سُورَةُ الأَنْفَالِ

١

قوله عَزَّ وَجَلّ {يَسْأَلُونَكَ}

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ النَّخَعِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ،"{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ}، قَالَ: يَقُولُونَ: أَعْطِنَا".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{يَسْأَلُونَكَ}، يعْنِي: قَرَابَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

قوله تعالى: {الأَنْفَالِ}

  وَبِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ}، قَالَ: الأَنْفَالُ: الْمَغَانِمُ، كَانَتْ لِرَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِصَةً، لَيْسَ لأَحَدٍ مِنْهَا شَيْءٌ". وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، أَنَّهُمْ قَالُوا: الْمَغَانِمُ

قوله تعالى: {قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ}

 حَدَّثَنَـا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ الأَصْبَهَانِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدٍ، قَـالَ: "نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ: أَصَبْتُ سَيْفًا يَوْمَ بدرٍ، وَرُبَّمَا قَـالَ: أَصَابَ ابْنِي سَيْفًا يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: نَفِّلْنِيهِ، فَقَالَ: ضَعْهُ مِنْ حَيْثِ أَخَذْتَهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ عَاوَدْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ}".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَيْفٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّه، إِنَّ اللّه قَدْ شَفَى نَفْسِي الْيَوْمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَهَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ، فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا السَّيْفَ لَيْسَ لِي وَلا لَكَ، فَاطْرَحْهُ، فَطَرَحْتُهُ، فَقُلْتُ: لَعَلَّهُ يُعْطَاهُ رَجُلٌ لَمْ يَبْلُ مِثْلَ بَلائِي، قَالَ: فَبَيْنَـا أَنَا، إِذْ جَاءَنِي الرَّسُولُ، فَقَالَ: أَجِبْ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ لِكَلامِي، فَجِئْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ سَأَلْتَنِي هَذَا السَّيْفَ، وَلَيْسَ هُوَ لِي وَلا لَكَ، فَإِنَّ اللّه قَدْ جَعَلَهُ لِي، فَهُوَ لَكَ".

  أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: "قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الأَنْفَالِ: إِنَّهَا الْمَغَانِمُ، وَفِي كُلِّ نَيْلٍ نَالَهُ الْمُسْلِمُونَ، لِقَوْلِ اللّه عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ}، فَقَسَمَهَا يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى مَا أَرَاهُ اللّه"، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَـاهُ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ، ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَ ذَاكَ آيَةُ الْخُمُسِ، فَنَسَخَتِ الأُولَى، وَفِي ذَلِكَ آثَارٌ."وَالأَنْفَالُ: أَصْلُـهَا جِمَاعُ الْغَنَـائِمِ، إِلا أَنَّ الْخُمُسَ مِنْهَا مَخْصُوصٌ لأَهْلِهِ عَلَى مَا نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ، وَجَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَمَعْنَى الأَنْفَالِ فِي كَلامِ الْعَرَبِ: كُلُّ إِحْسَانٍ فَعَلَهُ فَاعِلٌ تَفَضُّلاً، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ النَّفَلُ الَّذِي أَحَلَّـهُ اللّه لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَمْوَالِ عَدُوِّهِمْ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ خَصَّهُمُ اللّه بِهِ تَطَوُّلاً مِنْهُ عَلَيْهِمْ، بَعْدَ أَنْ كَانَتِ الْغَنَائِمُ مُحَرَّمَةً عَلَى الأُمَمِ قَبْلَهُمْ، فَنَفَلَهَا اللّه هَذِهِ الأُمَّةَ، فَهَذَا أَصْلُ النَّفَلِ، وَبِهِ سُمِّيَ مَا جَعَلَ الإِمَامُ لِلْمُقَـاتِلَةِ نَفَلاً، وَهُوَ تَفْضِيلُـهُ بَعْضَ الْجَيْشِ عَلَى بَعْضٍ بِشَيْءٍ سِوَى سِهَامِهِمْ، يَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْغِنَى عَنِ الإِسْلامِ، وَالنَّكْي فِي الْعَدُوِّ، وَفِي النَّفَلِ الَّذِي يَنْفُلُـهُ الإِمَامُ سُنَنٌ أَرْبَعٌ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَوْضِعٌ غَيْرُ مَوْضِعِ الأُخْرَى، فَإِحْدَاهُنَّ: فِي النَّفَلِ لا خُمْسَ فِيهِ وَذَلِكَ السَّلَبُ، وَالثَّانِيَةُ: النَّفَلُ الَّذِي يَكُونُ مِنَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمْسِ، وَهُوَ أَنْ يُوَجِّهَ الإِمَامُ السَّرَايَا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، فَتَأْتِي بِالْغَنَـائِمِ، فَيَكُونُ لِلْسَرِيَّةِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّبُعُ وَالثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمْسِ، وَالثَّالِثَةُ: فِي النَّفَلِ مِنَ الْخُمْسِ نَفْسِهِ، وَهُوَ أَنْ تُحَازَ الْغَنِيمَةُ كُلُّـهَا ثُمَّ تُخَمَّسُ، فَإِذَا صَارَ الْخُمْسُ فِي يَدَيِ الإِمَـامِ، نَفَلَ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى، وَالرَّابِعَةُ: فِي النَّفَلَ فِي جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ يُخَمَّسَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَهُوَ أَنْ تُعْطَى الإِدْلاءُ، وَرُعَاءُ الْمَاشِيَةِ وَالسُّوَاقُ لَـهَا، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ اخْتِلافٌ. قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: الأَنْفَالُ: أَنْ لا يَخْرُجَ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْخُمْسِ شَيْءٌ، غَيْرُ السَّلْبِ وَالْوَجْهِ الثَّانِي مِنَ النَّفْلِ هو شئ زيدوه غير الذي كان لهم، وذلك من خمس النبي صلى اللّه عليه وسلم، فإن له خمس الخمس من كل غنيمة فينبغي للإمام أن يجتهد، فإذا كثر العدو، واشتدت شوكتهم، وقل من بإزائه من المسلمين، نفل منه اتباعاً لسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وإذا لم يكن ذلك لم ينفل

قوله تعالى: {قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ  وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ النَّفَلِ والوجه الثالث من النفل إذا بعث الإمام سرية، أو جيشاً، فقال لهم قبل اللقاء: من غنم شيئاً فهو له بعد الخمس، فذلك لهم على ما شرط الإمام، لأنهم على ذلك غزوا، وبه رضوا. من فسر الآية بأن السلب الذي يتقرب الرجل بقتل المشرك له من غير أن يخمس أو يشركه فيه أحد:

  أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى ابْنِ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ قَتَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَـا مَعَ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقُمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ ؟ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، إِنِّي ضَرَبْتُ رَجُلاً مِـنَ الْمُشْرِكِينَ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللّه، وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْطِهِ إِيَّاهُ".

  حَدَّثَنَـا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا مَعْنٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ الأَنْفَالِ، فَقَالَ: "الْفَرَسُ مِنَ النَّفَلِ، وَالسَّلَبُ مِنَ النَّفَلِ".

قوله تعالى: {قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ} مَنْ فَسَّرَ الآيَةَ بِأَنَّ النَّفَلَ يَكُونُ مَا يَخْرُجُ الْخُمْسُ مِنْهُ

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَوْنُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ سِنَانٍ الْبَاهِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ الْوَاسِطِيُّ، وَعُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَحْرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالُوا: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، يُقَالُ لَهُ: مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لا نَفَلَ إِلا بَعْدَ الْخُمْسِ".

قوله تعالى: {قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ} مَنْ فَسَّرَ الآيَةَ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ يَكُونُ مِنَ الْخُمْسِ

  أَخْبَرَنَـا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: "كَانَ النَّاسُ يُعْطَونَ النَّفَلَ مِنَ الْخُمْسِ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، كَانَ مَعَ عُبَيْدِ اللّه بْنِ أَبِي بَكْرَةَ فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَأَصَابُوا سَبْيًا، وَأَرَادَ عُبَيْدُ اللّه بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنْ يُعْطِيَ أَنَسًا مِنَ السَّبْي قَبْلَ أَنْ يُقَسِّمَ، قَالَ أَنَسٌ: "لا، وَلَكِنْ اقْسِمْ ثُمَّ اعْطِنِي مِنَ الْخُمْسِ".

قوله تعالى: {قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ} مَنْ فَسَّرَ الآيَةَ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ مِنْ جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ أَنْ تخمس:

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَحْمَسِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَيَاسَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ هَوَزَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَفَّلَنِي جَارِيَةً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ أَجْمَلَ الْعَرَبِ، عَلَيْهَا قَشْعٌ لَهَا، فَمَا كَشَفْتُ لَهَا عَنْ ثَوْبٍ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ، فَقَالَ: للّه أَبُوكَ، هَبْهَا لِي، فَوَهَبْتُهَا لَهُ، فَبَعَثَ بِهَا، فَفَادَى بِهَا أُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ".

قوله تعالى: {قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ} مَنْ فَسَّرَ الآيَةَ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ قَبْلَ الْتِقَاءِ الزَّحْفَانِ

  حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللّه، قَالَ: "النَّفَلُ مَا لَمْ يَلْتَقِ الزَّحْفَانِ، أَوْ قَالَ: صَفَّانِ، فَإِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ، أَوْ قَالَ: الزَّحْفَانِ، فَالْمَغْنَمُ". وَرُوِيَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّهُ قَالَ: "لا نَفَلَ يَوْمَ الزَّحْفِ".

قوله تعالى: {قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ} مَنْ فَسَّرَ الآيَةَ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ مِمَّا تُصِيبُهُ السَّرَايَا

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ،"{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ}، قَالَ: مَا أَصَابَتِ السَّرَايَا".

قوله تعالى: {قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ} مَنْ فَسَّرَ الآيَةَ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ}، قَالَ: الأَنْفَالُ: الْمَغَانِمُ كَانَتْ لِرَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِصَةً، لَيْسَ لأَحَدٍ مِنْهَا شَيْءٌ، مَـا أَصَابَ سَرَايَا الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَيْءٍ أَتَوْهُ بِهِ، فَمَنْ حَبَسَ مِنْهُ إِبْرَةً أَوْ سِلْكًا، فَهُوَ غُلُولٌ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيهِمْ مِنْهَا، قَالَ اللّه تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ}، يعْنِي: قَرَابَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {قُلِ الأَنْفَالُ}، جَعَلْتُهَا لِرَسُولِي، لَيْسَ لَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ، {فَاتَّقُوا اللّه وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} ثُمَّ أَنْزَلَ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}".

قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللّه وَأَصْلِحُوا}

  حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعُمَرُ بْنُ صَالِحٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالا: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله: "{فَاتَّقُوا اللّه وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}، قَالَ: هَذَا تَحْرِيجٌ مِنَ اللّه عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّقُوا اللّه، وَأَنْ يُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ".

قوله تعالى: {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٌ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ موسى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي سَلامٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا، فَلَقِينَا الْمُشْرِكِينَ، فَهَزَمَ اللّه الْعَدُوَّ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ، وَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ فِي الْعَسْكَرِ يَحُوزُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غُرَّةً، قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ: نَحْنُ حَوَيْنَاهُمْ وَجَمَعْنَاهُمْ، فَلَيْسَ لأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ، وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأَحَقِّ بِهَا مِنَّـا، نَحْنُ نَفَيْنَا عَنْهَا الْعَدُوَّ وَهَزَمْنَاهُمْ، وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَسْتُمْ بِأَحَقِّ بِهَا مِنَّا، أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخِفْنَـا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غُرَّةً، فَاشْتَغَلْنَـا بِهِ، فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للّه وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللّه وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللّه وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ يَقُولُ: لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ".

  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}، قَالَ: لا تَسْتَبُّوا".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولاً، يُحَدِّثُ: "أَنَّ صَلاحَ ذَاتِ بَيْنِهِمْ كَانَ أَنْ رُدَّتِ الْغَنَـائِمُ، فَقُسِمَتْ بَيْنَ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ مَنْ قَاتَلَ وَغَنِمَ". وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، وَمَطَرٍ أَنَّهُمَا قَالا: "أَمَرَهُمْ أَنْ يَرُدَّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ".

قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللّه وَرَسُولَهُ}

  حَدَّثَنَـا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي

قوله: "{أَطِيعُوا اللّه وَرَسُولَهُ}، قَالَ: طَاعَةُ الرَّسُولِ اتِّبَاعُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ".

قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللّه وَرَسُولَهُ} الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو الطَّاهِرِ، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبِ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{وَأَطِيعُوا اللّه وَرَسُولَهُ}، أَسْلِمُوا السَّيْفَ إِلَيْهِ، ثُمَّ نُسِخَتْ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ}".

قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللّه وَرَسُولَهُ  الْوَجْهُ الثَّالِثُ

  أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللّه: "{وَأَطِيعُوا اللّه وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، سَلِّمُوا للّه وَرَسُولِهِ، يَحْكُمَانِ فِيهَا بِمَا شَاءَ، وَيَضَعَانِهِ حَيْثُ أَرَادَا".

قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

  حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،

قوله: "{مُؤْمِنِينَ}، قَالَ: مُصَدِّقِينَ".

٢

قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّه}

 حَدَّثَنَـا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِ اللّه: "{الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّه وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}، قَالَ: الَّذِي إِذَا ذُكِرَ اللّه عِنْدَ الشَّيْءِ، وَجِلَ قَلْبُهُ".

قوله تعالى: {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}

  حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّه وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}، قَالَ: فَرَقَّتْ". وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ. نَحْو ذَلِكَ

قوله تعالى: {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ  الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله: "{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّه وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}، قَالَ: الْمُنَـافِقُونَ لا يَدْخُلُ قُلُوبُهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ اللّه عِنْدَ أَدَاءِ فَرَائِضِهِ، فَلا يُؤْمِنُونَ بِشَيْءٍ مِنْ آيَاتِ اللّه، وَلا يَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللّه، وَلا يُصَلُّونَ إِذَا غَابُوا، وَلا يُؤَدُّونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، فَأَخْبَرَ اللّه أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ وَصَفَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّه وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}، فَأَدُّوا فَرَائِضَهُ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ، أَنْبَأَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَ سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّيَّ، يَقُولُ فِي

قوله: "{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّه وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}، قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يَظْلِمَ، أَوْ قَالَ: يَهِمَّ بِمَعْصِيَةٍ، فَيُقَالُ لَهُ: اتَّقِ اللّه، فَيَجِلَ قَلْبُهُ".

قوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ}

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،

قوله: "{آيَاتُهُ}، يعْنِي: الْقُرْآنَ".

قوله تعالى: {زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}، يَقُولُ: تَصْدِيقًا".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ،

قوله: "{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}، يَقُولُ: زَادَتْهُمْ خَشْيَةً".

  ثنا أَبِي، ثنا عُبَيْدُ اللّه بْنِ موسى، أَنْبَأَ سُفْيَانُ، عَمَّنْ سَمِعَ مُجَاهِدًا، يَقُولُ فِي

قوله: "{زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}، قَالَ: الإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ".

قوله تعالى: {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}، يَقُولُ: لا يَرْجُونَ غَيْرَهُ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ هُرَيْمٌ ثنا عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: "التَّوَكُّلُ عَلَى اللّه جِمَاعُ الإِيمَانِ".

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ،

قوله: "{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}، قَالَ: هَذَا نَعَتُ أَهْلِ الإِيمَانِ، نَعَتَهُمْ فَأَثْبَتَ نَعْتُهُمْ، وَوَصْفَهُمْ فَأَثْبَتَ صِفَتَهُمْ".

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، ثنا ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: "التَّوَكُّلُ عَلَى اللّه نِصْفُ الإِيمَانِ".

٣

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ}، قَالَ: الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ".

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فِيمَا ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ اللّه سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ: "{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ}، يُقِيمُونَ الصَّلاةَ بِفَرْضِهَا".

  حَدَّثَنَـا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ،"{يُقِيمُونَ الصَّلاةَ}، إِقَامَةُ الصَّلاةِ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا، وَوُضُوئِهَا وَرُكُوعِهَا، وَسُجُودِهَا".

  قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ موسى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، أَنْبَأَ بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَـاتِلِ بْنِ حَيَّانَ،

قوله: "{يُقِيمُونَ الصَّلاةَ}، إِقَامَتُهَا: الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَوَاقِيتُهَا، وَإِسْبَاغِ الطُّهُورِ فِيهَا، وَتَمَامُ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَتِلاوَةِ الْقُرْآنِ فِيهَا، وَالتَّشَهُّدِ، وَالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَذَا إِقَامَتُهَا".

قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، يَقُولُ: زَكَاةُ أَمْوَالِهِمْ".

قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ  وَالْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: "{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، فَهِيَ نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ، وَهَذَا قَبْلُ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةَ".

قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون  الْوَجْهُ الثَّالِثُ

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: "{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، فَأَنْفِقُوا مِمَّا أَعْطَاكُمُ اللّه، فَإِنَّمَا هَذِهِ الأَمْوَالُ عَوَارِي وَوَدَائِعُ عِنْدَكَ يَا ابْنَ آدم، أَوْشَكْتَ أَنْ تُفَارِقَهَا".

٤

قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}، بَرِئُوا مِنَ الْكُفْرِ".

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: "{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}، قَالَ: اسْتَحَقُّوا الإِيمَانَ بِحَقٍّ، فَأَحَقَّهُ اللّه لَهُمْ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ حَمْزَةَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَحْيَى الضُّرَيْسِ، ثنا أَبُو سِنَانٍ، قَالَ: سُئِلَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ

قوله: "{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّـا}، قَالَ: إِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، كَقَوْلِكَ: فُلانٌ سَيِّدٌ حَقًّا، وَفِي الْقَوْمِ سَادَةٌ، وَفُلانٌ تَاجِرٌ حَقًّا، وَفِي الْقَوْمِ تُجَّارٌ، وَفُلانٌ شَاعِرٌ حَقًّا، وَفِي الْقَوْمِ شُعَرَاءُ".

قوله تعالى: {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ}

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،

قوله: "{دَرَجَاتٌ}، يعْنِي: فَضَائِلَ وَرَحْمَةً".

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا عُبَيْدُ اللّه، أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ: "{لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، قَالَ: أَعْمَالٌ رَفِيعَةٌ".

قوله تعالى: {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ  الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي

قوله: "{لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، قَالَ: أَهْلُ الْجَنَّةِ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ، فَيَرَى الَّذِي هُوَ فَوْقَ فَضْلَهُ عَلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ، وَلا يَرَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ أَنَّهُ فَضُلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ".

قوله تعالى: {وَمَغْفِرَةٌ}

  أَخْبَرَنَـا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللّه: "{وَمَغْفِرَةٌ}، بِتَرْكِ الذُّنُوبِ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو عُبَيْدِ اللّه ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، ثنا عَمِّي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: "إِذَا سَمِعْتَ اللّه، يَقُولُ: {رِزْقٌ كَرِيمٌ}: فَهِيَ الْجَنَّةُ".

  أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،"{وَرُزِقٌ كَرِيمٌ}، قَالَ: الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ".

٥

قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكِ بِالْحَقِّ}

  حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكِ بِالْحَقِّ}، كَذَلِكَ".

  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكِ بِالْحَقِّ}، قَالَ: خُرُوجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ".

قوله تعالى: {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}

 حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ أَسْلَمَ أَبَا عِمْرَانَ حَدَّثَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: "قَالَ لَنَا رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ، وَبَلَغَهُ أَنَّ عِيرَ أَبِي سُفْيَانَ قَدْ أَقْبَلَتْ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ فِيهَا ؟ لَعَلَّ اللّه يَغْنِمْنَاهَا وَيُسْلِمْنَا، فَخَرَجْنَا، فَسِرْنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ فِيهِمْ ؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّه، مَالَنَا طَاقَةٌ بِقِتَالِ الْقَوْمِ، إِنَّمَا خَرَجْنَا لِلْعِيرِ، قَالَ الْمِقْدَادُ: لا تَقُولُوا كَمَا قَالَ قَوْمُ موسى لِ موسى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّـا هَا هُنَـا قَاعِدُونَ}، فَأَنْزَلَ اللّه تَعَالَى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكِ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}".

  أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَرِهُونَ}، لِطَلَبِ الْمُشْرِكِينَ".

٦

قوله تعالى: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ}

  حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ}، الْقِتَالِ".

  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ}، إِنَّكَ لا تَصْنَعُ إِلا مَا أَمَرَكَ اللّه بِهِ".

  أَخْبَرَنَـا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللّه: "{يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ}، قَالَ: هَؤُلاءِ الْمُشْرِكُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ".

قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}

  أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،

قوله: "{كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}، حِينَ قِيلَ هُمُ الْمُشْرِكُونَ".

قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ  الْوَجْهُ الثَّانِي

  أَخْبَرَنَـا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللّه: "{كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}، حِينَ يُدْعَونَ إِلَى الإِسْلامِ".

قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْظُرُونَ}

  وَبِهِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ،"{كَأَنَّمَـا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}، حِينَ يَدْعُونَ إِلَى الإِسْلامِ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَلَيْسَ هَذِهِ مِنْ صِفَةِ الآخَرِينَ، هَذِهِ صِفَةٌ مُبْتَدَأَةٌ لأَهْلِ الْكُفْرِ".

٧

قال تعالى:

قوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّه}

  حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْرَائِيلَ، ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ: عَلَيْكَ بِالْعِيرِ لَيْسَ دُونَهَا شَيْءٌ، فَنَادَاهُ الْعَبَّاسُ وَهُوَ أَسِيرٌ: لا يَصْلُحُ لَكَ ذَاكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلِمَ ؟، قَالَ: لأَنَّ اللّه قَدْ وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَدْ أَعْطَاكَ مَا وَعَدَكَ".

قوله تعالى: {إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ}

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ حَبِيبٍ، أَنَّ أَبَا عِمْرَانَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَرَوْنَ فِيهِمْ ؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّه، مَا لَنَـا طَاقَةٌ بِقِتَالِ الْقَوْمِ، إِنَّمَا خَرَجْنَا لِلْعِير، ثُمَّ أُنْزِلَتْ: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّه إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}، وَطَابَتْ أَنْفُسُنَا حِينَ وَعَدَ اللّه إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، فَالطَّائِفَةُ: الْعِيرُ".

قوله تعالى: {إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ  الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ،

قوله: "{إِذْ يَعِدُكُمُ اللّه إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}، فَالطَّائِفَتَانِ: أَحَدُهُمَا أَبُو سُفْيَانَ أَقْبَلَ بِالْعِيرِ مِنَ الشَّامِ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى: أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ مَعَهُ نُفَيْرُ قُرَيْشٍ".

قوله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ أَسْلَمَ أَبَا عِمْرَانَ حَدَّثَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ، يَقُولُ: "قَالَ لَنَا رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ: وَبَلَغَهُ أَنَّ عِيرَ أَبِي سُفْيَانَ قَدْ أَقْبَلَتْ، ثُمَّ نَزَلَتْ: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّه إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ}، وَالشَّوْكَةُ: هُمُ الْعَدُوُّ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ أَسْلَمَ أَبَا عِمْرَانَ التُّجِيبِيّ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: "قَالَ لَنَـا رَسُولُ اللّه: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّه إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}، وَالشَّوْكَةِ: الْقَوْمُ، وَغَيْرَ الشَّوْكَةِ: الْعِيرُ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ،

قوله: "{وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}، هِيَ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ، وَدَّ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعِيرَ كَانَتْ لَهُمْ، وَأَنَّ الْقِتَالَ صُرِفَ عَنْهُمْ".

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}، أَيْ الْغَنِيمَةَ دُونَ الْحَرْبِ".

قوله تعالى: {وَيُرِيدُ اللّه أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ}

  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}، أَرَادُوا الْعِيرَ وَاللّه يُرِيدُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ".

قوله تعالى: {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ،"{وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}، فَأَوْحَى اللّه إِلَيْهِ الْقِتَالَ".

  حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي موسى، ثنا هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ أَسْبَاطِ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ،

قوله: "{دَابِرَ}، يعْنِي: أَصْلَ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،"{وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}، الْوَقْعَةَ الَّتِي أَوْقَعَ اللّه بِقُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ".

٨

قوله تعالى: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ}

  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،

قوله: "{لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}، وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ".

٩

قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ}

 حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ بْنِ الْقَاسِمِ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا أَبُو زُمَيْلٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ عَبَّاسٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، نَظَرَ نَبِيُّ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلاثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: اللّهمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللّه أَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي ؟ اللّهمَّ إِنْ تَهْلَكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ، لا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ أَبَدًا، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللّه، كَفَاكَ مُنَاشَدَتَكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللّه تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ}".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،"{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} أَيْ: دُعَاءُ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ مَعَهُ".

قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ}

 حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا أَبُو زُمَيْلٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ عَبَّاسٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، نَظَرَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلاثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، فَأَنْزَلَ اللّه تَعَالَـى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِـنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}، فَأَمَدَّهُ اللّه بِالْمَلائِكَةِ".

قوله تعالى: {مُرْدِفِينَ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا مُقَاتِلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله: "{مُرْدِفِينَ}، قَـالَ: مُتَتَابِعَيْنِ". وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، وَأَبِي مَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَالسُّدِّيِّ، وَالضَّحَّاكِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، نَحْوُ ذَلِكَ.

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا هِلالُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْعَيْشِيُّ، ثنا أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: "كَانَ أَلْفٌ مُرْدِفِينَ، وَثَلاثَةُ آلافٍ مُنْزَلِينَ، فَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَهُمْ مَدَدُ الْمُسْلِمِينَ فِي ثُغُورِهِمْ".

١٠

قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللّه إِلا بُشْرَى}

  حَدَّثَنَـا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{وَمَا جَعَلَهُ اللّه إِلا بُشْرَى}، قَالَ: إِنَّمَا جَعَلَهُمُ اللّه لِيَسْتَبْشِرُوا بِهِمْ".

قوله تعالى: {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ}

  وَبِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ}، تَطْمَئِنُّوا إِلَيْهِ".

قوله تعالى: {وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللّه}

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: "{وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللّه}، إِلا مِنْ عِنْدِي، إِلا بِسُلْطَانِي وَقُدْرَتِي، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِزَّ وَالْحُكْمَ إِلَيَّ، لا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِي".

قوله تعالى: {إِنَّ اللّه عَزِيزٌ}

  حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ، ثنا آدم، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ،"{إِنَّ اللّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، يَقُولُ: عَزِيزٌ فِي نِقْمَتِهِ إِذَا انْتَقَمَ". وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، نَحْوُ ذَلِكَ.

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ أَبُو غَسَّانَ، ثنا سَلَمَةُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: "{عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، الْعَزِيزُ فِي نُصْرَتِهِ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ إِذَا شَاءَ".

قوله تعالى: {حَكِيمٌ}

 حَدَّثَنَـا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ، ثنا آدم، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ،"{إِنَّ اللّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، يَقُولُ: حَكِيمٌ فِي أَمْرِهِ".

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ أَبُو غَسَّانَ، ثنا سَلَمَةُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: "{عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، قَالَ: الْحَكِيمُ فِي عُذْرِهِ وَحُجَّتِهِ إِلَى عِبَادِهِ".

١١

قوله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ}

  حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: "النُّعَاسُ فِي الْقِتَالِ: أَمَنَةٌ، يعْنِي مِنَ اللّه، وَالنُّعَاسُ فِي الصَّلاةِ: مِنَ الشَّيْطَانِ".

  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو الْجُمَاهِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يَقُولُ: "النُّعَاسُ فِي الرَّأْسِ، وَالنَّوْمُ فِي الْقَلْبِ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا الأَنْصَارِيُّ، ثنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: "كُنْتُ فِيمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا".

  حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَوْلِ اللّه: "{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ}، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ هَذِهِ الآيَاتِ أُنْزِلَتْ فِي الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَمَا أَغْشَاهُمُ اللّه مِنَ النُّعَاسِ أَمَنَةً مِنْهُ".

قوله تعالى: {أَمَنَةً مِنْهُ}

  حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ}، أَمْنٌ مِنَ اللّه".

قوله تعالى: {أَمَنَةً مِنْهُ  الْوَجْهُ الثَّانِي

  أَخْبَرَنَـا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ شُعَيْبِ بْنُ شَابُورَ، أَنْبَأَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي

قوله: "{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ}، رَحْمَةً مِنْهُ، أَمَنَةً مِنَ الْعَدُوِّ".

قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}

  حَدَّثَنَـا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ،"{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، قَالَ: طَشٌّ يَوْمَ بَدْرٍ، يعْنِي أَصَابَهُمْ". وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ: مِثْلُ ذَلِكَ

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: "بَعَثَ اللّه السَّمَاءَ وَكَانَ الْوَادِي دَهْسًا، وَأَصَابَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مِنْهَا مَا لَبَدَ الأَرْضَ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمُ الْمَسِيرَ، وَأَصَابَ قُرَيْشٌ مَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَرْتَحِلُوا مَعَهُ".

قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً  الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَـا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، الْمَطَرَ أَنْزَلَـهُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ النُّعَاسِ، فَأَطْفَأَ بِالْمَطَرِ الْغُبَارَ، وَالْتَبَدَتْ بِهِ الأَرْضُ، وَطَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ، وَثَبَتَتْ بِهِ أَقْدَامُهُمْ". وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، نَحْوُ ذَلِكَ.

قوله تعالى: {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}

  أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ شُعَيْبٍ، أَنْبَأَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي

قوله: "{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ سَبَقُوا رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَاءِ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ بِحِيَالِهِمْ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمُ الْوَادِي، فَقَذَفَ الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ عِبَادُ اللّه وَعَلَى دَيْنِ اللّه، وَأَنْتُمْ تُصَلُّونَ مُحْدِثِينَ مُجْنِبِينَ، وَقَدْ سَبَقَكُمُ الْمُشْرِكُونَ إِلَى الْمَاءِ ؟ فَمُطِرُوا، فَطَهَّرَهُمُ اللّه مِنَ الأَحْدَاثِ وَالْجَنَابَةِ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِيَاضٍ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا، فَقَالَ: لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ".

قوله تعالى: {وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}

  حَدَّثَنَـا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{رِجْزَ الشَّيْطَانِ}، وَسْوَسَتَهُ، فَأَطْفَأَ بِالْمَطَرِ". وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، نَحْوُ ذَلِكَ.

  أَخْبَرَنَـا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ شُعَيْبِ بْنُ شَابُورَ، أَنْبَأَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،

قوله: "{وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}، مَا أَوْقَعَ الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الصَّلاةِ بِغَيْرِ طَهُورٍ".

قوله تعالى: {وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ  الْوَجْهُ الثَّانِي

  أَخْبَرَنَـا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ زَيْدٍ يعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ،

قوله: "{وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}، الَّذِي أَلْقَى فِي قُلُوبِهِمْ لَيْسَ لَكُمْ بِهَؤُلاءِ طَاقَةٌ".

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْـنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْـنِ الزُّبَيْرِ،"{وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}، أَيْ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ شَكَّ الشَّيْطَانِ، لِتَخْوِيفِهِ إِيَّاهُمْ عَدُوَّهُمْ، وَاسْتِجْلادَ الأَرْضِ لَهُمْ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَنْزِلِهِمُ الَّذِي سَبَقُوا إِلَيْهِ عَدُوَّهُمْ".

قوله تعالى: {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ}

  أَخْبَرَنَـا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ شُعَيْبٍ، أَنْبَأَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي

قوله: "{وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ}، قَالَ: بِالصَّبْرِ".

قوله تعالى: {وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}

  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}، حَتَّى يَشْتَدُّوا عَلَى الرَّمَلِ وَهُوَ كَهَيْئَةِ الأَرْضِ". وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: "اقْتَتَلُوا عَلَى كَثِيبٍ أَعْفَرَ، فَلَبَّدَهُ اللّه تَعَالَى بِالْمَاءِ".

  حَدَّثَنَـا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، أَنْبَأَ ابْنُ شُعَيْبٍ، أَنْبَأَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي

قوله: "{وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}، قَالَ: كَانَ بَطْنُ الْوَادِي دَهَاس، فَلَمَّا مُطِرُوا اشْتَدَّتِ الرَّمْلَةُ".

١٢

قوله تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ}

  حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي موسى الْكُوفِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيِّبِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ موسى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ"ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِمَا أَوحَى اللّه إِلَى الْمَلائِكَةِ بِنَصْرِهِمْ، فَقَالَ: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ}".

قوله تعالى: {أَنِّي مَعَكُمْ}

 أَخْبَرَنَا أَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ الْغُبَرِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يعْنِي أَحْمَدَ بْنَ دَاوُدَ الْحَدَّادَ، يَقُولُ: "لَمْ يَقُلِ اللّه عَزَّ وَجَلَّ لِشَيْءٍ أَنَّهُ مَعَهُ إِلا الْمَلائِكَةَ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: {أَنِّي مَعَكُمْ} بِالنَّصْرِ".

قوله تعالى: {فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا}

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا أَبُو غَسَّانَ زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا}، أَيْ وَآزِرُوا الَّذِينَ آمَنُوا".

قوله تعالى: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}

  أَخْبَرَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي الْحُسَيْنُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}، قَـالَ: قَذَفَ اللّه فِي قَلْبِ أَبِي سُفْيَانَ الرُّعْبَ، فَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَدْ أَصَابَ مِنْكُمْ طَرَفًا، وَقَدْ رَجَعَ وَقَذْفَ اللّه فِي قَلْبِهِ الرُّعْبَ".

قوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو موسى الأَنْصَارِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا عيسى بْنُ عَبْدِ اللّه السَّعْدِيُّ التَّمِيمِيُّ يعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ الرَّازِيَّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: "كَانَ النَّاسُ يَوْمَ بَدْرٍ يَعْرِفُونَ قَتْلَى الْمَلائِكَةِ مِمَّنْ قَتَلُوهُمْ بِضَرْبِهِمْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ، وَعَلَى الْبَنَانِ، مِثْلَ سِمَةِ النَّارِ قَدْ أُحْرِقَ بِهِ".

  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ،"{فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ}، يَقُولُ: الرُّؤُوسِ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، يَقُولُ: "اضْرِبُوا الرِّقَابَ".

قوله تعالى: {وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}، يعْنِي بِالْبَنَانِ: الأَطْرَافَ".

  حَدَّثَنَـا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطِيَّةَ،"{وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}، قَالَ: كُلَّ مَفْصِلٍ". وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَالسُّدِّيِّ، مِثْلُ ذَلِكَ

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ السُّلَمِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ، عَنْ هِقْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، فِي

قوله: "{وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}، قَالَ: اضْرِبْ مِنْهُ الْوَجْهَ وَالْعَيْنَ، وَارْمِهْ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ، فَإِذَا أَخَذْتُهُ، حَرَّمَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَيْكَ".

قوله تعالى: {فَإِنَّ اللّه شَدِيدُ الْعِقَابِ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَنْبَأَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيدٍ، قَالَ: "تَلا مُطَرِّفُ هَذِهِ الآيَةَ: {شَدِيدُ الْعِقَابِ}، قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ قَدْرَ عُقُوبَةِ اللّه، وَنِقْمَةِ اللّه، وَبَأْسِ اللّه، وَنَكَالِ اللّه، لَمَا رَقَى لَهُمْ دَمْعٌ، وَمَا قَرَّتْ أَعْيُنُهُمْ بِشَيْءٍ".

١٥

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}

 حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عيسى بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيعَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "مَا أَنْزَلَ اللّه آيَةً فِي الْقُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إِلا أَنَّ عَلِيًّا شَرِيفُهَا، وَأَمِيرُهَا، وَسَيِّدُهَا، وَمَا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَحَدٌ إِلا وَقَدْ عُوتِبَ فِي الْقُرْآنِ، إِلا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعَاتَبْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ".

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا سُلَيْمَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: "مَا تَقْرَؤُونَ فِي الْقُرْآنِ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، فَإِنَّهُ فِي التَّوْرَاةِ يَا أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ، ثنا مَعْنٌ، وَعَوْنٌ، أو أحدهما"أَنَّ رَجُلاً أَتَى عَبْدَ اللّه بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَعْهِدْ إِلَيَّ، فَقَالَ: إِذَا سَمِعْتَ اللّه، يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، فَارْعِهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ يَأْمُرُ بِهِ، أَوْ شَرٌّ يَنْهَى عَنْهُ".

  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ، ثنا الْوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: "إِذَا قَالَ اللّه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، افْعَلُوا، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ".

قوله تعالى: {إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا}

  حَدَّثَنَا الأَحْمَسِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ جُوَيْنِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ: "الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ مِنَ الْكَبَائِرِ".

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: "الْمُوجِبَاتُ: الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا}".

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللّه: "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا}، يعْنِي: يَوْمَ بَدْرٍ".

قوله تعالى: {فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ}

  ذُكِرَ عَنْ عَفَّانَ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللّه بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ،"كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَوَلَّى النَّاسُ عَنْهُ، وَبَقِيتُ مَعَهُ فِي ثَمَانِينَ رَجُلاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، نَكَصْنَا عَلَى أَقْدَامِنَا نَحْوًا مِنْ ثَمَانِينَ قَدَمًا، وَلَمْ نُوَلِّهِمُ الدُّبُرَ وَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللّه عَلَيْهِمُ السَّكِينَةَ".

١٦

قوله تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}

  حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ صُبَيْحٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ الْعَوَّامِ، أَنْبَأَ دَاودُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، فِي

قوله: "{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}، قَالَ: إِنَّهَا لأَهْلِ بَدْرٍ خَاصَّةً". وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَنَـافِعٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَبِي نَضْرَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، مِثْلُ ذَلِكَ

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}، يعْنِي: يَوْمَ بَدْرٍ خَاصَّةً مُنْهَزِمًا".

قوله تعالى: {إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ}

 وَبِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ}، يعْنِي: مُسْتَطْرِدًا، يُرِيدُ الْكَرَّةَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ". وَرُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ، أَنَّهُ قَـالَ: "الاسْتِطْرَادُ يُرِيدُ الْعَوْدَةَ".

قوله تعالى: {إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ  وَالْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، قَالا: ثنا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ،"{إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ}، وَأَنَّ الْمُتَحَرِّفَ: الْمُتَقَدِّمُ مِنْ أَصْحَابِهِ، أَنْ يَرَى عَوْرَةً مِنَ الْعَدُوِّ، فَيُصِيبَهَا".

قوله تعالى: {أَوْ مُتَحَيِّزًا}

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}، يعْنِي: أَوْ يَنْحَازُ إِلَى أَصْحَابِهِ مِنْ غَيْرِ هَزِيمَةٍ".

قوله تعالى: {إِلَى فِئَةٍ}

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "كُنْتُ فِي غَزْوَةٍ فِي بَعْضِ مَسَايِحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِيَنَـا الْعَدُوُّ، فَحَاصَ النَّـاسُ حَيْصَةً، فَكُنْتُ فِيمَنْ حَاصَ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللّه قَدْ هَمَمْنَا بِكَذَا وَكَذَا، قَالَ: لا، أَنَا فِئَةُ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللّه الْمِصْرِيُّ، ثنا خَلادُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا نَافِعٌ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، قُلْتُ: "إِنَّا قَوْمٌ لا نَثْبُتُ عِنْدَ قِتَالِ عَدُوِّنَا، وَلا نَدْرِي مِنَ الْفِئَةِ إِمَامَنَا أَوْ عَسْكَرَنَا ؟ فَقَالَ لِي: الْفِئَةُ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنَّ اللّه يَقُولُ: {إِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ}، قَالَ: إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ لأَهْلِ بَدْرٍ، لا قَبْلَهَا وَلا بَعْدَهَا".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "لا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الآيَةُ، فَإِنَّمَا كَانَتْ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ".

  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، قَالا: ثنا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ،"{أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}، وَالْمُتَحَيِّزُ الْفَارُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، كَذَلِكَ مَنْ فَرَّ الْيَوْمَ إِلَى أَمِيرِهِ وَأَصْحَابِهِ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ،"{أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ}، قَالَ: ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ، إِذَا تُرِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَيْنَ يَذْهَبُ ؟ فَمَنْ فَاءَ الْيَوْمَ إِلَى مِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ، فَقَدْ فَاءَ".

قوله تعالى: {فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ}

  حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّه}، يعْنِي: فَقَدْ أَوْجَبَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّه".

قوله تعالى: {بِغَضَبٍ مِنَ اللّه}

  وَبِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي

قوله: "بِغَضَبٍ، يَقُولُ: اسْتَوْجَبُوا سَخَطًا".

قوله تعالى: {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّه وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}، تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ لِئَلا يَنْكُلُوا عَنْهُمْ إِذَا لَقُوهُمْ، وَقَدْ وَعَدَهُمُ اللّه مَا وَعَدَهُمْ".

  حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِـنَ اللّه وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}، فَهَذَا يَوْمَ بَدْرٍ خَاصَّةً، كَانَ اللّه عَزَّ وَجَلَّ شَدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ، لِيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ، وَهُوَ أَوَّلُ قِتَالٍ قَاتَلَ فِيهِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ".

١٧

قوله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّه قَتَلَهُمْ}

  حَدَّثَنَـا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ}، لأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ هَذَا، قَتَلْتُ يعْنِي فُلانًا، وَقَالَ هَذَا: قَتَلْتُ: يعْنِي فُلانًا".

