٢٤٢٩أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ أي يوم القيامة خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا أي من هؤلاء المشركين المستكبرين وَأَحْسَنُ مَقِيلًا أي موضع القائلة ، وذلك أن أهل الجنة لا يمر بهم يوم القيامة إلا قدر من أول النهار إلى وقت القائلة حتى يسكنوا مساكنهم في الجنة قال ابن مسعود لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار والقيلولة الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن مع ذلك نوم لأن اللّه تعالى قال وَأَحْسَنُ مَقِيلًا والجنة لا نوم فيها قال ابن عباس الحساب في ذلك اليوم في أوله ، ويروى أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون ، كما بين العصر إلى غروب الشمس. قوله تعالى وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ أي عن الغمام وهو غمام أبيض مثل الضبابة ، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا قال ابن عباس تشقق السماء الدنيا فينزل أهلها ، وهم أكثر ممن في الأرض من الإنس والجن ثم تتشقق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر ممن في السماء الدنيا ومن الجن والإنس ثم كذلك حتى تتشق السماء السابعة وأهل كل سماء يزيدون على أهل السماء التي تليها ثم تنزل الكروبيون ثم حملة العرش الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ أي الملك الذي هو الملك حقا ملك الرحمن يوم القيامة ، قال ابن عباس : يريد أن يوم القيامة لا ملك يقضي غيره وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً أي شديد وفيه دليل على أنه لا يكون على المؤمنين عسيرا وجاء في الحديث (أنه يهون يوم القيامة على المؤمن حتى يكون عليه أخف من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا). قوله تعالى وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ أراد بالظالم عقبة بن أبي معيط ، وذلك أنه كان لا يقدم من سفر ، إلا صنع طعاما ودعا إليه أشراف قومه وكان يكثر مجالسة النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقدم ذات يوم من سفر ، فصنع طعاما ودعا الناس إليه ودعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلما قرب الطعام ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : ما أنا بآكل طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأني رسول اللّه فقال عقبة : أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه. فأكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من طعامه. وكان عقبة صديقا لأبيّ بن خلف ، فلما أخبر أبيّ بن خلف ، قال له : يا عقبة صبأت ، قال لا واللّه ما صبأت ولكن دخل علي رجل فأبى أن يأكل طعامي إلا أن أشهد له ، فاستحييت أن يخرج من بيتي ، ولم يطعم فشهدت له فطعم ، فقال : ما أنا بالذي أرضى عنك أبدا إلا أن تأتيه فتبزق في وجهه ، ففعل ذلك عقبة فقال عليه الصلاة والسلام ، لا أراك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف ، فقتل عقبة يوم بدر صبرا وأما أبيّ بن خلف فقتله النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بيده يوم أحد ، وقيل : لما بزق عقبة في وجه النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عاد بزاقه في وجهه ، فاحترق خداه فكان أثر ذلك في وجهه ، حتى قتل وقيل كان عقبة بن أبي معيط خليلأمية بن خلف ، فأسلم عقبة فقال له أمية : وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمدا فكفر وارتد ، فأنزل اللّه فيه وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ يعني عقبة بن أبي معيط بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، على يديه ، أي ندما وأسفا على ما فرط في جنب اللّه ، وأوبق نفسه بالمعصية والكفر لطاعة خليله الذي صده عن سبيل ربه ، قال عطاء : يأكل يديه حتى يبلغ مرفقيه ثم ينبتان ، ثم يأكلهما هكذا كلما نبتت يده أكلها على ما فعل ، تحسرا وندامة يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ أي في الدنيا مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا أي ليتني اتبعت محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم واتخذت معه طريقا إلى الهداية يا وَيْلَتى دعا على نفسه بالويل لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا قيل يعني أبي بن خلف لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ أي عن الإيمان والقرآن بَعْدَ إِذْ جاءَنِي يعني الذكر مع الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وَكانَ الشَّيْطانُ وهو كل متمرد عات صد عن سبيل اللّه من الجن والإنس لِلْإِنْسانِ خَذُولًا أي كثير الخذلان يتركه ويتبرأ منه عند نزول البلاء والعذاب به وحكم الآية عام في كل خليلين ، ومتحابين اجتمعا على معصية اللّه (ق) عن أبي موسى الأشعري عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال (مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبا ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة) عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) أخرجه أبو داود والترمذي. ولهما عن أبي سعيد الخدري قال : قال الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم (لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي). قوله عز وجل : وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (٣٠) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (٣١) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٣٤) |
﴿ ٢٤ ﴾