٩٩١٠٠وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. قال مجاهد : هم بنو مقرن من مزينة. وقال الكلبي : هم أسلم وغفار وجهينة (ق). عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (أرأيتم إن كان جهينة ومزينة وأسلم وغفار خيرا من بني تميم وبني أسد وبني عبد اللّه بن غطفان ومن بني عامر بن صعصعة فقال رجل : خابوا وخسروا. قال : نعم هم خير من بني تميم وبني أسد وبني عبد اللّه بن غطفان ومن بني عامر بن صعصعة). وفي رواية (أن الأقرع بن حابس قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إنما تابعك سراق الحجيج من أسلم وغفار ومزينة وأحسبه قال وجهينة. فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : أرأيت إن كان أسلم وغفار ومزينة وأحسبه قال : وجهينة خيرا من بني تميم وبني عامر وأسد وغطفان قال خابوا وخسروا قال نعم) (ق) عن أبي هريرة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : (أسلم سالمها اللّه وغفار غفر اللّه لها) زاد مسلم في رواية له : أما إني لم أقلها لكن اللّه قالها (ق). عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار موالي ليس لهم مولى دون اللّه ورسوله) و قوله سبحانه وتعالى : وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللّه جمع قربة أي يطلب بما ينفق القربة إلى اللّه تعالى : وَصَلَواتِ الرَّسُولِ يعني ويرغبون في دعاء النبي صلى اللّه عليه وسلم وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ويستغفر لهم ومنه قوله صلى اللّه عليه وسلم (اللّهم صل على آل أبي أوفى) أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ يحتمل أن يعود الضمير في إنها إلى صلوات الرسول ويحتمل أن يعود إلى الإنفاق وكلاهما قربة لهم عند اللّه وهذه شهادة من اللّه تعالى للمؤمن المتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات عند اللّه وصلوات الرسول له مقبولة عند اللّه لأن اللّه سبحانه وتعالى أكد ذلك بحرف التنبيه وهو قوله تعالى ألا وبحرف التحقيق وهو قوله تعالى إنها قربة لهم سَيُدْخِلُهُمُ اللّه فِي رَحْمَتِهِ وهذه النعمة هي أقصى مرادهم إِنَّ اللّه غَفُورٌ للمؤمنين المنفقين في سبيله رَحِيمٌ يعني بهم حيث وفقهم لهذه الطاعة. قوله سبحانه وتعالى : وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ اختلف العلماء في السابقين الأولين فقال سعيد بن المسيب وقتادة وابن سيرين وجماعة : هم الذين صلوا إلى القبلتين. وقال عطاء بن أبي رباح : هم أهل بدر. وقال الشعبي : هم أهل بيعة الرضوان وكانت بيعة الرضوان بالحديبية. وقال محمد بن كعب القرظي هم جميع الصحابة لأنهم حصل لهم السبق بصحبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. قال حميد بن زياد : قلت يوما لمحمد بن كعب القرظي ألا تخبرني عن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما بينهم وأردت الفتن فقال : إن اللّه قد غفر لجميعهم محسنهم ومسيئهم وأوجب لهم الجنة في كتابه فقلت له في أي موضع أوجب لهم الجنة فقال سبحان اللّه ألا تقرأ والسابقون الأولون إلى آخر الآية فأوجب اللّه الجنة لجميع أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم زاد في رواية في قوله والذين اتبعوهم بإحسان قال شرط في التابعين شريطة وهي أن يتبعوهم في أعمالهم الحسنة دون السيئة. قال حميد : فكأني لم أقرأ هذه الآية قط. واختلف العلماء في أول الناس إسلاما بعد اتفاقهم على أن خديجة أول الخلق إسلاما وأول من صلى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال بعض العلماء أول من آمن بعد خديجة علي بن أبي طالب وهذا قول جابر بن عبد اللّه ثم اختلفوا في سنة وقت إسلامه فقيل : كان ابن عشر سنين. وقيل : أقل من ذلك. قيل : أكثر. وقيل : كان بالغا. والصحيح ، أنه لم يكن بالغا وقت إسلامه. وقال بعضهم : أول من أسلم بعد خديجة أبو بكر الصديق وهذا قول ابن عباس والنخعي والشعبي وقال الزهري وعروة بن الزبير : أول من أسلم بعد خديجة زيد بن حارثة مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكان إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يجمع بين