سورة المرسلات

(مكية وهي خمسون آية ومائة وثمانون كلمة وثمانمائة وستة عشر حرفا)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (٣) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤)

١

٤

قوله عز وجل : وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَالنَّاشِراتِ نَشْراً فَالْفارِقاتِ فَرْقاً فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً اعلم أن المفسرين ذكروا في هذه الكلمات الخمس وجوها :

الأول : أن المراد بأسرها الرّياح ومعنى المرسلات عرفا الرياح أرسلت متتابعة كعرف الفرس ،

وقيل عرفا أي كثيرا فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً يعني الرّياح الشّديدة الهبوب ، وَالنَّاشِراتِ نَشْراً. يعني الرياح اللّينة ،

وقيل هي الرياح التي أرسلها نشرا بين يدي رحمته ،

وقيل هي الرّياح التي تنشر السحاب ، وتأتي بالمطر فالفارقات فرقا يعني الرياح التي تفرق السحاب ، وتبدده فالملقيات ذكرا يعني أن الرياح إذا أرسلت عاصفة شديدة قلعت الأشجار ، وخربت الديار ، وغيرت الآثار. فيحصل بذلك خوف للعباد في القلوب ، فيلجئون إلى اللّه تعالى ويذكرونه ، فصارت تلك الرياح كأنها ألقت الذكر ، والمعرفة في القلوب عند هبوبها.

الوجه الثاني : أن المراد بأسرها الملائكة الذين أرسلهم اللّه تعالى ومعنى والمرسلات عرفا. الملائكة الذين أرسلوا بالمعروف من أمر اللّه ، ونهيه وهذا القول رواية عن ابن مسعود فالعاصفات عصفا يعني الملائكة تعصف في طيرانهم ، ونزولهم كعصف الرياح في السرعة ، والناشرات نشرا يعني أنهم إذا نزلوا إلى الأرض نشروا أجنحتهم ،

وقيل هم الذين ينشرون الكتب ، ودواوين الأعمال يوم القيامة فالفارقات فرقا. قال ابن عباس : يعني الملائكة تأتي بما يفرق بين الحق والباطل ، فالملقيات ذكرا يعني الملائكة تلقي الذكر إلى الأنبياء ،

وقيل يجوز أن يكون الذكر هو القرآن خاصة فعلى هذا يكون الملقى هو جبريل وحده ، وإنما ذكره بلفظ الجمع على سبيل التعظيم.

الوجه الثالث : أن المراد بأسرها آيات القرآن ، ومعنى المرسلات عرفا آيات القرآن المتتابعة في النزول على محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بكل عرف وخير فالعاصفات عصفا يعني آيات القرآن تعصف القلوب بذكر الوعيد حتى تجعلها كالعصف وهو النبت المتكسر ، والناشرات نشرا يعني آيات القرآن تنشر أنوار الهداية والمعرفة في قلوب المؤمنين. فالفارقات فرقا يعني آيات القرآن تفرق بين الحق والباطل فالملقيات ذكرا يعني آيات القرآن هي الذّكر الحكيم الذي يلقى الإيمان والنور في قلوب المؤمنين.

فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩)

وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤)

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩)

أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣)

٥

٢٣

الوجه الرابع : أنه ليس المراد من هذه الكلمات الخمس شيئا واحدا بعينه فعلى هذا يكون المراد بقوله تعالى : وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَالنَّاشِراتِ نَشْراً الرياح ويكون المراد بقوله فَالْفارِقاتِ فَرْقاً فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً الملائكة.

فإن قلت وما المجانسة بين الرياح والملائكة حتى جمع بينهما في القسم قلت الملائكة روحانيون فهم بسبب لطافتهم ، وسرعة حركاتهم شابهوا الرياح فحصلت المجانسة بينهما من هذا الوجه فحسن الجمع بينهما في القسم عذرا أو نذرا أي للإعذار والإنذار من اللّه ،

وقيل عذرا من اللّه ونذرا منه إلى خلقه ، وهذه كلها أقسام وجواب القسم

قوله تعالى : إِنَّما تُوعَدُونَ أي من أمر الساعة ومجيئها لَواقِعٌ أي لكائن نازل لا محالة ،

