٢٤

٣٠

أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى معناه أيظن الكافر أن له ما يتمنى ويشتهي من شفاعة الأصنام أي ليس الأمر كما يظن ويتمنى فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى أي لا يملك أحد فيها شيئا أبدا إلا بإذنه

وقيل : معناه أن الإنسان إذا اختار معبودا على ما تمناه واشتهاه فلله الآخرة والأولى يعاقبه على فعله ذلك إن شاء في الدنيا والآخرة وإن شاء أمهله إلى الآخرة وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ أي ممن يعبدهم هؤلاء ويرجون شفاعتهم عند اللّه لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً يعني أن الملائكة ، مع علو منزلتهم ، لا تغني شفاعتهم ، شيئا فكيف تشفع الأصنام مع حقارتها ثم أخبر أن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه

فقال تعالى : إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ أي في الشفاعة لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى أي من أهل التوحيد قال ابن عباس يريد لا تشفع الملائكة إلا لمن رضي اللّه عنه

وقيل : إلا من بعد أن يأذن اللّه لمن يشاء من الملائكة في الشفاعة لمن شاء الشفاعة له إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يعني الكفار الذين أنكروا البعث لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى أي بتسمية الأنثى حيث قالوا إنهم بنات اللّه.

فإن قلت كيف قال تسمية الأنثى ولم يقل تسمية الإناث.

قلت المراد منه بيان الجنس وهذا اللفظ أليق بهذا الموضع لمناسبته رؤوس الآي

وقيل : إن كل واحد من الملائكة يسمونه تسمية الأنثى وذلك لأنهم إذا قالوا الملائكة بنات اللّه فقد سموا كل واحد منهم بنتا وهي تسمية الأنثى وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ يعني باللّه فيشركون به ويجعلون له ولدا

وقيل : ما يستيقنون أن الملائكة أناث إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ يعني في تسمية الملائكة بالإناث وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً يعني لا يقوم الظن مقام العلم الذي هو الحق

وقيل معناه إنما يدرك الحق الذي هو حقيقة الشيء بالعلم واليقين لا بالظن والتوهم

وقيل :

الحق هو اللّه تعالى والمعنى أن الأوصاف الإلهية لا تستخرج بالظنون فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا يعني القرآن.

وقيل : عن الإيمان وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا يعني أنهم لا يؤمنون بالآخرة حتى يردوها ويعملوا لها وفيه إشارة إلى إنكارهم الحشر ثم صغر رأيهم

فقال تعالى : ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ أي ذلك نهاية علمهم وقلة عقولهم أن آثروا الدنيا على الآخرة

وقيل : معناه أنهم لم يبلغوا من العلم إلا ظنهم أن الملائكة بنات اللّه وأنهم يشفعون لهم فاعتمدوا على ذلك وأعرضوا عن القرآن والإيمان إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى أي هو عالم بالفريقين ويجازيهم بأعمالهم.

وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَكَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (٣٢)

﴿ ٢٦