سورة الإسراء١قوله تعالى: { سُبْحَانَ الّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن نمير، حَدَّثَنَا يونس بن بكير، حَدَّثَنَا عِيسَى بن عَبْد اللّه التميمي يعْنِي أبا جعفر الرازي، عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس البكرى، عَنِ ابى العالية أو غيره، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي قوله:"{ سُبْحَانَ الّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنَ ايَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، قَالَ: جاء جبريل عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعه ميكائيل، فقال جبريل لميكائيل عليهما السلام: ائتني بطست مِنْ ماء زمزم كيما أطهر قلبه، واشرح صدره، فشق عنه بطنه فغسله ثلاث مرات، واختلف إليه ميكائيل عَلَيْهِ السَّلامُ بثلاث طساس مِنْ ماء زمزم، فشرح صدره ونزع ماكان فيه مِنْ غل وملأه حلماً، وعلماً، وإيماناً، ويقيناً، وإسلاماً، وختم بين كتفيه بخاتم النبوة، ثُمَّ أتاه بفرس فحمل عليه... كُلّ خطوة منه منتهى بصره، فسار وسار معه جبريل، فأتى عَلَى قوم يزرعون في يَوْم ويحصدون في يَوْم.... كلما حصدوا عاد كما كَانَ، فقال النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا جبريل، ماهذا.... !؟ قَالَ: هؤلاء المجاهدون في سبيل اللّه يضاعف لَهُمْ الحسنة بسبعمائة ضعف، وما أنفقوا مِنْ شيء فهو يخلفه، ثُمَّ أتى عَلَى قوم عَلَى أقبالهم رقاع وعلي أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها، قَالَ: مَا هؤلاء يا جبريل !؟، قَالَ: هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم وما ظلمهم اللّه شيئاً، ثُمَّ أتى عَلَى قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر ولحم آخر نيىء خبيث، فجعلوا يأكلون مِنَ النيىء الخبيث، ويتركون النضيج الطيب، قلت: مَا هؤلاء يا جبريل !؟، قَالَ: هَذَا الرجل مِنَ امتك تكون عنده المرأة الحلال، فيأتي امرأة خبيثة، فيبيت عندها حتى يصبح، والمرأة تقوم مِنْ عند زوجها حلالاً طيباً، فتأتي رَجُلاً خبيثاً تبيت معه حتى تصبح، ثُمَّ اتى عَلَى خشبة عَلَى الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شىء إلا خرقته، قَالَ: مَا هَذَا يا جبريل.. !؟، قَالَ: هَذَا مثل أقوام مِنَ امتك يقعدون عَلَى الطريق فيقطعونه، ثُمَّ أتى عَلَى رجل قد جَمَعَ حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يَزِيد عليه، فقال: مَا هَذَا يا جبريل؟، قَالَ: هَذَا الرجل مِنَ امتك يكون عليه امانات الناس لا يقدر علي أدائها وهو يريد إِنَّ يحمل عليها، ثُمَّ أتى علي قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض مِنْ نار كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم مِنْ ذَلِكَ شىء، قَالَ: مَا هؤلاء يا جبريل.. !؟، قَالَ: هؤلاء خطباء الفتنة، ثُمَّ أتى عَلَى حجر صغير يخرج مِنْ ثور عظيم، فجعل الثور يريد إِنَّ يرجع مِنْ حيث خرج فلا يستطيع، قَالَ: مَا هَذَا يا جبريل؟، قَالَ: هَذَا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة، ثُمَّ يندم عليها فلا يستطيع إِنَّ يردها ثُمَّ أتى عَلَى وادٍ، فوجد ريحاً طيبة باردة وريح مسك، وسمع صوتاً، فقال: يا جبريل، مَا هَذَا؟، قَالَ: هَذَا صوت الْجَنَّة.. تقول: يارب، ائتني بما وعدتني، فقد كثرت غرفي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي واكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائى ولبني وخمري فائتني ماوعدتني، فقال: لك كُلّ مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة، قالت: رضيت، ثُمَّ أتى عَلَى وادٍ فسمع شكوى ووجد ريحاً منتنة، فقال: مَا هَذَا يا جبريل؟، قَالَ: هَذَا صوت جهنم، تقول: رب ائتني بما وعدتني، فلقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي، وقد بعد قعري واشتد حري فائتني ماوعدتني، قَالَ: لك كُلّ مشرك ومشركة وكافر وكافرة وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب، قالت: قد رضيت، ثُمَّ سار حتى أتى بيت المقدس، فنزل فربط فرسه إِلَى صخرة ثُمَّ دَخَلَ فصلى مع الملائكة عَلَيْهِمْ السلام، فلما قضيت الصلاة، قالوا: يا جبريل، مِنْ هَذَا معك؟ قَالَ: مُحَمَّد صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالوا: وقد بعث إليه؟، قَالَ: نعم، قالوا: حياه اللّه مِنَ اخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة نعم المجيىء جاء، ثُمَّ لقى أرواح الأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السلام فأثنوا عَلَى ربهم، فقال إبراهيم عَلَيْهِ السَّلامُ: الحمد للّه الّذِي اتخذني خليلاً وأعطاني ملكاً عظيماً وجعلني أمة قانتاً يؤتم بي وأنقذني مِنَ النَّار وجعلها عليّ برداً وسلاماً، ثُمَّ إِنَّ موسى عَلَيْهِ السَّلامُ أثنى عَلَى ربه عز وجل، فقال: الحمد للّه الّذِي كلمني تكليماً وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل عَلَى يدي، وجعل مِنَ امتي قوماً يهدون بالحق وبه يعدلون، ثُمَّ إِنَّ داود عَلَيْهِ السَّلامُ اثنى عَلَى ربه، فقال: الحمد للّه الّذِي جعل لي ملكاً عظيماً، وعلمني الزبور وألان لي الحديد وسخر لي الجبال يسبحن والطير وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب، ثُمَّ إِنَّ سليمان عَلَيْهِ السَّلامُ اثنى عَلَى ربه، فقال: الحمد للّه الّذِي سخر لي الرياح وسخر لي الشياطين يعملون ماشئت مِنْ محاريب وتماثيل وجفان كالجوارب وقدور راسيات وعلمني منطق الطير وآتاني مِنْ كُلّ شىء فضلاً وسخر لي جنود الشياطين والإِنْس والطير وفضلني عَلَى كثير مِنْ عباده المؤمنين وآتاني ملكاً عظيماً لا ينبغي لأحد مِنْ بعدي وجعل ملكي ملكاً طيباً ليس فيه حساب، ثُمَّ إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ أثنى عَلَى ربه، فقال: الحمد للّه الّذِي جعلني كلمته وجعل مثلي مثل أدم خلقه مِنْ تراب، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كن فيكون وعلمني الْكِتَاب والحكمة والتوراة والأنجيل وجعلني أخلق مِنَ الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن اللّه وجعلني أبرىء الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن اللّه ورفعني وطهرني وأعاذني وأمي مِنَ الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان علينا سبيل، ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثنى عَلَى ربه عز وجل، فقال: كلكم أثنى عَلَى ربه واني مثن عَلَى ربي، قَالَ: الحمد للّه الّذِي أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيراً ونذيراً، وأنزل عَلَى الفرقان فيه تبيان لكل شىء وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس وجعل أمتي أمة وسطاً وجعل أمتي هم الأولون والآخرون، وشرح لي صدري ووضع عني وزري، ورفع لي ذكري، وجعلني فاتحاً وخاتماً، فقال إبراهيم عَلَيْهِ السَّلامُ: بهذا فضلكم مُحَمَّد صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أتى بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها فأتى بإناء منها فيه ماء، فقيل: اشرب فشرب منه يسيراً ثُمَّ رفع اليه اناء آخر فيه لبن، فقيل: اشرب، فشرب منه حتى روى، ثُمَّ رفع إليه إناء آخر فيه الخمر، فقيل لَهُ: اشرب، فقال: لا أريده قد رويت، فقال لَهُ جبريل عَلَيْهِ السَّلامُ: أما إنها ستحرم علي أمتك ولو شربت منها لَمْ يتبعك مِنَ امتك إلا قليل ثُمَّ صعد بي إِلَى السَّمَاء، فاستفتح، فقيل: مِنْ هَذَا يا جبريل؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّد، قالوا: وقد أَرْسَلَ إليه؟، قَالَ: نعم، قالوا: حياه اللّه مِنَ اخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء، فدخل فإذا هُوَ برجل تام الخلق لَمْ ينقص مِنْ خلقه شىء كما ينقص مِنْ خلق الناس، عَلَى يمينه باب يخرج منه ريح طيبة وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة إِذَا نظر إِلَى الباب الّذِي عَنْ يمينه فرح وضحك وَإِذَا نظر إِلَى الباب الّذِي عَنْ يساره بكى وحزن، فقلت: يا جبريل، مِنْ هَذَا؟، قَالَ: هَذَا ابوك آدم، وهذا الباب الّذِي عَنْ يمينه باب الْجَنَّة إِذَا نظرالى مِنْ يدخله مِنْ ذريته ضحك واستبشر، والباب الّذِي عَنْ شماله باب جهنم إِذَا نظر إِلَى مِنْ يدخله بكى وحزن، ثُمَّ صعد بي جبريل عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى السَّمَاء الثانية، فاستفتح قِيلَ مِنْ هَذَا معك؟ قَالَ: مُحَمَّد صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالوا: وقد أَرْسَلَ إليه؟ قَالَ: نعم، قالوا: حياة اللّه مِنَ اخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء، فإذا هُوَ بشابين، قَالَ: يا جبريل، مِنْ هذان؟، قَالَ: عِيسَى بن مريم، ويحيي بن زكريا فصعد به إِلَى السَّمَاء الثالثه، فاستفتح، فقالوا: مِنْ هَذَا؟، قَالَ: جبريل، قالوا: ومن معك؟، قَالَ: مُحَمَّد، قالوا: وقد أَرْسَلَ إليه؟، قَالَ: نعم، قالوا: حياه اللّه مِنَ اخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء، فدخل فإذا هُوَ برجل قد فضل علي الناس في الحسن كما فضل القمر ليلة البدر علي سائر الكواكب، قَالَ: مِنْ هَذَا يا جبريل؟، قَالَ: هَذَا أخوك يوسف عَلَيْهِ السَّلامُ، ثُمَّ صعد بي إِلَى السَّمَاء الرابعة، فاستفتح، فقيل: مِنْ هَذَا؟ قَالَ: جبريل، قالوا: ومن معك؟، قَالَ: مُحَمَّد، قالوا: وقد أَرْسَلَ إليه، قَالَ: نعم، قالوا: حياه اللّه مِنَ اخ ومن خليفه، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء، فدخل فإذا هُوَ برجل، قَالَ: مِنْ هَذَا يا جبريل؟، قَالَ: هَذَا إدريس رفعه اللّه مكاناً علياً، ثُمَّ صعد إِلَى السَّمَاء الخامسة، فاستفتح فقيل: مِنْ هَذَا؟ قَالَ: جبريل، قِيلَ ومن معك؟ قَالَ: مُحَمَّد، قالوا: وقد أَرْسَلَ إليه؟، قَالَ: نعم، قالوا: مرحباً به حياه اللّه مِنَ اخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء، ثُمَّ دَخَلَ فإذا هُوَ برجل جالس وحوله قوم يقص عَلَيْهِمْ، قَالَ: مِنْ هَذَا يا جبريل ومن هؤلاء حوله؟، قَالَ: هَذَا هارون المحبب وهؤلاء بنو إسرائيل، ثُمَّ صعد به إِلَى السَّمَاء السادسة، فاستفتح فقيل لَهُ: مِنْ هَذَا؟ قَالَ: جبريل، قِيلَ: ومن معك؟، قَالَ: مُحَمَّد، قالوا: وقد أَرْسَلَ إليه؟ قَالَ: نعم، قالوا: حياه اللّه مِنَ اخ وخليفة، فنعم الأخ، ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء، فإذا هُوَ برجل جالس فجاوزه، فبكى الرجل، قَالَ: يا جبريل مِنْ هَذَا؟، قَالَ: موسى، قَالَ: فَمَا لَهُ يبكي؟ قَالَ: زعم بنو إسرائيل اني اكرم بني آدم علي اللّه وهذا رجل مِنْ بني آدم قد خلفني في دنيا وانا في أخرى، فلو انه بنفسه لَمْ ابال ولكن مع كُلّ نَبِيّ امته ثُمَّ صعد به إِلَى السَّمَاء السابعة، فاستفتح، فقيل: مِنْ هَذَا؟ قَالَ: جبريل، قِيلَ: ومن معك؟ قَالَ: مُحَمَّد، قالوا: وقد أَرْسَلَ إليه؟ قَالَ: نعم، قالوا: حياه اللّه مِنَ اخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء، فدخل فإذا هُوَ برجل أشمط جالس عند باب الْجَنَّة عَلَى كرسي وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس وقوم في الوانهم شىء، فقيل هؤلاء الذين في ألوانهم شىء، فدخلوا نهراً، فاغتسلوا فيه فخرجو وقد خلص ولم يكن في أبدانهم شىء ثُمَّ دخلوا نهراً آخر، فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص مِنَ الوانهم شىء، ثُمَّ خلوا نهراً آخر، فاغتسلوا فيه، فخرجوا وقد خلص مِنَ الوانهم شىء ثُمَّ خلوا نهراً آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلصت ألوانهم فسارت مثل ألوان أصحابهم فجاؤوا، فجلسوا إِلَى أصحابهم، فقال: يا جبريل، مِنْ هَذَا الاشمط ومن هؤلاء بيض الوجوه ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شىء وما هذه الأنهار التي دخلوا؟