سورة النحل١قوله: { أَتَى أَمْرُ اللّه فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ذكر، عَنْ يحيي بن آدم، عَنِ أَبِي بكر بن عياش، عَنْ مُحَمَّد بن عبداللّه مولى المغيرة بن شُعْبَةُ، عَنْ كَعْبٍ بن عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْد الرحمن بن حجيرة، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"تطلع عليكم عند الساعة سحابة سوداء مِنَ المغرب مثل الترس، فَمَا تزال ترتفع في السَّمَاء، ثُمَّ ينادي مناد فيها: يا أيها الناس، فيقبل الناس بعضهم عَلَى بعض: هل سمعتم؟ فمنهم مِنْ يَقُولُ: نعم، ومنهم مِنْ يشك، ثُمَّ ينادي الثانية: يا أيها الناس، فَيَقُولُ الناس بعضهم لبعض: هل سمعتم؟ فيقولون: نعم، ثُمَّ ينادي الثالثة: يأيها الناس، { أَتَى أَمْرُ اللّه فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ }، قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فوالذي نفسي بيده، إِنَّ الرجلين ليشران الثوب فَمَا يطويانه أبداً، وإن الرجل ليمدن حوضه فَمَا يسقى فيه شيئاً أبداً، وإن الرجل ليحلب ناقته فَمَا يشربه أبداً، قَالَ: ويشتغل الناس" عَنِ أَبِي بكر بن حفص، قَالَ:"لما نَزَلَتْ: { أَتَى أَمْرُ اللّه }، قاموا، فنزلت: { فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ }" عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء مِنْ قبل المغرب مثل الترس، فَمَا تزال ترتفع في السَّمَاء حتى تملأ السَّمَاء، ثُمَّ ينادي مناد: يا أيها الناس، فيقبل الناس بعضهم عَلَى بعض، هل سمعتم؟ فمنهم مِنْ يَقُولُ: نعم، ومنهم مِنْ يشك، ثُمَّ ينادي الثانية: يا أيها الناس، فَيَقُولُ الناس: هل سمعتم؟، فيقولون: نعم، ثُمَّ ينادي: أيها الناس { أَتَى أَمْرُ اللّه فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ }، قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فوالذي نفسي بيده، إِنَّ الرجلين لينشران الثوب فَمَا يطويانه، وإن الرجل ليملأ حوضه فَمَا يسقى فيه شيئاً، وإن الرجل ليحلب ناقته فَمَا يشربه ويشغل الناس" عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قوله:"{ أَتَى أَمْرُ اللّه فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ }، قَالَ: الأحكام والحدود والفرائض". ٢قوله: { يَنْزِل الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ يَنْزِل الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ }، قَالَ: بالوحي"، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"{ الرُّوحِ }، أمر مِنَ امر اللّه وخلق مِنْ خلق اللّه، وصورهم عَلَى صورة بني آدم، وما يَنْزِل مِنَ السَّمَاء ملك إلا ومعه وَاحِدٍ مِنَ الروح، ثُمَّ تلا: { يَوْم يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا }" عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قوله:"{ يَنْزِل الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنَ امْرِهِ }، قَالَ: إنه لا يَنْزِل ملك إلا ومعه روح كالحفيظ عليه، لا يتكلم ولا يراه ملك ولا شيء مما خلق اللّه" عَنْ قَتَادَة، فِي قوله:"{ يَنْزِل الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنَ امْرِهِ }، قَالَ: بالوحي والرحمة" عَنِ الحَسَنِ، فِي قوله:"{ يَنْزِل الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ }، قَالَ: بالنبوة" عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قوله:"{ يَنْزِل الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ }، قَالَ: القرآن" عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس، فِي قوله:"{ يَنْزِل الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ }، قَالَ: كُلّ شيء تَكَلَّمَ به رَبُّنَا فهو روح، { مِنَ امْرِهِ }، قَالَ: بالرحمة والوحي عَلَى مِنْ يشاء مِنْ عباده، فيصطفي منهم رسلاً، { إِنَّ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ }، قَالَ: بها بعث اللّه المرسلين إِنَّ يوحد اللّه وحده، ويطاع أمره ويجتنب سخطه". ٥قوله: { لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ }، قَالَ: الثياب، { وَمَنَافِعُ }، قَالَ: مَا تنتفعون به مِنَ الأطعمة والأشربة" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ }، قَالَ: نسل كُلّ دابة". ٧قوله: { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ }، قَالَ: يعْنِي مكة، { لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ }، قَالَ: لو تكلفتموه لَمْ تطيقوه إلا بجهد شديد" عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قوله:"{ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ }، قَالَ: مشقة عليكم". ٨قوله: { لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً عَنْ قَتَادَة، فِي قوله:"{ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً }، قَالَ: جعلها لتركبوها، وجعلها زينة لكم". قوله: { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً عَنْ قَتَادَة: إِنَّ أبا عياض، كَانَ يقرؤها:"{ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً }، يَقُولُ: جعلها زينة" عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: سأل رجل ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ:"أكل لحوم الخيل، فكرهها، وقرأ: { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً }" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنه كَانَ يكره لحوم الخيل ويقول: قَالَ اللّه:"{ وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }، فهذه للأكل { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا }، فهذه للركوب" مِنْ طَرِيق أَبِي الزبير، عَنْ جابر بن عَبْد اللّه، أنهم ذبحوا يَوْم خيبر: الحمير، والبغال، والخيل،"فنهاهم النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الحمير، والبغال، ولم ينههم عَنِ الخيل". ٩قوله: { وَعَلَى اللّه قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ } عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَعَلَى اللّه قَصْدُ السَّبِيلِ }، يَقُولُ: البيان، { وَمِنْهَا جَائِرٌ }، قَالَ: الأهواد المختلفة" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{ وَعَلَى اللّه قَصْدُ السَّبِيلِ }، يَقُولُ: عَلَى اللّه إِنَّ يبين الهدى والضلالة، { وَمِنْهَا جَائِرٌ }، قَالَ: السبيل المتفرقة" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ وَعَلَى اللّه قَصْدُ السَّبِيلِ }، قَالَ: طَرِيق الحق عَلَى اللّه" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَعَلَى اللّه قَصْدُ السَّبِيلِ }، قَالَ: عَلَى اللّه بيان حلاله، وحرامه، وطاعته، ومعصيته، { وَمِنْهَا جَائِرٌ }، قَالَ: عَلَى السبيل ناكب عَنِ الحق، وفي قراءة ابن مسعود: ومنكم جائر". ١٠قوله: { فِيهِ تُسِيمُونَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ فِيهِ تُسِيمُونَ }، قَالَ: ترعون فيه أنعامكم". ١٤قوله: { وَهُوَ الّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا عَنْ مطر "إنه كَانَ لايرى بركوب البحر بأسا، وَقَالَ: مَا ذكره اللّه في القرآن إلا بخير" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَهُوَ الّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا }، يعْنِي حيتان البحر، { وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا }، قَالَ: هَذَا اللؤلؤ" عَنْ السُّدِّيِّ فِي قوله:"{ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا }، قَالَ: هُوَ السمك وما فيه مِنَ الدواب". قوله: { وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ }، قَالَ: جواري" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ }، قَالَ: تمخر السفن الرياح، ولا تمخر الريح مِنَ السفن، إلا الفلك العظام" عَنْ عِكْرِمَةَ "{ وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ }، قَالَ: تشق الماء بصدرها" عَنْ الضحاك فِي قوله:"{ وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ }، قَالَ: السفينتان تجريان بريح واحدة، كُلّ واحدة مستقبلة الأخرى". قوله: { وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضَّلَهُ عَنْ السُّدِّيِّ فِي قوله:"{ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضَّلَهُ }، قَالَ: هُوَ التجارة". ١٥قوله: { رَوَاسِيَ إِنَّ تَمِيدَ بِكُمْ عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ رَوَاسِيَ }، قَالَ: الجبال، { إِنَّ تَمِيدَ بِكُمْ }، قَالَ: أثبتها بالجبال، ولولا ذَلِكَ مَا أقرت عليها خلقاً" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ رَوَاسِيَ إِنَّ تَمِيدَ بِكُمْ }، قَالَ: حتى لا تميد بكم، كانوا عَلَى الأَرْض تمور بهم لا يستقر بها، فأصبحوا صبحا، وقد جعل اللّه الجبال، وهي