وقيل معناه إن ما توعدون به من الخير والشر لواقع بكم. ثم ذكر متى يقع

فقال تعالى : فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ أي محي نورها

وقيل محقت وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ أي شقت

وقيل فتحت وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ أي قلعت من أماكنها وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ وقرئ وقتت بالواو ومعناهما وأحد أي جمعت لميقات يوم معلوم ، وهو يوم القيامة ليشهدوا على الأمم لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ أي أخرت وضرب الأجل لجميعهم كأنه تعالى يعجب لعباده من تعظيم ذلك اليوم ، والمعنى جمعت الرسل في ذلك اليوم لتعذيب من كذبهم وتعظيم من آمن بهم ، ثم بين ذلك اليوم

فقال تعالى : لِيَوْمِ الْفَصْلِ قال ابن عباس يوم فصل الرّحمن فيه بين الخلائق ثم أتبع ذلك تعظيما وتهويلا

فقال تعالى : وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ أي وما أعلمك بيوم الفصل وهو له وشدته وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ أي بالتوحيد والنبوة والمعاد والبعث والحساب.

قوله تعالى : أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ يعني الأمم الماضية بالعذاب في الدنيا حين كذبوا رسلهم ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ يعني السالكين سبيلهم في الكفر والتكذيب ، وهم كفار قريش ، أي نهلكهم بتكذيبهم محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ أي إنما نفعل بهم ذلك لكونهم مجرمين وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ يعني النطفة فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ يعني الرحم إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ يعني وقت الولادة وهو معلوم للّه تعالى لا يعلم ذلك غيره فَقَدَرْنا قرئ بالتشديد من التقدير ، أي قدرنا ذلك تقديرا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ أي المقدرون له وقرئ بالتخفيف من القدرة ، أي قدرنا على خلقه ، وتصويره كيف شئنا فنعم القادرون حيث خلقناه في أحسن صورة وهيئة.

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨)

انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢)

٢٤

٣٢

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ

أي المنكرين للبعث لأن القادر على الابتداء قادر على الإعادة أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً يعني وعاء وأصله الضم والجمع أَحْياءً وَأَمْواتاً يعني تكفتهم أحياء على ظهرها بمعنى تضمهم في دورهم ومنازلهم وتكفتهم أمواتا في بطنها في قبورهم ، ولذلك تسمى الأرض أما لأنها تضم الناس كالأم تضم ولدها وَجَعَلْنا فِيها أي في الأرض رَواسِيَ شامِخاتٍ يعني جبالا عاليات وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً يعني عذابا

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ يعني أن هذا كله أعجب عن البعث فالقادر عليه قادر على البعث.

قوله عز وجل : انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ يعني يقال للمكذبين بيوم القيامة في الدنيا انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون وهو العذاب ثم فسره بقوله انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ يعني دخان جهنم إذا سطع وارتفع تشعب ، وتفرق ثلاث فرق ، وكذلك شأن الدخان العظيم. فيقال لهم كونوا فيه إلى أن يفرغ من الحساب كما يكون أولياء اللّه تعالى في ظل عرشه ،

وقيل يخرج عنق من النار فيتشعب ثلاث شعب على رؤوسهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم لا ظَلِيلٍ أي إن ذلك الظل لا يظل من حر وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ أي لا يرد عنهم لهب جهنم والمعنى أنهم إذا استظلوا بذلك الظل لا يدفع عنهم حر اللهب إِنَّها يعني جهنم تَرْمِي بِشَرَرٍ جمع شرارة وهي ما تطاير من النار كَالْقَصْرِ يعني كالبناء العظيم ونحوه قيل هي أصول الشجر ، والنخل العظام واحدتها قصرة وسئل ابن عباس عن قوله ، تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ فقال هي الخشب العظام المقطعة وكنا نعمد إلى الخشبة فنقطعها ثلاثة أذرع ، وفوق ذلك ودونه وندخرها للشتاء ، وكنا نسميها القصر.

كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧)

هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢)

كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧)

وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨)

٣٣

٤٨

كَأَنَّهُ يعني الشرر جِمالَتٌ جمع الجمال ، وقال ابن عباس : هي حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الجمال (صفر) جمع أصفر يعني أن لون ذلك الشرر أصفر وأنشد بعضهم :

دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم بمثل الجمال الصفر نزاعة الشوى

وقيل الصفر هنا معناه الأسود لأنه جاء في الحديث أن شرر نار جهنم أسود كالقير ، والعرب تسمى سود الإبل صفرا لأنه يشوب سوادها شيء من الصفرة ،

وقيل هي قطع النحاس ، والمعنى أن هذا الشرر يرتفع كأنه شيء مجموع غليظ أصفر. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ

قوله عز وجل : هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ يعني بحجة تنفعهم قيل هذا في بعض مواطن القيامة ومواقفها ، وذلك لأن في بعضها يتكلمون وفي بعضها يختصمون ، وفي بعضها يختم على أفواههم فلا ينطقون وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ عطف على يؤذن واختير ذلك لأن رؤوس الآي بالنون فلو قال فيتعذروا لم يوافق الآيات ، والعرب تستحب وفاق الفواصل كما تستحب وفاق القوافي ، والقرآن نزل على ما تستحب العرب من موافقة المقاطع ، والمعنى لا يكون إذن واعتذار قال الجنيدي : أي عذر لمن أعرض عن منعمه وكفر بأياديه ونعمه.

فإن قلت قد توهم أن لهم عذرا ، ولكن قد منعوا من ذكره.

قلت ليس لهم عذر في الحقيقة لأنه قد تقدم الإعذار والإنذار في الدّنيا فلم يبق لهم عذر في الآخرة ، ولكن ربما تخيلوا خيالا فاسدا أن لهم عذرا فلم يؤذن لهم في ذلك العذر الفاسد وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ يعني أنه لما تبين إنه لا عذر لهم ، ولا حجة فيما أتوا به من الأعمال السيئة ، ولا قدرة لهم على دفع العذاب عنهم لا جرم قال في حقهم وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ هذا يَوْمُ الْفَصْلِ يعني بين أهل الجنة وأهل النار ،

وقيل هو الفصل بين العباد

في الحقوق والمحاكمات جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ يعني مكذبي هذه الأمة والذين كذبوا أنبياءهم من الأمم الماضية. فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ أي إن كانت لكم حيلة تحتالون بها لأنفسكم فاحتالوا وهم يعلمون أن الحيل يومئذ منقطعة لا تنفع وهذا في نهاية التوبيخ والتقريع فلهذا عقبة بقوله وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ

قوله عز وجل إِنَّ الْمُتَّقِينَ أي الذين اتقوا الشرك فِي ظِلالٍ جمع ظل وهو ظل الأشجار وَعُيُونٍ أي في ظلهم عيون ماء وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ أي يتلذذون بها كُلُوا وَاشْرَبُوا أي ويقال لهم كلوا واشربوا ، وهذا القول يحتمل أن يكون من جهة اللّه تعالى بلا واسطة ، وما أعظمها من نعمة أو يكون من جهة الملائكة على سبيل الإكرام هَنِيئاً أي خالص اللّذة لا يشوبه تنغيص بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي في الدنيا من الطاعات إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ قيل المقصود منه تذكير الكفار ما فاتهم من النعم العظيمة ، ليعلموا أنهم لو كانوا من المتقين المحسنين لفازوا بمثل ذلك الخير العظيم. فلما لم يفعلوا ذلك وقعوا في قوله. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ

قوله عز وجل : كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا يقول الكفار مكة كلوا وتمتعوا قليلا في الدنيا إلى منتهى آجالكم ، وهذا وإن كان ظاهر اللفظ أمرا إلا أنه في المعنى نهي بليغ وزجر عظيم إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ أي مشركون باللّه مستحقون للعقاب لا جرم أتبعه بقوله وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ أي وإذا قيل لهم صلوا مع محمد وأصحابه لا يصلون فعبر عن الصلاة بلفظ الركوع لأنه ركن من أركانها وقال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)

٤٩

٥٠

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ أي بعد نزول القرآن إذا لم يؤمنوا به فبأي شيء يؤمنون واللّه أعلم.

﴿ ٠