٣٤٤٣وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ يعني الدوام والبقاء في الدنيا أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ نزلت هذه الآية حين قالوا نتربص بمحمد ريب المنون نشمت بموته ، فنفى اللّه الشماتة عنه بهذا والمعنى أن اللّه تعالى قضى أن لا يخلد في الدنيا بشرا لا أنت ولا هم فإن مت أنت أفيبقى هؤلاء وفي معناه قول القائل : فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ هذا العموم مخصوص بقوله تعالى : تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك فإن اللّه تعالى حي لا يموت ولا يجوز عليه الموت. والذوق ها هنا عبارة عن مقدمات الموت وآلامه العظيمة قبل حلوله وَنَبْلُوكُمْ أي نختبركم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ أي بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر ، وقيل مما تحبون وما تكرهون فِتْنَةً أي ابتلاء لننظر كيف شكركم فيما تحبون وصبركم فيما تكرهون وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ أي للحساب والجزاء. قوله عزّ وجلّ وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أي ما يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أي سخريا قيل نزلت في أبي جهل مر به النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فضحك وقال هذا نبي بني عبد مناف أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ أي يقول بعضهم لبعض أهذا الذي يعيب ألهتكم والذكر يطلق على المدح والذم مع القرينة وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ وذلك أنهم كانوا يقولون لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة وهو مسيلمة الكذاب قوله تعالى خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ ، قيل معناه أن بنيته وخلقته من العجلة وعليها طبع ، وقيل لما دخل الروح في رأس آدم وعينيه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلا إلى ثمار الجنة ، فوقع فقيل خلق الإنسان من عجل وأورث بنيه العجلة وقيل معناه خلق الإنسان من تعجيل في خلق اللّه إياه ، لأن خلقه كان بعد كل شيء في آخر النهار يوم الجمعة ، فأسرع في خلقه قبل مغيب الشمس فلما أحيا الروح رأسه قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس ، وقيل خلق بسرعة وتعجيل على غير قياس خلق بنيه لأنهم خلقوا من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة أطوارا أطوارا طورا بعد طور وقيل خلق الإنسان من عجل أي من طين قال الشاعر : والنخل ينبت بين الماء والعجل أي بين الماء والطين. وقيل أراد بالإنسان النوع الإنساني يدل عليه قوله سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ وذلك أن المشركين كانوا يستعجلون العذاب ، وقيل نزلت في النضر بن الحرث ، ومعنى سأريكم آياتي أي مواعيدي فلا تطلبوا العذاب قبل وقته فأراهم يوم بدر ، وقيل كانوا يستعجلون القيامة فلذلك قال تعالى وَيَقُولُونَ يعني المشركين مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وهذا هو الاستعجال المذموم المذكور على سبيل الاستهزاء فبين تعالى أنهم إنما يقولون ذلك لجهلهم وغفلتهم ، ثم بين ما لهؤلاء المستهزئين فقال تعالى : لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ يعني لا يدفعون عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ قيل السياط وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ أي لا يمنعون من العذاب والمعنى لو علموا لما أقاموا على كفرهم ولما استعجلوا بالعذاب ولما قالوا متى هذا الوعد إن كنتم صادقين بَلْ تَأْتِيهِمْ يعني الساعة بَغْتَةً أي فجأة فَتَبْهَتُهُمْ أي تحيرهم فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها أي صرفها ودفعها عنهم وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ أي لا يمهلون للتوبة والمعذرة وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ أي يا محمد كما استهزأ بك قومك فَحاقَ أي نزل وأحاط بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ أي عقوبة استهزائهم وفيه تسلية للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم أي فكذلك يحيق بهؤلاء وبال استهزائهم. قوله تعالى قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ أي يحفظكم بِاللَّيْلِ إذا نمتم وَالنَّهارِ إذا انصرفتم في معايشكم مِنَ الرَّحْمنِ قال ابن عباس معناه من يمنعكم من عذاب الرحمن بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ أي عن القرآن ومواعظه مُعْرِضُونَ أي لا يتأملون في شيء منها أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا معناه ألهم آلهة من دوننا تمنعهم ثم وصف آلهتهم بالضعف فقال لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ أي لا يقدرون على نصر أنفسهم فكيف ينصرون من عبدهم وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ قال ابن عباس يمنعون وقيل يجارون وقيل ينصرون وقيل معناه لا يصبحون من اللّه بخير. بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤) قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٦) وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩) وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٠) وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (٥١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ (٥٢) قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ (٥٣) قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٥٤) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (٥٥) قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٥٦) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧) |
﴿ ٣٤ ﴾