 قوله عَزَّ وَجَلّ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّه رَمَى}

  ثنا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ الْعَامِرِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِي، عَنْ موسى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللّه، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، سَمِعْنَا صَوْتًا وَقَعَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، كَأَنَّهُ صَوْتُ حَصَاةٍ وَقَعَتْ فِي طَسْتٍ، وَرَمَى رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتِلْكَ الْحَصَيَاتِ، فَانْهَزَمُوا، فَذَلِكَ قَوْلُ اللّه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّه رَمَى وَلِيَبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا}".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَفَعَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ: "يَا رَبِّ، إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكَ هَذِهِ الْعِصَابَةَ فَلَنْ تُعْبَدَ فِي الأَرْضِ أَبَدًا، فَقَالَ لَـهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ: خُذْ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ، فَرَمَى بِهَـا فِي وَجْهِهِمْ، فَمَـا بَقِيَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَحَدٌ إِلا أَصَابَ عَيْنَهُ وَمُنْخَرَيْهِ وَفَمَهُ تُرَابٌ مِنْ تِلْكَ الْقَبْضَةِ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ".

  أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ، أَنْبَأَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللّه: "{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ}، قَالَ: هَذَا يَوْمُ بَدْرٍ، أَخَذَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ حَصَيَاتٍ، فَرَمَى بِحَصَاةٍ فِي مَيْمَنَةِ الْقَوْمِ، وَحَصَاةٍ فِي مَيْسَرَةِ الْقَوْمِ، وَحَصَاةٍ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَقَالَ: شَاهَتِ الْوجُوهُ، فَانْهَزَمُوا، فَذَلِكَ قَوْلُ اللّه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّه رَمَى}".

 قوله عَزَّ وَجَلّ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّه رَمَى الْوَجْهُ الثَّانِي

  ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ عَبْدُ اللّه بْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، أَخَذَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ يَرْكُضُ فَرَسَهُ، حَتَّى دَنَـا مِنْ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاعْتَرَضَ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ لَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَأْخِرُوا، فَاسْتَأْخَرُوا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرْبَتَهُ فِي يَدِهِ، فَرَمَى أُبَيَّ بْـنَ خَلَفٍ، وَكَسَرَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلاعِهِ، فَرَجَعَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ إِلَى أَصْحَابِهِ ثَقِيلاً، فَاحْتَمَلُوهُ حَتَّى وَلَّوْا قَافِلِينَ، فَطَفِقُوا يَقُولُونَ: لا بَأْسَ، فَقَالَ أُبَيُّ حِينَ قَالُوا ذَلِكَ لَهُ: وَاللّه لَوْ كَانَتْ بِالنَّاسِ، لَقَتَلْتهُُمْ أَلَمْ يَقُلْ: إِنِّي أَقَتَلُكَ، إِنْ شَاءَ اللّه تَعَالَى ؟ فَانْطَلَقَ بِهِ أَصْحَابُهُ يَتَغَشَّوْنَهُ، حَتَّى مَاتَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، فَدَفَنُوهُ، قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: وَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ}".

 قوله عَزَّ وَجَلّ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّه رَمَ  وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ

  حَدَّثَنَا أَبُو نَشِيطٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ يعْنِي عَبْدَ الْقُدُّوسِ بْنَ الْحَجَّاجِ، ثنا صَفْوَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ،"أَنَّ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، دَعَا بِقَوْسٍ، فَأَتَى بِقَوْسٍ طَوِيلَةٍ، فَقَالَ: جِيؤُونِي بِقَوْسٍ غَيْرَهَا، فَجَاؤُهُ بِقَوْسٍ كَبدَاءٍ، فَرَمَى رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِصْنَ، فَأَقْبَلَ السَّهْمُ يَهْوِي، حَتَّى قَتَلَ ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ فِي فِرَاشِهِ، فَأَنْزَلَ اللّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّه رَمَى}". قَالَ أَبُو الْمُغِيرَةِ: "الْكَبدَاءُ: الْمُعْتَدِلَةُ الْجَيِّدَةُ".

قوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللّه رَمَى}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ،"{وَلَكِنَّ اللّه رَمَى}، قَالَ: مَا وَقَعَ مِنْهَا شَيْءٌ إِلا فِي عَيْنِ رَجُلٍ".

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَلَكِنَّ اللّه رَمَى}، أَيْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِرَمْيَتِكَ، لَوْلا الَّذِي جَعَلَ اللّه مِنْ نَصْرِكَ، وَمَا أَلْقَى فِي صُدُورِ عَدُوِّكَ مِنْهَا حَتَّى هَزَمْتَهُمْ".

قوله تعالى: {وَلِيَبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَلِيَبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًـا}، أَيْ لِيَعْرِفَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فِي إِظْهَارِهِمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ مَعَ كَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ، وَقِلَّةِ عَدَدِهِمْ، لِيَعْرِفُوا بِذَلِكَ حَقَّهُ، وَيَشْكُرُوا بِذَلِكَ نِعْمَتَهُ".

قوله تعالى: {إِنَّ اللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ}

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ،"{عَلِيمٌ}، أَيْ: عَلِيمٌ بِمَا يُخْفُونَ".

١٨

قال تعالى:

قوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّه مُوهِنُ كَيْدِ الْكَفِرِينَ}

  حَدَّثَنَا موسى بْنُ أَبِي موسى الْخَطْمِيُّ، ثنا هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ أَسْبَاطِ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ،

قوله: "{مُوهِنُ} يعْنِي: ضَعِيفَ".

١٩

قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}

  حَدَّثَنَـا أَبُو عُبَيْدِ اللّه بْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، ثنا أَبِي، أَخْبَرَنِي عَقِيلُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَبْدَ اللّه بْنَ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، حَدَّثَهُ: "أَنَّ الْمُسْتَفْتِحَ يَوْمَ بَدْرٍ أَبُو جَهْلٍ، وَأَنَّهُ قَالَ: اللّهمَّ أَيُّنَـا أَقْطَعُ لِلرَّحِمِ، وَأَتَى بِمَا لا يُعْرَفُ فَاخْزِهِ الْغَدَاةَ، فَكَانَ ذَلِكَ اسْتِفْتَاحُهُ، فَقَالَ اللّه تَعَالَى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}، يعْنِي بِذَلِكَ: الْمُشْرِكِينَ، وَإِنْ تَسْتَنْصِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْمَدَدُ".

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}، أَيْ: لِقَوْلِ أَبِي جَهْلٍ: اللّهمَّ أَقْطَعُنَا لِلرَّحِمِ، وَأَتَانَا بِمَا لا يُعْرَفُ، فَأَحْنِهِ الْغَدَاةَ، وَالاسْتِفْتَاحُ: الإِنْصَافُ فِي الدُّعَاءِ".

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، فِي قَوْلِ اللّه: "{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}، قَالَ أَبُو جَهْلٍ: اللّهمَّ انْصُرْ أَعَزَّ الْفِئَتَيْنِ، وَأَكْرَمَ الْفِرْقَتَيْنِ، فَنَزَلَتْ: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}".

قوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}، فَقَدْ جَاءَكُمُ الْمَدَدُ".

  أَخْبَرَنَـا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ قِرَاءَةً، أَخْبَرَنِي ابْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ،"{فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}، يعْنِي: أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

قوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ  الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَـا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا سَهْلُ بْنُ السَّرَّاجِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، فِي قَوْلِ اللّه: "{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}، قَالَ: الْقَضَاءُ". وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلُ ذَلِكَ

قوله تعالى: {وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَإِنْ تَنْتَهُوا}، أَيْ لِقُرَيْشٍ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ".

  ذُكِرَ عَنْ عَمْرٍو الْعَنْقَزِيِّ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}، قَالَ: إِنْ تَنْتَهُوا عَنْ قِتَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ}

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ}، أَيْ بِمِثْلِ الْوَاقِعَةِ الَّتِي أَصَابَكُمْ بِهَا يَوْمَ بَدْرٍ".

  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ}، يَقُولُ: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا الثَّانِيَةَ أَفْتَحُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

قوله تعالى: {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ}

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا}، أَيْ وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ، لَمْ يُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا".

قوله تعالى: {وَأَنَّ اللّه مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}

  وبِهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَأَنَّ اللّه مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}، وَأَنَا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْصُرُهُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ".

  أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَأَنَّ اللّه مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}، مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللّه عَنْهُمْ".

قوله تعالى: {وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}، أَيْ: لا تُخَالِفُوا أَمَرَهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ".

٢١

قوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا}

  وَبِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،"{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}، أَيْ: كَالْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَظْهَرُونَ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَيُسِرِّونَ لَهُ الْمَعْصِيَةَ".

قوله تعالى: {وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}

  حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}، عَاصِينَ".

٢٢

قال تعالى:

قوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّه}

 حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَةٍ الْخُزَاعِيُّ الْكَعْبِيُّ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، أَنَّهُ"لَحِقَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ، فَخَلا بِهِ يَوْمًا وَهُوَ يُحَدِّثُنَا فِيمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، الَّتِي قَالَ اللّه: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّه}، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي فُلانٍ، وَأَصْحَابٍ لَهُ".

  أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، أَنْبَأَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي

قوله: "{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّه}، قَالَ: الدَّوَابُّ: الْخَلْقُ، وَقَرَأَ: {وَلَوْ يُؤَاخِذِ اللّه النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللّه رِزْقُهَا}، قَالَ: هَذَا يَدْخُلُ فِي هَذَا".

قوله تعالى: {الصُّمُّ}

  حَدَّثَنَـا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: "{الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}، نَفَرٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ".

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا صَفْوَانُ، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ"صُمٌّ عَنِ الْحَقِّ، فَهُمْ لا يَسْمَعُونَهُ".

  أَخْبَرَنَـا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ، ثنا ابْنُ زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فِي قَوْلِ اللّه: "{الصُّمُّ} وَلَيْسَ بِالصُّمِّ فِي الدُّنْيَا، وَلَكِنْ صُمِ الْقَلْبِ".

قوله تعالى: {الْبُكْمُ}

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله: "{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّه الصُّمُّ الْبُكْمُ}، قَالَ: الأَبْكَمُ: الأَخْرَسُ".

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا صَفْوَانُ، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: "بِكُمٌ، فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ بِهِ".

قوله تعالى: {الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّه الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}، أَيْ: الْمُنَافِقِينَ لا يَعْرِفُونَ مَا عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مِنَ النِّقْمَةِ وَالْتَبَاعَةِ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} لا يَتَّبِعُونَ الْحَقَّ".

٢٣

قوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللّه فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ}

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَلَوْ عَلِمَ اللّه فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ}، أَيْ: لأَنْفَذَ لَهُمْ قَوْلَهُمُ الَّذِي قَالُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَلَكِنِ الْقُلُوبُ خَالَفَتْ ذَلِكَ مِنْهُمْ".

 قوله تعالى {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ}

 أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنِي اصْبُغُ، أَنْبَأَ ابْنُ زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ،

قوله: "{وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ}، بَعْدَ إِذْ يَعْلَمُ أَنْ لا خَيْرَ فِيهِمْ مَا نَفَعَهُمْ، بَعْدَ أَنْ يَنْفُذَ عِلْمُهُمْ بِأَنَّهُمْ لا يَنْتَفِعُونَ بِهِ".

قوله تعالى: {لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}، لَوْ خَرَجُوا مَعَكُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ، مَا وَفَوْا لَكُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا خَرَجُوا عَلَيْهِ".

٢٤

قوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا للّه وَلِلرَّسُولِ}

  حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، أَنّ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا أُصَلِّي، فَدَعَانِي فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ جِئْتُ، فَقَالَ: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَ حِينَ دَعَوْتُكَ ؟ أَمَا سَمِعْتَ اللّه عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للّه وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}".

قوله تعالى: {إِذَا دَعَاكُمْ}

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للّه وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، أَيْ: الْحَرْبُ الَّتِي أَعَزَّكُمُ اللّه بِهَا بَعْدَ الذُّلِّ، وَقَوَّاكُمْ بِهَا بَعْدَ الضَّعْفِ، وَمَنَعَكُمْ بِهَا مِنْ عَدُوِّكُمْ بَعْدَ الْقَهْرِ مِنْهُمْ لَكُمْ".

قوله تعالى: {لِمَا يُحْيِيكُمْ}

  حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{لِمَا يُحْيِيكُمْ} لِلْحَقِّ".

قوله تعالى: {لِمَا يُحْيِيكُمْ  الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ،

قوله: "{إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، قَالَ: هُوَ هَذَا الْقُرْآنُ، فِيهِ الْحَيَاةُ، وَالثِّقَةُ، وَالنَّجَاةُ، وَالْعِصْمَةُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ".

قوله تعالى: {لِمَا يُحْيِيكُمْ  الْوَجْهُ الثَّالِثُ

  أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ، أَمَا"{يُحْيِيكُمْ} فَفِي الإِسْلامِ، أَحْيَاهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ بَعْدَ كُفْرِهِمْ".

قوله تعالى: {لِمَا يُحْيِيكُمْ  الْوَجَهُ الرَّابِعُ

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،"{إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، يَقُولُ: لِلْحَرْبِ الَّذِي أَعَزَّكُمُ اللّه بِهَا بَعْدَ الذُّلِّ، وَقَوَّاكُمْ بِهَا بَعْدَ الضَّعْفِ".

قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ،

قوله: "{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}، قَالَ: عِلْمُهُ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ".

قوله تعالى: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَبْدِ اللّه الرَّازِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}، قَالَ: يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ وَمَعَاصِي اللّه، وَيَحُولُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَبَيْنَ الإِيمَانِ وَطَاعَةِ اللّه".

 حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ الْخَلْجِيِّ، قَـالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِ اللّه: "{يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}، قَالَ: يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ مَعْصِيَتِهِ الَّتِي يَسْتَوْجِبُ بِهَا الْـهَلَكَةَ، فَلا بُدَّ لابْنِ آدم أَنْ يُصِيبَ دُونَ ذَلِكَ، وَلا يَدْخُلُ عَلَى قَلْبِهِ الْمُوبِقَاتُ الَّتِي يَسْتَوْجِبُ بِهَا دَارَ الْفَاسِقِينَ، وَيَحُولُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَبَيْنَ طَاعَتِهِ، فَلا يُصِيبُ مِنْ طَاعَتِهِ مَـا يَسْتَوْجِبُ مَـا يُصِيبُ أَولِيَاءَهُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْعِلْمِ السَّابِقِ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ أَمْرُ اللّه، وَتَسْتَقِرُّ عِنْدَهُ أَعْمَالُ الْعِبَادِ".

  حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}، حَتَّى يَتْرُكَهُ لا يَعْقِلُ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ شِبْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"حَتَّى يَتْرُكَهُ لا يَعْقِلُ". وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالسُّدِّيِّ، أَنَّهُمْ قَـالُوا: "يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَكْفُرَ، وَبَيْنَ الْكَافِرِ أَنْ يُؤْمِنَ". قَـالَ الضَّحَّاكُ، وَعَطِيَّةُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: "بَيْنَ الْكَافِرِ وَبَيْنَ طَاعَتِهِ، وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَمَعْصِيَتِهِ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي

قوله: "{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}، قَالَ: عِلْمُهُ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ".

قوله تعالى: {وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}

  قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ موسى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ،"{وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}، يعْنِي: إِلَيْهِ تَرْجِعُونَ".

٢٥

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُعْفِيُّ، ثنا الْحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ موسى، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَرَأَ الزُّبَيْرُ: "{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا}، قَالَ: الْبَلاءُ وَالأَمْرُ الَّذِي هُوَ كَائِنٌ".

  أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنْبَأَ أَصْبَغُ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللّه: "{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}، قَالَ: الْفِتْنَةُ: الضَّلالَةُ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ، يَقُولُ: "لَقَدْ قَرَأْنَاهَا زَمَانًا، وَمَا نَرَى أَنَّا مِنْ أَهْلِهَا، فَإِذَا نَحْنُ الْمَعْنِيِّينَ بِهَا، {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}".

  حَدَّثَنَا أَبِي، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللّه الأَصْبَهَانِيُّ، قَالا: ثنا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}، قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَمَلِ".

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً  الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}، أَمَرَ اللّه الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لا يُقِرُّوا الْمُنْكَرَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَيَعُمَّهُمُ اللّه بِالْعَذَابِ".

قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً  الْوَجْهُ الثَّالِثُ

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي

قوله: "{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ}، قَالَ: تُصِيبُ الصَّالِحَ وَالظَّالِمَ عَامَّةً". وَرُوِيَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، نَحْو ذَلِكَ

٢٦

قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ}

  أَخْبَرَنَا موسى بْنُ هَارُونَ الطُّوسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ،

قوله: "{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ}، قَـالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ ثَلاثَمِـائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، وَالْمُشْرِكُونَ أَلْفًا يَوْمَئِذٍ، أَوْ رَاهَقُوا ذَلِكَ، وَكَانَ أَوَّلُ قِتَالٍ قَاتَلَهُ نَبِيُّ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ بَدْرٍ".

قوله تعالى: {تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَوْ رَجُلٍ نَسِيَهُ، أَوْ كِلاهُمَا،"{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ}، إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، وَكَانُوا يَوْمَئِذٍ يَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَهُمُ النَّاسُ".

قوله تعالى: {النَّاسُ}

  أَخْبَرَنَـا أَبُو عَبْدِ اللّه الطِّهْرَانِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنْبَأَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا، يَقُولُ: "قَرَأَ {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ}، وَالنَّاسُ إِذْ ذَاكَ فَارِسُ، وَ الرُّومُ".

قوله تعالى: {فَآوَاكُمْ}

  أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،

قوله: "{فَآوَاكُمْ}، قَالَ: إِلَى الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ".

قوله تعالى: {وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ}

  وَبِهِ، عَنِ السُّدِّيِّ،

قوله: "{وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ}، هَؤُلاءِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيَّدَهُمْ بِنَصْرِهِ يَوْمَ بَدْرٍ".

قوله تعالى: {وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}

  قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ،

قوله: "{مِنَ الطَّيِّبَاتِ}، يعْنِي: الْحَلالَ مِنَ الرِّزْقِ".

قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ}

  حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي موسى، ثنا هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ أَسْبَاطِ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ،

قوله: "{لَعَلَّكُمْ}، يعْنِي: كَيْ".

قوله تعالى: {تَشْكُرُونَ}

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ،"{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، أَيْ: فَاتَّقُونِي، فَإِنَّهُ شُكْرُ نِعْمَتِي".

قوله تعالى: {لا تَخُونُوا اللّه}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

٢٧

قوله: "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللّه}، يَقُولُ: بِتَرْكِ فَرَائِضِهِ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، يَقُولُ: "فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللّه وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَـاتِكُمْ}، نَزَلَتْ فِي ابْنِ لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، حِينَ أَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ أَنَّ الذَّبْحَ".

  أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ، أَنْبَأَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللّه تَعَالَى: "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللّه وَالرَّسُولَ}، قَالَ: نَهَاهُمْ أَنْ يَخُونُوا اللّه وَالرَّسُولَ، كَمَا صَنَعَ الْمُنَافِقُونَ".

قوله تعالى: {لا تَخُونُوا اللّه  الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الضَّحَّاكِ، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، فِي قَوْلِ اللّه: "{لا تَخُونُوا اللّه وَالرَّسُولَ}، قَالَ: الإِخْلالُ بِالسِّلاحِ فِي الْبُعُوثِ".

قوله تعالى: {وَالرَّسُولَ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللّه وَالرَّسُولَ}، قَالَ: وَالرَّسُولَ يَقُولُ: بِتَرْكِ سُنَّتِهِ، وَارْتِكَابِ مَعْصِيَتِهِ".

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللّه وَالرَّسُولَ}، أَيْ: لا تُظْهِرُوا لَهُ مِنَ الْحَقِّ مَا يَرْضَى بِهِ مِنْكُمْ، ثُمَّ تُخَالِفُونَهُ فِي السِّرِّ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ هَلاكٌ لأَمَانَاتِكُمْ، وَخِيَانَةٌ لأَنْفُسِكُمْ".

قوله تعالى: {وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ}، وَالأَمَانَةُ: الأَعْمَالُ الَّتِي ائْتَمَنَ اللّه عَلَيْهَا الْعِبَادَ، يعْنِي: الْفَرِيضَةَ، يَقُولُ: لا تَخُونُوا، يعْنِي: لا تَنْقُصُوهَا".

  أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنْبَأَ أَصْبَغُ، أَنْبَأَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللّه: "{وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ}، قَالَ: أَمَانَاتِكُمْ: دِينَكُمْ".

قوله تعالى: {وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ  الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، فِي

قوله: "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللّه وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ}، قَالَ: هَذَا الإِخْلالُ بِالسِّلاحِ فِي الْبُعُوثِ".

قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ}

  أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللّه: "{وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، قَالَ: قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمُنَافِقُونِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ كُفَّارٌ يُظْهِرُونَ الإِيمَانَ".

٢٨

قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا مُقَاتِلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللّه: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَةٍ، لأَنَّ اللّه تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}، فَمَنِ اسْتَعَاذَ مِنْكُمْ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللّه مِنْ مُضِلاتِ الْفِتَنِ".

 أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنْبَأَ أَصْبَغُ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللّه: "{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}، قَالَ: اخْتِبَارًا لَهُمْ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللّه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تَرْجِعُونَ}".

قوله تعالى: {وَأَنَّ اللّه عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ نُمَيْرٍ، ثنا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،"{أَجْرٌ عَظِيمٌ}، قَالَ: الْجَنَّةُ". وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، نَحْو ذَلِكَ

  حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَطِيَّةُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللّه: "{أَجْرٌ عَظِيمٌ}، يعْنِي: جَزَاءً وَافِرًا".

