٤٣٥٤فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ يعني لدين الإسلام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يعني يوم القيامة لا يقدر أحد على رده من الخلق يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ يعني يتفرقون ثم ذكر الفريقين فقال تعالى مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ يعني وبال كفره وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ أي يوطئون المضاجع ويسوونها في القبور لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ قال ابن عباس : ليثيبهم اللّه ثوابا أكثر من أعمالهم إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ فيه تهديد ووعيد لهم. قوله تعالى وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ أي تبشر بالمطر وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ أي بالمطر وهو الخصب وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ أي بهذه الرياح بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ معناه لتطلبوا رزقه بالتجارة في البحر وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي هذه النعم. قوله تعالى لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أي بالدلالات الواضحات على صدقهم انْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا يعني أنا عذبنا الذين كذبوهم كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ أي مع إنجائهم من العذاب ففيه تبشير للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالظفر في العاقبة والنصر على الأعداء عن أبي الدرداء قال : سمعت النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يقول : (ما من مسلم يرد عن عرض أخيه إلا من كان حقا على اللّه أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ثم تلا هذه الآية : وكان حقا علينا نصر المؤمنين). أخرجه الترمذي ولفظه : (من رد عن عرض أخيه رد اللّه عن وجهه النار يوم القيامة). وقال حديث حسن. قوله عز وجل اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً يعني تنشره فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ يعني مسيرة يوم أو يومين أو أكثر على ما يشاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً أي قطعا متفرقة فَتَرَى الْوَدْقَ أي المطر يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ أي من وسطه فَإِذا أَصابَ بِهِ يعني بالودق مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ يعني يفرحون بالمطر وَإِنْ كانُوا أي وقد كانوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ يعني آيسين فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ يعني المطر والمعنى انظر حسن تأثيره في الأرض وهو قوله تعالى كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى يعني إن الذي أحيا الأرض بعد موتها قادر على إحياء الموتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا أي الزرع بعد الخضرة لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد اصفرار الزرع يَكْفُرُونَ أي يجحدون ما سلف من النعمة والمعنى أنهم يفرحون عند الخصب ولو أرسلت عذابا على زرعهم لجحدوا سالف نعمتي فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ تقدم تفسيره. قوله تعالى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ أي بدأكم وأنشأكم على ضعف وقيل من ماء ذي ضعف وقيل هو إشارة إلى أحوال الإنسان كان جنينا ثم طفلا مولودا ومفطوما فهذه أحوال الضعف ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً يعني من بعد ضعف الصغر شبابا وهو وقت القوة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً يعني هرما وَشَيْبَةً وهو تمام النقصان يَخْلُقُ ما يَشاءُ أي من الضعف والقوة والشباب والشيبة وليس ذلك من أفعال الطبيعة بل بمشيئة اللّه وقدرته وَهُوَ الْعَلِيمُ بتدبير خلقه الْقَدِيرُ على ما يشاء. قوله تعالى : وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن ْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (٥٨) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٥٩) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (٦٠) |
﴿ ٤٥ ﴾