الرواسي أوتاداً في الأَرْض" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ إِنَّ تَمِيدَ بِكُمْ }، قَالَ: إِنَّ تكفأ بكم، وفي قوله: { وَأَنْهَارًا }، قَالَ: بكل بلدة". قوله: { وَسُبُلا عَنْ السُّدِّيِّ فِي قوله:"{ وَسُبُلا }، قَالَ: السبل هي الطرق بين الجبال". ١٦قوله: { وَعَلامَاتٍ عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَسُبُلا }، قَالَ: طرقا، { وَعَلامَاتٍ }، قَالَ: هي النجوم" عَنْ السُّدِّيِّ فِي قوله:"{ وَعَلامَاتٍ }، قَالَ: أنهار الجبال". قوله: { وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَعَلامَاتٍ }، يعْنِي: معالم الطرق بالنهار، { وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ }، يعْنِي: بالليل". ١٧قوله: { أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ }، قَالَ: اللّه هُوَ الخالق الرازق، وهذه الأوثان التي تعبد مِنْ دون اللّه تخلق ولاتخلق شيئاً، ولاتملك لأهلها ضراً ولا نفعاً"، قَالَ اللّه: { أَفَلا تَذَكَّرُونَ }، وفي ٢٠قوله: { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّه }، قَالَ: هذه الأوثان التي تعبد مِنْ دون اللّه أموات لا أرواح فيها، ولا تملك لأهلها خيراً ولا نفعاً، { إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٍ }، قَالَ: اللّه إلهنا، ومولانا، وخالقنا، ورازقنا، ولا نعبد، ولا ندعو غيره، { فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ }، يَقُولُ: منكرة لهذا الحَدِيث، { وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ }، قَالَ: مستكبرون عنه". ٢٣قوله: { لا جَرَمَ مِنْ طَرِيق علي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ لا جَرَمَ }، يَقُولُ: بلى" عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قوله:"{ لا جَرَمَ }، يعين بالحق" عَنْ الضحاك، فِي قوله:"{ لا جَرَمَ }، قَالَ: لا كذب". قوله: { إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عَنْ قَتَادَة، فِي قوله: { إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ }، قَالَ: هَذَا قضاء اللّه الّذِي قَضَى، { إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ }، وذكر لنا، إِنَّ رَجُلاً أتى النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا نَبِيّ اللّه، انه ليعجبني الجمال، حتى أود إِنَّ علاقة سوطي، وقبالة نعلي حسن، فهل ترهب عَلَى الكبر؟ فقال نَبِيّ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كيف تجد قلبك؟ قَالَ: أجده عارفاً للحق مطمئناً إليه، قَالَ: فليس ذاك بالكبر، ولكن الكبر إِنَّ تبطر الحق وتغمص الناس، فلا ترى أحداً أفضل منك وتغمص الحق، فتجاوزه إِلَى غيره" عَنْ علي قَالَ:"ثلاث مِنْ فعلهن لَمْ يكتب مستكبراً: مِنْ ركب الحمار ولم يستنكف، ومن اعتقل الشاه واحتلبها، وأوسع للمسكين وأحسن مجالسته". ٢٤قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ عَنْ السُّدِّيِّ قَالَ:"اجتمعت قريش، فقالوا: إِنَّ محمداً رجل حلو اللسان، إِذَا كلمه الرجل ذهب بعقله، فانظروا أناساً مِنَ اشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم، فابعثوهم في كُلّ طَرِيق مِنْ طرق مكة عَلَى رأس كُلّ ليلة أو ليلتين، فمن جاء يريده فردوه عنه، فخرج ناس منهم في كُلّ طَرِيق، فكان إِذَا أقبل الرجل وافداً لقومه ينظر مَا يَقُولُ مُحَمَّد، فينزل بهم، قالوا لَهُ: أنا فلان ابن فلان، فيعرفه بنسبه، ويقول: أنا أخبرك عَنْ مُحَمَّد، فلا يريد إِنَّ يعْنِي إليه، هُوَ رجل كذاب، لَمْ يتبعه عَلَى أمره إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه، وأما شيوخ قَوْمِهِ وخيارهم، فمفارقون لَهُ فيرجع أحدهم، فذلك قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ }، فإذا كَانَ الوافد ممن عزم اللّه لَهُ عَلَى الرشاد، فقالوا لَهُ مثل ذَلِكَ في مُحَمَّد، قَالَ: بئس الوافد أنا لقومي إِنَّ كنت جئت، حتى إِذَا بلغت إلا مسيرة يَوْم، رجعت قبل إِنَّ ألقى هَذَا الرجل، وأنظر مَا يَقُولُ وآتي قومي ببيان أمره، فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم: ماذا يَقُولُ مُحَمَّد؟ فيقولون: { خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ }، يَقُولُ: قَالَ: { وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ }، وهي الْجَنَّة" عَنْ قَتَادَة في الآية قَالَ:"إِنَّ أناساً مِنْ مشركي العَرَب كانوا يقعدون بطريق مِنَ اتى نَبِيّ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا مروا سألوهم، فأخبروهم بما سمعوا مِنَ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا إنما هُوَ أساطير الأولين". ٢٥قوله: { لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْم الْقِيَامَة وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْم الْقِيَامَة وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ }، يَقُولُ: يحملون مع ذنهوبهم ذنوب الذين يضلونهم بغير علم، وذلك مثل قوله: { وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ }" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْم الْقِيَامَة...... }، قَالَ: حملهم ذنوب أنفسهم، وذنوب مِنَ اطاعهم، ولا يخفف ذَلِكَ عمن أطاعهم مِنَ العذاب شيئاً" عَنْ الرَّبِيعِ بن أنس ، فِي قوله:"{ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً..... }، قَالَ: قَالَ النَّبِيّ: أيما داع دعا إِلَى ضلالة فاتبع، كَانَ عليه مثل أوزار مِنَ اتبعه مِنْ غير إِنَّ ينقص مِنَ اوزارهم شيء، وأيما داع دعا إِلَى هدى فاتبع، فله مثل أجورهم مِنْ غير إِنَّ ينقص مِنَ اجورهم شيء". ٢٦قوله: { قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّه بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّه بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ }، قَالَ: أتاها أمر اللّه مِنَ اصلها، { فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ }، { السَّقْفُ }، عالي البيوت فائتفكت بهم بيوتهم، فأهلكهم اللّه ودمرهم، { وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ }". ٢٧قوله: { تُشَاقُّونَ فِيهِمْ مِنْ طَرِيق علي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله:"{ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ }، يَقُولُ: تخالفوني". قوله: { وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا } قَالَ: هؤلاء المُؤْمنُونَ، يقال لَهُمْ: { مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ }، فيقولون: { خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا }، أي آمنوا باللّه، وكتبه، وأمروا بطاعته، وحثوا عباد اللّه عَلَى الخير، ودعوهم إليه". ٢٨قوله: { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِين َ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ }، قَالَ: أحياء وأمواتاً، قدر اللّه ذَلِكَ لَهُمْ" عَنْ مُحَمَّد بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قَالَ:"إِذَا استفاقت نفس الْعَبْد المُؤْمِن، جاءه الملك، فقال: السلام عليك ياولي اللّه، اللّه يقرأ عليك السلام، ثُمَّ نزع بهذه الآية: { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ }". ٣٣قوله: { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا إِنَّ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا إِنَّ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ }، قَالَ: بالموت، وَقَالَ في آية أخرى: { وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ } وهو ملك الموت، وله رسل، { أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ }، وذاك يَوْم الْقِيَامَة". ٣٧قوله: { فَإِنَّ اللّه لا يَهْدِي مِنْ يُضِلُّ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قوله:"{ فَإِنَّ اللّه لا يَهْدِي مِنْ يُضِلُّ }، قَالَ: مِنْ يضله اللّه لا يهديه أحد". ٤٠قوله: { كُنْ فَيَكُونُ عَنْ أَبِي ذر، عَنْ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"يَقُولُ اللّه: يا بن آدم، كلكم مذنب إلا مِنْ عافيت..