٣٥وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ يعني الخروج من الوطن لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا يعني بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ ذلِكَ أي الذي لحقهم ونزل بهم بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي خالفوا اللّه ورسوله وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ قوله تعالى : ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ الآية وذلك أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لما نزل ببني النضير وتحصنوا بحصونهم أمر بقطع نخيلهم وأحرقها فجزع أعداء اللّه عند ذلك وقالوا يا محمد زعمت أنك تريد الصلاح أفمن الصلاح عقر الشجر وقطع النخل وهل وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد في الأرض فوجد المسلمون في أنفسهم من قولهم وخشوا أن يكون ذلك فسادا. واختلفوا في ذلك فقال بعضهم لا تقطعوا فإنه مما أفاء اللّه علينا وقال بعضهم بل نغيظهم بقطعه فأنزل اللّه هذه الآية بتصديق من نهى عن قطعه وتحليل من قطعه من الإثم وأن ذلك كان بإذن اللّه تعالى (ق) عن ابن عمر قال : حرق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نخل بني النضير وقطع وهي البويرة فنزل ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ البويرة اسم موضع لبني النضير وفي ذلك يقول حسان بن ثابت : وهان على سراة بني لؤيّ حريق بالبويرة مستطير قال ابن عباس النخل كلها لينة ما خلا العجوة وكان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يقطع نخلهم إلا العجوة ، وأهل المدينة يسمون ما خلا العجوة من التمر الألوان وقيل النخل كلها لينة إلا العجوة والبرنية وقيل اللينة النخل كلها من غير استئناف وقال ابن عباس في رواية أخرى عنه هي لون من النخل وقيل كرام النخل وقيل هي ضرب من النخل يقال لتمرها اللون وهو شديد الصفرة ويرى نواه من خارج يغيب فيه الضرس وكان من أجود تمرهم وأعجبه إليهم وكانت النخلة الواحدة ثمنها ثمن وصيف وأحب إليهم من وصيف فلما رأوهم يقطعونها شق عليهم ذلك وقالوا للمؤمنين إنكم تكرهون الفساد وأنتم تفسدون دعوا هذا النخل قائما هو لمن غلب عليه فأخبر اللّه أن قطعها كان بإذنه ، وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ يعني اليهود والمعنى ولأجل إخزاء اليهود أذن اللّه في قطعها احتج العلماء بهذه الآية على أن حصون الكفار وديارهم لا بأس أن تهدم وتحرق وترمى بالمجانيق وكذلك قطع أشجارهم ونحوها. وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) |
﴿ ٤ ﴾