، قَالَ: هَذَا أبوك إبراهيم أول مِنْ شمط عَلَى الأَرْض وأما هؤلاء الييض الوجوه، فقوم لَمْ يلبسوا إيمانهم بظلم، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شىء فقوم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فتابوا فتاب اللّه عَلَيْهِمْ وأما الأنهار، فأولها رحمة اللّه، والثاني نعمة اللّه، والثالث سقاهم ربهم شراباً طهوراً، ثُمَّ انتهى إِلَى السدرة ينتهي إليها كُلّ وَاحِدٍ خلا مِنَ امتك عَلَى نسك فإذا هي شجرة يخرج مِنَ اصلها أنهار مِنْ ماء غير آسن، وأنهار مِنْ لبن لَمْ يتغير طعمه وأنهار مِنْ خمر لذة للشاربين وأنهار مِنْ عسل مصفى، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاماً لا يقطعها، والورقة منها مغطية للأمة كلها فغشيها نور الخلاق عز وجل وغشيتها الملائكة عَلَيْهِمْ السلام أمثال الغربان حين تقع عَلَى الشجرة، فكلمه اللّه تعالي عند ذَلِكَ، فقال لَهُ: سل، فقال: اتخذت ابراهيم خليلاً وأعطيته ملكاً عظيماً، وكلمت موسى تكليماً، وأعطيت داود ملكاً عظيماً وألنت لَهُ الحديد وسخرت لَهُ الجبال، واعطيت سليمان ملكاً عظيماً وسخرت لَهُ الجِنّ والإِنْس والشياطين وسخرت لَهُ الرياح وأعطيته ملكاً لا ينبغي لأحد مِنْ بعده، وعلمت عِيسَى التوراة والإنجيل وجعلته يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك وأعذته وأمه مِنَ الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان عليهما سبيل، فقال لَهُ ربه عز وجل: وقد اتخذتك خليلاً وهو مكتوب في التوراة حبيب الرحمن وأرسلتك إِلَى الناس كافة بشيراً ونذيراً وشرحت لك صدرك ووضعت عنك وزرك، رفعت لك ذكرك فلا أذكر الا ذكرت معي وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس وجعلت أمتك لا تجوز لَهُمْ خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي وجعلت مِنَ امتك اقواماً قلوبهم أناجيلهم وجعلتك أول النبيين خلقاً وآخرهم بعثاً وأولهم يقَضَى لَهُ، وأعطيتك سبعاً مِنَ المثاني لَمْ أعطها نبياً قبلك، وأعطيتك خواتيم سُورَة البقرة مِنْ كنز تحت العرش لَمْ أعطها نبياً قبلك، واعطيتك الكوثر، وأعطيتك ثمانية إسهم: الإسلام، والهجرة، والجهاد، والصلاة، والصدقة، وصوم رمضان، والأمر بالمعروف والنهي عَنِ المنكر، وجعلتك فاتحاً وخاتماً، قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فضلني ربي، وأرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس وبشيراً ونذيراُ وألقى في قلب عدوي الرعب مِنْ مسيرة شهر، وأحل لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأَرْض كلها مسجداً وطهوراً، وأعطيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه، وعرضت عَلَى أمتي فلم يخف علي التابع والمتبوع ورأيتهم أتوا علي قوم ينتعلون الشعر ورأيتهم أتوا عَلَى قوم عراض الوجوه صغار الأعين كأنما خرمت أعينهم بالمخيط فلم يخف عليّ ماهم لا قون مِنْ بعدي وأمرت بخمسين صلاة، فلما رجع إِلَى موسى عَلَيْهِ السَّلامُ، قَالَ: بم أمرت؟ قَالَ: بخمسين صلاة، قَالَ: ارجع إِلَى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك أضعف الأمم فقد لقيت مِنْ بني إسرائيل شدة، فرجع النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ربه، فسأله التخفيف، فوضع عنه عشراً ثُمَّ رجع إِلَى موسى، فقال: بكم أمرت؟ قَالَ: بأربعين قَالَ: ارجع إِلَى ربك، فاسأله التخفيف، فرجع فوضع عنه عشراً إِلَى إِنَّ جعلها خمساً، قَالَ: ارجع إِلَى ربك، فاسأله التخفيف، قَالَ: قد رجعت إِلَى ربي حتى استحيت منه فَمَا أنا براجع إليه، قِيلَ لَهُ: أما إنك كما صبرت نفسك عَلَى خمس صلوات، فإنهن يجزين عنك خمسين صلاة وان كُلّ حسنة بعشر أمثالها، فرضى مُحَمَّد صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلّ الرضا، قَالَ: وكان موسى عَلَيْهِ السَّلامُ مِنَ اشدهم عليه حين مر به وخيرهم لَهُ حين رجع إليه". عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ الّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}، قَالَ: انبتنا حوله الشجر". ٢عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}، قَالَ: جعله اللّه لَهُمْ هدى، يخرجهم مِنَ الظلمات إِلَى النور وجعله رحمة لَهُمْ". عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ أَلا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا}، قَالَ: شريكاً". ٣عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ ذُرِّيَّةَ مِنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ}، قَالَ: هُوَ عَلَى النداء، ياذرية مِنْ حملنا مع نوح" عَنْ سلمان رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"كَانَ نوح عَلَيْهِ السَّلامُ إِذَا لبس ثوباً، أو طعم طعاماً، قَالَ: الحمد للّه، فسميّ عبداً شكوراً". عَنْ سَعِيدِ بْنِ مسعود الثقفي رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"انما سمي نوح عَلَيْهِ السَّلامُ عبداً شكوراً، لأنه كَانَ إِذَا أكل، أو شرب، أو لبس: حمد اللّه". ٤{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَاب... } عَنْ ابن هاشم العبدي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"ملك مَا بين المشرق والمغرب أربعة: مؤمنان، وكافران، أما الكافران: فالفرخان، وبختنصر، فأنشأ أبو هاشم يحدث، قَالَ: كَانَ رجل مِنَ اهْل الشام صالحاً، فقرأ هذه الآية: { وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَاب} إِلَى قَوْلِهِ { عُلُوًّا كَبِيرًا}، قَالَ: يارب، أما الأولى فقد فاتتني فأرني الآخرة، فأتى وهو قاعد في مصلاه قد خفق برأسه، فقيل: الّذِي سألت عنه ببابل اسمه: بختنصر، فعرف الرجل انه قد استجيب لَهُ، فاحتمل جراباً مِنْ دنانير، فأقبل حتي انتهى إِلَى بابل فدخل عَلَى الفرخان، فقال: إني قد جئت لما فاقسمه بين المساكين فامر به فأنزل فجمعوهم لَهُ، ثُمَّ جعل يعطيهم ويسألهم عَنِ ايمائهم حتى إِذَا فرغ ممن بحضرته قِيلَ لَهُ: فانه قد بقيت منه بقايا في الرساتيق فجعل يبعث فتاة حتى إِذَا كَانَ الليل رجع إليه فاقرأه رَجُلاً رجلاً فأتى عَلَى ذكر بختنصر، فقال: قف، كيف قلت؟ قَالَ: بختنصر، قَالَ: وما بختنصر هَذَا؟ قَالَ: هُوَ أشدهم فاقة وهو مقعد يأتي عليه السفارون فيلقي احدهم إليه الكسرة ويأخذ بأنفه، قَالَ: فإني مسلم به لا بد، قَالَ الآخر، فإنما هُوَ في خيمة لَهُ يحدث حتي أذهب، فأقبلها وأغسله، قَالَ: دونك هذه الدنانير فأقبل إليه بالدنانير فأعطاه إياه، ثُمَّ رجع إِلَى صاحبه فجاء معه، فدخل الخيمة، فقال: مَا اسمك؟ قَالَ: بختنصر، قَالَ: مِنْ سماك بختنصر؟ قَالَ: مِنْ عسى يسميني إلا أمي ! قَالَ: فهل لك أحد؟ قَالَ: لا واللّه إني لههنا اخاف بالليل إِنَّ تأكلني الذئاب، قَالَ: فأي الناس أشد بلاء؟ قَالَ: أنا، قَالَ: أفرأيت إِنَّ ملكت يوماً مِنْ دهر أتجعل لي إِنَّ لا تعصيني؟ قَالَ: اي سيدي لا يضرك إِنَّ لا تهزأ بي، قَالَ: أرأيت إِنَّ ملكت مرة أتجعل لي إِنَّ لا تعصيني؟ قَالَ: اما هذه فلا اجعلها لك، ولكن سوف اكرمك كرامة لا أكرمها أحداً، قَالَ: دونك هذه الدنانير، ثُمَّ انطلق فلحق بأرضه، فقام الآخر، فاستوى عَلَى رجليه ثُمَّ انطلق، فاشترى حماراً وأرساناً ثُمَّ جعل يستعرض تلك الأعاجم فيجزها، فيبيعه، ثُمَّ قَالَ: إِلَى متى هَذَا الشقاء؟ فعمد فباع ذَلِكَ الحمار وتلك الارسان واكتسى كسوة، ثُمَّ أتى باب الملك فجعل يشير عَلَيْهِمْ بالرأي وترتفع منزلته حتى انتهوا إِلَى بواب الفرخان الّذِي يليه، فقال لَهُ الفرخان: قد ذكر لي رجل عندك فَمَا هُوَ؟ قَالَ: مَا رأيت مثله قط ! قَالَ: ائتني به فكلمه، فأعجب به، قَالَ: إِنَّ بيت المقدس وتلك البلاد قد استعصوا علينا وإنا باعثون عَلَيْهِمْ بعثاً وإني باعث إِلَى البلاد مِنْ يختبرها، فنظر حينئذ إِلَى رجال مِنَ اهْل الأرب والمكيدة، فبعث جواسيس، فلما فصلوا إِذَا بختنصر قد أتى بخرجيه عَلَى بغلة، قَالَ: أين تريد؟، قَالَ: معهم، قَالَ: فألا آذنتني فأبعثك عَلَيْهِمْ؟، قَالَ: لا، حتى إِذَا وقعوا بالأرض، قَالَ: تفرقوا، وسأل بختنصر عَنِ افضل أَهْل البلد؟ فدل عليه فألقى خرجيه في داره قَالَ لصاحب المنزل: ألا تخبرني عَنِ اهْل بلادك، قَالَ: عَلَى الخبير سقطت هم قوم فيهم كتاب فلا يقيمونه وأنبياء فلا يطيعونهم وهم متفرقون، قَالَ بختنصر كالمتعجب منه: كتاب لا يقيمونه، وأنبياء لا يطيعونه وهم متفرقون ! فكتبهن في ورقة وألقى خرجيه، وَقَالَ: ارتحلوا فأقبلوا حتى قدموا الفرخان فجعل يسأل كُلّ رجل منهم فجعل الرجل يَقُولُ: أتينا بلاد كذا ولها حصن كذا ولها نهر كذا، قَالَ: يا بختنصر، مَا تقول؟، قَالَ: قدمنا ارضاً علي قوم لَهُمْ كتاب لا يقيمونه وأنبياء لا يطيعونهم وهم متفرقون فأمر حينئذ فندب الناس وبعث إِلَيْهِمْ سبعين الفاً وامر عَلَيْهِمْ بختنصر، فساروا حتى إِذَا علوا في الأَرْض ادركهم البريد: إِنَّ الفرخان قد مات ولم يستخلف احداً، قَالَ: للناس مكانكم ثُمَّ أقبل عَلَى البريد حتى قدم عَلَى الناس، وَقَالَ: كيف صنعتم؟ قالوا: كرهنا إِنَّ نقطع امراً دونك، قَالَ: إِنَّ الناس قد بايعوني، فبايعوه ثُمَّ استخلف عَلَيْهِمْ وكتب بَيْنَهُمْ كتاباً ثُمَّ انطلق بهم سريقاً حتى قدم عَلَى اصحابه فأراهم الْكِتَاب فبايعوه، وقالوا: مابنا رغبة عنك فساروا، فلما سمع أَهْل بيت المقدس تفرقوا وطاروا تحت كُلّ كوكب فشعث ماهناك أي افسد، وقتل مِنْ قتل وخرب بيت المقدس واستبى ابناء الأَنْبِيَاء فيهم دانيال فسمع به صاحب الدنانير فأتاه، فقال: هل تعرفني؟، قَالَ: نعم، فأدنى مجلسه ولم يشفعه في شىء، حتى إِذَا نزل بابل لا ترد لَهُ راية، فكان كذلك ماشاء اللّه ثُمَّ انه رأى رؤيا، فأفظعته فأصبح قد نسيها، قَالَ: عليّ بالسحرة والكهنة، قَالَ: أخبروني عَنْ رؤيا رأيتها الليلة واللّه لتخبرني بها أو لأقتلنكم، قالوا: ماهي؟، قَالَ: قد نسيتها، قالوا: مَا عندنا مِنْ هَذَا علم إلا إِنَّ ترسل إِلَى أبناء الأَنْبِيَاء، فأرسل إِلَى أبناء الأَنْبِيَاء، قَالَ: أخبروني عَنْ رؤيا رأيتها الليله، واللّه لتخبرني بها أو لأقتلنكم قالوا: ماهي؟، قَالَ: قد نسيتها، قالوا: غيب ولا يعلم الغيب إلا اللّه، لتخبرني بها او لأضربن أعناقكم، قالوا: فدعنا حتى نتوضأ ونصلي وندعو اللّه تَعَالَى، قَالَ: فافعلوا، فانطلقوا، فاحسنوا الوضوء، فأتوا صعيداً طيباً، فدعوا اللّه فأخبروا بها، ثُمَّ رجعوا إليه، فقالوا: رأيت كَانَ رأسك مِنْ ذهب وصدرك مِنْ فخار ووسطك مِنْ نحاس ورجليك مِنْ حديد، قَالَ: نعم، قَالَ: أخبروني بعبارتها أو لأقتلنكم، قالوا: فدعنا ندعوا رَبُّنَا، قَالَ: اذهبوا فدعوا ربهم، فاستجاب لَهُمْ فرجعوا إليه، قالوا: رأيت إِنَّ رأسك ذهب ملكك هَذَا يذهب عند رأس الحول مِنْ هذه الليلة، قَالَ: ثُمَّ مه؟، قالوا: ثُمَّ يكون بعدك ملك يفخر علي الناس، ثُمَّ يكون ملك يخشى علي الناس شدته، ثُمَّ يكون ملك لا يقله شىء انما هُوَ مثل الحديد يعْنِي الإسلام فأمر بحصن فبنى لَهُ بينه وبين السَّمَاء ثُمَّ جعل ينطقه بمقاعد الرجال والأحراس، وَقَالَ لَهُمْ: انما هي هذه الليلة لا يجوز عليكم احد وإن قَالَ: أنا بختنصر إلا قتلتموه مكانه كائنا مِنْ كَانَ مِنَ الناس، فقعد كُلّ اناس في مكانهم الّذِي وكلوا به واهتاج بطنه مِنَ الليل فكره إِنَّ يرى مقعده هناك وضر عَلَى أسمخة القوم، فاستثقلوا نوماً فأتى عَلَيْهِمْ وهم نيام، ثُمَّ أتى عَلَيْهِمْ فاستيقظ بعضهم، فقال: مِنْ هَذَا؟