، فاستغفروني أغفر لكم، وكلكم فقراء إلا مِنَ اغنيت، فسلوني أعطكم، وكلكم ضال إلا مِنْ هديت، فسلوني الهدى أهدكم، ومن استغفرني وهو يعلم أني ذو قدرة عَلَى إِنَّ أغفر لَهُ غفرت لَهُ ولا أبالي، ولو إِنَّ أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا عَلَى قلب أشقى وَاحِدٍ منكم، مَا نقص ذَلِكَ مِنْ سلطاني مثل جناح بعوضة، ولو إِنَّ أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا عَلَى قلب أتقى وَاحِدٍ منكم، مازادوا في سلطاني مثل جناح بعوضة، ولو إِنَّ أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم سألوني حتى تنتهي مسألة كُلّ وَاحِدٍ منهم، فأعطيتهم مَا سألوني مَا نقص ذَلِكَ مما عندي كغرز إبرة غمسها أحدكم في البحر، وذلك أني جواد ماجد واجد عطائي كلام، وعذابي كلام، إنما أمري لشيء إِذَا أردته إِنَّ أقول لَهُ: { كُنْ فَيَكُونُ }". ٤١قوله: { وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللّه مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللّه مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا }، قَالَ: إنهم قوم مِنَ اهْل مكة، هاجروا إِلَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ظلمهم، ظلمهم المشركون" عَنْ داود بن أَبِي هند قَالَ:"نَزَلَتْ { وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللّه مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا.... }، إِلَى قَوْلِهِ {: { وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }، في أَبِي جندل بن سهيل" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللّه مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا }، قَالَ: هؤلاء أصحاب مُحَمَّد، ظلمهم أَهْل مكة فأخرجوهم مِنْ ديارهم، حتي لحق طوائف منهم بأرض الحبشة، ثُمَّ بوأهم اللّه المدينة بعد ذَلِكَ فجعلها لَهُمْ دار هجرة، وجعل لَهُمْ أنصاراً مِنَ المؤمنين، { وَلاجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ }، قَالَ: أي واللّه لما يثيبهم عليه مِنْ جنته ونعمته، { أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }" عَنْ أَبَانٌ بن تغلب قَالَ: كَانَ الرَّبِيعِ بن خثيم يقرأ هَذَا الحرف في النحل:"{ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللّه مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً }، ويقرأ في العنكبوت: لنثوينهم مِنَ الْجَنَّة غرفا، ويقول: التنبؤ في الدُّنْيَا، والثواء في الآخرة" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً }، قَالَ: لنرزقنهم في الدُّنْيَا رزقاً حسناً" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"لما بعث اللّه محمداً رسولاً أنكرت العَرَب ذَلِكَ، ومن أنكر منهم، قالوا: اللّه أعظم مِنَ انَّ يكون رسوله بشراً مثل مُحَمَّد، فأنزل اللّه: { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا إِنَّ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ }، وَقَالَ: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْل الذِّكْرِ إِنَّ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }، يعْنِي فاسألوا أَهْل الذكر، والكتب الماضية أبشراً كَانَتِ الرُّسِل الذين أتتهم أم ملائكة؟ فإن كانوا ملائكة أتتكم وإن كانوا بشراً فلا تنكروا إِنَّ يكون رسولا، ثُمَّ قَالَ: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنَ اهْل الْقُرَى }، أي لَيْسُوا مِنَ اهْل السَّمَاء كما قلتم" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي ٤٧قوله:"{ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ }، قَالَ: إِنَّ شئت أخذته في سفره، وفي قوله: { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ }، يَقُولُ: إِنَّ شئت أخذته عَلَى أثر موت صاحبه، وتخوف بِذَلِكَ" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ }، قَالَ: في أسفارهم" عَنْ الضحاك فِي قوله:"{ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ }، يعْنِي عَلَى أي حال كانوا بالليل والنهار، { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ }، يعْنِي إِنَّ يأخذ بعضاً بالعذاب ويترك بعضاً، وذلك أنه كَانَ يعذب القرية فيهلكها ويترك الأخرى" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ }، قَالَ: ينقص مِنَ اعمالهم" عَنْ ابن زَيْدٍ فِي قوله:"{ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ }، قَالَ: كَانَ يقال: التخوف، هُوَ التنقص... تنقصهم مِنَ البلد والأطراف" عَنْ قَتَادَة فِي ٤٨قوله:"{ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللّه مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا للّه ِ }، قَالَ: ظل كُلّ شيء فيه، وظل كُلّ شيء سجوده، فاليمين، أول النهار، { وَالشَّمَائِلِ }، آخر النهار" عَنْ الضحاك فِي قوله:"{ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللّه مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ }، قَالَ: إِذَا فاء الفيء توجه كُلّ شيء ساجداً للّه قبل القبلة مِنْ بيت أو شجر، قَالَ: فكانوا يستحبون الصلاة عند ذَلِكَ" عَنْ الضحاك في الآية، قَالَ:"إِذَا فاء الفيء، لَمْ يبق شيء مِنْ دابة ولا طائر إلا خر للّه ساجداً" عَنْ أَبِي غالب الشيباني قَالَ: أمواج البحر صلاته، عَنْ قَتَادَة فِي ٤٩قوله:"{ وَللّه يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْض مِنْ دَابَّةٍ }، قَالَ: لَمْ يدع شيئاً مِنْ خلقه إلا عبده لَهُ طائعاً أو كارهاً" عَنْ الحسن في الآية قَالَ:"يسجد مِنْ في السماوات طوعاً، ومن في الأَرْض طوعاً وكرهاً" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي ٥٢قوله:"{ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا }، قَالَ: { الدِّينُ }: الإخلاص، { وَاصِبًا }: دائماً" عَنْ أَبِي صالح فِي قوله:"{ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا }، قَالَ: لا إله إلا اللّه" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي ٥٣قوله:"{ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا }، قَالَ: دائما" عَنْ الحسن فى الآية قَالَ:"إِنَّ هَذَا الدين دين واصب.... شغل الناس وحال بَيْنَهُمْ وبين كثير مِنْ شهواتهم، فَمَا يستطيعه إلا مِنْ عرف فَضَّلَهُ ورجا عاقبته" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }، قَالَ: تتضرعون دعاء" عَنْ السُّدِّيِّ فِي قوله:"{ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }، يَقُولُ: تضجون بالدعاء" عَنْ قَتَادَة فِي ٥٤قوله:"{ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ..... }، قَالَ: الخلق كلهم يقرون للّه أنه ربهم، ثُمَّ يشركون بعد ذَلِكَ" عَنْ الحسن فِي ٥٥قوله:"{ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }، قَالَ: هُوَ وعيد" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا }، قَالَ: هم مشركوا العَرَب جعلوا لأوثانهم وشياطينهم نصيبا مما رزقهم اللّه، وجزأوا مِنَ اموالهم جزءاً، فجعلوه لأوثانهم وشياطينهم" عَنْ السُّدِّيِّ فِي ٥٦قوله:"{ وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ }، هُوَ قولهم: هَذَا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَيَجْعَلُونَ للّه الْبَنَاتِ...... } يقول: يجعلون لَهُ البنات، يرضونهن لَهُ ولا يرضونهن لأنفسهم، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إِذَا ولد للرجل منهم جارية أمسكها عَلَى هون، أو دسها في التراب وهي حية" عَنْ الضحاك فِي ٥٧قوله:"{ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ }، قَالَ: يعْنِي به البنين" عَنْ قَتَادَة فِي ٥٨قوله:"{ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ }، قَالَ: هَذَا صنيع مشركي العَرَب، أخبرهم اللّه بخبث صنيعهم، فأما المُؤْمِن فهو حقيق إِنَّ يرضى بما قسم اللّه لَهُ، وقضاء اللّه خير مِنْ قضاء المرء لنفسه، ولعمري، مَا ندري أنه لخير لرب جارية خير لأهلها مِنْ غلام، وإنما أخبركم اللّه بصنيعهم لتجتنبوه وتنتهوا عنه، فكان أحدهم يغذو كلبه ويئد ابنته" عَنْ السُّدِّيِّ في الآية، قَالَ:"كَانَتِ العَرَب يقتلون مَا ولد لَهُمْ مِنْ جارية، فيدسونها في التراب وهي حية حتى تموت" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ عَلَى هُونٍ }، أي: هوان بلغة قريش" عَنْ السُّدِّيِّ فِي ٥٩قوله:"{ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ }، قَالَ: بئس مَا حكموا، يَقُولُ: شيء لا يرضونه لأنفسهم، فكيف يرضونه لي" عَنْ قَتَادَة فِي ٦٠قوله:"{ وَللّه الْمَثَلُ الأَعْلَى }، قَالَ: شهادة إِنَّ لا إله إلا اللّه" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَللّه الْمَثَلُ الأَعْلَى }، قَالَ: يَقُولُ: ليس كمثله شيء" عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي ٦١قوله:"{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّه النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ }، قَالَ: مَا سقاهم المطر" عَنْ السُّدِّيِّ في الآية، يَقُولُ:"إِذَا قحط المطر لَمْ يبق في الأَرْض دابة إلا ماتت" عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:"كاد الجعل إِنَّ يعذب في جحره بذنب ابن آدم، ثُمَّ قرأ: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّه النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ }" عَنْ الضحاك فِي قوله:"{ وَيَجْعَلُونَ للّه مَا يَكْرَهُونَ }، قَالَ: يَقُولُ: تجعلون لي البنات وتكرهون ذَلِكَ لأنفسكم" عَنْ السُّدِّيِّ فِي ٦٢قوله:"{ وَيَجْعَلُونَ للّه مَا يَكْرَهُونَ }، قَالَ: وهن الجواري" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ إِنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى }، قَالَ: قول كفار قريش: لنا البنون وللّه البنات" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ }، أي: يتكلمون بـ { إِنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى }: الغلمان" عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قوله:"{ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ }، قَالَ: متروكون في النَّار ينسون فيها أبداً" عَنْ الحسن فِي قوله:"{ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ }، قَالَ: معجل بهم إِلَى النَّار" عَنْ ابن سيرين، إِنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ:"شرب لبنا، فقال لَهُ مطرف: هل تمضمضت؟ فقال: مَا أباليه بالة، اسمح يسمح لك، فقال قائل: إنه يخرج مِنْ بين فرث ودم، فقال ابن عباس: قد قَالَ اللّه: { لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ }" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، في الآية قَالَ:"السكر: الحرام منه، الرزق الحسن: زبيبه، وخله، وعنبه، ومنافعه" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، في الآية، قَالَ:"السكر: النبيذ، والرزق الحسن، فنسختها هذه الآية: { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ }" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، في الآية، قَالَ:"السكر: الخل، والنبيذ وما أشبهه، والرزق الحسن: الثمر والزبيب وما أشبهه" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي ٦٧قوله:"{ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا }، قَالَ: فحرم اللّه بعد ذَلِكَ السكر، مع تحريم الخمر، لأنه منه، ثُمَّ قَالَ: { وَرِزْقًا حَسَنًا }، فهو الحلال مِنَ الخل، والزبيب، والنبيذ، وأشباه ذَلِكَ، فأقره اللّه وجعله حلالاً للمسلمين" عَنْ السُّدِّيِّ فِي قوله:"{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا }، قَالَ: قالت العَرَب: { لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ }، قَالَ اللّه مَا أرسلت الرُّسِل إلا بشراً { فَاسْأَلُوا }، يا معشر العَرَب { أَهْل الذِّكْرِ }، وهم أَهْل الْكِتَاب مِنَ اليهود، والنصارى، الذين جاءتهم قبلكم { إِنَّ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }، إِنَّ الرُّسِل الذين كانوا قبل مُحَمَّد كانوا بشراً مثله، فإنهم سيخبرونكم أنهم كانوا بشراً مثله" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ،"{ فَاسْأَلُوا أَهْل الذِّكْرِ }، يعْنِي: مشركي قريش، إِنَّ محمداً رَسُول اللّه في التوراة والإنجيل" عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قوله:"{ فَاسْأَلُوا أَهْل الذِّكْرِ }، قَالَ: نَزَلَتْ في عَبْد اللّه بن سلام ونفر مِنَ اهْل التوراة، كانوا أَهْل كتب، يَقُولُ: فاسألوهم { إِنَّ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }، إِنَّ الرجل ليصلي ويصوم ويحج ويعتمر، وإنه لمنافق، قِيلَ: يا رَسُول اللّه، بماذا دَخَلَ عليه النفاق؟، قَالَ: يطعن عَلَى إمامه، وإمامه مِنْ قَالَ اللّه في كتابه: { فَاسْأَلُوا أَهْل الذِّكْرِ إِنَّ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ بِالْبَيِّنَاتِ }، قَالَ: الآيات، { وَالزُّبُرِ }، قَالَ: الكتب" عَنْ السُّدِّيِّ عَنِ اصحابه فِي قوله:"{ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ }، قَالَ: { الْبَيِّنَاتِ }، الحلال، والحرام الّذِي كانت تجيء به الأَنْبِيَاء، { وَالزُّبُرِ }: كتب الأَنْبِيَاء، { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ }، قَالَ: هُوَ القرآن" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }، قَالَ: مَا أحل لَهُمْ وما حرم عَلَيْهِمْ" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }، قَالَ: أرسله اللّه إِلَيْهِمْ ليتخذ بِذَلِكَ الْحُجَّة عَلَيْهِمْ" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ }، أي: الشرك" عَنْ الضحاك فِي قوله:"{ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ }، قَالَ: تكذيبهم الرُّسِل وأعمالهم بالمعاصي". قوله تعالى: { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ }، قَالَ: في اختلافهم". ٦٨قوله تعالى: { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ }، قَالَ: ألهمها" عَنْ الحسن قَالَ:"النحل دابة أصغر مِنَ الجندب، ووحيه إليها قذف في قلوبها" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ }، قَالَ: أمرها إِنَّ تأكل مِنْ كُلّ الثمرات، وأمرها إِنَّ تتبع سبل ربها ذللا". ٦٩قوله تعالى: { فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا} عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا }، قَالَ: طرقا لا يتوعر عليها مكان سلكته". قوله تعالى: { وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ} عَنْ ابن زَيْدٍ في الآية، قَالَ:"الذلول الّذِي يقاد ويذهب به حيث أراد صاحبه، قَالَ: فهم يخرجون بالنحل وينتجعون بها ويذهبون وهي تتبعهم، وقرأ: { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ} عَنْ السُّدِّيِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا} ، قَالَ: ذليلة لذلك، وفي قوله: { يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} ، قَالَ: هَذَا العسل، } فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ {، يَقُولُ: فيه شفاء الأوجاع التي شفاؤها فيه" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} ، قَالَ: هُوَ العسل فيه الشفاء، وفي القرآن" عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:"عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن". قوله تعالى: { وَمِنْكُمْ مِنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} عَنْ السُّدِّيِّ فِي قوله:"{ وَمِنْكُمْ مِنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} ، قَالَ: أرذل العمر هُوَ الخوف". قوله تعالى: { لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:"مِنْ قرأ القرآن لَمْ يرد إِلَى أرذل العمر، ثُمَّ قرأ: { لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} ". قوله تعالى: { وَاللّه فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَاللّه فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} ، يَقُولُ: لَمْ يكونوا يشركون عبيدهم في أموالهم ونسائهم، وكيف تشركون عبيدي معي في سلطاني؟" عَنْ مُجَاهِدٍ في الآية، قَالَ:"هَذَا مثل الآلهة الباطل مع اللّه" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَاللّه فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} ، قَالَ: هَذَا مثل ضربه اللّه، فهل منكم مِنَ احد يشارك مملوكه في زوجته وفي فراشه؟ ! أفتعدلون باللّه خلقه وعباده؟ فإن لَمْ ترض لنفسك بهذا، فاللّه أحق إِنَّ تبرئه مِنْ ذَلِكَ، ولا تعدل باللّه أحداً مِنْ عباده وخلقه" عَنْ عطاء الخراساني في الآية قَالَ:"هَذَا مثل ضربه اللّه في شأن الآلهة، فقال: كيف تعدلون بي عبادي، ولا تعدلون عبيدكم بأنفسكم، وتردون مَا فضلتم به عَلَيْهِمْ، فتكونون أنتم وهم في الرزق سواء؟" عَنْ الحسن البصري، قَالَ: كتب عمر بن الخطاب، إِلَى أَبِي مُوسَى الأشعري،"اقنع برزقك في الدُّنْيَا، فإن الرحمن فضل بعض عباده عَلَى بعض في الرزق، بلاء يبتلى به كلا، فيبتلى به مِنْ بسط لَهُ، كيف شكره فيه، وشكره للّه أداؤه الحق الّذِي افترض عليه مما رزقه وخوله". قوله تعالى: { وَاللّه جَعَلَ لَكُمْ مِنَ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا} عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَاللّه جَعَلَ لَكُمْ مِنَ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا} ، قَالَ: خلق آدم، ثُمَّ خلق زوجته منه". قوله تعالى: { وَحَفَدَةً} عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"الحفدة: الأصهار" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"الحفدة: الولد وولده" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"الحفدة: بنو البنين" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"الحفدة: بنو امراة الرجل لَيْسُوا منه" عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ:"الحفدة: الأعوان" عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:"الحفدة: الخدم" عَنْ الحسن قَالَ:"الحفدة: البنون وبنو البنين، ومن أعانك مِنَ اهْل أو خادم فقد حفدك". قوله تعالى: { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ} عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ} ، قَالَ: الشرك" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} ، قَالَ: هذه الأوثان