٢٩

قوله تعالى: {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابٌ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله: "{يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}، يَقُولُ: نَصْرًا".

قوله تعالى: {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا  الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللّه يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًـا}، وَالْفُرْقَانُ: الْمَخْرَجُ". وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، وَالسُّدِّيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، غَيْرَ أَنَّ مُجَاهِدًا، قَالَ: "مَخْرَجًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ". وَفِي أَحَدِ قَولَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالسُّدِّيِّ: "نَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

قوله تعالى: {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا  الْوَجْهُ الثَّالِثُ

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}، أَيْ: فَصْلاً بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، يُظْهِرُ اللّه بِهِ حَقَّكُمْ، وَيُطْفِئُ بِهِ بَاطِلَ مَنْ خَالَفَكُمْ".

قوله تعالى: {وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى، عَنْ مَنْصُورٍ، أَوْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي

قوله: "يَغْفِرُ الْكَثِيرَ مِنَ الذُّنُوبِ لِمَنْ يَشَاءُ". وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ، مِثْلُ ذَلِكَ

قوله تعالى: {وَاللّه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ صَالِحٍ بْنِ مُسْلِمٍ، أَنْبَأَ فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: "إِذَا قَالَ اللّه لِلشَّيْءِ عَظِيم، فَهُوَ عَظِيمٌ".

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،

قوله: "{الْعَظِيمِ}، يعْنِي: وَافِرًا".

٣٠

قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا}

  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ"أَنَّ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَمِنْ أَشْرَافِ كُلِّ قَبِيلَةٍ، اجْتَمَعُوا لِيَدْخُلُوا دَارَ النَّدْوَةِ، وَاعْتَرَضَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ جَلِيلٍ، فَلَمَّا رَأَوْهُ، قَالُوا: مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، سَمِعْتُ بِمَا اجْتَمَعْتُمْ لَـهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَحْضَرَكُمْ، وَلَنْ يَعْدِمَكُمْ مِنِّي رَأْيٌ وَنُصْحٌ، قَالُوا: أَجَلْ، فَادْخُلْ، فَدَخَلَ مَعَهُمْ، قَالَ: انْظُرُوا فِي شَأْنِ هَذَا الرَّجُلِ، فَوَاللّه لَيُوشِكَنَّ أَنْ يُوَاثِبَكُمْ فِي أَمْرِكُمْ بِأَمْرِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: احْبِسُوهُ فِي وَثَاقٍ، ثُمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ الْمَنُونَ، حَتَّى يَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ زُهَيْرُ وَنَـابِغَةُ، فَإِنَّمَا هُوَ كَأَحَدِهِمْ، فَقَالَ عَدُوُّ اللّه الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: لا وَاللّه، مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْي، وَاللّه لَيُخْرِجَنَّ رَأْيَهُ مِنْ مَحْبَسِهِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَلَيُوشِكَنَّ أَنْ يَثِبُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَأْخُذُوهُ مِنْ أَيْدِيكُمْ، ثُمَّ يَمْنَعُوهُ مِنْكُمْ، فَمَـا آمَنَ عَلَيْكُمْ أَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ بِلادِكُمْ، فَانْظُرُوا فِي غَيْرِ هَذَا الرَّأْي، فَقَالَ قَائِلٌ: فَأَخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَاسْتَرِيحُوا مِنْهُ، فَإِنَّهُ إِذَا خَرَجَ لَمْ يَضُرُّكُمْ مَا صَنَعَ، وَأَيْنَ وَقَعَ، وَإِذَا غَابَ عَنْكُمْ أَذَاهُ اسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ، وَكَانَ أَمْرُهُ فِي غَيْرِكُمْ، فَقَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: وَاللّه مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْي، أَلَمْ تَرَوْا حَلاوَةَ قَوْلِـهِ، وَطَلاقَةَ لِسَانِهِ، وَأَخْذَهُ لِلْقُلُوبِ بِمَا يَسْتَمِعُ مِنْ حَدِيثِهِ ؟ وَاللّه لَئِنْ فَعَلْتُمْ، ثُمَّ اسْتَعْرَضَ الْعَرَبَ لِيَجْتَمِعُنَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَيَسِيرَنَّ إِلَيْكُمْ حَتَّى يُخْرِجَكُمْ مِنْ بِلادِكُمْ، وَيَقْتُلَ أَشْرَافَكُمْ، قَالُوا: صَدَقَ وَاللّه، فَانْظُرُوا رَأْيًا غَيْرَ هَذَا، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللّه لأَشِيرَنَّ عَلَيْكُمْ بِرَأْي مَا أَرَى أَبْصَرْتُمُوهُ بَعْدُ، مَا أَرَى غَيْرَهُ، قَالُوا: وَمَا هَذَا ؟ قَالَ: نَأْخُذُ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ غُلامًا سَبِطًا شَابًّا نَهْدًا، ثُمَّ نُعْطِي كُلَّ غُلامٍ مِنْهُمْ سَيْفًا صَارِمًا، ثُمَّ يَضْرِبُونَهُ يعْنِي: ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمُوهُ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ كُلِّـهَا، فَلا أَظُنُّ هَذَا الْحَيُّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يَقْوُونَ عَلَى حَرْبِ قُرَيْشٍ كُلِّهُمْ، وَأَنَّهُمْ إِذَا رَأَوْا ذَلِكَ قَبِلُوا الْعَقْلَ، وَاسْتَرَحْنَـا، وَقَطَعْنَا عَنَّا أَذَاهُ، فَقَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: هَذَا وَاللّه هُوَ الرَّأْي، الْقَوْلُ مَا قَالَ الْفَتَى لا أَرَى غَيْرَهُ، فَتَفَرَّعُوا عَلَى ذَلِكَ وَهُمْ مُجْمِعُونَ لَهُ، قَالَ: فَأَتَى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهُ أَنْ لا يَبِيتَ فِي مَضْجَعِهِ الَّذِي كَانَ يَبِيتُ، وَأَخْبَرَهُ بِمَكْرِ الْقَوْمِ، فَلَمْ يَبِتْ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَأَذِنَ اللّه لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فِي الْخُرُوجِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ فِي الأَنْفَالِ، يَذْكُرُ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ وَبَلاءَهُ عِنْدَهُ، {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّه وَاللّه خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}".

قوله تعالى: {لِيُثْبِتُوكَ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

قوله: "{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ}، يعْنِي: لِيُوثِقُوكَ". وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، نَحْو ذَلِكَ

قوله تعالى: {لِيُثْبِتُوكَ  وَالْوَجْهُ الثَّانِي

  ذَكَرَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَـالَ: وَ أَنْبَأَ عَطَاءٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ،"{لِيُثْبِتُوكَ}، إِنَّهَا لِيُسْجِنُوكَ". وَرُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ، أَنَّهُ قَالَ: "يَحْبِسُوكَ، وَيُوثِقُوكَ".

قوله تعالى: {أَوْ يَقْتُلُوكَ}

  حَدَّثَنَـا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ}، كُفَّارُ قُرَيْشٍ حِينَ أَرَادُوا ذَلِكَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ".

قوله تعالى: {أَوْ يُخْرِجُوكَ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ موسى، أَنْبَأَ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ، قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ تَدْرِي مَا ائْتَمَرَ فِيكَ قَوْمُكَ ؟ قَالَ: "نَعَمْ، ائْتَمَرُوا أَنْ يَسْجُنُونِيَ، أَوْ يَقْتُلُونِيَ، أَوْ يُخْرِجُونِيَ، قَالَ: مَنْ أَخْبَرَكَ هَذَا ؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: نِعْمَ الرَّبُّ رَبَّكَ، فَاسْتَوصِ بِهِ خَيْرًا، قَالَ: أَنَا اسْتَوْصِي بِهِ، أَوْ هُوَ يَسْتَوْصِي بِي ؟".

قوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّه وَاللّه خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّه وَاللّه خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، أَيْ فَمَكَرْتُ بِهِمْ بِكَيْدِيَ الْمَتِينِ، حَتَّى خَلَّصْتُكَ مِنْهُمْ".

قوله تعالى: {وَإِذَا}

  حَدَّثَنَـا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي موسى، ثنا هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ أَسْبَاطَ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ،

قوله: "{إِذَا}، يعْنِي: لَمْ يَكُنْ".

٣١

قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، ثنا مِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا}، قَالَ: هُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ".

  أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ أَسْبَاطِ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: "كَانَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ أَخُو بْنِ عَلْقَمَةَ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يَخْتَلِفُ فِي الْحِيرَةِ، فَيَسْمَعُ سَجَعَ أَهْلِـهَا وَكَلامَهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، سَمِعَ كَلامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنَ، فَقَالَ: {قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}".

قوله تعالى: {إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}

  وَبِهِ، عَنِ السُّدِّيِّ،

قوله: "{إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}، يَقُولُ: أَسَاجِيعُ".

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ،

قوله: "{أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}، أَيْ: أَحَادِيثُ الأَوَّلِينَ وَبَاطِلُهُمْ".

قوله تعالى: {الأَوَّلِينَ}

 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،

قوله: "{إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}، يَقُولُ: أَسَاجِيعُ أَهْلِ الْحِيرَةِ".

  حَدَّثَنَـا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي موسى، ثنا هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ أَسْبَاطَ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ،

قوله: "{وَإِذْ}، فَقَدْ كَانَ".

٣٢

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللّهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: "قَالَ أَبُو جَهْلٍ: {اللّهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَـا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ".

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللّهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ  الْوَجْهُ الثَّانِي

  ثنا أَبِي، ثنا عيسى بْنُ جَعْفَرٍ قَاضِي الرَّيِّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله: "{اللّهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ}، قَالَ: هُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ".

  أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: "قَالَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ: اللّهمَّ إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ". وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلُ ذَلِكَ

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللّهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ  الْوَجْهُ الثَّالِثُ

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ،

قوله: "{وَإِذْ قَالُوا اللّهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ}، قَالَ: قَالَ ذَلِكَ سَفَهَةُ هَذِهِ الأُمَّةِ وَجَهَلَتُهَا، فَعَادَ اللّه بِعَائِدَتِهِ عَلَى سَفَهَةِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَجَهَلَتِهَا".

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَإِذْ قَالُوا اللّهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ}، أَيْ: مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

قوله تعالى: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ}

  وَبِهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"ثُمَّ ذَكَرَ غُرَّةَ قُرَيْشٍ وَاسْتِفْتَاحَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، {وَإِذْ قَالُوا اللّهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ}: أَيْ كَمَا أَمْطَرْتَهَا عَلَى قَوْمِ لُوطٍ".

قوله تعالى: {أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}

  ثنا أَبِي، ثنا عيسى بْنُ جَعْفَرٍ قَاضِي الرَّيِّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله: "{فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، قَالَ: هُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ يعْنِي ابْنَ كَلَدَةَ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللّه عَزَّ وَجَلَّ: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ}".

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، أَيْ بِبَعْضِ مَا عَذَّبْتَ بِهِ الأُمَمَ قَبْلَنَا".

قوله تعالى: {أَلِيمٍ}

 حَدَّثَنَـا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ، ثنا آدم، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي

قوله: "{أَلِيمٍ}، قَالَ: الأَلِيمُ: الْمُوجِعُ فِي الْقُرْآنِ كُلِّـهِ". وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَأَبِي مَـالِكٍ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، نَحْوُ ذَلِكَ.

٣٣

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا الْمُثَنَّى بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، ثنا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: "قَالَ أَبُو جَهْلٍ: {اللّهمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَـا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} الآيَةَ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ موسى بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ سِمَاكِ الْحَنَفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ، وَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ اللّهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ، وَيَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ قَدْ، وَيَقُولُونَ: لا شَرِيكَ لَكَ إِلا شَرِيكٌ هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ، وَيَقُولُونَ: غُفْرَانَكَ غُفْرَانَكَ، فَأَنْزَلَ اللّه تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ فِيهِمْ أَمَانَـانِ: نَبِيُّ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالاسْتِغْفَارُ، فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَقِيَ الاسْتِغْفَارُ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ موسى، أَنْبَأَ سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي

قوله: "{وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}، قَالَ: يعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي

قوله: "{وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}، قَالَ: الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ بِمَكَّةَ".

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}، يَقُولُ: مَا كَانَ اللّه سُبْحَانَهُ لَيُعَذِّبَ قَوْمًا وَأَنْبِيَاؤُهُمْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، حَتَّى يُخْرِجَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: {وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، يَقُولُ: وَفِيهِمْ مَنْ قَدْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللّه الدُّخُولَ فِي الإِيمَانِ وَهُوَ الاسْتِغْفَارُ، فَيَسْتَغْفِرُونَ، يعْنِي يُصَلُّونَ، يعْنِي بِهَذَا أَهْلَ مَكَّةَ". وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلانِ: "أَحَدُهُمَا: {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} يُصَلُّونَ، وَالآخَرُ: يَسْتَغْفِرُونَ: مُسْلِمُونَ". وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ: "وَهُمْ يَدْخُلُونَ فِي الإِسْلامِ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، فِي

قوله: "{وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، يعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ".

  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، قَـالَ: قَالَ اللّه تَعَالَى لِرَسُولِـهِ، مَا كُنْتُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، يَقُولُ: لَوِ اسْتَغْفَرُوا وَأَقَرُّوا بِالذُّنُوبِ، لَكَانُوا مُؤْمِنِينَ".

  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَسَّانَ الشَّامِيُّ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: "سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ الاسْتِغْفَارِ، فَقَالَ: قَالَ اللّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، يَقُولُ: يَعْمَلُونَ عَلَى الْغُفْرَانِ، وَعَلِمْتُ أَنَّ نَاسًا سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ مِمَّنْ يَسْتَغْفِرُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مِمَّنْ يَدَّعِي الإِسْلامَ وَسَائِرَ الْمِلَلِ". وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَأَبِي مَالِكٍ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، يعْنِي: "الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ كَانُوا بِمَكَّةَ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ، ثنا النَّظْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَنَّ اللّه عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ أَمَانَيْنِ لا يَزَالُونَ مَعْصُومِينَ، مُجَارِينَ مِنْ قَوَارِعِ الْعَذَابِ مَا دَامَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، فَأَمَانٌ قَبَضَهُ اللّه إِلَيْهِ، وَأَمَانٌ بَقِيَ فِيكُمْ،

قوله: {وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}". قَالَ أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، أَنَّ النَّضْرَ بْنَ عَرَبِيٍّ، حَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "{وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللّه}، فَعَذَّبَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ بِالسَّيْفِ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللّه: {وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَنْزَلَ اللّه: {وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، فَكَانَتْ بَقِيَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَقُوا بِمَكَّةَ، فَلَمَّا خَرَجُوا أَنْزَلَ اللّه عَلَيْهِ، {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللّه وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الآيَةَ، } إِلَى قَوْلِهِ { الْمُتَّقُونَ}، فَأَذِنَ لَهُ فِي فَتْحِ مَكَّةَ، وَهُوَ الْعَذَابُ الَّذِي كَانَ وَعَدَهُمْ، وَهُوَ

٣٤

قوله: {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللّه}".

  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللّه}، يَقُولُ: وَكَيْفَ لا أُعَذِّبُهُمْ وَهُمْ لا يَسْتَغْفِرُونَ ؟".

  حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، ثُمَّ اسْتَثْنَى أَهْلَ الشِّرْكِ، فَقَالَ: {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللّه وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ، ثنا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ، في

قوله: "{وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، فَنَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِي تَلِيَهَا، {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللّه وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، فَقُوتِلُوا بِمَكَّةَ، فَأَصَابَهُمْ فِيهَا الْجُوعُ وَالْحَصْرُ". وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، مِثْلُ ذَلِكَ

قوله تعالى: {وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ موسى، أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي

قوله: "{وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، يعْنِي بِهِ: الْمُشْرِكِينَ".

  أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،

قوله: "{وَهُمْ يَصُدُّونَ} مُحَمَّدًا صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ،"{وَمَا لَـهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللّه} وَهُمْ يَجْحَدُونَ آيَاتِ اللّه، وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَا يَدْعُونَ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّه وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ".

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،

قوله: "{وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، أَيْ: مَنْ آمَنَ بِاللّه وَعَبْدَهُ، أَنْتَ وَمَنِ اتَّبَعَكَ".

قوله تعالى: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ}

  حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ}، مَنْ كَانُوا حَيْثُ كَانُوا".

 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ}، هُمْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ".

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"{وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ}، الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْهُ، وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ عِنْدَهُ، أَيْ: أَنْتَ وَمَنْ آمَنَ بِكَ".

قوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}

  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}، يَقُولُ: لا يَعْقِلُونَ".

٣٥

قال تعالى:

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ}

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،"{وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ}، الَّتِي يَدَّعُونَ أَنْ يُدْفَعَ بِهَا عَنْهُمْ {إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}، وَذَلِكَ مَا لا يُرْضِي اللّه".

قوله تعالى: {إِلا مُكَاءً}

  حَدَّثَنَـا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِدْرِيسَ الأَوْدِيِّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "الْمُكَاءُ: الصَّفِيرُ". وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَنُبَيطِ بْـنِ شَرِيطٍ الأَشْجَعِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيهِ، وَأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَحُجْرِ بْنِ عَنْبَسِ، وَقَتَادَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، نَحْوُ ذَلِكَ.

  أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{إِلا مُكَاءً}، وَ الْمُكَاءُ: الصَّفِيرُ عَلَى نَحْوِ طَيْرٍ أَبْيَضٍ، يُقَالُ لَهُ: الْمُكَاءُ، يَكُونُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ".

قوله تعالى: {إِلا مُكَاءً  الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{مُكَاءً}، إِدْخَالُ أَصَابِعِهِمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ".

قوله تعالى: {إِلا مُكَاءً  الْوَجْهُ الثَّالِثُ

  حَدَّثَنَـا أَبُو عَبْدِ اللّه الطِّهْرَانِيُّ، أَنْبَأَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي

قوله: "{وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً}، قَالَ: الْمُكَاءُ: مِثْلُ نَفْخِ الصُّورِ".

  حَدَّثَنَا أَبُو هَارُونَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْخَزَّازُ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي

قوله: "{وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً}، قَالَ: كَانُوا يُشَبِّكُونَ أَصَابِعَهُمْ، قَالَ: وَأَرَانِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الْمَكَانَ الَّذِي يَمُكُّونَ فِيهِ فِي نَاحِيَةِ أَبِي قُبَيْسٍ".

قوله تعالى: {وَتَصْدِيَةً}

  حَدَّثَنَا أَبُو خَلادٍ سُلَيْمَانُ بْنُ خَلادٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدِ الْمُؤَدَّبْ، ثنا يَعْقُوبُ يعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللّه الأَشْعَرِيَّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله: "{وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}، قَـالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ عُرَاةً، تُصَفِرُ وَتُصَفِّقُ، وَالْمُكَاءُ: الصَّفِيرُ، وَإِنَّمَـا شُبِّهُوا بِصَفِيرِ الطَّيْرِ، وَتَصْدِيَةً التَّصْفِيقُ". وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٍ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ، وَابْـنِ أَبْزَى، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَحُجْرِ بْنِ عَنْبَسِ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ: أَنَّهُمْ قَـالُوا: "الْتَصْدِيَةُ: التَّصْفِيقُ". وَحَكَى ابْنُ عُمَرَ: "أَنَّهُمْ كَانُوا يَضَعُونَ خُدُودَهُمْ عَلَى الأَرْضِ، وَيُصَفِّقُونَ وَيُصَفِّرُونَ".

قوله تعالى: {وَتَصْدِيَةً  الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَـا الْحَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{تَصْدِيَةً}، قَالَ: الصَّفِيرُ، يَخْلِطُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاتَهُ".

  قُرِئَ عَلَى يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: "{وَمَـا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}، وَ الْتَصْدِيَةُ: صَفِيرُهُمْ حِينَ يَسْتَهْزِئُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَذَكَرَ اللّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ صَلاةُ الْكُفَّارِ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً، حِينَ يَسْتَهْزِئُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ".

قوله تعالى: {وَتَصْدِيَةً  الْوَجْهُ الثَّالِثُ

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي

قوله: "{وَتَصْدِيَةً}، قَالَ: طَوَافُهُمْ بِالْبَيْتِ عَلَى الشِّمَالِ".

قوله تعالى: {وَتَصْدِيَةً  الْوَجْهُ الرَّابِعُ

  حَدَّثَنَـا أَبُو هَارُونَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلادٍ الْخَرَّازُ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي

قوله: "{وَتَصْدِيَةً}، قَالَ: صَدُّهُمُ النَّاسَ".

  أَخْبَرَنَـا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي

قوله: "{مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}، قَالَ: تَصْدِيَةً عَنْ سَبِيلِ اللّه، وَصَدُّهُمْ عَنِ الصَّلاةِ، وعَنْ دَيْنِ اللّه".

