٣

٥

إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ أي بينا له سبيل الحق والباطل والهدى والضلالة ، وعرفناه طريق الخير والشر ،

وقيل معناه أرشدناه إلى الهدى لأنه لا يطلق اسم السبيل إلا عليه والمراد من هداية السبيل نصب الدلائل ، وبعثه الرسل وإنزال الكتب. إِمَّا شاكِراً

وَإِمَّا كَفُوراً يعني إما موحدا طائعا للّه ،

وإما مشركا باللّه في علم اللّه وذلك أن اللّه تعالى بين سبيل التوحيد ليتبين شكر الإنسان من كفره ، وطاعته عن معصيته ،

وقيل في معنى الآية إما مؤمنا سعيدا

وإما كافرا شقيا.

وقيل معناه الجزاء أي بينا له الطريق إن شكر أو كفر ،

وقيل المراد من الشاكر الذي يكون مقرا معترفا بوجوب شكر خالقه سبحانه وتعالى عليه ، والمراد من الكفور الذي لا يقر بوجوب الشكر عليه ثم بين ما للفريقين فوعد الشاكر ، وأوعد الكافر

فقال تعالى : إِنَّا أَعْتَدْنا أي هيأنا في جهنم لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ يعني يشدون بها وَأَغْلالًا أي في أيديهم تغل بها إلى أعناقهم وَسَعِيراً يعني وقودا لا توصف شدته وهذا من أعظم أنواع الترهيب والتخويف ثم ذكر ما أعد للشاكرين الموحدين

فقال تعالى : إِنَّ الْأَبْرارَ يعني المؤمنين الصادقين في إيمانهم المطيعين لربهم ، واحدهم بار وبر وأصله التوسع فمعنى البر المتوسع في الطاعة يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ يعني فيها شراب كانَ مِزاجُها كافُوراً قيل يمزج لهم شرابهم بالكافور ويختم بالمسك.

فإن قلت إن الكافور غير لذيذ ، وشربه مضر فما وجه مزج شرابهم به.

قلت قال أهل المعاني : أراد بالكافور بياضه ، وطيب ريحه وبرده. لأن الكافور لا يشرب وقال ابن عباس :

هو اسم عين في الجنة والمعنى أن ذلك الشراب يمازجه شراب ماء هذه العين التي تسمى كافورا ، ولا يكون في ذلك ضرر لأن أهل الجنة لا يمسهم ضرر فيما يأكلون ، ويشربون

وقيل هو كافور لذيذ طيب الطعم ليس فيه مضرة ، وليس ككافور الدنيا ولكن اللّه سمى ما عنده بما عندكم بمزج شرابهم. بذلك الكافور والمسك والزنجبيل.

عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩)

﴿ ٤