١٤٢٢عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ يعني عند ذلك تعمل كل نفس ما أحضرت من خير ، أو شر وهذا جواب لقوله إذا الشّمس كورت إلى هنا. قوله عز وجل : فَلا أُقْسِمُ لا زائدة والمعنى أقسم ، وقد تقدم ذلك في قوله لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ. بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ يعني النّجوم تبدو بالليل ، فتظهر ، وتخنس بالنهار تحت نور الشّمس ، ونحو هذا المعنى روي عن علي بن أبي طالب ، وقيل هي النّجوم الخمسة زحل ، والمشتري ، والمريخ ، والزهرة ، وعطارد ، تخنس في مجاريها ، أي ترجع وراءها في الفلك ، وتنكس ، أي تستر وقت اختفائها ، وقيل إنها تخنس ، أي تتأخر عن مطالعها ، والكنس معناه أنها لا ترى بالنهار ، وقيل هي الظباء ، وهي رواية عن ابن عباس ، وأصل الخنوس الرّجوع إلى وراء ، والكنوس هو أن تأوي إلى كناسها ، وهو الموضع الذي يأوي إليه الوحوش. وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ أي أقبل بظلامه وقيل أدبر ، والعسعسة رقة الظّلام ، وذلك يكون في طرف الليل. وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ أي أقبل وبدا أوله وقيل أسفر. وفي تنفسه قولان أحدهما : أن في إقبال الصبح روحا ، ونسيما فجعل ذلك نفسا على المجاز الثاني ، أنه شبه الليل بالمكروب المحزون ، فإذا تنفس وجد راحة ، فكأنه تخلص من الحزن ، فعبر عنه بالتنفس ، فهو استعارة لطيفة ، ولما ذكر المقسم به أتبعه بالمقسم عليه فقال تعالى : إِنَّهُ يعني القرآن لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ يعني جبريل عليه الصلاة والسلام والمعنى أن جبريل نزل به عن اللّه عز وجل : ذِي قُوَّةٍ وكان من قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط الأربع من الماء الأسود ، وحملها على جناحه ، فرفعها إلى السماء ، ثم قلبها ، وأنه أبصر إبليس يكلم عيسى عليه الصلاة والسلام على بعض عقاب الأرض المقدسة ، فنفحه بجناحه نفحة ألقاه إلى أقصى جبل بالهند ، وأنه صاح صيحة بثمود ، فأصبحوا جاثمين ، وأنه يهبط من السّماء إلى الأرض ، ثم يصعد في أسرع من رد الطّرف عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ أي في المنزلة والجاه مُطاعٍ ثَمَّ أي في السموات تطيعه الملائكة ، ومن طاعة الملائكة له أنهم فتحوا أبواب السّموات ليلة المعراج بقوله لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفتح خزنة الجنة أبوابها بقوله أَمِينٍ يعني على وحي اللّه تعالى إلى أنبيائه وَما صاحِبُكُمْ يعني محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم يخاطب كفار مكة بِمَجْنُونٍ وهذا أيضا من جواب القسم أقسم على أن القرآن نزل به جبريل وأن محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم ليس بمجنون كما يقول أهل مكة ، وذلك أنهم قالوا إنه مجنون ، وأن ما يقوله ليس هو إلا من عند نفسه فنفى اللّه عنه الجنون ، وكون القرآن من عند نفسه. وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (٢٤) وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (٢٥) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٩) |
﴿ ١٤ ﴾