التي تعبد مِنْ دون اللّه لا تملك لمن يعبدها رزقاً ولا ضراً ولا نفعاً ولا حياة ولا نشورا، { فَلا تَضْرِبُوا للّه الأَمْثَالَ} ، فإنه أحد صمد، { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} " عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي ٧٤قوله:"{ فَلا تَضْرِبُوا للّه الأَمْثَالَ }، يعْنِي اتخاذهم الأصنام، يَقُولُ: لا تجعلوا معي إلهاً غيري، فإنه لا إله غيري". ٧٥قوله تعالى: { ضَرَبَ اللّه مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ ضَرَبَ اللّه مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ }، يعْنِي الكافر، إنه لا يستطيع إِنَّ ينفق نفقة في سبيل اللّه، { وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا }، يعْنِي المُؤْمِن وهو المثل في النفقة" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ ضَرَبَ اللّه مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا }، قَالَ: هَذَا مثل ضربه اللّه للكافر رزقه اللّه مالاً فلم يقم فيه خيراً ولم يعمل فيه بطاعة اللّه، { وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا }، قَالَ: هُوَ المُؤْمِن أعطاه اللّه مالاً رزقاً حلالاً، فعمل فيه بطاعة اللّه، وأخذه بشكر ومعرفة حق اللّه، فأثابه اللّه عَلَى مَا رزقه الرزق المقيم الدائم لأهله في الْجَنَّة، قَالَ اللّه: { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا }، قَالَ: لا واللّه لا يستويان" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله:"{ ضَرَبَ اللّه مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا } و{ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ }، { وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ }، قَالَ: كُلّ هَذَا مثل إله الحق، وما يدعون مِنْ دونه الباطل" عَنْ الحسن فِي قوله:"{ ضَرَبَ اللّه مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ }، قَالَ: الصنم" عَنْ الرَّبِيعِ بن أنس قَالَ:"إِنَّ اللّه ضرب الأمثال عَلَى حسب الأعمال، فليس عمل صالح إلا لَهُ المثل الصالح، وليس عمل سوء إلا لَهُ مثل سوء، وَقَالَ: إِنَّ مثل العالم المتفهم كطريق بين شجر وجبل، فهو مستقيم لا يعوجه شيء، فذلك مثل الْعَبْد المُؤْمِن الّذِي قرأ القرآن وعمل به" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"نَزَلَتْ هذه الآية: { ضَرَبَ اللّه مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ }، في رجل مِنْ قريش وعبده، في هشام بن عمر، وهو الّذِي ينفق ماله سراً وجهراً، وفي عبده أَبِي الجوزاء الّذِي كَانَ ينهاه" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"ليس للعبد طلاق إلا بإذن سيده، وقرأ: { عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ }" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي ٧٦قوله:"{ وَضَرَبَ اللّه مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ }، إِلَى آخر الآية، يعْنِي بالأبكم الّذِي"هُوَ كُلّ عَلَى مولاه"، الكافر، وب قوله: { وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ }، المُؤْمِن، وهذا المثل في الأعمال". قوله تعالى: { وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ }، قَالَ: عثمان بن عفان" عَنْ السُّدِّيِّ في الآية، قَالَ:"هَذَا مثل ضربه اللّه للألهة أيضاً، أما الأبكم فالصنم، فإنه أبكم لا ينطق { وَهُوَ كُلّ عَلَى مَوْلاهُ }، ينفقون عليه وَعَلَى مِنْ يأتيه، ولا ينفق هُوَ عَلَيْهِمْ ولا يرزقهم، { هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ }، وهو اللّه". ٧٧قوله تعالى: { كُلّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ كُلّ }، قَالَ: الكل العيال، كانوا إِذَا ارتحلوا حملوه عَلَى بعير ذلول، وجعلوا معه نفراً يمسكونه خشية إِنَّ يسقط، فهو عناء وعذاب وعيال عَلَيْهِمْ، { هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }، يعْنِي: نفسه" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ }، هُوَ إِنَّ يَقُولُ: كن أو أقرب، فالساعة { كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ }". قوله تعالى: { كَلَمْحِ الْبَصَرِ عَنْ السُّدِّيِّ فِي قوله:"{ كَلَمْحِ الْبَصَرِ }، يَقُولُ: كلمح ببصر العين مِنَ السرعة أو { أَقْرَبُ }، مِنْ ذَلِكَ إِذَا أردنا". ٧٨قوله تعالى: { وَاللّه أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ عَنْ السُّدِّيِّ فِي قوله:"{ وَاللّه أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ }، قَالَ: مِنَ الرحم" عَنْ قَتَادَة فِي قوله:"{ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }، قَالَ: كرامة أكرمكم اللّه بها، فاشكروا نعمه". ٧٩قوله تعالى: { فِي جَوِّ السَّمَاء عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فِي جَوِّ السَّمَاء }، في كبد السَّمَاء" عَنْ السُّدِّيِّ، فِي قوله:"{ فِي جَوِّ السَّمَاء }، قَالَ: جوف السَّمَاء، { مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا اللّه }، قَالَ: يمسكه اللّه عَلَى كُلّ ذَلِكَ"، واللّه أعلم بالصواب. ٨٠قوله تعالى: { وَاللّه جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَاللّه جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا }، قَالَ: تسكنون فيها" عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قوله:"{ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا }، قَالَ: تسكنون وتقرون فيها، { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا }، وهي خيام الأعراب، { تَسْتَخِفُّونَهَا }، يَقُولُ: في الحمل، { وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ }، قَالَ: إِلَى الموت". قوله تعالى: { تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْم ظَعْنِكُمْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْم ظَعْنِكُمْ }، قَالَ: بعض بيوت السيارة بنيانه في ساعة، وفي قوله: { وَأَوْبَارِهَا }، قَالَ: الإبل، { وَأَشْعَارِهَا }، قَالَ: الغنم". قوله تعالى: { أَثَاثًا } عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ أَثَاثًا }، قَالَ: الأثاث المال، { وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ }، يَقُولُ: تنتفعون به إِلَى حين". ٨١قوله تعالى: { وَاللّه جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَاللّه جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا }، قَالَ: مِنَ الشجر ومن غيرها، { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا }، قَالَ: غارات يسكن فيها، { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرّ }، مِنَ القطن، والكتان، والصوف، { وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ }، مِنَ الحديد، { كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ }، ولذلك هذه السُورَة تسمى سُورَة النعم". قوله تعالى: { لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ مِنْ طَرِيق الكسائي، عَنْ حمزة، عَنِ الأعمش، وعاصم، أنهم قرأوا:"{ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ }، برفع التاء مِنَ اسلمت". قوله تعالى: { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ }، قَالَ: يعْنِي الثياب، { وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ }، قَالَ: يعْنِي الدروع والسلاح، { كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ }، يعْنِي مِنَ الجراحات، وكان ابن عباس يقرؤها: { تُسْلِمُونَ }" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ: إِنَّ أعرابياً أتى النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله؟ فقرأ عليه رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"{ وَاللّه جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا }، قَالَ الأعرابي: نعم، قَالَ: { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا }، قَالَ الأعرابي: نعم، ثُمَّ قرأ عليه، كُلّ ذَلِكَ يَقُولُ: نعم، حتى بلغ: { كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ }، فولى الأعرابي، فأنزل اللّه: { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّه ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ }". ٨٣قوله تعالى: { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّه ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّه ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا }، قَالَ: هي المساكن، والأنعام، وما ترزقون منها، والسرابيل مِنَ الحديد، والثياب، تعرف هَذَا كفار قريش، ثُمَّ تنكره بأن تقول: هَذَا كَانَ لآبائنا فورثونا إياه" عَنْ عون بن عَبْد اللّه، فِي قوله:"{ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّه ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا }، قَالَ: إنكارهم إياها، إِنَّ يَقُولُ الرجل: لولا فلان أصابني كذا وكذا، ولولا فلان لَمْ أصب كذا وكذا". ٨٤قوله تعالى: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا }، قَالَ: شهيدها نبيها عَلَى أنه قد بلغ رسالات ربه، قَالَ اللّه: { وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ }، قَالَ: ذكر لنا إِنَّ نَبِيّ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قرأ هذه الآية، فاضت عيناه" عَنِ أَبِي العالية، فِي ٨٥قوله:"{ وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ }، قَالَ: هَذَا ك قوله: { هَذَا يَوْم لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } ٨٦قوله تعالى: { فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمْ الْقَوْلَ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمْ الْقَوْلَ }، قَالَ: حدثوهم" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٨٧قوله:"{ وَأَلْقَوْا إِلَى اللّه يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ }، يَقُولُ: ذلوا واستسلموا يومئذ". ٨٨قوله تعالى: { زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قوله:"{ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ }، قَالَ: زيدوا عقارب لها أنياب كالنخل الطوال" عَنِ السُّدِّيِّ، في الآية، قَالَ:"إِنَّ أَهْل النَّار إِذَا جزعوا مِنْ حرها استغاثوا بضحضاح في النَّار، فإذا أتوا تلقاهم عقارب كأنهن البغال الدهم، وأفاع كأنهن البخاتي فضربنهم، فذلك الزيادة" عَنْ عبيد بن عمير، قَالَ:"إِنَّ في جهنم لجبايا فيها حيات أمثال البخت، وعقارب أمثال البغال، يستغيث أَهْل النَّار مِنْ تلك الجباب إِلَى الساحل، فتثب إِلَيْهِمْ فتأخذ جباههم وشفارهم فكشطت لحومهم إِلَى أقدامهم فيستغيثون منها إِلَى النَّار، فتتبعهم حتى تجد حرها فترجع وهي في أسراب" مِنْ طَرِيق الأعمش، عَنْ مالك بن الحَارِث، قَالَ:"إِذَا طرح الرجل في النَّار هوى فيها، فإذا انتهى إِلَى بعض أبوابها قِيلَ: مكانك حتى تتحف، فيسقى كأساً مِنْ سم الأساود والعقارب، فيتميز الجلد عَلَى حدة، والشعرعلى حدة، والعصب عَلَى حدة، والعروق عَلَى حدة" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ }، قَالَ: خمسة أنهار مِنْ نار صبها اللّه عَلَيْهِمْ، يعذبون ببعضها بالليل وببعضها بالنهار". ٨٩قوله تعالى: { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَاب تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:"إِنَّ اللّه أنزل في هَذَا الْكِتَاب تبياناً لكل شيء، ولقد علمنا بعضاً مما بين لنا في القرآن، ثُمَّ تلا: { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَاب تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ }، قَالَ: بالسنة". ٩٠عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ: بينما رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفناء بيته جالساً، إذ مر عثمان بن مظعون رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فجلس إِلَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبينما هُوَ يحدثه إذ شخص بصره إِلَى السَّمَاء، فنظر ساعة إِلَى السَّمَاء، فأخذ يضع بصره حتى وضعه عَلَى يمينه في الأَرْض، فتحرف رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جليسه عثمان إِلَى حيث وضع رأسه، فأخذ ينفض رأسه كأنه يستفقه مَا يقال لَهُ، فلما قَضَى حاجته، شخص بصر رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاء كما شخص أول مرة، فأتبعه بصره حتى توارى في السَّمَاء، فأقبل إِلَى عثمان كجلسته الأولى، فسأله عثمان رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فقال:"أتاني جبريل آنفاً، قَالَ: فَمَا قَالَ لك؟ قَالَ: { إِنَّ اللّه يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ، } إِلَى قَوْلِهِ {: تَذَكَّرُونَ }، قَالَ عثمان رَضِيَ اللّه عَنْهُ: فذلك حين استقر الإِيمَان في قلبي، وأحببت مُحَمَّدًا صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" حَدَّثَنَا أبو النضر، حَدَّثَنَا عَبْد الحميد، حَدَّثَنَا شهر، حَدَّثَنِي عَبْد اللّه بن عباس، قَالَ: بينما رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفناء بيته جالس، إذ مر عثمان بن مظعون، فكشر إِلَى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لَهُ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا تجلس؟ فقال: بلى، قَالَ: فجلس رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستقبله، فبينما هُوَ يحدثه إِذَا شخص رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببصره إِلَى السَّمَاء، فنظر ساعة إِلَى السَّمَاء، فأخذ يضع بصره حتى وضعه عَلَى يمنته في الأَرْض، فتحرف رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جليسه عثمان إِلَى حيث وضع بصره، فأخذ ينغض رأسه كأنه يستفقه مَا يقال لَهُ، وابن مظعون ينظر، فلما قَضَى حاجته واستفقه مَا يقال لَهُ شخص بصر رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاء كما شخص أول مرة، فأتبعه بصره حتى توارى في السَّمَاء، فأقبل إِلَى عثمان بجلسته الأولى، فقال: يا مُحَمَّد، فيم كنت أجالسك؟ مَا رأيتك تفعل كفعلك الغداة ! قَالَ: وما رأيتني فعلت؟ قَالَ: رأيتك شخص بصرك إِلَى السَّمَاء، ثُمَّ وضعته حيث وضعته عَلَى يمينك، فتحرفت إليه وتركتني، فأخذت تنغض رأسك كأنك تستفقه شيئاً يقال لك، قَالَ: وفطنت لذلك؟ فقال عثمان: نعم، قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أتاني رَسُول اللّه آنفاً وأنت جالس، قَالَ: رَسُول اللّه؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فَمَا قَالَ لك؟ قَالَ: { إِنَّ اللّه يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }، قَالَ عثمان: فذلك حين استقر الإِيمَان في قلبي، وأحببت مُحَمَّدًا صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ إِنَّ اللّه يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ }، قَالَ: شهادة إِنَّ لا إله إلا اللّه، { وَالإِحْسَانِ }، قَالَ: أداء الفرائض، { وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى }، قَالَ: إعطاء ذوي الرحم الحق الّذِي أوجبه اللّه عليك بسبب القرابة والرحم، { وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ }، قَالَ: الزنا، { وَالْمُنْكَرِ }، قَالَ: الشرك، { وَالْبَغْيِ }، قَالَ: الكبر والظلم، { يَعِظُكُمْ }، قَالَ: يوصيكم { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }" عَنْ مُحَمَّد بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، قَالَ: دعاني عمر بن عَبْد العزيز، فقال:"صف لي العدل، فقلت: بخ سألت عَنِ امر جسيم، كن لصغير الناس أباً، ولكبيرهم إبناً، وللمثل منهم أخاً، وللنساء كذلك، وعاقب الناس عَلَى قدر ذنوبهم، وَعَلَى قدر أجسادهم، ولا تضربن بغضبك سوطاً واحداً متعدياً، فتكون مِنَ العادين" عَنِ الشعبي، قَالَ:"قَالَ عِيسَى بن مريم: إنما الإحسان إِنَّ تحسن إِلَى مِنَ اساء إليك واللّه أعلم" عَنْ مزيدة بن جابر، فِي ٩١قوله تعالى:"{ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللّه إِذَا عَاهَدْتُمْ }، قَالَ: نَزَلَتْ هذه الآية في بيعة النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ مِنَ اسلم بايع عَلَى الإسلام، فقال: { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللّه إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الإِيمَان بَعْدَ تَوْكِيدِهَا }، فلا تحملنكم قلة مُحَمَّد، وأصحابه، وكثرة المشركين إِنَّ تنقضوا البيعة التي بايعتم عَلَى الإسلام". قوله تعالى: { وَلا تَنْقُضُوا الإِيمَان بَعْدَ تَوْكِيدِهَا عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قوله:"{ وَلا تَنْقُضُوا الإِيمَان بَعْدَ تَوْكِيدِهَا }، قَالَ: تغليظها في الحلف، { وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّه عَلَيْكُمْ كَفِيلا }، قَالَ: وكيلاً". قوله تعالى: { وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّه عَلَيْكُمْ كَفِيلا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قوله:"{ وَلا تَنْقُضُوا الإِيمَان بَعْدَ تَوْكِيدِهَا }، يعْنِي بعد تغليظها وتشديدها، { وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّه عَلَيْكُمْ كَفِيلا }، يعْنِي في العهد شهيداً". ٩٢قوله تعالى: { وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا عَنِ أَبِي بكر بن حفص، قَالَ:"كانت سعيدة الأسدية مجنونة تجمع الشعر والليف، فنزلت هذه الآية: { وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا...... }" عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قوله:"{ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا }، قَالَ: كَانَتِ امرأة بمكة، كانت تسمى خرقاء مكة، كانت تغزل، فإذا أبرمت غزلها تنقضه" عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قوله:"{ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا }، قَالَ: نقضت حبلها بعد إبرامها إياه". ٩٤قوله تعالى: { تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ عَنْ قَتَادَة، في الآية قَالَ:"لو سمعتم بامرأة نقضت غزلها مِنْ بعد إبرامه لقلتم: مَا أحمق هذه ! وهذا مثل ضربه اللّه لمن نكث عهده، وفي قوله:"{ تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ }، قَالَ: خيانة وغدراً". قوله تعالى: { إِنَّ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنَ امَّةٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ إِنَّ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنَ امَّةٍ }، قَالَ: ناس أكثر مِنْ ناس" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِنَّ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنَ امَّةٍ }، قَالَ: كانوا يحالفون الحلفاء فيجدون أكثر منهم وأعز فينقضون حلف هؤلاء، ويحالفون هؤلاء الذين هم أعز، فنهوا عَنْ ذَلِكَ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، في الآية، قَالَ:"ولا تكونوا في نقض العهد بمنزلة التي نقضت غزلها مِنْ بعد قوة أنكاثاً، يعْنِي بعد مَا أبرمته، { تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ }، يعْنِي العهد، { دَخَلا بَيْنَكُمْ }، يعْنِي بين أَهْل العهد، يعْنِي مكراً، أو خديعة ليدخل العله، فيستحل به نقض العهد، { إِنَّ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنَ امَّةٍ }، يعْنِي أكثر، { إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّه بِهِ }، يعْنِي بالكثرة، { وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْم الْقِيَامَة مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شَاءَ اللّه لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً، يعْنِي المسلمة والمشركة }، { أُمَّةً وَاحِدَةً }، يعْنِي مِلَّة الإسلام وحدها، { وَلكِنْ يُضِلُّ مِنْ يَشَاءُ }، يعْنِي عَنْ دينه، وهم المشركون، { وَيَهْدِي مِنْ يَشَاءُ }، يعْنِي المسلمين، { وَلَتُسْأَلُنَّ }، يَوْم الْقِيَامَة { عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }، ثُمَّ ضرب مثلاً آخر للناقض العهد، فقال: { وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ }، يعْنِي العهد، { دَخَلا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا }، يَقُولُ: إِنَّ ناقض العهد يزل في دينه كما يزل قدم الرجل بعد الاستقامة، { وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللّه }، يعْنِي العقوبة، { وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللّه ثَمَنًا قَلِيلا }، يعْنِي عرضا مِنَ الدُّنْيَا يسيراً، { إِنَّمَا عِنْدَ اللّه }، يعْنِي الثواب، { هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ }، يعْنِي أفضل لكم مِنَ العاجل، { مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ }، يعْنِي مَا عندكم مِنَ الأموال يفنى، { وَمَا عِنْدَ اللّه بَاقٍ }، يعْنِي وما عند اللّه في الآخرة مِنَ الثواب دائم لا يزول عَنِ اهله، وليجزين { الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }، في الدُّنْيَا ويعفو عَنْ سيئاتهم". ٩٧قوله تعالى: { مِنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، أنه سئل عَنْ هذه الآية:"{ مِنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }، قَالَ: الحياة الطيبة، الرزق الحلال في هذه الحياة الدُّنْيَا، وَإِذَا صار إِلَى ربه جازاه بأحسن ماكان يعمل". قوله تعالى: { حَيَاةً طَيِّبَةً عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ حَيَاةً طَيِّبَةً }، قَالَ: الكسب الطيب، والعمل الصالح" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ حَيَاةً طَيِّبَةً }، قَالَ: السعادة" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }، قَالَ: القنوع، قَالَ: وكان رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو: اللّهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلف عَلَى كُلّ غائبة لي بخير" عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ حَيَاةً طَيِّبَةً }، قَالَ: مَا تطيب الحياة لأحد إلا في الْجَنَّة". ٩٨قوله تعالى: { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّه مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّه مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }، قَالَ: هَذَا دليل مِنَ اللّه دل عليه عباده". ٩٩قوله تعالى: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ عَنْ سُفْيَانَ الثوري، فِي قوله:"{ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا }، قَالَ: ليس لَهُ سلطان عَلَى إِنَّ يحملهم عَلَى ذنب لا يغفر لَهُمْ" عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي ١٠٠قوله:"{ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ }، قَالَ: حجته عَلَى الذين يتولونه، { وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ }، قَالَ: يعدلونه برب العالمين" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ }، يَقُولُ: سلطان الشيطان عَلَى مِنْ تولى الشيطان وعمل بمعصية اللّه" عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس، في الآية، قَالَ:"إِنَّ عدو اللّه إبليس حين غلبت عليه الشقاوة، قَالَ: { لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ }، فهؤلاء الذين لَمْ يجعل للشيطان عَلَيْهِمْ سبيل، وإنما سلطانه عَلَى قوم اتخذوه ولياً، فأشركوه في أعمالهم" عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي ١٠١قوله:"{ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ }، قَالَ: هُوَ ك قوله: { مَا نَنْسَخْ مِنَ ايَةٍ أَوْ نُنْسِهَا }" عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قوله:"{ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ }، قَالَ: هَذَا في الناسخ والمنسوخ، قَالَ: إِذَا نسخنا آية وجئنا بغيرها، قالوا: مَا بالك؟، قلت: كذا وكذا، ثُمَّ نقضته أنت تفتري، قَالَ اللّه: { وَاللّه أَعْلَمُ بِمَا يَنْزِل }" عَنْ مُجَاهِدٍ،"{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ }، أي ١٠٣قوله: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ }، قَالَ: قول قريش: إنما يعلم محمداً بن الحضرمي وهو صاحب كتب { لِسَانُ الّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ } قَالَ:"كانوا يقولون: إنما يعلمه سلمان الفارسي، وأنزل اللّه: { لِسَانُ الّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ }"، مِنْ طَرِيق ابن شهاب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ: إِنَّ الّذِي ذكر اللّه في كتابه أنه قَالَ: { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ }، إنما افتتن مِنَ انه كَانَ يكتب الوحي لرسول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان يملي عليه سميع عليم، أوعزيز حكيم أو نحو ذَلِكَ مِنْ خواتيم الآية، ثُمَّ يشتغل عنه رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ: يا رَسُول اللّه، أعزيز حكيم أو سميع عليم؟ فَيَقُولُ:"أي ذَلِكَ كتبت فهو كذلك"، فافتتن، وَقَالَ: إِنَّ محمداً ليكل ذَلِكَ إِلَى فأكتب مَا شئت"، فهذا الّذِي ذكر لي سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ مِنَ الحروف السبعة عَنِ السُّدِّيِّ، في الآية، قَالَ:"كَانَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا آذاه أَهْل مكة دَخَلَ عَلَى عَبْد لبني الحضرمي يقال لَهُ: أبو يسر، كَانَ نصرانياً وكان قد قرأ التوراة، والإنجيل، فساءله وحدثه، فلما رآه المشركون يدخل عليه، قالوا: يعلمه أبو اليسر، قَالَ اللّه: { وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ }، ولسان أَبِي اليسر عجمي". ١٠٥قوله تعالى: { إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ عَنْ مَعَاوِية بن صالح، قَالَ: ذكر الكذب عند أَبِي أمامة، فقال:"اللّهم عفواً، أما تسمعون اللّه يَقُولُ: { إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّه وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ }" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لما أراد رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يهاجر إِلَى المدينة، قَالَ لأصحابه:"تفرقوا عني، فمن كانت به قوة فليتأخر إِلَى آخر الليل، ومن لَمْ تكن قوة، فليذهب في أول الليل، فإذا سمعتم بن قد استقرت بي الأَرْض، فالحقوا بي"، فأصبح بلال المؤذن، وخباب، وعمار، وجارية مِنْ قريش كَانَتِ اسلمت، فأصبحوا بمكة فأخذهم المشركون وأبو جهل، فعرضوا عَلَى بلال إِنَّ يكفر فأبى، فجعلوا يضعون درعاً مِنْ حديد في الشمس، ثُمَّ يلبسونها إياه، فإذا ألبسوها إياه، قَالَ: أحد.. أحد..