هذه الروايات فيقول أول من أسلم من الرجال أبو بكر ، ومن النساء خديجة ، ومن الصبيان علي بن أبي طالب ، ومن العبيد زيد بن حارثة رضي اللّه تعالى عنهم فهؤلاء الأربعة سباق الخلق إلى الإسلام. قال ابن إسحاق : فلما أسلم أبو بكر أظهر إسلامه ودعا الناس إلى اللّه ورسوله وكان رجلا محببا سهلا وكان أنسب قريش لقريش وأعلمها بما كان فيها وكان رجلا تاجرا وكان ذا خلق حسن ومعروف وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لعلمه وحسن مجالسته فجعل يدعو إلى الإسلام من يثق به من قومه فأسلم على يديه عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد اللّه فجاء بهم إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأسلموا على يده وصلوا معه فكان هؤلاء النفر الثمانية أول من سبق الناس إلى الإسلام ثم تتابع الناس بعدهم في الدخول إلى الإسلام وأما السابقون من الأنصار فهم الذين بايعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة العقبة وهي العقبة الأولى وكانوا ستة نفر (١) أسعد بن زرارة وعوف بن مالك ورافع بن مالك بن العجلان وقطبة بن عامر وجابر بن عبد اللّه بن رباب ثم أصحاب العقبة الثانية من العام المقبل وكانوا اثني عشر رجلا ثم أصحاب العقبة الثالثة وكانوا سبعين رجلا منهم البراء بن معرور وعبد اللّه بن عمرو بن حرام أبو جابر وسعد بن عبادة وسعد بن الربيع وعبد اللّه بن رواحة فهؤلاء سباق الأنصار ثم بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مصعب بن عمير إلى أهل المدينة يعلمهم القرآن فأسلم على يده خلق كثير من الرجال والنساء والصبيان من أهل المدينة وذلك قبل أن يهاجر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة وقيل : إن المراد بالسابقين الأولين من سبق إلى الهجرة والنصرة والذي يدل عليه أن اللّه سبحانه وتعالى ذكر كونهم سابقين ولم يبين بما ذا سبقوا فبقي اللفظ مجملا فلما قال تعالى من المهاجرين والأنصار ووصفهم بكونهم مهاجرين وأنصارا وجب صرف اللفظ المجمل إليه وهو الهجرة والنصرة والذي يدل عليه أيضا أن الهجرة طاعة عظيمة ومرتبة عالية من حيث إن الهجرة أمر شاق على النفس لمفارقة الوطن و العشيرة وكذلك النصرة فإنها مرتبة عالية ومنقبة شريفة لأنهم نصروا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أعدائه وآووه وواسوه وآووا أصحابه وواسوهم فلذلك أثنى اللّه عز وجل عليهم ومدحهم فقال سبحانه وتعالى : وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ. ________ (١) قوله ستة نفر المعدود هنا خمسة والسادس عقبة بن عامر كما في المواهب. قوله تعالى : وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ قيل : هم بقية المهاجرين والأنصار سوى السابقين الأولين فعلى هذا القول ، يكون الجميع من الصحابة. وقيل : هم الذين سلكوا سبيل المهاجرين والأنصار في الإيمان والهجرة والنصرة إلى يوم القيامة وقال عطاء هم الذين يذكرون المهاجرين والأنصار فيترحمون عليهم ويدعون لهم ويذكرون محاسنهم (ق) عن عمران بن حصين أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا (ق) عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدا وفي رواية أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه). أراد بالقرن في الحديث الأول أصحابه. والقرن الأمة من الناس يقارن بعضهم بعضا واختلفوا في مدته من الزمان. فقيل : من عشر سنين إلى عشرين. وقيل : من مائة إلى مائة وعشرين سنة. والمد : المذكور في الحديث الثاني هو ربع صاع. والنصيف : نصفه. والمعنى : لو أن أحدا عمل مهما قدر عليه من أعمال البر والإنفاق في سبيل اللّه ما بلغ هذا القدر اليسير التافه من أعمال الصحابة وإنفاقهم لأنهم أنفقوا وبذلوا المجهود في وقت الحاجة. و قوله سبحانه وتعالى : رَضِيَ اللّه عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ يعني رضي اللّه عن أعمالهم ورضوا عنه بما جازاهم عليها من الثواب وهذا اللفظ عام يدخل فيه كل الصحابة وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ قوله سبحانه وتعالى : وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (١٠١) |
﴿ ٩٩ ﴾