بالسيف فكشف عرقوبها فخرجت ورغت رغاة واحدة فتحذر سقبها من الجبل ثم طعن قدار في لبتها فنحرها فخرج أهل البلد فاقتسموا لحمها فلما رأى سقبها ذلك انطلق هاربا حتى أتى جبلا منيعا يقال له صور

وقيل قارة وأتى صالح عليه الصلاة والسلام فقيل له أدرك الناقة فقد عقرت فأقبل نحوها وخرج أهل البلد يتلقونه ويعتذرون إليه ويقولون يا نبي اللّه إنما عقرها فلان ولا ذنب لنا فقال صالح انظروا هل تدركون فصيلها فإن أدركتموه فعسى أن يرفع عنكم العذاب فخرجوا في طلبه فرأوه على الجبل فذهبوا ليأخذوه فأوحى اللّه تعالى إلى الجبل أن تطاول فتطاول حتى ما تناله الطير وجاء صالح عليه السلام فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه ثم رغا ثلاثا ثم انفجرت الصخرة فدخلها فقال صالح لكل رغوة أجل يوم تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب وقال ابن إسحاق تبع السقب أربعة نفر من التسعة الذين عقروا الناقة وفيهم مصدع بن مهزج وأخوه ذؤاب فرماه مصدع بسهم فأصاب قلبه ثم جذبه فأنزله وألقوا لحمه مع لحم أمه وقال لهم صالح عليه الصلاة والسلام : انتهكتم حرمة اللّه فأبشروا بعذاب اللّه ونقمته قالوا وهم يهزئون به : ومتى ذلك يا صالح وما آية ذلك؟

وكانوا يسمون الأيام في ذلك الوقت الأحد أول والاثنين أهون والثلاثاء دبار والأربعاء جبار والخميس مؤنس والجمعة العروبة والسبت شبار وكانوا عقروا الناقة يوم الأربعاء فقال لهم صالح عليه الصلاة والسلام حين قالوا ذلك : تصبحون غدا يوم مؤنس ووجوهكم مصفرة ، ثم تصبحون يوم العروبة ووجوهكم محمّرة ، ثم تصبحون يوم شبار ووجوهكم مسودة ثم يصبحكم العذاب يوم أول فلما قال لهم صالح ذلك قال التسعة الذين عقروا الناقة : هلموا فلنقتل صالحا فإن كان صادقا عجلناه قبلنا وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته فأتوه ليلا ليقتلوه في أهله فدمغتهم الملائكة بالحجارة فلما أبطئوا على أصحابهم أتوا منزل صالح عليه الصلاة والسلام فوجدوهم وقد رضخوا بالحجارة فقالوا لصالح أنت قتلتهم ثم هموا به فقامت عشيرته دونه وقالوا لا تقتلوه أبدا فإنه قد وعدكم العذاب أنه نازل بكم بعد ثلاث فإن كان صادقا لم تزيدوا ربكم إلا غضبا عليكم وإن كان كاذبا فأنتم وراء ما تريدون فانصرفوا عنه تلك الليلة فأصبحوا يوم الخميس ووجوههم مصفرة كأنما طليت بالخلوق صغيرهم

وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم فأيقنوا بالعذاب وعرفوا أن صالحا قد صدقهم فيما قال فطلبوه ليقتلوه فهرب منهم ولحق بحي من بطون ثمود يقال لهم بنو غنم فنزل على سيدهم واسمه نفيل ويكنى بأبي هدب وهو مشرك فمنع صالحا فلم يقدروا عليه وكانوا عمدوا إلى أصحاب صالح ليدلوهم عليه فقال رجل من أصحاب صالح يقال له مبدع بن هرم : يا نبي اللّه إنهم يعذبونا لندلهم عليك أفندلهم عليك؟ قال : نعم. فدلوهم عليه فأتوا أبو هدب فكلموه في أمر صالح فقال هو عندي وليس لكم إليه سبيل فأعرضوا عنه وتركوه وشغلهم ما نزل بهم من العذاب فجعل بعضهم يخبر بعضا بما يرون في وجوههم فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يوم من الأجل فلما أصبحوا في اليوم الثاني إذا وجوههم محمرة كأنما خضبت بالدم فصاحوا وضجوا وبكوا وأيقنوا أنه العذاب فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يومان من الأجل وحضركم العذاب فلما أصبحوا في اليوم الثالث إذا وجوههم مسودة كأنما طليت بالقار فصاحوا جميعا ألا قد حضركم العذاب فلما كانت ليلة الأحد خرج صالح عليه الصلاة والسلام ومن أسلم معه من بين أظهرهم إلى الشام فنزل رملة فلسطين فلما أصبحوا في اليوم الرابع تكفنوا وتحنطوا وألقوا بأنفسهم إلى الأرض يقلّبون أبصارهم إلى السماء مرة وإلى الأرض مرة لا يدرون من أين يأتيهم العذاب فلما اشتد الضحى من يوم الأحد أتتهم صيحة عظيمة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء له صوت في الأرض فتقطعت قلوبهم في صدورهم وهلكوا جميعا إلا جارية مقعدة يقال لها ذريعة بنت سالف وكانت كافرة شديدة العداوة لصالح عليه الصلاة والسلام فأطلق اللّه تعالى رجليها بعد ما عاينت العذاب وما أصاب ثمود فخرجت مسرعة حتى أتت وادي القرى فأخبرتهم بما عاينت من العذاب الذي بثمود ثم استقت ماء فسقيت فلما شربت ماتت في الحال.

