٣٣

٣٥

وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ أي الزمن بيوتكن

وقيل هو أمر من الوقار أي كن أهل وقار وسكون وَلا تَبَرَّجْنَ

تَبَرُّجَ

قيل : هو التكسر والتغنّج والتبختر

وقيل : هو إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى قيل الجاهلية الأولى هو ما بين عيسى ومحمد صلّى اللّه عليه وسلّم

وقيل : هو زمن داود وسليمان عليهما السلام كانت المرأة تلبس قميصا من الدر غير مخيط الجانبين ، فيرى خلفها منه

وقيل كان في زمن نمرود الجبار كانت المرأة ، تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه وتمشي به وسط الطريق ليس عليها شيء غيره وتعرض نفسها على الرجال وقال ابن عباس :

الجاهلية الأولى ما بين نوح وإدريس ، وكانت ألف سنة

وقيل : إن بطنين من ولد آدم عليه السلام كان

أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل وكانت رجال الجبال صباحا وفي النساء دمامة وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة وإن إبليس أتى رجلا من أهل السهل وأجره نفسه وكان يخدمه واتخذ شيئا مثل الذي يزمر به الرعاة فجاء بصوت لم يسمع الناس مثله فبلغ ذلك من حولهم فأتوهم يستمعون إليه ، واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة فتتبرج النساء للرجال وتتزين الرجال لهن ، وإن رجلا من أهل الجبل ، هجم عليهم في عيدهم ذلك فرأى النساء وصباحتهن ، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك فتحولوا إليهم فنزلوا معهم وظهرت الفاحشة فيهن فذلك

قوله تعالى (و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)

وقيل الجاهلية الأولى ما قبل الإسلام والجاهلية الأخرى ، قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان

وقيل قد تذكر الأولى وإن لم تكن لها أخرى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ أي الواجبة وَآتِينَ الزَّكاةَ أي المفروضة وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي فيما أمر وفيما نهى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أي الإثم الذي نهى اللّه النساء عنه.

وقال ابن عباس : يعني عمل الشيطان وما ليس اللّه فيه رضا ،

وقيل : الرجس الشك

وقيل السوء أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً هم نساء النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لأنهن في بيته وهو رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس وتلا

قوله تعالى وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ وهو قول عكرمة ومقاتل وذهب أبو سعيد الخدري وجماعة من التابعين منهم مجاهد وقتادة وغيرهم إلى أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين رضي اللّه عنهم ، يدل عليه ما روي من عائشة أم المؤمنين قالت (خرج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجلس فأتت فاطمة فأدخلها فيه ثم جاء علي فأدخله فيه ثم جاء الحسن فأدخله فيه ، ثم جاء الحسن فأدخله فيه ثم قال :

إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً أخرجه مسلم. المرط الكساء والمرحل بالحاء المنقوش عليه صور الرجال ، وبالجيم المنقوش عليه صور الرجال ، عن أم سلمة قالت : إن هذه الآية نزلت في بيتها ، إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قالت وأنا جالسة عند الباب فقلت يا رسول اللّه ألست من أهل البيت فقال : إنك إلى خير أنت من أزواج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قالت : وفي البيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعلي وفاطمة وحسن وحسين فجللهم بكساء وقال : (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنه الرجس وطهرهم تطهيرا) أخرجه الترمذي. وقال حديث صحيح غريب عن أنس بن مالك (أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر ، إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول الصلاة يا أهل البيت إنما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ، ويطهركم تطهيرا) أخرجه الترمذي. وقال حديث حسن غريب وقال زيد بن أرقم أهل البيت من حرم الصدقة بعده آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.

قوله تعالى وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ يعني القرآن وَالْحِكْمَةِ قيل هي السنة

وقيل هي أحكام القرآن ومواعظه إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً يعني بأوليائه وأهل طاعته خَبِيراً أي بجميع خلقه.

قوله عز وجل إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ الآية وذلك أن أزواج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قلن يا رسول اللّه ذكر اللّه الرجال في القرآن ، ولم يذكر النساء بخير فما فينا خير نذكر به إنا نخاف أن لا تقبل منا طاعة فأنزل اللّه هذه الآية. عن أم عمارة الأنصارية قالت : أتيت النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت مالي أرى كل شيء إلى الرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء فنزلت إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ أخرجه الترمذي. وقال حديث غريب

وقيل إن أم سلمة بنت أبي أمية وأنيسة بنت كعب الأنصارية

قالتا للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم ما بال ربنا يذكر الرجال ، ولا يذكر النساء في شيء في كتابه ونخشى أن لا يكون فيهن خير فنزلت هذه الآية وروي أن أسماء بنت عميس رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب ، فدخلت على نساء النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت هل نزل فينا شيء من القرآن قلن لا فأتت النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت يا رسول اللّه : إن النساء لفي خيبة وخسار قال (و مم ذلك) قالت : لأنهن لم يذكرن بخير كما ذكر الرجال فأنزل اللّه إن المسلمين والمسلمات فذكر لهن عشر مراتب مع الرجال ، فمدحهن بها معهم الأولى الإسلام وهو الانقياد لأمر اللّه تعالى وهو قوله : إن المسلمين والمسلمات ، الثانية الإيمان بما يراد به أمر اللّه تعالى وهو تصحيح الاعتقاد وموافقة الظاهر للباطن ، وهو قوله وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ الثالثة الطاعة وهو قوله وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ الرابعة الصدق في الأقوال والأفعال وهو قوله وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ الخامسة الصبر على ما أمر اللّه وفيما ساء وسر وهو قوله وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ السادسة الخشوع في الصلاة وهو أن لا يلتفت

وقيل : هو التواضع وهو قوله وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ السابعة الصدقة مما رزق اللّه وهو قوله وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ الثامنة المحافظة على الصوم وهو قوله وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ التاسعة العفة وهو قوله وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ يعني عما لا يحل وَالْحافِظاتِ العاشرة كثرة الذكر وهو قوله وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ

وقيل لا يكون العبد منهم حتى يذكر اللّه قائما وقاعدا ومضطجعا ، وروي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال (سبق المفردون قالوا : يا رسول اللّه وما المفردون قال الذاكرون اللّه كثيرا والذاكرات) وقال عطاء بن أبي رباح من فوّض أمره إلى اللّه ،

فهو داخل في قوله إن المسلمين والمسلمات ومن أقر بأن اللّه ربه ومحمدا رسوله ، ولم يخالف قلبه لسانه فهو داخل في قوله والمؤمنين والمؤمنات ومن أطاع اللّه في الفرض والرسول في السنة ، فهو داخل في قوله والقانتين والقانتات ، ومن صان قوله عن الكذب ، فهو داخل في قوله والصادقين والصادقات ومن صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الرزية ، فهو داخل في قوله والصابرين والصابرات ومن صلى ، فلم يعرف من عن يمينه وعن شماله ، فهو داخل في قوله والخاشعين والخاشعات ومن تصدق في كل أسبوع بدرهم ، فهو داخل في قوله والمتصدقين والمتصدقات ومن صام في كل شهر أيام البيض ، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر فهو داخل في قوله والصائمين والصائمات ، ومن حفظ فرجه عما لا يحل فهو داخل في قوله والحافظين فروجهم والحافظات ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله والذاكرين اللّه كثيرا والذاكرات أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً أي بمحو ذنوبهم وَأَجْراً عَظِيماً يعني الجنة.

قوله تعالى :

وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (٣٦) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (٣٧)

﴿ ٣٣