٢٥

٢٦

قوله تعالى : وَاسْتَبَقَا الْبابَ وذلك أن يوسف عليه الصلاة والسلام لما رأى البرهان قام هاربا مبادرا إلى الباب وتبعته المرأة لتمسك عليه الباب حتى لا يخرج والمسابقة طلب السبق فسبق يوسف وأدركته المرأة فتعلقت بقميصه من خلفه وجذبته إليها حتى لا يخرج فذلك

قوله عز وجل : وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ يعني شقته من خلف فغلبها يوسف فخرج وخرجت معه وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ يعني فلما خرجا وجدا زوج المرأة قطفير وهو العزيز عند الباب جالسا مع ابن عم المرأة فلما رأته المرأة هابته وخافت التهمة فسبقت يوسف بالقول قالَتْ يعني لزوجها ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً يعني الفاحشة ثم خافت عليه أن يقتله وذلك لشدة حبها له فقالت إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أي يحبس في السجن ويمنع التصرف أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني الضرب بالسياط وإنما بدأت بذكر السجن دون العذاب لأن الحب لا يشتهي إيلام المحبوب وإنما أرادت أن يسجن عندها يوما أو يومين

ولم ترد السجن الطويل وهذه لطيفة فافهمها فلما سمع يوسف مقالتها أراد أن يبرهن عن نفسه قالَ يعني يوسف هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي يعني طلبت مني الفحشاء فأبيت وفررت وذلك أن يوسف عليه الصلاة والسلام ما كان يريد أن يذكر هذا القول ولا يهتك سترها ولكن لما قالت هي ما قالت ولطخت عرضه احتاج إلى إزالة هذه التهمة عن نفسه فقال هي راودتني عن نفسي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها يعني وحكم حاكم من أهل المرأة واختلفوا في ذلك الشاهد ، فقال سعيد بن جبير والضحاك : كان صبيا في المهد فأنطقه اللّه عز وجل وهو رواية عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال (تكلم أربعة وهم صغار ابن ماشطة وابنة فرعون وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى ابن مريم) ذكره البغوي بغير سند والذي جاء في الصحيحين (ثلاثة عيسى بن مريم وصاحب جريج وابن المرأة) وقصتهم مخرجة في الصحيح قيل كان هذا الصبي شاهد يوسف ابن خال المرأة.

وقال الحسن وعكرمة وقتادة ومجاهد : لم يكن صبيا ولكنه كان رجلا حكيما ذا رأي ، وقال السدي : هو ابن عم المرأة فحكم فقال إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ أي من قدام فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ.

وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (٢٩) وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠)

﴿ ٢٥