وذكر السدي في عقر الناقة فقال : أوحى اللّه عز وجل إلى صالح عليه والسلام إن قومك سيعقرون ناقتك فقال لهم ذلك صالح فقالوا ما كنا لنفعل فقال صالح إنه سيولد في شهركم هذا غلام يعقرها فيكون هلاككم على يديه فقالوا لا يولد لنا في هذا الشهر ولد إلا قتلناه قال فولد لتسعة منهم في ذلك الشهر أولاد فذبحوهم ثم ولد للعاشر ولد فأبى أن يذبحه لأنه كان لم يولد له قبل ذلك ولد وكان الولد الذي ولد له أحمر أزرق فنبت نباتا سريعا فكان إذا مر بالتسعة فرأوه ، قالوا : لو كان أبناؤنا أحياء لكانوا مثل هذا الغلام فغضب التسعة على صالح لأنه كان سبب قتل أبنائهم فتقاسموا باللّه يعني فتحالفوا باللّه لنبيتنه وأهله وقالوا نخرج فنرى الناس أنا قد خرجنا إلى سفر فنأتي الغار فنكون فيه حتى إذا كان الليل وخرج صالح إلى مسجده أتيناه فقتلناه ثم نرجع إلى الغار فنكون فيه حتى ننصرف إلى رحلنا فنقول ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون فيصدقوننا فيظنون أنا قد خرجنا إلى سفر وكان صالح لا ينام معهم في القرية بل كان يبيت في مسجد له خارج القرية فإذا أصبح أتاهم فيعظهم ويذكرهم فإذا أمسى خرج إلى مسجده فيتعبد فيه قال فانطلق التسعة إلى الغار فدخلوا فسقط عليهم فقتلوا فانطلق رجال ممن كان قد اطلع على أمرهم لينظروا ما فعل أولئك النفر فرأوهم و

هم رضخ فرجعوا إلى القرية يصيحون ما رضي صالح بقتل أولادهم حتى قتلهم فاجتمع أهل القرية على عقر الناقة. وقال ابن إسحاق : كان التسعة قد تقاسموا على تبييت صالح بعد عقر الناقة ، وقال السدي وغيره : لما ولد للعاشر ولد سماه بقدار فكان يشب سريعا فلما كبر جلس مع أناس يشربون الخمر فأرادوا ماء ليمزجوا به شرابهم وكان ذلك اليوم يوم شرب الناقة فوجدوا الماء قد شربته الناقة فاشتد ذلك عليهم وقالوا ما نصنع نحن بلبن هذه الناقة ولو كنا نأخذ هذا الماء الذي تشربه الناقة فنسقيه لأنعامنا وزروعنا كان خيرا لنا ، وقال ابن العاشر : هل لكم أن أعقرها لكم قالوا نعم فعقرها

(ق) عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال : لما مر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالحجر قال : (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى جاوز الوادي)

وفي رواية لمسلم : لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين ثم ذكر مثله ولهما عنه أن الناس نزلوا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الحجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين فأمرهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يهرقوا ما استقوه

ويعلفوا الإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة (و للبخاري) أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من آبارهم ولا يستقوا منها فقالوا قد عجنا منها واستقينا فأمرهم النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يطرحوا ذلك العجين ويهريقوا ذلك الماء. وفي بعض الأحاديث قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (لا تسألوا رسولكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الآيات فبعث اللّه الناقة فكانت ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج وتشرب ماءهم يوم ورودها وأراهم مرتقى الفصيل من القارة فعتوا عن أمر ربهم وعقروها فأهلك اللّه من تحت أديم السماء منهم في مشارق الأرض ومغاربها إلا رجلا واحدا يقال له أبو وغال وهو أبو ثقيف ، كان في حرم اللّه فمنعه حرم اللّه تعالى من عذاب اللّه فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن ودفن معه غصن من ذهب وأراهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبر أبي رغال فنزل القوم وابتدروه بأسيافهم وحفروا عنه واستخرجوا ذلك الغصن) وكانت الفرقة المؤمنة من قوم صالح أربعة آلاف خرج بهم صالح إلى حضرموت فلما دخلوها مات صالح فسمي حضرموت ثم بنوا أربعة آلاف مدينة وسموها حضوراء وقال قوم من أهل العلم : توفي صالح عليه الصلاة السلام بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة وأقام في قومه عشرين سنة.

وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١)

﴿ ٧٩