١٢٦

١٢٧

١٢٨

وَما تَنْقِمُ مِنَّا وما تكره منا وما تطعن علينا وقال عطاء : معناه وما لنا عندك من ذنب تعذبنا عليه إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا ثم فزعوا إلى اللّه تعالى وسألوه الصبر على تعذيب فرعون إياهم فقالوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً أي اصبب علينا صبرا كاملا تاما ولهذا أتى بلفظ التنكير يعني صبرا وأي صبر عظيم وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ يعني واقبضنا على دين الإسلام وهو دين خليلك إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، قال ابن عباس رضي اللّه عنهما : كانوا في أول النهار سحرة وفي آخر النهار شهداء. قال الكلبي : إن فرعون قطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم غير أنه لم يقدر عليهم لقوله تعالى : فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ.

قوله تعالى : وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى يعني وقال جماعة من أشراف قوم فرعون لفرعون أتدع موسى وَقَوْمَهُ من بني إسرائيل لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ يعني أرض مصر وأراد بالإفساد فيها أنهم يأمرونهم بمخالفة فرعون وهو قوله وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ يعني وتذره ليذرك ويذر آلهتك فلا يعبدك ولا يعبدها. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما : كانت لفرعون بقرة كان يعبدها وكان إذا رأى بقرة حسنة أمرهم بعبادتها ولذلك أخرج لهم السامري عجلا. وقال السدي : كان فرعون قد اتخذ لقومه أصناما وكان يأمرهم بعبادتها وقال لهم أنا ربكم ورب هذه الأصنام وذلك قوله أنا ربكم الأعلى والأولى أن يقال إن فرعون كان دهريا منكر الوجود الصانع فكان

يقول مدبر هذا العالم السفلي هي الكواكب فاتخذ أصناما على صورة الكواكب وكان يعبدها ويأمر بعبادتها وكان يقول في نفسه إنه هو المطاع والمخدوم في الأرض فلهذا قال أنا ربكم الأعلى وقرأ ابن مسعود رضي اللّه عنه وابن عباس والشعبي والضحاك ويذرك وإلهتك بكسر الألف ومعناه ويذرك وعبادتك فلا يعبدك لأن فرعون كان يعبد ولا يعبد

وقيل أراد بالآلهة الشمس والكواكب لأنه كان يعبدها قال الشاعر :

تروحنا من اللعباء قصرا وأعجلنا الإلاهة أن تؤوبا

أراد بالإلاهة الشمس قالَ يعني فرعون مجيبا لقومه حين قالوا له أتذر موسى وقومه سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ يعني نتركهن أحياء.

وذلك أن قوم فرعون لما أرادوا إغراء فرعون على قتل موسى وقومه أوجس موسى إنزال العذاب بقومه ولم يقدر فرعون أن يفعل بموسى عليه الصلاة والسلام شيئا مما أرادوا به لقوة موسى عليه السلام بما معه من المعجزات فعدل إلى قومه فقال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم.

وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما : كان قد ترك القتل في بني إسرائيل بعد ما ولد موسى فلما جاءهم موسى بالرسالة وكان من أمره ما كان قال فرعون : أعيدوا عليهم القتل فأعادوا القتل على بني إسرائيل ، والمعنى أن فرعون قال إنما يتقوى موسى بقومه فنحن نسعى في تقليل عدد قومه بالقتل لتقلّ شوكته ، ثم بين فرعون أنه قادر على ذلك بقوله وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ يعني بالغلبة والقدرة عليهم ولما نزل ببني إسرائيل ما نزل شكوا إلى موسى ما نزل بهم قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يعني لما شكوا إليه اسْتَعِينُوا بِاللّه وَاصْبِرُوا يعني استعينوا باللّه على فرعون وقومه فيما نزل بكم من البلاء فإن اللّه هو الكافي لكم واصبروا على ما نالكم من المكاره في أنفسكم وأبنائكم إِنَّ الْأَرْضَ للّه يعني أرض مصر وإن كانت الأرض كلها للّه تعالى يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وهذا إطماع من موسى عليه الصلاة والسلام لبني إسرائيل أن يهلك فرعون وقومه ويملك بني إسرائيل أرضهم وبلادهم بعد إهلاكهم وهو

قوله تعالى : وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ يعني أن النصر والظفر للمتقين على عدوهم ،

وقيل أراد الجنة يعني إن عاقبة المتقين الصابرين الجنة.

قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩) وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠) فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللّه وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٣١)

﴿ ١٢٧