قوله تعالى: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي

قوله: "{فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}، يعْنِي: أَهْلَ بَدْرٍ عَذَّبَهُمُ اللّه بِالْقَتْلِ وَالأَسْرِ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: "عَذَابُ أَهْلِ الإِقْرَارِ بِالسَّيْفِ، وَعَذَابُ أَهْلِ التَّكْذِيبِ بِالصَّيْحَةِ وَالزَّلْزَلَةِ".

٣٦

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ}

  حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ السَّكُونِيُّ، ثنا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُصْفُرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ، يَقُولُ فِي

قوله: "{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّه}، قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي أَبِي سُفْيَانَ، أَنْفَقَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَتِ الأُوقِيَّةُ يَوْمَئِذٍ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مِثْقَالاً مِنْ ذَهَبٍ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا عيسى بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ، ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، أَنْبَأَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي

قوله: "{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَـهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّه فَسَيُنْفِقُونَهَا} الآيَةَ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، اسْتَأْجَرَ يَوْمَ أُحُدٍ أَلْفَيْنِ مِنَ الأَحَابِيشِ مِنْ كِنَانَةَ، فَقَاتَلَ بِهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى مَنِ اسْتَجَاشَ مِنَ الْعَرَبِ"، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ: "فَجِئْنَا إِلَى مَوْجٍ مِنَ الْبَحْرِ وَسْطُهُ أَحَابِيشُ مِنْهُمْ حَاسِرٌ وَمُقَنَّعُ ثَلاثَةُ آلافٍ وَنَحْنُ نَصِيَّةٌ ثَلاثُ مِئِينَ إِنْ كَثُرْنَ فَأَرْبَعُ".

  ثنا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَيَّانَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَعَبْدُ اللّه بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِنَا، قَالُوا: "لَمَّا أُصِيبَ أَصْحَابُ بَدْرٍ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ بَعِيرِهِ إِلَى مَكَّةَ، مَشَى عَبْدُ اللّه بْـنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَإِخْوَانُهُمْ بِبَدْرٍ، فَقَـالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَتَرَكُمْ، وَقَتَلَ خِيَارَكُمْ، فَأَعِينُونَـا بِهَذَا الْمَالِ، لَعَلَّنَـا نُدْرِكُ مِنْهُ بَعْضَ مَا أَصَابَ مِنَّا، فَفَعَلُوا، وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللّه تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّه}، الآيَةَ".

قوله تعالى: {لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّه}

 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّه}، وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

قوله تعالى: {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً}

  وَبِهِ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً}، يَقُولُ: نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

قوله تعالى: {ثُمَّ يُغْلَبُونَ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، ثنا سُلَيْمُ بْنُ نُفَيْعٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ خَلَفٍ أَبِي الْفَضْلِ الْقُرَشِيُّ، عَنْ كِتَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَوْلُ اللّه: "{يُغْلَبُونَ}، فَأَخْبَرَهُمْ بِعَذَابِهِمْ بِالْقَتْلِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِالنَّارِ".

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "هُمُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ خَلَقَهُمُ اللّه لِلنَّارِ، وَخَلَقَ النَّارَ لَهُمْ، فَآلَتْ عَنْهُمُ الدُّنْيَا، وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الْجَنَّةُ".

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ،"{وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}، يعْنِي: النَّفْرَ الَّذِينَ مَشَوْا إِلَى أَبِي سُفْيَانَ، وَإِلَى مَنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي تِلْكَ التِّجَارَةِ، فَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُقَوُّوهُمْ بِهَا عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَعَلُوا".

٣٧

قوله تعالى: {لِيَمِيزَ اللّه الْخَبِيثَ مِنَ الطِّيبِ}

  أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{لِيَمِيزَ اللّه الْخَبِيثَ مِنَ الطِّيبِ}، يَقُولُ: يُمَيِّزُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ".

قوله تعالى: {لِيَمِيزَ اللّه الْخَبِيثَ مِنَ الطِّيبِ  الْوَجْهُ الثَّانِي

  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا ابْنُ أَبِي حَمَّادٍ، ثنا مِهْرَانُ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ،"{لِيَمِيزَ اللّه الْخَبِيثَ مِنَ الطِّيبِ}، قَالَ: يُمَيِّزُ مَا كَانَ للّه مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ مِنَ الدُّنْيَا، ثُمَّ تُؤْخَذُ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا، فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ".

 قوله عَزَّ وَجَلّ: {فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ}

  أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنْبَأَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللّه: "{فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا}، قَالَ: فَيَجْمَعُهُ جَمِيعًا، فَيَجْعَلُهُ فِي جَهَنَّمَ".

قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا الْوَلِيدُ، أَخْبَرَنِي بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ،"{أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونِ}، قَالَ: فِي الآخِرَةِ".

  قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، فِي

قوله: "{أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} فِي الآخِرَةِ، يَقُولُ: هُمْ أَهْلُ النَّارِ".

٣٨

قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يَغْفِرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}

 أَخْبَرَنَـا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: "لا يُؤْخَذُ كَافِرٌ بِشَيْءٍ صَنَعَهُ فِي كُفْرِهِ إِذَا أَسْلَمَ، وَذَلِكَ أَنَّ اللّه تَعَالَى يَقُولُ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يَغْفِرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ}".

  حَدَّثَنَـا أَبُو عُبَيْدِ اللّه بْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: "فِي طَلاقِ الْمُشْرِكِينَ نِسَاءَهُمْ، ثُمَّ يَتَنَاكَحُونَ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ، قَالَ: لا يُعَدُّ طَلاقُهُمْ شَيْئًا، لأَنَّ اللّه تَعَالَى، قَالَ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يَغْفِرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}".

قوله تعالى: {وَإِنْ يَعُودُوا}

  حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ"{وَإِنْ يَعُودُوا} لِحَرْبِكَ".

قوله تعالى: {فَقَدْ مَضَتْ}

  حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي موسى، ثنا هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ أَسْبَاطِ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ،

قوله: "{مَضَتْ}، يعْنِي: خَلَتْ".

قوله تعالى: {سُنَّةُ الأَوَّلِينَ}

  حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ}، فِي قُرَيْشٍ وَغَيْرِهَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَالأُمَمِ قَبْلَ ذَلِكَ".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ سُفْيَانُ فِي

قوله: "{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يَغْفِرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ}، فِي أَهْلِ بَدْرٍ وَأَمْثَالِنَا".

٣٩

قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ}

  حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سَعْدٍ، فَقَالَ لَهُ: أَلا تَخْرُجُ تُقَاتِلُ مَعَ النَّـاسِ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ قَاتَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، فَأَمَّا أَنْتَ وَذَا الْبَطِينِ تُرِيدُونَ أَنْ أُقَاتِلَ حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ". وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلُ ذَلِكَ

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ}، قَالَ: يَقُولُ: يعْنِي حَتَّى لا يَكُونَ شِرْكٌ بِاللّه". وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَالسُّدِّيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، نَحْو قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ

  ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ"أَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أَيْ: حَتَّى لا يُفْتَنُ مُؤْمِنٌ عَنْ دِينِهِ".

قوله تعالى: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه}

  حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله: "{وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه}، قَالَ: يَخْلُصُ التَّوْحِيدُ للّه عَزَّ وَجَلَّ".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا مَحْبُوبُ بْنُ موسى الأَنْطَاكِيُّ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي

قوله: "{وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للّه}، قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللّه".

  قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ،

قوله: "{فَإِنِ انْتَهَوْا} عَنْ قِتَالِكُمْ وَأَسْلَمُوا".

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا شَبَابَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،

قوله: "{فَإِنِ انْتَهَوْا}، قَالَ: فَإِنْ تَابُوا".

٤٠

قوله تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّوْا}

  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{وَإِنْ تَوَلَّوْا}، يعْنِي: الْكُفَّارَ، تَوَلَّوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ،"{فَإِنْ تَوَلَّوْا} عَنْ أَمْرِكَ، إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ كُفْرِهِمْ".

قوله تعالى: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}

  حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ، ثنا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: "قَالَ لِي: يَا سُلَيْمَانُ، نِعْمَ الرَّبُّ رَبُّنَا لَوْ أَطَعْنَاهُ مَا عَصَانَا".

  حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،"{فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه مَوْلاكُمْ}، الَّذِي أَعَزَّكُمْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ، يعْنِي: بَدْرًا، و {مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}".

٤١

قال تعالى:

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ : "ثُمَّ وَضَعَ مَقَاسِمَ الْفَيْءِ وَأَعْلَمَهُ، فَقَالَ : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} بَعْدَ الَّذِي مَضَى مِنْ بَدْرٍ {فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ : يعْنِي : يَوْمَ بَدْرٍ".

قوله تعالى : {مِنْ شَيْءٍ}

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللّه : "{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}، يعْنِي : مِنَ الْمُشْرِكِينَ".

 حَدَّثَنَا أُسَيْدُ بْنُ عَاصِمٍ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}، قَالَ : الْمِخْيَطُ مِنَ الشَّيْءِ".

قوله تعالى : {فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ}

 حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ : سَأَلْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ قَوْلِهِ : "{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ}، أَمَّا قَوْلُهُ : {فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ} : فَهَذَا مِفْتَاحُ كَلامٍ للّه الآخِرَةُ وَالأُولَى". وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَعَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، نَحْوُ ذَلِكَ.

قوله تعالى : {فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حدثنا كَثِيرُ بْنُ شِهَابٍ الْقَزْوِينِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ : "{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ} الآيَةَ، قَالَ : كَانَ يُجَاءُ بِالْغَنِيمَةِ فَتُوضَعُ، فَيَقْسِمُهَا رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ، فَيَعْزِلُ سَهْمًا مِنْهَا، وَيَقْسِمُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ بَيْنَ النَّـاسِ، يعْنِي لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ، ثُمَّ يَضْرِبُ بِيَدِهِ فِي جَمِيعِهِ يعْنِي السَّهْمَ الَّذِي عَزَلَهُ، فَمَا قَبَضَ مِنْ شَيْءٍ جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ هُوَ الَّذِي سَمَّى اللّه، وَيَقُولُ : لا تَجْعَلُوا للّه نَصِيبًا، فَإِنَّ للّه الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى بَقِيَّةِ السَّهْمِ فَيَقْسِمُهُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ : سَهْمٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَهْمٌ لِذِي الْقُرْبَى، وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٌ لابْنِ السَّبِيلِ".

قوله تعالى : {وَلِلرَّسُولِ}

 حَدَّثَنَـا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ عَبْدُ اللّه بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوُ حَدِيثهِ، وَفِيهِ، ثُمَّ تَنَاوَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ أَوْ وَبَرَةً مِنْ بَعِيرِهِ، فَقَالَ : "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَالِي مِمَّا أَفَاءَ اللّه عَلَيْكُمْ، وَلا مِثْلُ هَذِهِ أَوْ هَذَا إِلا الْخُمْسُ، وَالْخُمْسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ".

 حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ،"{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}، قَالَ : خُمْسٌ اللّه وَالرَّسُولِ وَاحِدٌ يَحْمِلُ فِيهِ وَيَصْنَعُ فِيهِ مَا شَاءَ، يعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُرْسَلٌ وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، أَنَّهُمْ قَالُوا : "سَهْمٌ اللّه وَسَهْمُ الرَّسُولِ وَاحِدٌ".

الْوَجْهُ الثَّانِي

أنه لأزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم،  حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو مَعْمَرٍ الْمِنْقَرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمُ، قَالَ : سَأَلْتُ عَبْدَ اللّه بْنَ بُرَيْدَةَ، عَنْ قَوْلِهِ : "{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}، فَقَالَ : الَّذِي للّه فَلِنَبِيِّهِ، وَالَّذِي لِلرَّسُولِ لأَزْوَاجِهِ".

الْوَجْهُ الثَّالِثُ

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللّه : "{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : "كَانَتِ الْغَنِيمَةُ تُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ، فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا بَيْنَ مَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا، وَخُمْسٌ وَاحِدٌ يُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ، فَرُبْعٌ للّه وَلِلرَّسُولِ، فَمَا كَانَ للّه وَلِلرَّسُولِ فَلِقُرْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَأْخُذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخُمْسِ شَيْئًا".

الْوَجْهُ الرَّابِعُ

 حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ : سَأَلْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ قَوْلِهِ : "{فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}، فَقَالَ : فَإِنَّ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قُبِضَ، اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ بَعْدَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْخَلِيفَةِ، وَأَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا فِي الْخَيْلِ وَالْعُدَّةِ فِي سَبِيلِ اللّه، فَكَانَ خِلافَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا".

قوله تعالى : {وَلِذِي الْقُرْبَى}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ : كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَوِي الْقُرْبَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : "وَأَمَّا ذَوِي الْقُرْبَى فَإِنَّـا نَزْعُمُ، أَنَّا نَحْنُ، هُمْ، فَيَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيِّ الْمِصِّيصِيُّ، ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال : قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "رَغِبَتُ لَكُمْ عَنْ غُسَالَةِ الأَيْدِي، لأَنَّ لَكُمْ فِي خُمْسِ الْخُمْسِ مَا يُغْنِيكُمْ أَوْ يَكْفِيكُمْ".

 ثنا أَبِي، ثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَبْدِ اللّه بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أن النَّبِيَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"قَسَمَ سَهْمُ ذِي الْقُرْبَى مِنْ خَيْبَرَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ"، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : قَسَمَ لَـهُمْ خُمْسَ الْخُمْسِ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ بُرَيْدَةَ، وَالسُّدِّيِّ، قَالا : بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ : سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِهِ : "{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}، قَالَ : اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ، فَقَالَ قَائِلُونَ : سَهْمُ الْقَرَابَةِ لَقَرَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ قَائِلُونَ : لَقَرَابَةِ الْخَلِيفَةِ". وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ، قَالا : "قَرَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا هُدْبَةُ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ : قَالَ الْحَسَنُ فِي سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى : هُوَ لَقَرَابَةِ الْخُلَفَاءِ". وَقَالَ عِكْرِمَةُ : "هُوَ لَقَرَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

قوله تعالى : {وَالْيَتَامَى}

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللّه : "{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى}، فَكَانَتِ الْغَنِيمَةُ تُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ، وَخُمْسٌ وَاحِدٌ يُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ، فَرُبْعٌ للّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى، وَالرُّبْعُ الثَّانِي لِلْيَتَامَى".

قوله تعالى : {وَالْمَسَاكِينِ}

 وَبِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللّه : "{فَأَنَّ للّه خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ}، قَالَ : كَانَتِ الْغَنِيمَةُ تُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ : فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا بَيْنَ مَنْ قَـاتَلَ عَلَيْهَا، وَخُمْسٌ وَاحِدٌ يُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ : فَرُبْعٌ للّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى، وَالرُّبْعُ الثَّانِي : لِلْيَتَامَى، وَالرُّبْعُ الثَّالِثُ : لِلْمَسَاكِينِ".

 وَبِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}، وَالرُّبْعُ الرَّابِعُ مِنَ الْخُمُسِ لأَبْنَـاءِ السَّبِيلِ، وَهُوَ الضَّيْفُ الْفَقِيرُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ".

قوله تعالى : {إِنَّ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّه}

 قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَوْلُهُ : "{إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّه}، يَقُولُ : أَقَرُّوا بِحُكْمِي".

قوله تعالى : {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا}

 وَبِهِ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ،"{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا}، يَقُولُ : وَمَا أَنْزَلْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِسْمَةِ".

قوله تعالى : {يَوْمَ الْفُرْقَانِ}

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ}، يَوْمَ بَدْرٍ، فَرَّقَ اللّه فِيهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ". وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَمِقْسَمٍ، وَعُبَيْدِ اللّه بْنِ عَبْدِ اللّه، وَالضَّحَّاكِ، وَقَتَادَةَ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، نَحْوُ ذَلِكَ.

قوله تعالى : {يَوْمَ الْفُرْقَانِ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُصْعَبٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، أَوْ رَيَّانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ : "فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ، وُلِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَوْمُ الْفُرْقَانِ".

قوله تعالى : {يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}

 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَطِيَّةَ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}، يَقُولُ : يَوْمَ بَدْرٍ، وَبَدَرٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ".

 قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَوْلُهُ : "{يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}، جَمَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَمَعَ الْمُشْرِكِينَ".

قوله تعالى : {وَاللّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،"{عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أَيْ : أَنَّ اللّه عَلَى مَا أَرَادَ بِعِبَادِهِ مِنْ نِقْمَةٍ، أَوْ عَفْوٍ، لَقَدِيرٌ".

٤٢

قوله تعالى : {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا}

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا}، قَالَ : شَاطِئِ الْوَادِي". وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَة نَحْوَ ذَلِكَ

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،"{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا} إِلَى الْمَدِينَةِ".

قوله تعالى : {وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،"{وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى}، وَهُمْ بِشَفِيرِ الْوَادِي الأَقْصَى".

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ : "{وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى}، الْوَادِي إِلَى مَكَّةَ".

قوله تعالى : {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}، قَالَ : الرُّكَبُ : أَبُو سُفْيَانَ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ : "{وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}، يعْنِي : أَبَا سُفْيَانَ وَغَيْرَهُ، وَهِيَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ نَحْوَ السَّاحِلِ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، فِي قَوْلِ اللّه : "{وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ أَسْفَلَ الْوَادِي فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا، وَنَفَرَتْ قُرَيْشٌ وَكَانُوا تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، فَبَعَثَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى قُرَيْشٍ وَهُمْ بِالْجُحْفَةِ : إِنِّي قَدْ جَاوَزْتُ الْقَوْمَ، فَارْجِعُوا، قَالُوا : لا وَاللّه، لا نَرْجِعُ حَتَّى نَأْتِيَ مَاءَ بَدْرٍ".

قوله تعالى : {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ}

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ : وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ : "{وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ}، أَيْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ مِيعَادٍ مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ، ثُمَّ بَلَغَكُمْ كَثْرَةُ عَدَدِهِمْ، وَقِلَّةُ عَدَدِكُمْ، مَا لَقِيتُمُوهُمْ".

قوله تعالى : {وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللّه أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً}

 وَبِهِ، عَنْ أَبِيهِ : "{وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللّه أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً}،أَيْ لِيَقْضِيَ مَا أَرَادَ بِقُدْرَتِهِ مِنْ إِعْزَازِ الإِسْلامِ وَأَهْلِهِ، وَإِذْلالِ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ، عَنْ غَيْرِ مَلإٍ مِنْكُمْ، فَفَعَلَ مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ بِلُطْفِهِ سُبْحَانَهُ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ : "{وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللّه أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً}، فَأَخْرَجَهُ اللّه وَمَنْ مَعَهُ إِلَى الْعِيرِ لا يُرِيدُ غَيْرَهَا، وَأَخْرَجَ قُرَيْشًا مِنْ مَكَّةَ لا يُرِيدُونَ إِلا الدَّفْعَ عَنْ عِيرِهِمْ، ثُمَّ أَلَّفَ بَيْنَ الْقَوْمِ عَلَى الْحَرْبِ، وَكَانَ لا يُرِيدُ إِلا الْعِيرَ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ : {لِيَقْضِيَ اللّه أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً} لِيَفْصِلَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَيُعِزَّ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَيُذِلَّ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ".

قوله تعالى : {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ،"{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى من حي عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّه لسميع عليم}، أي : لِيَكْفُرَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ الْحُجَّةِ، لِمَا رَأَى مِنَ الآيَاتِ وَالْعِبَرِ، وَيُؤْمِنَ مَنْ آمَنَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ".

٤٣

قال تعالى:

قوله تعالى : {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّه}

 ‏ حَدَّثَنَـا أَبُو عَبْدِ اللّه مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ، أَنْبَأَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ،"{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّه فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً}، الآيَةَ، قَالَ : حَرَّشَ بَيْنَهُمْ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّه فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً}، قَالَ : أَرَاهُ إِيَّاهُمْ فِي مَنَامِهِ قَلِيلاً، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ، وَكَانَ تَثْبِيتًا لَهُمْ".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا يُوسُفُ بْنُ موسى التُّسْتَرِيُّ، ثنا أَبُو قُتَيْبَةَ، عَنْ سَهْلٍ السَّرَّاجِ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ : "{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّه فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً}، قَالَ : بِعَيْنِكَ".

قوله تعالى : {لَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ : "{لَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ}، يَقُولُ : لَفَشِلْتَ أَنْتَ، فَرَأَى أَصْحَابُكَ فِي وَجْهِكَ الْفَشَلَ فَفَشَلُوا".

 أَخْبَرَنَا موسى بْنُ هَارُونَ الطُّوسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَذِيّ، ثنا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ : "{وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ}، يَقُولُ : لَجَبِنْتُمْ".

قوله تعالى : {وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ}

 وَبِهِ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ : "{وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ}، قَالَ : لاخْتَلَفْتُمْ".