، وأما خباب فجعلوا يجرونه في الشوك، وأما عمار، فقال لَهُمْ كلمة أعجبتهم تقية، وأما الجارية فوتد لها أبو جهل أربعة أوتاد ثُمَّ مدّها، فأدخل الحربة في قبلها حتى قتلها، ثُمَّ خلوا عَنْ بلال، وخباب، وعمار، فلحقوا برسول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبروه بالذي كَانَ مِنَ امرهم، واشتد عَلَى عمار الّذِي كَانَ تَكَلَّمَ به، فقال لَهُ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كيف كَانَ قلبك حين قلت الّذِي قلت، أكان منشرحاً بالذي قلت أم لا؟"، قَالَ: لا، قَالَ: وأنزل اللّه: { إِلا مِنَ اكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ }" مِنْ طَرِيق أَبِي عبيدة بن مُحَمَّد بن عمار، عَنْ أبيه، قَالَ: أخذ المشركون عمار بن ياسر، فلم يتركوه حتى سبّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكر آلهتهم بخير ثُمَّ تركوه، فلما أتى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"مَا وراءك شيء؟"، قَالَ: شر، مَا تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، قَالَ:"كيف تجد قلبك؟"، قَالَ: مطمئن بالإيمان، قَالَ:"إِنَّ عادوا فعد، فنزلت: { إِلا مِنَ اكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ }" عَنْ مُحَمَّد بن سيرين، قَالَ:"نَزَلَتْ هذه الآية: { إِلا مِنَ اكْرِهَ }، في عياش بن أَبِي ربيعة" عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:"نَزَلَتْ هذه الأية في أناس مِنَ اهْل مكة آمنوا، فكتب إِلَيْهِمْ بعض الصحابة بالمدينة إِنَّ هاجروا فإنا لا نرى أنكم منا حتى تهاجروا إلينا، فخرجوا يريدون المدينة، فأدركتهم قريش في الطريق ففتنوهم، فكفروا مكرهين، ففيهم نَزَلَتْ هذه الآية" مِنْ طَرِيق علي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي ١٠٦قوله:"{ مِنْ كَفَرَ بِاللّه }، قَالَ: أخبر اللّه سبحانه إِنَّ { مِنْ كَفَرَ بِاللّه مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ }، فعليه غضب مِنَ اللّه وله عذاب عظيم، فأما مِنَ اكره، فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بِذَلِكَ مِنْ عدوه، فلا حرج عليه، لأن اللّه سبحانه إنما يؤاخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم". ١١٠-١١١رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: كنت عند عمر بن الخطاب رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فقال:"خوفنا يا كَعْبٍ، فقلت: يا أمير المؤمنين، أو ليس فيكم كتاب اللّه وحكمه رسوله؟، قَالَ: بلى، ولكن خوفنا، قلت: يا أمير المؤمنين، لو وافيت الْقِيَامَة بعمل سبعين نبياً لازدريت عملك مما ترى، قَالَ: زدنا، قلت: يا أمير المؤمنين، لو فتح مِنْ جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب، لغلا دماغه حتى يسيل مِنْ حرها، قَالَ: زدنا، قلت: يا أمير المؤمنين، إِنَّ جهنم لتزفر زفرة يَوْم الْقِيَامَة، لا يبقى ملك مقرب ولا نَبِيّ مرسل إلا خر جاثياً عَلَى ركبتيه، حتى إِنَّ إبراهيم خليله ليخر جاثياً عَلَى ركبتيه، فَيَقُولُ: رب نفسي..... نفسي..... لا أسألك اليوم إلا نفسي فأطرق عمر ملياً، قلت: يا أمير المؤمنين، أو ليس تجدون هَذَا في كتاب اللّه؟، قَالَ: كيف؟، قلت: قول اللّه في هذه الآية: { يَوْم تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ }" عَنْ عطية رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ١١٢قوله:"{ وَضَرَبَ اللّه مَثَلا قَرْيَةً}، قَالَ: هي مكة، ألا ترى أنه قَالَ: { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُول مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ}" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَأَذَاقَهَا اللّه لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ}، قَالَ: فأخذهم اللّه بالجوع، والخوف، والقتل، وفي ١١٣قوله: { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُول مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ}، قَالَ: أي واللّه يعرفون نسبه وأمره" عَنْ سليم بن عمر، قَالَ: صحبت حفصة زوج النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي خارجة مِنْ مكة إِلَى المدينة، فأخبرت إِنَّ عثمان قد قتل، فرجعت، وقالت:"ارجعوا بي، فوالذي نفسي بيده، إنها للقرية التي قَالَ اللّه: { قَرْيَةً كَانَتِ امِنْةً مُطْمَئِنَّةً.....}" عَنِ ابْنِ شهاب، قَالَ:"القرية التي قَالَ اللّه: { كَانَتِ امِنَةً مُطْمَئِنَّةً}، هي يثرب" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ١١٥قوله:"{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ}، قَالَ: إِنَّ الإسلام دين مطهر، طهره اللّه مِنْ كُلّ سوء وجعل لك فيه يا ابن آدم، سعة إِذَا اضطررت إِلَى شيء مِنْ ذَلِكَ". ١١٦قوله تعالى: { وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ}، قَالَ: هي البحيرة والسائبة" عَنِ أَبِي نضرة، قَالَ:"قرأت هذه الآية في سُورَة النحل: { وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ....}، فلم أزل أخاف الفتيا إِلَى يومي هَذَا". ١١٨قوله تعالى: { وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَنْ قَتَادَة، فِي قوله:"{ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ}، قَالَ: مَا قص اللّه ذكره في سُورَة الأنعام، حيث يَقُولُ: { وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلّ ذِي ظُفُرٍ، } إِلَى قَوْلِهِ {: وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}" عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، أنه سئل:"مَا الأمة؟ قَالَ: الّذِي يعلم الناس الخير، قالوا: فَمَا القانت؟ قَالَ: الّذِي يطيع اللّه ورسوله". ١٢٠قوله تعالى: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا}، قَالَ: كَانَ عَلَى الأسلام ولم يكن في زمانه مِنْ قَوْمِهِ أحد عَلَى الإسلام غيره، فلذلك قَالَ اللّه: { كَانَ أُمَّةً قَانِتًا}" عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قوله:"{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}، قَالَ: كَانَ مؤمناً وحده والناس كفار كلهم" عَنْ قَتَادَة، فِي قوله:"{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}، قَالَ: إمام هدى يقتدى به وتتبع سنته" عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي ١٢٢قوله:"{ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، قَالَ: لسان صدق" عَنْ قَتَادَة، فِي قوله:"{ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، قَالَ: فليس مِنَ اهْل دين إلا يرضاه ويتولاه". قوله تعالى: ١٢٤{ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قوله:"{ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ}، قَالَ: أراد الجمعة، فأخذوا السبت مكانه" عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قوله:"{ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ}، قَالَ: إِنَّ اللّه فرض عَلَى اليهود الجمعة، فأبوا وقالوا: يا موسى، إنه لَمْ يخلق يَوْم السبت شيئاً، فاجعل لنا السبت، فلما جعل عَلَيْهِمْ السبت استحلوا فيه ماحرم عَلَيْهِمْ" مِنْ طَرِيق السُّدِّيِّ، عَنِ أَبِي مَالِكٍ، وسعيد بن جبير، فِي قوله:"{ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ}، قَالَ: باستحلالهم إياه، رآى موسى عَلَيْهِ السَّلامُ رَجُلاً يحمل حطباً يَوْم السبت، فضرب عنقه". ١٢٥قوله تعالى: { وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، قَالَ: أعرض عَنِ اذاهم إياك" حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدَّثَنَا أبو أحمد الزبيري، حَدَّثَنَا مسعر، عَنِ ابْنِ عون، عَنْ مُحَمَّد بن حاطب، قَالَ:"كَانَ عثمان رَضِيَ اللّه عَنْهُ مِنَ الذين آمنوا، والذين اتقوا، والذين هم محسنون" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، قَالَ:"كانوا قد أمروا بالصفح عَنِ المشركين فأسلم رجال ذو منعة، فقالوا: يا رَسُول اللّه، لو أذن اللّه لنا لانتصرنا مِنْ هؤلاء الكلاب، فنزلت هذه الآية، ثُمَّ نسخ ذَلِكَ بالجهاد". ١٢٨قوله تعالى: { إِنَّ اللّه مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ عَنِ الحَسَنِ، فِي قوله:"{ إِنَّ اللّه مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}، قَالَ: اتقوا فيما حرم اللّه عَلَيْهِمْ وأحسنوا فيما افترض عَلَيْهِمْ". قوله تعالى: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ عَنْ مُحَمَّد بن سيرين، فِي قوله:"{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}، قَالَ: إِنَّ أخذ منك رجل شيئاً، فخذ منه مثله". آخر تفسير سُورَة النحل |
﴿ ٠ ﴾