٥

١٠

وقوله تعالى : النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ ، هو تعظيم لأمر تلك النار قال الربيع بن أنس نجى اللّه المؤمنين الذين ألقوا في النار بقبض أرواحهم ، قبل أن تمسهم النار وخرجت النار إلى من على شفير الأخدود من الكفار فأحرقتهم إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ ، أي جلوس عند الأخدود وَهُمْ يعني الملك الذي خد الأخدود وأصحابه عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ أي من عرضهم على النار وإرادتهم أن يرجعوا إلى دينهم شُهُودٌ أي حضور

وقيل يشهدون أن المؤمنين ضلال حين تركوا عبادة الصنم ، وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ قال ابن عباس ما كرهوا منهم إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ ،

وقيل ما عابوا ولا علموا فيهم عيبا إلا إيمانهم باللّه الْعَزِيزِ ، يعني إن الذي يستحق العبادة هو اللّه العزيز الغالب القاهر الذي لا يغالب ولا يدافع ، الْحَمِيدِ يعني الذي يستحق أن يحمد ويثنى عليه ، وهو أهل لذلك وهو اللّه جل جلاله ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي فهو المستحق للعبادة وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ أي من أفعالهم بالمؤمنين. شَهِيدٌ وفيه وعد عظيم للمؤمنين ووعيد عظيم للكافرين.

قوله عزّ وجلّ : إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا أي عذّبوا وأحرقوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أي بالنار ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا أي لم يرجعوا عما هم عليه من الكفر وفيه دليل على أنهم إذا تابوا وآمنوا يقبل منهم ، ويخرجون من هذا الوعيد ، وأن اللّه تعالى يقبل منهم التوبة ، وأن توبة القاتل مقبولة ، وأنهم إن لم يتوبوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ يعني لهم عذاب جهنم بكفرهم ، ولهم عذاب الحريق بما أحرقوا المؤمنين ،

وقيل لهم عذاب الحريق في

الدنيا وذلك أن اللّه أحرقهم بالنار التي أحرقوا بها المؤمنين ارتفعت إليهم من الأخدود فأحرقتهم ، ولهم عذاب جهنم في الآخرة ثم ذكر ما أعد للمؤمنين

فقال تعالى :

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥)

فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٦) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠)

﴿ ٦