قوله تعالى : {وَلَكِنَّ اللّه سَلَّمَ}

 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَطِيَّةَ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{وَلَكِنَّ اللّه سَلَّمَ}، يَقُولُ : سَلَّمَ لَهُمْ أَمْرَهُمْ حَتَّى أَظْهَرَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ".

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ : "{وَلَكِنَّ اللّه سَلَّمَ}، أَيْ : أَتَمَّ".

قوله تعالى : {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}

 قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ موسى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَوْلُهُ : "{عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ".

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : "{عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، أَيْ : لا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا فِي صُدُورِهِمْ مِمَّا اسْتَخْفُوا بِهِ مِنْكُمْ".

٤٤

قوله تعالى : {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً}

 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللّه، قَالَ : "لَقَدْ قُلِّلُوا فِي أَعْيُنِنَا يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى قُلْتُ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِي : تُرَاهُمْ سَبْعِينَ ؟ قَالَ : لا، بَلْ هُمْ مِائَةٌ، حَتَّى أَخَذْنَا رَجُلاً مِنْهُمْ فَسَأَلْنَاهُ، قَالَ : كُنَّا أَلْفًا".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ،"{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ}، قَالَ : حَضَّضَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ".

قوله تعالى : {وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ}

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ،"فَكَانَ مَا أَرَاهُ اللّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ مِنْ نِعْمَةِ اللّه عَلَيْهِمْ، شَجَّعَهُمْ بِهَا عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَكَفَّ بِهَا عَنْهُمْ مَا تَخَوَّفَ عَلَيْهِمْ مِنْ ضَعْفِهِمْ، لَعِلْمِهِ بِمَـا فِيهِمْ، {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّه أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً}، أَيْ لِيُؤَلَّفَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْحَرْبِ لِلْنِقْمَةِ مِمَّنْ أَرَادَ الانْتِقَامَ مِنْهُ، وَالإِنْعَامِ عَلَى مَنْ أَرَادَ تَمَامَ النِّعْمَةِ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ وِلايَتِهِ".

٤٥

قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةٍ فَاثْبُتُوا}

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ : "ثُمَّ وَعَظَهُمْ وَفَهَمَهُمْ وَأَعْلَمَهُمُ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَسِيرُوا بِهِ فِي حَرْبِهِمْ، فَقَالَ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً}، يُقَاتِلُونَكَ فِي اللّه، {فَاثْبُتُوا}".

قوله تعالى : {وَاذْكُرُوا اللّه كَثِيرًا}

 قُرِئَ عَلَى يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَمْرٍو، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوَّ، وَسَلُوا الْعَافِيَةَ، فَإِنْ لَقِيتُمُوهُمْ فَاثْبُتُوا، وَاذْكُرُوا اللّه كَثِيرًا، فَإِذَا جَلَبُوا وَصَيَّحُوا، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّمْتِ".

 قُرِئَ عَلَى يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللّه بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُوذَرَ، عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ، قَالَ : "مَا مِنْ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَى اللّه مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ، وَلَوْلا ذَلِكَ مَا أَمَرَ النَّـاسَ بِالصَّلاةِ وَالْقِتَالِ، أَلا تَرَوْنَ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَ النَّاسَ بِالذِّكْرِ عِنْدَ الْقِتَالِ ؟ فَقَالَ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةٍ فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللّه كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}".

قوله تعالى : {وَاذْكُرُوا اللّه كَثِيرًا}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ : "وَجَبَ الإِنْصَاتُ وَالذِّكْرُ عِنْدَ الزَّحْفِ، ثُمَّ تَلا : {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللّه كَثِيرًا}، قُلْتُ : يَجْهَرُونَ بِالذِّكْرِ ؟ قَالَ : نَعَمْ".

قوله تعالى : {لَعَلَّكُمْ}

 حَدَّثَنَـا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي موسى، ثنا هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، عَنْ أَسْبَاطَ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَوْلُهُ : "{لَعَلَّكُمْ}، يعْنِي : كَيْ".

قوله تعالى : {تُفْلِحُونَ}

 حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَ أَبُو صَخْرٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الآيَةِ : "{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، يَقُولُ : لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ غَدًا إِذَا لَقِيتُمُونِي".

قوله تعالى : {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ : "{وَلا تَنَازَعُوا}، الآيَةَ، يَقُولُ : لا تَخْتَلِفُوا فَتَجْبُنُوا وَيَذْهَبَ نَصْرُكُمْ".

 أَخْبَرَنَـا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللّه : "{وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، قَالَ : الْفَشَلُ : الضَّعْفُ عَنْ جِهَادِ عَدُوِّهِ، وَالانْكِسَارِ لَهُمْ، ذَلِكَ الْفَشَلُ".

قوله تعالى : {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، رِيحُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَازَعُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ".

 أَخْبَرَنَـا عَمْرُو بْنُ ثَوْرٍ الْقَيْسَارِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا الْفِرْيَابِيُّ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ : "{وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، نَصَرُكُمْ، فَذَهَبَتْ رِيحُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَازَعُوهُ يَوْمَ أُحُدٍ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ،"{وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، قَالَ : رِيحُ الْحَرْبِ".

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ،"{وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، أَيْ وَيَذْهَبَ جَدُّكُمْ".

 أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ، ثنا ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللّه : "{وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، قَالَ : الرِّيحُ النَّصْرُ، لَمْ يَكُنْ نَصْرٌ قَطُّ إِلا بِرِيحٍ، رِيحًا يَبْعَثُهَا اللّه تَضْرِبُ وجُوهَ الْعَدُوِّ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قِوَامٌ".

٤٦

قال تعالى:

قوله تعالى : {وَاصْبِرُوا}

 حَدَّثَنَـا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَ أَبُو صَخْرٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : "{وَاصْبِرُوا}، يَقُولُ : وَاصْبِرُوا عَلَى دِينِكُمْ".

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ نُمَيْرٍ، ثنا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ،"{وَاصْبِرُوا}، قَالَ : عَلَى الصَّلَوَاتِ".

 حَدَّثَنَـا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِهِ : "{وَاصْبِرُوا}، قَالَ : عَلَى الْجِهَادِ".

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ : "{وَاصْبِرُوا}، قَالَ : عَلَى حَقِّ اللّه".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللّه : "{وَاصْبِرُوا}، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَ ابْنُ لَـهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَـارِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَالَ : "الصَّبْرُ اعْتِرَافُ الْعَبْدِ للّه بِمَا أَصَابَ مِنْهُ، وَاحْتِسَابُهُ عِنْدَ اللّه رَجَاءَ ثَوَابِهِ، وَقَدْ يَجْزَعُ الرَّجُلُ وَهُوَ مُتَجَلِّدُ لا يُرَى مِنْهُ إِلا الصَّبْرُ".

قوله تعالى : {إِنَّ اللّه مَعَ الصَّابِرِينَ}

 حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، يَقُولُ : "الصَّبْرُ فِي بَابَيْنِ : الصَّبْرُ للّه فِيمَا أَحَبَّ، وَإِنْ ثَقُلَ عَلَى الأَنْفُسِ وَالأَبْدَانِ، وَالصَّبْرُ للّه عَمَّا كَرِهَ، وَإِنْ نَـازَعَتْ إِلَيْهِ الأَهْوَاءُ، فَمَنْ كَانَ هَكَذَا، فَهُوَ مِنَ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ إِنْ شَاءَ اللّه تَعَالَى".

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ : "{وَاصْبِرُوا إِنَّ اللّه مَعَ الصَّابِرِينَ}، أَيْ : إِنِّي مَعَكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ".

٤٧

قوله تعالى : {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ}

 أَخْبَرَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَطِيَّةَ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ}، يعْنِي : الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَاتَلُوا رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ".

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْـنِ عَبْدِ اللّه بْـنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ : "{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا}، أَيْ : لا تَكُونُوا كَأَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ قَالُوا : لا نَرْجِعُ حَتَّى نَأْتِيَ بَدْرًا، فَنَنْحَرَ بِهَا الْجَذُورَ، وَنَسْقِيَ فِيهِ الْخَمْرَ، وَتَعْزِفَ عَلَيْنَا فِيهِ الْقِيَانُ، وَيَسْمَعَ بِنَا الْعَرَبُ".

قوله تعالى : {بَطَرًا}

 حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا عُبَيْدُ اللّه، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا}، قَالَ : كَانُوا أَصْحَابَ بَدْرٍ، يعْنِي : الْمُشْرِكِينَ".

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ : "{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا}، قَالَ : كَانُوا مُشْرِكِي قُرَيْشٍ الَّذِينَ قَاتَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَخَرَجُوا وَلَهُمْ بَغْيٌ وَفَخْرٌ، وَقَدْ قِيلَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ : ارْجِعُوا، فَقَدِ انْطَلَقَتْ عِيرُكُمْ، وَقَدْ ظَفِرْتُمْ، فَقَالُوا : لا وَاللّه، حَتَّى يَتَحَدَّثَ أَهْلُ الْحِجَازِ بِمَسِيرِنَا وَعَدَدِنَا".

قوله تعالى : {وَرِئَاءَ النَّاسِ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْعَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ،"{بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ}، أَيْ : لا يَكُونُ أَمْرُكُمْ رِيَاءٌ، وَلا سُمْعَةٌ، وَلا الْتِمَاسُ مَا عِنْدَ النَّاسِ، وَأَخْلِصُوا للّه النِّيَّةَ وَالْحِسْبَةَ فِي نَصْرِ دِينِكُمْ، وَمُؤَازَرَةِ نَبِيِّكُمْ، لا تَعْمَلُوا إِلا لِذَلِكَ، وَلا تَطْلُبُوا غَيْرَهُ".

قوله تعالى : {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّه وَاللّه بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}

 قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ ابْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَوْلُهُ : "{وَاللّه بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}، يَقُولُ : أَحَاطَ عِلْمُهُ بِأَعْمَالِهِمْ".

قوله تعالى : {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}

 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَطِيَّةَ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي الْحُسَيْنُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَبَّاسٍ،"{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}، وَقَدْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ".

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، ثُمّ قَالَ : "{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ}، يَذْكُرُ اسْتِدْرَاجَ إِبْلِيسَ إِيَّاهُمْ، وَتَشَبُهَهُ بِسُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ، حِينَ ذَكَرُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ابْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ مِنَ الْحَرْبِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ".

قوله تعالى : {وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : "جَاءَ إِبْلِيسُ فِي جُنْدٍ مِنَ الشَّيَاطِينَ، وَمَعَهُ رَايَةٌ فِي صُوَرِ رِجَالٍ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ، وَالشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ سُرَاقَةِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَـالَ الشَّيْطَانُ : {لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ}، وَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى إِبْلِيسَ، فَلَمَّا رَآهُ وَكَانَتْ يَدُهُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، انْتَزَعَ إِبْلِيسُ يَدَهُ وَوَلَّى مُدْبِرًا وَشِيعَتُهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا سُرَاقَةُ، أَتَزْعُمُ أَنَّكَ لَنَا جَارٌ ؟ فَقَالَ : {إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللّه وَاللّه شَدِيدُ الْعِقَابِ}".

 أَخْبَرَنَا أَبُو الأَزْهَرِ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا وَهْبُ ابْنُ جَرِيرٍ، ثنا أَبِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الضَّحَّاكِ،

٤٨

 قَوْلُهُ : "{وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ}، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ سَارَ مَعَهُمْ بِرَايَتِهِ وَجُنُودِهِ، وَأَلْقَى فِي قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ أَحَدًا لَنْ يَغْلِبَكُمْ وَأَنْتُمْ تُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَدِينِ آبَائِكُمْ".

قوله تعالى : {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ"{فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ} نَظَرَ عَدُوُّ اللّه إِلَى جُنُودِ اللّه مِنَ الْمَلائِكَةِ، قَدْ أَيَّدَ اللّه بِهِمْ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى عَدُوِّهِمْ، نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ".

قوله تعالى : {نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ}

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ : "{فَلَمَّا الْتَقَوْا نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ}، يَقُولُ : رَجَعَ مُدْبِرًا".

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ"{نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ}، قَـالَ : الْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَكَانَ الَّذِي رَآهُ نَكَصَ حِينَ نَكَصَ الْحَارِثُ بْـنُ هِشَامٍ، أَوْ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ، فَذَكَرَ أَحَدُهُمَا".

قوله تعالى : {إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ}

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ}، وَذَلِكَ حِينَ رَأَى الْمَلائِكَةَ".

 حَدَّثَنَـا يَحْيَى بْنُ عَبْدَكَ الْقَزْوِينِيُّ، ثنا الْمُقْرِئُ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ : "{وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ}، قَالَ : رَأَى جِبْرِيلُ مُعْتَجِرًا بِرِدَائِهِ يَقُودُ الْفَرَسَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ مَا رَكِبَهُ".

قوله تعالى : {إِنِّي أَخَافُ اللّه وَاللّه شَدِيدُ الْعِقَابِ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ،"{وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللّه وَاللّه شَدِيدُ الْعِقَابِ}، فَقَالَ : ذَكَرَ لَنَا أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزِلُ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ، فَعَلِمَ عَدُوُّ اللّه أَنَّهُ لا يَدَانِ لَهُ بِالْمَلائِكَةِ، وَقَالَ : {إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللّه}، وَكَذَبَ عَدُوُّ اللّه، مَا بِهِ مَخَافَةُ اللّه وَلَكِنْ عَلِمَ أَنْ لا قُوَّةَ لَـهُ بِهِ، وَلا مَنَعَةَ لَهُ، وَتِلْكَ عَادَةُ عَدُوِّ اللّه لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَانْقَادَ لَهُ حَتَّى إِذَا الْتَقَى الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ، أَسْلَمَهُمْ شَرَّ مُسَلَّمٍ، وَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ".

٤٩

قوله تعالى : {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرِضٌ}

 أَخْبَرَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَطِيَّةَ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ}، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْمُسْلِمِينَ".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ،"{إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرِضٌ}، قَالَ : هُمْ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوا الْقِتَالَ، فَسُمُّوا مُنَافِقِينَ".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،"{إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرِضٌ}، وَهُمُ الْفِتْيَةُ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ قُرَيْشٍ مِنْ مَكَّةَ، احْتَبَسَهُمْ آبَاؤُهُمْ، فَخَرَجُوا وَهُمْ عَلَى الارْتِيَابِ، فَلَمَّا رَأَوْا قِلَّةَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا : {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ}، حِينَ قَدِمُوا عَلَى مَا قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنْ قِلَّةِ عَدَدِهِمْ، وَكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ، وَهُمْ فِتْيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مُسَمَّوْنَ خَمْسَةٌ أَبُو قَيْسِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُو قَيْسِ بْنُ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، الْمَخْزُومِيَانِ، وَالْحَارِثُ بْنُ زَمْعَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَالْعَاصُ بْنُ مُنَبِّهٍ".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، قَالَ : لَمَّا دَنَـا الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، قَلَّلَ اللّه الْمُسْلِمِينَ فِي أَعْيُنِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَلَّلَ الْمُشْرِكِينَ فِي أَعْيُنِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : وَمَا هَؤُلاءِ ؟ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ مِنْ قِلَّتِهِمْ فِي أَعْيُنِهِمْ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ سَيَهْزُمُونَهُمْ لا يَشُكُّونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ذَلِكَ، فَقَالَ اللّه تَعَالَى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه فَإِنَّ اللّه عَزِيزٌ حَكِيمٌ}".

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ : "{غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ}، قَالَ : رَأَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تَشَدَّدَتْ لأَمْرِ اللّه، قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَدُوَّ اللّه أَبَا جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ لَمَّا أَشْرَفَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ : وَاللّه لا يُعْبَدُ اللّه بَعْدَ الْيَوْمِ قَسْوَةً، وَعُتُوًّا".

قوله تعالى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه}

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : "وَعَلَى اللّه لا عَلَى النَّاسِ، فَلْيَتَوَكَّلْ".

٥٠

قال تعالى:

قوله تعالى : {وَلَوْ تَرَى إِذْ يُتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ،"{وَلَوْ تَرَى إِذْ يُتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ} الَّذِينَ قَتَلَهُمُ اللّه بِبَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ".

 حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو الأَصْبَغِ، ثنا عَتَّابٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : "آيَتَانِ يُبَشَّرُ بِهِمَا الْكَافِرُ عِنْدَ مَوْتِهِ، {وَلَوْ تَرَى إِذْ يُتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ}".

قوله تعالى : {يَضْرِبُونَ وجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ}

 حَدَّثَنَـا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{إِذْ يُتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةَ يَضْرِبُونَ وجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} يَوْمَ بَدْرٍ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{يَضْرِبُونَ وجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ}، قَالَ : وَأَسْتَاهَهُمْ، وَلَكِنَّهُ كَنَّى". وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ، نَحْوُ قَوْلِ مُجَاهِدٍ فِي حَدِيثِ أَبِي هَاشِمٍ

قوله تعالى : {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ : "{عَذَابَ}، يَقُولُ : نَكَالَ".

٥١

قوله تعالى : {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}

 حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللّه : "{ذَلِكَ}، يعْنِي : الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ".

٥٢

قوله تعالى : {كَدَأْبِ آلِ فرعون} الآيَةَ إِلَى آخِرِهِ

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ : "{كَدَأْبِ آلِ فرعون}، قَالَ : كَصَنِيعِ آلِ فرعون". وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَأَبِي مَالِكٍ، وَعِكْرِمَةَ، نَحْوُ ذَلِكَ.

٥٣

قوله تعالى : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّه لَمْ يَكُ مُغِيرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ}

 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{ذَلِكَ بِأَنَّ اللّه لَمْ يَكُ مُغِيرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، يَقُولُ : نِعْمَةُ اللّه : مُحَمَّدٌ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْعَمَ اللّه بِهَا عَلَى قُرَيْشٍ، فَكَفَرُوا وَنَقَلَهُ إِلَى الأَنْصَارِ".

٥٤

قوله تعالى : {وَأَغْرَقْنَا آلَ فرعون}

 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللّه بْنِ الْمُنَادِي، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، ثنا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ : "{وَأَغْرَقْنَا آلَ فرعون}، قَالَ : أَغْرَقَ اللّه آلَ فرعون عَدُوَّهُمْ نِعَمًا مِنَ اللّه يَعْرِفُهُمْ بِهَا لِكَيْ مَا يَشْكُرُوا وَيَعْرِفُوا حَقَّهُ".

٥٥

قال تعالى:

قوله تعالى : {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّه}

 حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ وَرْقَاءِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّه}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : "هُمْ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ".

٥٦

قوله تعالى : {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ}

 حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ : "{عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ}، قُرَيْظَةُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَالَؤُوا عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْدَاءَهُ".

٥٧

قوله تعالى : {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ}

 حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}، يَقُولُ : نَكِّلْ بِهِمْ". وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكِ، وَالسُّدِّيِّ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، مِثْلُ ذَلِكَ

قوله تعالى : {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالا : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَوْلُهُ : "{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}، يَقُولُ : أَنْذِرْ بِهِمْ".

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ : "{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}، يَقُولُ : عِظْ بِهِمْ".

 أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ،"{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}، قَالَ : أَخِفْهُمْ بِهِمْ، كَمَا تَصْنَعُ بِهَؤُلاءِ، وَقَرَأَ : {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللّه يَعْلَمُهُمْ}".

قوله تعالى : {مَنْ}

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابٌ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ : "{مَنْ خَلْفَهُمْ}، قَالَ : الَّذِينَ خَلْفَهُمْ".

قوله تعالى : {مَنْ خَلْفَهُمْ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}، يعْنِي : نَكِّلْ بِهِمْ مَنْ بَعْدَهُمْ". وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكِ، وَالسُّدِّيِّ، نَحْوُ ذَلِكَ.

قوله تعالى : {مَنْ خَلْفَهُمْ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ : "{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}، يَقُولُ : مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ".

قوله تعالى : {مَنْ خَلْفَهُمْ}

الْوَجْهُ الثَّالِثُ

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،"{فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}، يَقُولُ : نَكِّلْ بِهِمْ مَنْ وَرَاءَهُمْ، يعْنِي : الْعَرَبَ كُلَّهَا".

قوله تعالى : {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَرُونَ}

 أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{لَعَلَّهُمْ يَذَّكَرُونَ}، يَقُولُ : لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ أَنْ يُنَكَّثُوا، فَيَصْنَعَ بِهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ".

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ،"{لَعَلَّهُمْ يَذَّكَرُونَ}، لَعَلَّهُمْ يَعْقِلُونَ".

٥٨

قوله تعالى : {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً}

 أَخْبَرَنَـا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنْبَأَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، يَقُولُ فِي قَوْلِ اللّه : "{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}، قَالَ : مَنْ عَاهَدَ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ خِفْتَ أَنْ يَخْتَانُوكَ وَيَغْدُرُوا، فَتَأْتِيَهِمْ، {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}".

قوله تعالى : {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}

 حَدَّثَنَـا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ : "{فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}، قَالَ : قُرَيْظَةُ".

قوله تعالى : {إِنَّ اللّه لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}

 حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ، ثنا موسى بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ : "لا تُقَاتِلْ عَدُوَّكَ حَتَّى تَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ، {إِنَّ اللّه لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}".

