٣٧

٤٠

لِيَمِيزَ اللّه الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ يعني ليفرق اللّه بين فريق الكفار وهم الفريق الخبيث وبين فريق المؤمنين وهم الفريق الطيب وهذا معنى قول ابن عباس فإنه قال : يميز أهل السعادة من أهل الشقاوة وقال : ليميز العمل الخبيث من العمل الطيب فيجازي على العمل الخبيث النار وعلى العمل الطيب الجنة

وقيل : المراد به إنفاق الكفار في سبيل الشيطان وإنفاق المؤمنين في سبيل اللّه وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ يعني بعضه فوق بعض فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً يعني فيجمعه جميعا ويضم بعضه إلى بعض حتى يتراكم فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ يعني الخبيث أُولئِكَ إشارة إلى المنفقين في سبيل الشيطان أو إلى الخبيث هُمُ الْخاسِرُونَ يعني أنهم خسروا الدنيا والآخرة لأنهم اشتروا بأموالهم عذاب الآخرة.

قوله سبحانه وتعالى : قُلْ يعني قل يا محمد لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يعني عن الشرك يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ يعني ما قد مضى من كفرهم وذنوبهم قبل الإسلام وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ يعني في إهلاك أعدائه ونصر أوليائه. ومعنى الآية : إن هؤلاء الكفار إن انتهوا عن الكفر ودخلوا في دين الإسلام والتزموا شرائعه غفر اللّه لهم ما قد سلف من كفرهم وشركهم وإن عادوا إلى الكفر وأصروا عليه فقد مضت سنة الأولين بإهلاك أعدائه ونصر أنبيائه وأوليائه وأجمع العلماء على أن الإسلام يجب ما قبله وإذا أسلم الكافر لم يلزمه شيء من قضاء العبادات البدنية والمالية. وهو ساعة إسلامه كيوم ولدته أمه يعني بذلك أنه ليس عليه ذنب.

قال يحيى بن معاذ الرازي : التوحيد لم يعجز عن هدم ما قبله من كفر فأرجو اللّه أن لا يعجز عن هدم ما بعده من ذنب وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ قال ابن عباس : حتى لا يكون بلاء وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه يعني تكون الطاعة والعبادة كلها للّه خالصة دون غيره ، وقال قتادة : حتى يقال لا إله إلا اللّه عليها قاتل نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإليها عاد وقال محمد بن إسحاق في قوله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله للّه يعني لا يفتن مؤمن عن دينه ويكون التوحيد للّه خالصا ليس فيه شرك ويخلع ما دونه من الأنداد والشركاء فَإِنِ انْتَهَوْا يعني عن الشرك وإفتان المؤمنين وإيذائهم فَإِنَّ اللّه بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ يعني فإن اللّه لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد ونياتهم حتى يوصل إليهم ثوابهم وَإِنْ تَوَلَّوْا يعني وإن أعرضوا عن الإيمان وأصروا على الكفر وعادوا إلى قتال المؤمنين وإيذائهم فَاعْلَمُوا يعني أيها المؤمنون أَنَّ اللّه مَوْلاكُمْ يعني أن اللّه وليكم وناصركم عليها وحافظكم نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ يعني أن اللّه سبحانه وتعالى هو نعم المولى فمن كان في حفظه ونصره وكفايته وكلاءته فهو له نعم المولى ونعم النصير.

وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّه وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١

﴿ ٤٠