٥٩

قوله تعالى : {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ}

 حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابٌ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ}، يَقُولُ : لا يَفُوتُونَا". وَرُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ، مِثْلُ ذَلِكَ

٦٠

قوله تعالى : {وَأَعِدُّوا لَهُمْ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ،"{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، قَالَ : أَمَرَهُمْ بِإِعْدَادِ الْخَيْلِ".

قوله تعالى : {لَهُمْ}

 قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، ثنا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَوْلُهُ : "{وَأَعِدُّوا لَهُمْ}، قَالَ : الْجِهَادَ".

قوله تعالى : {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}

 حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيَّ يعْنِي ثُمَامَةَ بْنَ شُفَيّ حَدَّثَهُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ : "{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، أَلا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيَ"، قَالَهَا ثَلاثًا

قوله تعالى : {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَحْمَسِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ : "{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، قَالَ : الْحُصُونِ".

قوله تعالى : {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}

الْوَجْهُ الثَّالِثُ

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، أَنْبَأَ جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ : "{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، قَالَ : الْقُوَّةُ : ذُكُورُ الْخَيْلِ". وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، مِثْلُ ذَلِكَ

قوله تعالى : {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}

الْوَجْهُ الرَّابِعُ

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا عَبَّادُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ الْعَنَزِيُّ، ثنا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ : سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ قَوْلِ اللّه : "{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، قَالَ : قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : "الْقُوَّةُ : الْفَرَسُ إِلَى السَّهْمِ، فَمَا دُونَهُ". وَرُوِيَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ أَنَّهُ قَالَ : "الْقُوَّةُ : السِّلاحُ، وَمَا سِوَاهُ مِنْ قُوَّةِ الْجِهَادِ". وَرُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ : "السِّلاحُ". وَرُوِيَ عَنْ أَبِي صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، أَنَّهُ قَالَ : "الْقُوَّةُ : الْعِدَّةُ، إِعْدَادُ مَا اسْتَطَعْتَ لَهُمْ مِنْ عِدَّةٍ".

 أَخْبَرَنَـا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ : "لَقِيَ رَجُلٌ مُجَاهِدًا وَهُوَ يَتَجَهَّزُ إِلَى الْغَزْوِ، وَمَعَهُ جَوَالِقُ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ : وَهَذَا مِنَ الْقُوَّةِ".

قوله تعالى : {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَحْمَسِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ : "{وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}، قَالَ : الإِنَاثِ". وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، مِثْلُ ذَلِكَ

قوله تعالى : {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَوْلُهُ : "{وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}، قَالَ : هِيَ الْخَيْلُ".

قوله تعالى : {تُرْهِبُونَ بِهِ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَحْمَسِيُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّه وَعَدُوَّكُمْ}، قَالَ : تُخْزُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّه وَعَدُوَّكُمْ". وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلُ ذَلِكَ

قوله تعالى : {عَدُوَّ اللّه وَعَدُوَّكُمْ}

 قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا مُحَمَّدٌ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ مُقَاتِلٍ، قَوْلُهُ : "{تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّه وَعَدُوَّكُمْ}، مِنَ الْمُشْرِكِينَ".

قوله تعالى : {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ}

 حَدَّثَنَـا أَبُو عُتْبَةَ بْنُ الْفَرَجِ الْحِمْصِيُّ، ثنا أَبُو حَيْوَةَ يعْنِي شُرَيْحَ بْنَ يَزِيدَ الْمُقْرِئَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْكِنْدِيُّ، عَنِ ابْنِ عَرِيبِ يعْنِي يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ عَرِيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللّه : "{وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ}، قَالَ : هُمُ الْجِنُّ".

قوله تعالى : {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ : "{وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ}، قُرَيْظَةَ".

قوله تعالى : {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ}

الْوَجْهُ الثَّالِثُ

 قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَوْلُهُ : "{وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ}، قَالَ : يعْنِي : الْمُنَافِقِينَ".

قوله تعالى {: وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ}

الْوَجْهُ الرَّابِعُ

 أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ : "{وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ}، قَالَ : أَهْلَ فَارِسٍ".

قوله تعالى : {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ}

الْوَجْهُ الْخَامِسُ

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، فِي قَوْلِهِ : "{وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ}، قَالَ : قَالَ ابْنُ الْيَمَانِ : هُمُ الشَّيَاطِينُ الَّتِي فِي الدُّورِ".

قوله تعالى : {لا تَعْلَمُونَهُمُ اللّه يَعْلَمُهُمْ}

 أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، أَنْبَأَ ابْنُ زَيْدٍ يعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فِي قَوْلِ اللّه : "{وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللّه يَعْلَمُهُمْ}، قَالَ : هَؤُلاءِ الْمُنَـافِقُونِ، لا تَعْلَمُونَهُمْ، لأَنَّهُمْ مَعَكُمْ، يَقُولُونَ : لا إِلَهَ إِلا اللّه، وَيَغْزُونَ مَعَكُمْ".

قوله تعالى : {اللّه يَعْلَمُهُمْ}

 قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا مُحَمَّدٌ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ مُقَاتِلٍ، قَوْلُهُ : "{اللّه يَعْلَمُهُمْ}، يَقُولُ : اللّه يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ مِنَ النِّفَاقِ الَّذِي يُسِرُّونَ".

قوله تعالى : {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّه يُوَفَّ إِلَيْكُمْ}

 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عَطِيَّةَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ، ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، ثنا الأَشْعَثُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،"أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِأَنْ لا يُصَدَّقَ إِلا عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ، حَتَّى نَزَلَتْ : {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّه يُوَفَّ إِلَيْكُمْ}، فَأَمَرَ بِالصَّدَقَةِ بَعْدَهَا عَلَى كُلِّ مَنْ سَأَلَكَ مِنْ كُلِّ دَيْنٍ".

قوله تعالى : {وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَوْلُهُ : "{وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}، أَيْ لا يَضِيعُ لَكُمْ عِنْدَ اللّه أَجْرَهُ فِي الآخِرَةِ، وَعَاجِلَ خَلَفِهِ فِي الدُّنْيَا".

٦١

قال تعالى:

قوله تعالى : {وَإِنْ جَنَحُوا}

 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{وَإِنْ جَنَحُوا}، يَقُولُ : إِنْ أَرَادُوا الصُّلْحَ، فَأَرِدْهُ".

 حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ}، قُرَيْظَةُ".

قوله تعالى : {لِلسَّلْمِ}

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ : "{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ}، قَالَ : الطَّاعَةِ".

قوله تعالى : {لِلسَّلْمِ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللّه، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ}، يعْنِي : بِالْخَفْضِ، {فَاجْنَحْ لَهَا}، فَهُوَ الصُّلْحُ".

 حَدَّثَنَـا أَبُو عَامِرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْحِمْصِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلاءِ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مَيْسَرَةَ، ثنا أَبُو حَفْصٍ مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ : "{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ}، يعْنِي بِفَتْحِ السِّينِ يعْنِي الصُّلْحَ". وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، قَالُوا : "الصُّلْحِ، وَلَمْ يُؤَدُّوا الْقِرَاءَةَ".

 حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللّه،"{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَـهَا} الآيَةَ نَسَخَتْهَا هَذِهِ الآيَةُ، {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللّه وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ}، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، مثل ذلك

 قوله تعالى : {فاجنح لها}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مُولِي بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَوْلُهُ : "{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} أَيْ : إِنْ دَعَوْكَ إِلَى السَّلْمِ عَلَى الإِسْلامِ، فَصَالِحْهُمْ عَلَيْهِ".

قوله تعالى : {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}

 وَبِهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَوْلُهُ : "{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه}، إِنَّ اللّه كَافِيَكَ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ".

٦٢

قوله تعالى : {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ}

 حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ : "{وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ}، قُرَيْظَةُ".

قوله تعالى : {أَنْ يَخْدَعُوكَ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،"{وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ}، قَالَ : وَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ خَدِيعَتَكَ أَوْ مَكْرًا بِكَ، فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّه".

قوله تعالى : {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّه}

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ،"{فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّه}، هُوَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ".

قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ}

 وَبِهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ،"{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ}، يعْنِي : بَعْدَ الضَّعْفِ".

قوله تعالى : {وَبِالْمُؤْمِنِينَ}

 أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ أَسْبَاطَ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ}، قَالَ : بِالأَنْصَارِ". وَرُوِيَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، مِثْلُهُ

٦٣

قوله تعالى : {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَوْلُهُ : "{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}، بِالإِسْلامِ الَّذِي هَدَاهُمْ لَهُ".

قوله تعالى : {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}

 حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، قَالَ : أَتَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا إِسْحَاقَ، تَعْرِفُنِي ؟ فَقَالَ : أَيْ وَاللّه، إِنِّي لأَعْرِفُكَ، وَإِنِّي لأُحِبُّكَ فِي اللّه وَلَوْلا الْحَيَاءُ مِنْكَ، لَقَبَّلْتُكَ، ثُمَّ قَالَ : ثنا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللّه فِي قَوْلِه : "{لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}، قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللّه".

قوله تعالى : {وَلَكِنَّ اللّه أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}

 حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللّه الطِّهْرَانِيُّ بِالرَّيِّ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : "إِنَّ اللّه تَعَالَى إِذَا قَارَبَ بَيْنَ الْقُلُوبِ، لَمْ يُزَحْزِحْهَا شَيْءٌ، ثُمَّ تَلا : {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّه أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}".

 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ : "إِذَا لَقِيَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَصَافَحَهُ، تَحَاتَّتِ الذُّنُوبُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَنْثُرُ الرِّيحُ الْوَرِقَ، فَقَـالَ رَجُلٌ : إِنَّ هَذَا مِنَ الْعَمَلِ لَيَسِيرٌ، فَقَالَ : أَلَمْ تَسْمَعِ اللّه قَالَ : {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّه أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} ؟".

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا أَبُو غَسَّانَ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ : "{لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّه أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}، بِدِينِهِ الَّذِي جَمَعَهُمْ عَلَيْهِ، يعْنِي : الأَوْسَ، وَالْخَزْرَجَ".

٦٤

قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّه وَمَنْ اتَّبَعَكَ}

 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، ثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ موسى، أَنْبَأَ سُفْيَانُ، عَنْ شَوْذَبٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِي قَوْلِهِ : "{يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّه وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، قَالَ : حَسْبُكَ اللّه وَحَسْبُ مَنْ شَهِدَ مَعَكَ". وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، مِثْلُهُ

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، ثنا جَرِيرٌ، ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ : "لَمَّا أَسْلَمَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةٌ وَثَلاثُونَ رَجُلاً وَسِتُّ نِسْوَةٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ عُمَرُ، فَنَزَلَتْ : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّه وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}". وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، نَحْوُ ذَلِكَ.

قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّه وَمَنْ اتَّبَعَكَ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الزِّمِّيُّ، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قَوْلِ اللّه : "{حَسْبُكَ اللّه وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، قَالَ : يُقَالُ : نَزَلَتْ فِي الأَنْصَارِ".

٦٥

قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}

 ثنا أَبِي، ثنا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ : أَخْبَرَنِي رَجُلٌ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، قَوْلُهُ : "{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}، قَالَ : عِظْهُمْ".

قوله تعالى : {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الْمِصْرِيُّ، وَالسِّيَاقُ لابْنِ الْمُقْرِئِ، قَالا : ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : "لَمَّا نَزَلَتْ : {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}، فَكَتَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لا يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنَ الْمِائَتَيْنِ، وَلا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةِ، ثُمَّ قَالَ : {الآنَ خَفَّفَ اللّه عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}، فَكَتَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنِ اثْنَيْنِ، وَمِائَةٌ مِنَ الْمِائَتَيْنِ، فَإِنْ فَرَّ مِنْ ثَلاثَةٍ فَلَمْ يَفِرَّ".

 حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُقْرِئِ، قَالَ : قَالَ سُفْيَانُ قَالَ شُبْرُمَةُ : "أَنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، مِثْلَهُ".

 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ الْعَلافُ الْوَاسِطِيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، ثنا أَبِي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : "لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، ثَقُلَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَعَظَّمُوا أَن يُقَاتِلَ عِشْرُونَ مِائَتَيْنِ، وَمِائَةٌ أَلْفًا، فَخَفَّفَ اللّه عَنْهُمْ، فَنَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا : {الآنَ خَفَّفَ اللّه عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ}". وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَالضَّحَّاكِ، نَحْوُ ذَلِكَ.

 حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ الأَنْصَارِيُّ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : "نُقِصُوا مِنَ النَّصْرِ بِقَدْرِ مَا خَفَّفَ عَنْهُمْ مِنَ الْعِدَّةِ".

قوله تعالى : {يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}، يعْنِي : يَقْتُلُوا مِائَتَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ".

قوله تعالى : {وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}

 وَبِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{وَإِنْ تَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، فَكَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، جَعَلَ اللّه عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلَ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَشَرَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِيَقْطَعَ دَابِرَهُمْ، فَلَمَّا هَزَمَ اللّه الْمُشْرِكِينَ، وَقَطَعَ دَابِرَهُمْ، خَفَّفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ : {الآنَ خَفَّفَ اللّه عَنْكُمْ}، يعْنِي : بَعْدَ قِتَالِ بَدْرٍ، {وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا}، يعْنِي : يُقَاتِلُوا مِائَتَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ".

قوله تعالى : {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ}

 حَدَّ ا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ : "{بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ}، لا يُقَاتِلُونَ عَنْ نِيَّةٍ وَلا حَقٍّ وَلا مَعْرِفَةٍ لَخَيْرٍ وَلا شَرٍّ".

٦٦

قوله تعالى : {الآنَ خَفَّفَ اللّه عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا}

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ"فَلَمَّا هَزَمَ اللّه الْمُشْرِكِينَ وَقَطَعَ دَابِرَهُمْ، خَفَّفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ : {الآنَ خَفَّفَ اللّه عَنْكُمْ}، يعْنِي : بَعْدَ قِتَالِ بَدْرٍ".

قوله تعالى : {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ مَنْظُورٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ : "بَاتَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدٍ وَرَاءَ بَنِي حَارِثَةَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَمَعَهُ جَدِّي أَبُو مَالِكٍ، وَأُصِيبَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَكَانَ مِنَ الْمِائَةِ الصَّابِرَةِ".

قوله تعالى : {يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}

 حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ : "{فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا}، يعْنِي : يَقْتُلُوا مِائَتَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ".

قوله تعالى : {وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّه}

 وَبِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ}، يعْنِي : أَلْفَ رَجُلٍ يَغْلِبُوا، يعْنِي : يَقْتُلُوا أَلْفَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، بِإِذْنِ اللّه".

قوله تعالى : {وَاللّه مَعَ الصَّابِرِينَ}

 وَبِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{وَاللّه مَعَ الصَّابِرِينَ}، يعْنِي : مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي النَّصْرِ لَهُمْ".

٦٧

قال تعالى:

قوله تعالى : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}

 حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْبَصْرِيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا أَبُو زُمَيْلٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ عَبَّاسٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : فَذَكَرَ طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ، قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَلَمَّا أَسَرُوا الأُسَارَى، قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يَا أَبَا بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ، وَعُمَرَ، مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلاءِ الأُسَارَى ؟ فَقَالَ لَـهُ أَبُو بَكْرٍ : يَا نَبِيَّ اللّه، بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونَ لَنَا قُوَّةٌ عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللّه أَنْ يَهْدِيَهُمُ إِلَى الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ قَالَ : قُلْتُ لا وَاللّه، مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا مِنْهُمْ، فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، تُمَكِّنُ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلانٍ نَسِيبٍ لِعُمَرَ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَـادِيدُهَا وَقَادَتُهَا، فَهَوَى رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللّه، أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلِيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلِيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، شَجَرَةٍ قُرَيْبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْزَلَ اللّه عَزَّ وَجَلَّ : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللّه، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، وَجِيءَ بِالأُسَارَى، قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلاءِ الأُسَارَى ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللّه، قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَأَنِّهِمْ، لَعَلَّ اللّه أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللّه، أَخْرَجُوكَ وَكَذَّبُوكَ، فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللّه بْنُ رَوَاحَةَ : يَا رَسُولَ اللّه، انْظُرْ وَادِيًا كَثِيرَ الْحَطَبِ، فَأَدْخِلْهُمْ فِيهِ ثُمَّ أَضْرِمْهُ عَلَيْهِمْ نَارًا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ وَهُوَ فِي الأَسْرَى، يَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ : قَطَعْتَ رَحِمَكَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُجِبْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ نَاسٌ : يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ نَاسٌ : يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ، وَقَالَ نَاسٌ : يَأْخُذُ بِقَوْلِ ابْنِ رَوَاحَةَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : إِنَّ اللّه لَيَّنَ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ، حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللِّينِ، وَإِنَّ اللّه لَيُشَدِّدَ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ، حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ : {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وَمَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ عيسى، قَالَ : {إِنَّ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، وَمَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ، قَالَ : {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا}، وَمَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ موسى، قَالَ : {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ}، أَنْتُمْ عَالَةٌ، فَلا يَنْفَلِتَنَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ، قَالَ عَبْدُ اللّه بْنُ مَسْعُودٍ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللّه، إِلا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الإِسْلامَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُنِي فِي يَوْمٍ أَخْوَفُ أَنْ يَقَعَ عَلِيَّ حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنِّي حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِلا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ"، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِقَوْلِ عُمَرَ، {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}، إِلَى آخِرِ الآيَاتِ".

قوله تعالى : {أَسْرَى}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ،"{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}، يعْنِي : الَّذِينَ أُسِرُوا بِبَدْرٍ".

قوله تعالى : {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}

 حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابٌ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}، يَقُولُ : حَتَّى يَظْهَرَ عَلَى الأَرْضِ".

قوله تعالى : {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}، وَالإِثْخَانُ : هُوَ الْقَتْلُ". وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلُ ذَلِكَ

قوله تعالى : {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}

الْوَجْهُ الثَّالِثُ

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}، وَذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَالْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، فَلَمَّا كَثُرُوا وَاشْتَدَّ سُلْطَانُهُمْ، أَنْزَلَ اللّه بَعْدَ هَذَا فِي الأُسَارَى، {فَإِمَّا مَنًّـا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}، فَجَعَلَ اللّه النَّبِيَّ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي أَمْرِ الأُسَارَى بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا استَعْبَدُوهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا فَادُوهُمْ".

قوله تعالى : {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}

 حَدَّثَنَـا أَبُو عَبْدِ اللّه الطِّهْرَانِيُّ، أَنْبَأَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ : "{تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}، يعْنِي : الْخَرَاجَ".

قوله تعالى : {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا شَيْبَانُ، ثنا عُقْبَةُ الرِّفَاعِيُّ، ثنا حَيَّانُ الأَعْرَجُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، كَانَ يَقُولُ : "لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ عَمَلاً يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللّه، يَأْخُذُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا، إِلا كَانَ حَظَّهُ مِنْهُ، يعْنِي قَوْلُهُ : {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}".

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،"{تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا}، أَيْ الْمَتَاعَ، الْفِدَاءَ يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ".

قوله تعالى : {وَاللّه يُرِيدُ الآخِرَةَ}

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ فَايِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ : "{تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّه يُرِيدُ الآخِرَةَ}، قَالَ : لَوْ لَمْ يَكُنْ لَنَا ذُنُوبٌ نَخَافُ عَلَى أَنْفُسِنَا مِنْهَا، إِلا حُبَّنَا الدُّنْيَا، لَخَشِينَا عَلَى أَنْفُسِنَا، أَرِيدُوا مَا أَرَادَ اللّه".

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ : "{وَاللّه يُرِيدُ الآخِرَةَ}، أَيْ : بِقَتْلِهِمْ لِظُهُورِ الَّذِي يُرِيدُونَ إِطْفَاءَهُ، الَّذِي بِهِ تُدْرَكُ الآخِرَةُ".

٦٨

قوله تعالى : {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}

 حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا سَلامٌ يعْنِي أَبَا الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، تَعَجَّلَ النَّاسُ إِلَى الْغَنَائِمِ فَأَصَابُوهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ الْغَنِيمَةَ لا تَحِلُّ لأَحَدٍ سُودِ الرّؤُووسِ غَيْرُكُمْ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، إِذَا غَنِمُوا الْغَنِيمَةَ جَمَعُوهَا، وَنَزَلَتْ نَـارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْهَا"، فَأَنْزَلَ اللّه هَذِهِ الآيَةَ : {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}، إِلَى آخِرِ الآيَتَيْنِ. ثنا أَبِي، ثنا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ،"فَوَقَعَ النَّاسُ فِي الْغَنَائِمِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ لَهُمْ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ : "كَانَ سَعْدُ، جَالِسًا ذَاتَ يَوْمٍ، وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ ذَكَرَ رَجُلاً، فَنَـالُوا مِنْهُ، فَقَالَ : مَهْلاً عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّا أَذْنَبْنَا مَعَ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَنْبًا، فَأَنْزَلَ اللّه عَزَّ وَجَلَّ : {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ} الآيَةَ، فَكُنَّا نَرَى أَنَّهَا رَحْمَةٌ مِنَ اللّه سَبَقَتْ". وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوُ ذَلِكَ.

قوله تعالى : {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَـهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}، وَذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ، أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغَانِمَ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرُوا بِهِ، وَكَانَ اللّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ كَتَبَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ : الْمَغْنَمَ وَالأَسْرَى حَلالٌ لِمُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَلَّهُ لأُمَّةٍ قَبْلَهُمْ، وَأَخَذُوا الْمَغَانِمَ، وَأَسَرُوا الأُسَارَى قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، قَالَ اللّه : {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}، يعْنِي فِي الْكِتَابِ الأَوَّلِ : أَنَّ الْمَغَانِمَ الأُسَارَى حَلالٌ لَكُمْ، {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}". وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ : "بِإِحْلالِ الْمَغَانِمِ لِهَذِهِ الأُمَّةِ". وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ : "سَبَقَ عِلْمِي أَنِّي أَحْلَلْتُ لَكُمُ الْمَغَانِمَ )، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ

 حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا أَبُو صَيْفِيٍّ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي قَوْلِهِ : "{لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ}، مِنَ الأُسَارَى {عَذَابٌ عَظِيمٌ}، قَالَ : يَقُولُ اللّه عَزَّ وَجَلَّ : لَوْلا أَنَّهُ سَبَقَ فِي عِلْمِي أَنِّي سَأُحِلُّ الْمَغَانِمَ، {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}".

قوله تعالى : {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}

الْوَجْهُ الثَّالِثُ

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}، قَالَ : مَا سَبَقَ لأَهْلِ بَدْرٍ مِنَ السَّعَادَةِ". رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ : "سَبَقَ لأَهْلِ بَدْرٍ أَنْ لا يُعَذِّبَهُمْ". وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، نَحْوُ ذَلِكَ.

قوله تعالى : {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}

الْوَجْهُ الرَّابِعُ

 حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا النَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنْبَأَ شُعْبَةُ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ، قَالَ : سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ : "{لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}، قَالَ : سَبَقَ لَهُمُ الْمَغْفِرَةُ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا قَبِيصَةُ، ثنا سُفْيَانُ : "{لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}، قَالَ : كِتَابٌ أَحَلَّ لَكُمُ الْغَنِيمَةَ، سَبَقَ الْمَغْفِرَةَ".

 أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللّه : {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، قَالَ : سَبَقَ مِنَ اللّه الْعَفْوُ عَنْهُمْ وَالرَّحْمَةُ لَهُمْ، سَبَقَ أَنَّهُ لا يُعَذِّبُ الْمُؤْمِنِينَ، لا يُعَذِّبُ رَسُولَهُ، وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ وَهَاجَرَ مَعَهُ ثُمَّ نَصْرَ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَحَدٌ مِمَّنْ حَضَرَ إِلا أَحَبَّ الْغَنَـائِمَ، إِلا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، جَعَلَ لا يَلْقَى أَسِيرًا إِلا ضَرَبَ عُنُقَهُ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللّه، مَا لَنَا وَلِلْغَنَائِمِ، إِنَّمَا نَحْنُ قَوْمٌ نُجَاهِدُ فِي دَيْنِ اللّه حَتَّى يُعْبَدَ اللّه، فَقَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لَوْ عُذِّبْنَـا فِي هَذَا الأَمْرِ يَا عُمَرُ مَا نَجَا مِنْهُ غَيْرُكَ، قَالَ اللّه : لا تَعُودُوا لا تَسْتَحِلُّوا قَبْلَ أَنْ أَحِلَّ لَكُمْ".

قوله تعالى : {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}

الْوَجْهُ الْخَامِسُ

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عيسى بْنِ سُمَيْعٍ، ثنا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : "{لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللّه سَبَقَ}، أَنْ لا يُعَذِّبَ أَحَدًا، حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُ، وَيَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ".

قوله تعالى : {لَمَسَّكُمْ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ،"{لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ}، لَعَذَّبْتُكُمْ فِيمَا صَنَعْتُمْ".

قوله تعالى : {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، ثنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، يَقُولُ : غَنَائِمَ بَدْرٍ قَبْلَ أَنْ يُحِلَّهَا لَهُمْ، يَقُولُ : لَوْلا أَنِّي لا أُعَذِّبُ مَنْ عَصَانِي حَتَّى أَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ، {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ يُونُسَ، قَالا : ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"{لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ}، قَالَ : مِنَ الْفِدَاءِ {عَذَابٌ عَظِيمٌ}".

٦٩

قوله تعالى : {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا}

 حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ نَزِيلُ مِصْرَ، ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا أَبُو زُمَيْلٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ عَبَّاسٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ : "فَأَنْزَلَ اللّه : {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا}، فَأَحَلَّ اللّه الْغَنِيمَةَ لَهُمْ".

٧٠

قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى}

 حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا أَبُو صَيْفِيِّ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَقُولُ : "أَعْطَانِي اللّه هَذِهِ الآيَةَ : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى}، وَأَعْطَانِي مَكَانَ مَـا أَخَذَ مِنِّي أَرْبَعُونَ أُوقِيَّةً، أَرْبَعِينَ عَبْدًا". وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، نَحْوُ ذَلِكَ.

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، ثنا وهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ،"{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى}، فَقَالَ عَامِرٌ : أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ الْعَبَّاسُ، وَعُقَيْلُ، وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ".

قوله تعالى : {إِنْ يَعْلَمِ اللّه فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا}

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلُهُ : "{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى}، يعْنِي : الْعَبَّاسَ وَأَصْحَابَهُ، أُسِرُوا يَوْمَ بَدْرٍ، يَقُولُ اللّه تَعَالَى : إِنْ عَمِلْتُمْ بِطَاعَتِي، وَنَصَحْتُمْ لِي وَلِرَسُولِي، أَعْطَيْتُكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ، وَغَفَرْتُ لَكُمْ".

قوله تعالى : {يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : "{يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللّه فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ}، كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، افْتَدَى نَفْسَهُ بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : لَقَدْ أَعْطَانِي اللّه خَصْلَتَيْنِ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهِمَا الدُّنْيَا : إِنِّي أُسِرْتُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَفَدَيْتُ نَفْسِي بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَأَعْطَانِي اللّه أَرْبَعِينَ عَبْدًا، وَأَنَا أَرْجُو الْمَغْفِرَةَ الَّتِي وَعَدَنَا اللّه".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ : قَالُ ابْنُ إِسْحَاقَ ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَبَّاسٍ : "{إِنْ يَعْلَمِ اللّه فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أَخَذَ مِنْكُمْ}، فَكَانَ الْعَبَّاسُ يَقُولُ : فِيَّ وَاللّه نَزَلَتْ، حِينَ أَخْبَرْتُ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِسْلامِي، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُحَاسِبَنِي بِالْعِشْرِينَ أُوقِيَّةً الَّتِي أَخَذَ مِنِّي، فَأَبَى أَنْ يُحَاسِبَنِي بِهَا، فَأَعْطَانِي اللّه بِالْعِشْرِينَ أُوقِيَّةً عِشْرِينَ عَبْدًا، كُلَّهُمْ تَاجِرَ بِمَالٍ فِي يَدِهِ، مَعَ مَا أَرْجُو مِنْ مَغْفِرَةِ اللّه عَزَّ وَجَلَّ".

 أَخْبَرَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَطِيَّةَ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَبَّاسٍ : "{وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ}، يعْنِي : غَفَرْتُ لَكُمْ".

٧١

قوله تعالى : {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ}

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ مَيْمُونٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا مُحَمَّدٌ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ : قَالَ اللّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : "{وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللّه مِنْ قَبْلِ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}، قَالَ : إِنَّ عَبْدَ اللّه بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيَ، فَنَافَقَ، فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، وَقَالَ : وَاللّه أَنْ كَانَ مُحَمَّدٌ لا يَكْتُبُ إِلا مَا شِئْتُ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، حَلَفَ لإِنْ أَمْكَنَهُ اللّه مِنْهُ لَيَضْرِبَهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، جَاءَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا رَضَاعَةٍ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّه، هَذَا عَبْدُ اللّه قَدْ أَقْبَلَ نَادِمًا فَأَعْرَضَ عَنْهُ، وأَقْبَلَ الأَنْصَارِيُّ مَعَهُ سَيْفٌ، فَأَطَافَ بِهِ، ثُمَّ مَدَّ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ لِيُبَايعَهُ، وَقَالَ لِلأَنْصَارِيِّ : لَقَدْ تَلَوَّمْتُ بِهِ الْيَوْمَ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ : فَهَلا أَوْمَضْتَ ؟ قَالَ : لا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ".

 حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ الأَشْعَثَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ يَعْقُوبُ الزُّهْرِيُّ قَوْلُهُ : "{وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ}، يعْنِي : الأَسْرَى".

قوله تعالى : {فَقَدْ خَانُوا اللّه مِنْ قَبْلُ}

 أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، عَنْ أَسْبَاطِ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{فَقَدْ خَانُوا اللّه مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}، يَقُولُ : قَدْ كَفَرُوا بِاللّه، وَنَقَضُوا عَهْدَهُ مِنْ قَبْلُ".

 حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ الأَشْعَثَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَجَّاجِ، ثنا يَعْقُوبُ الزُّهْرِيُّ،"{فَقَدْ خَانُوا اللّه مِنْ قَبْلُ}، أَيْ : حِينَ غَزَوْكَ، {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}".

قوله تعالى : {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}

 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ الأَوْدِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ،"{فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}، يَقُولُ : بِبَدْرٍ".

٧٢

قال تعالى:

قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّه}

 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّه}، يَقُولُ : لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، إِنَّمَا هُوَ الشَّهَادَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثَلاثِ مَنَازِلِ : مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَاجِرُ الْمُبَايِنُ لِقَوْمِهِ فِي الْهِجْرَةِ، خَرَجَ إِلَى قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ فِي دِيَارِهِمْ وَعَقَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ".

٧٣

قوله تعالى : {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا}

 وَبِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا}، قَالَ : آوَوْا، وَنَصَرُوا، وَأَعْلَنُوا مَا أَعْلَنَ أَهْلُ الْهِجْرَةِ، وَشَهَرُوا السُّيُوفَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَجَحَدَ، فَهَذَانِ مُؤْمِنَانِ، جَعَلَ اللّه بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءَ بَعْضٍ".

قوله تعالى : {أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، يعْنِي : فِي الْمِيرَاثِ، جَعَلَ اللّه الْمِيرَاثَ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ دُونَ الأَرْحَامِ".

قوله تعالى : {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا}

 أَخْبَرَنَـا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ : "{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا}، هَؤُلاءِ الأَعْرَابُ".

 أَخْبَرَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَطِيَّةَ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا}، قَالَ : فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بَيْنَهُمْ إِذَا تُوُفِّيَ الْمُؤْمِنُ الْمُهَاجِرُ بِالْوِلايَةِ فِي الدِّينِ، وَكَانَ الَّذِي آمَنَ وَلَمْ يُهَاجِرْ لا يَرِثُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يُهَاجِرْ وَلَمْ يَنْصُرْ".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الصَّنْعَانِيُّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللّه الْبَصْرِيُّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ فَرُّوخَ، ثنا حَبِيبُ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِ اللّه تَعَالَى : "{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا}، قَالَ : لَبِثَ بُرْهَةً، وَالأَعْرَابِيُّ لا يَرِثُ الْمُهَاجِرَ، وَلا الْمُهَاجِرُ يَرِثُ الأَعْرَابِيَّ، حَتَّى فُتِحَتْ مَكَّةُ، وَدَخَلَ النَّـاسُ فِي الدِّينِ أَفْوَاجًا، فَأَنْزَلَ اللّه تَعَالَى : {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه}".

قوله تعالى : {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}، مَا لَكُمْ مِنْ مِيرَاثِهِمْ شَيْءٌ".

 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَطِيَّةَ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَبَّاسٍ،"{مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}، فَبَرَّأَ اللّه الْمُؤْمِنِينَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ مِيرَاثِهِمْ، وَهِيَ الْوَلايَةُ الَّتِي قَالَ اللّه : {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}، وَكَانَ حَقًّا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ".

قوله تعالى : {وَإِنْ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ}

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{وَإِنْ اسْتَنْصَرُوكُمْ}، يعْنِي : إِنْ اسْتَنْصَرُوا الأَعْرَابُ الْمُسْلِمُونَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ عَلَى عَدُوٍّ لَهُمْ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَنْصُرُوهُمْ، قَالَ : {إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}".

 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ : "{وَإِنْ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ}، يَقُولُ : بِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ".

قوله تعالى : {فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ}

 أَخْبَرَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَبِي، ثنا عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}، إِنْ اسْتَنْصَرُوهُمْ فِي الدِّينِ أَنْ يَنْصُرُوهُمْ إِنْ قُوتِلُوا، إِلا أَنْ يَسْتَنْصِرُوا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيثَاقٌ، وَلا نَصْرَ لَهُمْ عَلَيْهِمْ إِلا عَلَى الْعَدُوِّ الَّذِينَ لا مِيثَاقَ لَهُمْ".

 أَخْبَرَنَا موسى بْنُ هَارُونَ الطُّوسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ : "{وَإِنْ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}، قَالَ : نَهَى الْمُسْلِمُونَ عَنْ أَهْلِ مِيثَاقِهِمْ، فَوَاللّه لأَخُوكَ الْمُسْلِمُ أَعْظَمُ عَلَيْكَ حُرْمَةً وَحَقًّا".

قوله تعالى : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، يعْنِي : فِي الْمِيرَاثِ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ : "لَنُورَثَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى مِنَّا مِـنَ الْمُشْرِكِينَ، فَنَزَلَتْ : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُـمْ أَوْلِيَـاءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}، بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، فَيَقُولُ : إِنْ ظَهَرَ هَؤُلاءِ كُنْتُ مَعَهُمْ، وَإِنْ ظَهَرَ هَؤُلاءِ كُنْتُ مَعَهُمْ، فَأَبَى اللّه ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْزَلَ اللّه فِي ذَلِكَ : فَلا تَرَاءَى نَارَانِ : نَارُ مُسْلِمٍ، وَنَارُ مُشْرِكٍ، إِلا صَاحِبُ جِزْيَةٍ مُقِرٌّ بِالْخَرَاجِ".

قوله تعالى : {إِلا تَفْعَلُوهُ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ : "{إِلا تَفْعَلُوهُ}، يعْنِي : إِلا تَأْخُذُوا، يعْنِي : فِي الْمِيرَاثِ بِمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، تَكُنْ فِتْنَةٌ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ".

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ : "{إِلا تَفْعَلُوهُ}، يعْنِي : إِلا تُوَلِّي الْكَافِرَ الْكَافِرَ".

قوله تعالى : {تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ}

 حَدَّثَنَـا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَوْلُهُ : "{إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ}، قَالَ : كُفْرٌ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ"، قَالَ سُفْيَانُ : "لا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَ : الْكُفْرُ : الْفِتْنَةُ أَوِ الْفَسَادُ ؟".

قوله تعالى : {وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}

 حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ : "{تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}، يعْنِي : لا يَصْلُحُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَرِثَ الْكَافِرَ".

قوله تعالى : {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرُزِقٌ كَرِيمٌ}

 أَخْبَرَنَـا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، أَنْبَأَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللّه : "{مَغْفِرَةٌ}، قَالَ : بِتَرْكِ الذُّنُوبِ، {وَرُزِقٌ كَرِيمٌ}، قَالَ : الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ".

٧٥

قوله تعالى : {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدٌ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ}

 حَدَّثَنَـا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ : "حَضَّ اللّه الْمُؤْمِنِينَ عَلَى التَّوَاصُلِ، فَجَعَلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ أَهْلَ وِلايَةٍ فِي الدِّينِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ".

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلُهُ : "{وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ}، فَإِنَّ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ، وَتَرَكَ النَّاسَ عَلَى أَرْبَعِ مَنَازِلِ : مُؤْمِنٌ مُهَاجِرٌ، وَمُسْلِمٌ أَعْرَابِيٌّ وَالَّذِينَ آوَوْا، وَنَصَرُوا، وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ".

قوله تعالى : {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}

 حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ بَكْرٍ الْمُصْعَبِيُّ مِنْ سُكْنَى بَغْدَادَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، قَالَ : "أَنْزَلَ اللّه فِينَا خَاصَّةً مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَالأَنْصَارِ : {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه}، قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَلا أَمْوَالَ لَنَا، فَوَجَدْنَا الأَنْصَارَ نِعْمَ الإِخْوَانُ، فَوَاخَيْنَاهُمْ وَأَوْرَثْنَاهُمْ، فَآخَى أَبُو بَكْرٍ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَآخَى عُمَرُ فُلانًـا وَآخَى عُثْمَـانُ بْنُ عَفَّانَ رَجُلاً مِنْ بَنِي زُرَيْقِ بْنِ سَعْدٍ الزُّرَقِيِّ، وَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ غَيْرَهُ، قَالَ الزُّبَيْرُ : وَوَاخَيْتُ أَنَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، وَأَوْرَثُونَا وَأَوْرَثْنَاهُمْ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، قِيلَ لِي : قَدْ قُتِلَ أَخُوكَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، فَجِئْتُهُ فَانْتَقَلْتُهُ، فَوَجَدْتُ السِّلاحَ قَدْ ثَقَّلَهُ فِيمَا تَرَى، فَوَاللّه يَا بُنَيَّ لَوْ مَاتَ يَوْمَئِذٍ عَنِ الدُّنْيَا، مَا وَرِثَهُ غَيْرِي، حَتَّى أَنْزَلَ اللّه هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرِ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ خَاصَّةً، فَرَجَعْنَا إِلَى مَوَارِيثِنَا".

 حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِـهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّه وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}، فَكَانَ الْمُهَاجِرُ لا يَتَوَلَّى الأَعْرَابِيَّ، وَلا يَرِثُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَرِثُ الأَعْرَابِيُّ الْمُهَاجِرَ، فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الآيَةُ، {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه}".

 حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللّه : "{وَأُولُو الأَرْحَامَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه إِنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ}، فَنَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ، مَا كَانَ قَبْلَهَا مِنْ مَوَارِيثِ الْعَقْدِ وَالْحِلْفِ وَالْمَوَارِيثِ بِالْهِجْرَةِ، وَصَارَتْ لِذَوِي الأَرْحَامِ، قَالَ : وَالْوَالِدُ أَوْلَى مِنَ الأَخِ، وَالأَخُ وَالأُخْتُ أَوْلَى مِنَ ابْنِ الأَخِ، وَابْـنُ الأَخِ أَوْلَى مِنَ الْعَمِّ، وَالْعَمُّ أَوْلَى مِنَ ابْـنِ الْعَمِّ، وَابْنُ الْعَمِّ أَوْلَى مِنَ الْخَالِ، وَلَيْسَ لِلْخَالِ وَلا الْعَمَّةِ وَلا الْخَالَةِ مِنَ الْمِيرَاثِ نَصِيبٌ، فِي قَوْلِ زَيْدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ يُعْطِي ثُلُثَيِ الْمَالِ لِلْعَمَّةِ، وَالثُّلُثَ للخالةِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَـهُ وَارِثٌ، وَكَانَ عَلِيُّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا يعْنِي : يَرُدَّانِ مَا فَضَلَ مِنَ الْمِيرَاثِ عَلَى ذَوِي الأَرْحَامِ عَلَى قَدْرِ سَهْمَانِهِمْ، غَيْرِ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ".

قوله تعالى : {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}

الْوَجْهُ الثَّانِي

 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ، ثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللّه، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"وَقِيلَ لَـهُ : أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، لا يُوَرِّثُ الْمَوَالِي دُونَ ذَوِي الأَرْحَامِ، وَيَقُولُ : إِنَّ ذَوِي الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، أَيْنَ ذَهَبَ ؟ إِنَّمَا كَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَتَوَارَثُونَ دُونَ الأَعْرَابِ، فَنَزَلَتْ : {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه}، يعْنِي : أَنَّهُ يُوَرِّثُ الْمَوْلَى".

قوله تعالى : {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ  

الْوَجْهُ الثَّالِثُ

 حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِلرَّبِيعِ : "أَوْصِ لِي بِمُصْحَفِكَ، فَنَظَرَ إِلَى ابْنٍ لَهُ صَغِيرٌ، فَقَالَ : {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّه}".

قوله تعالى : {فِي كِتَابِ اللّه}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ : "{كِتَابِ}، قَالَ : الْقُرْآنُ".

قوله تعالى : {إِنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ}

 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ،"{عَلِيمٍ}، أَيْ : عَلِيمٌ بِمَا يُخْفُونَ".

 حَدَّثَنَـا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، ثنا عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللّه : "{إِنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ}، يعْنِي : مِنْ أَعْمَالِكُمْ عَلِيمٌ".

* * *

﴿ ٠