، قَالَ: بختنصر، قَالَ: هَذَا الّذِي حفى إلينا فيه الليلة، فقتله، فأصبح الخبيث قتيلاً" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}، قَالَ: أخبرناهم" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَاب لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْض مَرَّتَيْنِ}، قَالَ: هَذَا تفسير الّذِي قبله". قوله تعالى: { لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْض مَرَّتَيْنِ عَنْ عطية العوفي رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْض مَرَّتَيْنِ}، قَالَ: أفسدوا المرة الأولى، فبعث اللّه عَلَيْهِمْ جالوت فقتلهم، وأفسدوا المرة الثانية، فقتلوا يحيي بن زكريا عليهما السلام، فبعث اللّه عَلَيْهِمْ بختنصر" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"بعث اللّه عَلَيْهِمْ في الأول جالوت، فجاس خلال ديارهم، وضرب عَلَيْهِمْ الخراج والذل، فسألوا اللّه إِنَّ يبعث إِلَيْهِمْ ملكاً يقاتلون في سبيل اللّه، فبعث اللّه طالوت". ٥قوله تعالى: { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}، قَالَ: جند أتوا مِنْ فارس يتجسسون مِنَ اخبارهم، ويسمعون حديثهم معهم: بختنصر، فوعى حديثهم مِنْ بين أصحابه، ثُمَّ رجعت فأرسل، ولم يكثر قتال، ونصرت عَلَيْهِمْ بنوا إسرائيل، فهذا وعد الأولى: { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ}، بعث ملك فارس ببابل جيشاً، وأمر عَلَيْهِمْ بختنصر فدمروهم فهذا وعد الآخرة". قوله تعالى: { فَجَاسُوا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ فَجَاسُوا}، قَالَ: فمشوا". ٦-٧قوله تعالى: { وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"اما المرة الأولى، فسلط عَلَيْهِمْ: جالوت، حتى بعث اللّه: طالوت، ومعه داود، فقتله داود، ثُمَّ رد الكرة لبني إسرائيل: { وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا}، أي عدداً، وذلك في زمان داود، { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَة}، آخر العقوبتين، { لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ}، قَالَ: ليقبحوا وجوهكم، { وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، قَالَ: كما دَخَلَ عدوهم قبل ذَلِكَ، { وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}، قَالَ: يدمروا ماعلوا تدميراً، فبعث اللّه عَلَيْهِمْ في الآخرة: بختنصر البابلي المجوسي ابغض خلق اللّه إليه، فسب وقتل، وخرب بيت المقدس، وسامهم سوء العذاب". قوله تعالى: { تَبَّرْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"{ تَبَّرْنَا} الفرقان ٣٩، دمرنا بالنبطية". ٨عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ عَسَى رَبُّكُمْ إِنَّ يَرْحَمَكُمْ}، قَالَ: كَانَتِ الرحمة التي وعدهم بعث مُحَمَّد صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}، قَالَ: فعادوا فبعث اللّه عَلَيْهِمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهم يعطون { الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}". عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا}، قَالَ: سجناً" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ حَصِيرًا}، قَالَ: يحصرون فيها" عَنِ الحَسَنِ: فِي قوله:"{ حَصِيرًا}، فراشاً ومهاداً". ٩عَنْ قَتَادَة، فِي قوله:"{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، إِنَّ هَذَا القرآن يدلكم علي دائكم، ودوائكم، فإما داؤكم: فالذنوب، والخطايا، وإما دواؤكم: فالاستغفار". عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ}، قَالَ: ذَلِكَ دعاء الإنسان بالشر عَلَى ولده وَعَلَى امرأته، يغضب أحدهم فيدعوا عليه فيسب نفسه ويسب زوجته وماله وولده، فإن أعطاه ذَلِكَ شق عليه، فيمنعه ذَلِكَ، ثُمَّ يدعو بالخير فيعطيه". ١١قوله تعالى: { وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا عَنْ سلمان الفارسي رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"اول ماخلق اللّه مِنَ ادم عَلَيْهِ السَّلامُ رأسه، فجعل ينظر وهو يخلق وبقيت رجلاه، فَمَا كَانَ العصر، قَالَ: يارب، اعجل قبل الليل، فذلك قوله: { وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا}". ١٢عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ}، قَالَ: هُوَ السواد الّذِي في القمر" عَنْ مُحَمَّد بن كَعْبٍ القرظى رَضِيَ اللّه عَنْهُ، في الآية، قَالَ:"كانت شمس بالليل، وشمس بالنهار، فمحا اللّه شمس الليل، فهو المحو الّذِي في القمر". عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً}، قَالَ: ظلمة الليل وسدف النهار، { لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ}، قَالَ: جعل لكم سبحاً طويلاً". عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ فَصَّلْنَاهُ}، يَقُولُ: بيناه". ١٣-١٤عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}، قَالَ: سعادته وشقاوته، وما قدره اللّه لَهُ وعليه، فهو لازمه إينما كَانَ" عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}، قَالَ: قَالَ عَبْد اللّه رَضِيَ اللّه عَنْهُ: الشقاء، والسعادة، والرزق، والأجل" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}، قَالَ: مامن مولود يولد، إلا وفي عنقه ورقة مكتوب فيها: شقي، أو سعيد" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ}، قَالَ: عمله، { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا}، قَالَ: عمله الّذِي عما أحصى عليه، فأخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة ماكتب عليه مِنَ العمل، فقرأه منشوراً" عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، في الآية، قَالَ:"الكافر يخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتاب، فَيَقُولُ: رب إنك قضيت انك لست بظلام للعبيد، فاجعلني أحاسب نفسي، فيقال لَهُ: { اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}". قوله تعالى: { اقْرَأْ كِتَابَكَ عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ اقْرَأْ كِتَابَكَ}، قَالَ: سيقرأ يومئذ مِنْ لَمْ يكن قارئاً في الدُّنْيَا". ١٥قوله تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جَمَعَ اللّه أَهْل الفترة: المعتوه، والأصم، والأبكم، والشيوخ الذين لَمْ يدركوا الإسلام، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رسولاً إِنَّ ادخلوا النَّار، فيقولون: كيف؟ ولم تأتنا رسل ! قَالَ: وأيم اللّه، لو دخلوها لكانت عَلَيْهِمْ برداً وسلاماً، ثُمَّ يرسل إِلَيْهِمْ، فيطيعه مِنْ كَانَ يريد إِنَّ يطيعه"، قَالَ ابو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ: اقرأوا إِنَّ شئتم: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا}". ١٦قوله تعالى: { وَإِذَا أَرَدْنَا إِنَّ نُهْلِكَ قَرْيَةً عَنْ شهر بن حوشب رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ: سمعت ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، يَقُولُ: فِي قوله:"{ وَإِذَا أَرَدْنَا إِنَّ نُهْلِكَ قَرْيَةً}، قَالَ: { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، بحق، فخالفوه فحق عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ التدمير" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَإِذَا أَرَدْنَا إِنَّ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، قَالَ: سلطنا شرارها، فعصوا فيها فإذا فعلوا ذَلِكَ أهلكناهم بالعذاب، وهو قوله: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا}". قوله تعالى: { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا عَنِ أَبِي العالية رَضِيَ اللّه عَنْهُ، كَانَ يقرأ:"{ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، مثقلة، يَقُولُ: امرنا عَلَيْهِمْ امراء" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، انه قرأ:"{ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، يعْنِي بالمدر، قَالَ: اكثرنا فساقها" عَنْ أَبِي الدرداء رَضِيَ اللّه عَنْهُ،"{ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، قَالَ: اكثرنا". ١٨قوله تعالى: { مِنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ مِنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ}، قَالَ: مِنْ كَانَتِ الدُّنْيَا همه، ورغبته، وطلبته، ونيته عجل اللّه لَهُ فيها مَا يشاء، ثُمَّ اضطره إِلَى جهنم، { يَصْلاهَا مَذْمُومًا}، في نقمة اللّه: { مَدْحُورًا}، عذاب اللّه، وفي ١٩قوله: { وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}، قَالَ: شَكَرَ اللّه لَهُ اليسير، وتجاوز عنه الكثير". ٢٠قوله تعالى: { كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ}، أي: إِنَّ اللّه قسم الدُّنْيَا بين البر والفاجر، والآخرة خصوصاً عند ربك للمتقين". قوله تعالى: { كُلا نُمِدُّ عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ كُلا نُمِدُّ}، قَالَ: كلا نرزق في الدُّنْيَا البر، والفاجر" عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ}، يَقُولُ: نمد الكفار والمؤمنين، { مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ}، يَقُولُ: مِنَ الرزق" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ}، هؤلاء أَهْل الدُّنْيَا، وهؤلاء أَهْل الآخرة، { وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا}، قَالَ: ممنوعاً" عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ مَحْظُورًا}، قَالَ: ممنوعاً". قوله تعالى: { انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٢١قوله:"{ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، أي في الدُّنْيَا { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا}، وإن للمؤمنين في الْجَنَّة منازل، وإن لَهُمْ فضائل بأعمالهم" عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا}، قَالَ: إِنَّ أَهْل الْجَنَّة بعضهم فوق بعض درجات، الأعلى يرى فَضَّلَهُ عَلَى مِنْ هُوَ أسفل منه، والأسفل لا يرى إِنَّ فوقه أحداً". ٢٢قوله تعالى: { مَذْمُومًا مَخْذُولا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{ مَذْمُومًا}، يَقُولُ: ملوماً" وعن قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا}، يَقُولُ: في نقمة اللّه، { مَخْذُولا}، في عذاب اللّه". ٢٣قوله تعالى: { وَقَضَى رَبُّكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"أنزل اللّه هَذَا الحرف عَلَى لسان نبيكم صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،"ووصى ربك إِنَّ لا تعبدوا إلا إياه"، فالتصقت إحدى الواوين بالصاد، فقرأ الناس: { وَقَضَى رَبُّكَ}، ولو نَزَلَتْ علي القَضَاءِ، مَا أشرك به أحد". قوله تعالى: { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا}، يَقُولُ: براً". قوله: { أُفٍّ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}، فيما تميط عنها مِنَ الأذى الخلاء والبول، كما كانا لا يقولانه، فيما كَانَ يميطان عنك مِنَ الخلاء والبول". قوله تعالى: { فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، في الآية،"لا تقل لهما أف، فَمَا سواه". قوله تعالى: { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا عَنْ عروة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا}، قَالَ: إِذَا دعوا لك، فقل: لبيكما وسعديكما" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا}، قَالَ: قولاً ليناً سهلاً" عَنِ أَبِي المداج التجيبي، قَالَ: قلت لسعيد بن المسيب رَضِيَ اللّه عَنْهُ:"كُلّ ماذكر في القرآن مِنْ بر الوالدين، فقد عرفته، إلا قوله: { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا}، ماهذا القول الكريم؟ قَالَ ابن المسيب: قول الْعَبْد المذنب ٢٤للسيد الفظ". قوله تعالى: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ عَنْ عروة، فِي قوله:"{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}، قَالَ: تلين لهما حتى لا يمتنعا مِنْ شىء أحباه" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}، يَقُولُ: اخضع لوالديك كما يخضع الْعَبْد للسيد الفظ الغليظ" عَنْ عطاء بن رباح رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}، قَالَ: لا ترفع يديك عليهما إِذَا كلمتهما" عَنْ عروة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}، قَالَ: إِنَّ أغضباك، فلا تنظر إليهما شزراً، فإنه أول مَا يعرف غضب المرء بشده نظره إِلَى مِنْ غضب عليه". قوله تعالى: { وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى اللّه عنهما، فِي قوله:"{ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، ثُمَّ أنزل اللّه بعد هَذَا: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}". قوله تعالى: { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٢٥قوله:"{ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ}، قَالَ: تكون البادر مِنَ الولد إِلَى الوالد، فقال اللّه: { إِنَّ تَكُونُوا صَالِحِينَ}، أي تكون النية صادقة ببرهما { فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا}، للبادرة التي بدرت منه". قوله تعالى: { فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:""إنه كَانَ للأوابين"، قَالَ: الرجاعين مِنَ الذنب إِلَى التوبة، ومن السيئات إِلَى الحسنات" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ لِلأَوَّابِينَ}، قَالَ: للمطيعين المحسنين" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ لِلأَوَّابِينَ}، قَالَ: للتوابين". قوله تعالى: { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي ٢٦قوله:"{ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}، قَالَ: مره بأحق الحقوق، وعلمه كيف يصنع إِذَا كَانَ عنده وكيف إِذَا لَمْ يكن، فقال: { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ}، قَالَ: إِذَا سألوك وليس عندك شىء انتظرت رزقاً مِنَ اللّه: { فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا}، يَقُولُ: إِنَّ شاء اللّه يكون شبه العدة، قَالَ: سفيان رحمه اللّه: والعدة مِنَ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دين" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}، قَالَ: هُوَ إِنَّ تصل ذا القرابة، وتطعم المسكين، وتحسن إِلَى ابن السبيل" عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، في الآية قَالَ:"كَانَ ناس مِنْ بني عَبْد المطلب يأتون النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألونه فإذا صادفوا عنده شيئاً أعطاهم، وإن لَمْ يصادقوا عنده شيئاً سكت، لَمْ يقل لَهُمْ: نعم، ولا، لا، والقربى، قربى بن عَبْد المطلب" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}، قَالَ: بدأ فأمره بأوجب الحقوق، ودله عَلَى أفضل الاعمال إِذَا كَانَ عنده شىء، فقال: { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ}، وعلمه إِذَا لَمْ يكن عنده شىء كيف يَقُولُ، فقال: { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا}، عدة حسنة كأنه قد كَانَ ولعه إِنَّ يكون إِنَّ شاء اللّه: { وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}، لا تعطي شيئاً: { وَلا تَبْسُطْهَا كُلّ الْبَسْطِ}، تعطي ماعندك: { فَتَقْعُدَ مَلُومًا}، يلومك مِنْ يأتيك بعد، ولا يجد عندك شيئاً: { مَحْسُورًا}، قَالَ: قد حسرك مِنْ قد اعطيته". قوله تعالى: { وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}، يَقُولُ: لا تعط مالك كُلّهُ" عَنْ وهب بن منبه رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"مِنَ السرف إِنَّ يكتسي الإنسان، ويأكل، ويشرب مما ليس عنده، وما جاوز الكفاف، فهو التبذير". ٢٨قوله تعالى: { ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا}، قَالَ: انتظار رزق اللّه". قوله تعالى: { فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا}، قَالَ: ليناً سهلاً، سيكون إِنَّ شاء اللّه تَعَالَى فافعل، سنصيب إِنَّ شاء اللّه فافعل" عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا}، يَقُولُ: قل لَهُمْ: نعم وكرامة، وليس عندنا اليوم وأن يأتينا شيء نعرف حقه" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ قَوْلا مَيْسُورًا}، قَالَ: قولاً جميلاً، رزقنا اللّه، وإياك بارك اللّه فيك" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا}، قَالَ: العدة"، قَالَ سفيان: والعدة مِنْ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دين. ٢٩قوله تعالى: { وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ عَنْ المنهال بن عمر، قَالَ:"بعثت امرأة إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بابنها، فقالت: قل لَهُ: اكسني ثوباً، فقال: ماعندي شيء، فقالت: ارجع اليه، فقل لَهُ: اكسني قميصك، فرجع اليه، فنزع قميصه، فأعطاه إياه، فنزلت: { وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً}" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا،"{ وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً}، قَالَ: يعْنِي بِذَلِكَ البخل" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}، قَالَ: هَذَا في النفقه، يَقُولُ: لا تجعلها مغلولة لا تبسطها بخير، { وَلا تَبْسُطْهَا كُلّ الْبَسْطِ}، يعْنِي التبذير، { فَتَقْعُدَ مَلُومًا}، يلوم نفسه علي مافاته مِنْ ماله، { مَحْسُورًا}، ذهب ماله كُلّهُ" عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلّ الْبَسْطِ}، قَالَ: نهاه عَنِ السرف والبخل" ٣٠. قوله تعالى: { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"ثُمَّ أخبرنا كيف يصنع بنا، فقال: { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}، ثُمَّ أخبرعباده أنه لا يرزؤه ولا يؤوده إِنَّ لو بسط الرزق لعباده لبغوا في الأَرْض، ولكن يَنْزِل بقدر مايشاء: { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}، قَالَ: والعرب إِذَا كَانَ الخصب وبسط عَلَيْهِمْ أسروا وقتل بعضهم بعضاً وجاء الفساد وَإِذَا كَانَ السنة شغلوا بِذَلِكَ" عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}، قَالَ: ينظر لَهُ، فإن كَانَ الغنى خيراً لَهُ أغناه، وان كَانَ الفقر خير لَهُ أفقره" عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}، قَالَ: يبسط لهذا مكراً به ويقدر لهذا نظراً لَهُ" عَنْ زَيْدٍ، قَالَ:"كُلّ شىء في القرآن فمعناه يقلل". ٣١قوله تعالى: { وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}، اي خشية الفاقه، وكان أَهْل الجاهلية يقتلون البنات خشية الفاقه، فوعظهم اللّه في ذَلِكَ واخبرهم إِنَّ رزقهم ورزق أولادهم عَلَى اللّه، فقال: { نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْأً كَبِيرًا}، اي اثماً كبيراً" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}، قَالَ: مخافة الفقر، قَالَ: وهل تعرف العَرَب ذَلِكَ؟، قَالَ: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يَقُولُ: وإني عَلَى الإملاق يا قوم ماجد أعد لأضيافي الشواء المطهيا؟". قوله تعالى: { خِطْأً كَبِيرًا عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، أنه قرأ:"{ خِطْأً كَبِيرًا}، مهموزة مِنَ الخطأ، والصواب". ٣٢قوله تعالى: { وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى}، قَالَ: يَوْم نَزَلَتْ هذه الآية لَمْ تكن حدود، فجاءت بعد ذَلِكَ الحدود في سُورَة النور" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}، قَالَ قَتَادَة، عَنْ الحسن رَضِيَ اللّه عَنْهُ: إِنَّ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: لا يزني الْعَبْد حين يزني وهو مؤمن، ولا ينتهب حين ينتهب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يغل حين يغل وهو مؤمن، قِيلَ: يا رَسُول اللّه، واللّه إِنَّ كنا لنرى انه يأتي ذَلِكَ وهو مؤمن، فقال رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا فعل شيئاً في ذَلِكَ نزع الإِيمَان مِنْ قلبه، فإن تاب، تاب اللّه عليه". ٣٣قوله تعالى: { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا عَنْ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}، قَالَ: بينة مِنَ اللّه أنزلها يطلبها ولي المقتول القود أو العقل، وذلك السلطان". قوله تعالى: { فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ عَنْ طليق بن حبيب، فِي قوله:"{ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}، قَالَ: لا يقتل غير قاتله، ولا يمثل به" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}، قَالَ: لا يقتل اثنين بواحد" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}، قَالَ: لا يقتل غير قاتله" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ:"{ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}، قَالَ: مِنْ قتل بحديدة قتل بحديدة، ومن قتل بخشبة، قتل بخشبه، ومن قتل بحجر، قتل بحجر، ولا يقتل غير قاتله". قوله تعالى: { إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}، يَقُولُ: ينصره السلطان حتى ينصفه مِنْ ظالمه، ومن انتصر لنفسه دون السلطان، فهو عاص مسرف قد عمل بحمية أَهْل الجاهلية، ولم يرضى بحكم اللّه" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}، قَالَ: إِنَّ المقتول كَانَ منصوراً". ٣٤قوله تعالى: { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا}، قَالَ: يَوْم أنزلت هذه كَانَ إنما يسأل عنه ثُمَّ يدخل الْجَنَّة، فنزلت: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّه وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ}". قوله تعالى: { إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا}، قَالَ: يسأل اللّه ناقض العهد عَنْ نقضه" عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مَهْرَانَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"ثلاث تؤدي إِلَى البر، والفاجر، العهد يوفى إِلَى البر، والفاجر، وقرأ: { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا}" عَنْ كَعْبٍ الاحبار رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"مِنْ نكث بيعه، كانت ستراً بينه وبين الْجَنَّة، قَالَ: وانما تهلك هذه الامة بنكثها عهودها". ٣٥قوله تعالى: { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ}، يعْنِي: لغيركم، { وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ}، يعْنِي الميزان، وبلغة الروم الميزان القسطاسي { ذَلِكَ خَيْرٌ}، يعْنِي: وفاء الكيل، والميزان خير مِنَ النقصان { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا}، عاقبة" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا}، أي خير ثواباً وعاقبة"، وأخبرنا: إِنَّ ابن العباس رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا كَانَ يَقُولُ: يا معشر الموالي، إنكم وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم، هَذَا المكيال، وهذا الميزان، قَالَ: وذكر لنا إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ، يَقُولُ:"لا يقدر رجل عَلَى حرم، ثُمَّ يدعه ليس به، إلا مخافة اللّه، إلا أبدله اللّه في عاجل الدُّنْيَا قبل الآخرة ماهو خير لَهُ مِنْ ذَلِكَ" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"القسطاس، العدل بالرومية" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ،"{ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ}، قَالَ: القبان" عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ،"{ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ}، قَالَ: بالحديد". ٣٦قوله تعالى: { وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَلا تَقْفُ}، قَالَ: لا تقل" عَنِ ابْنِ الحنفية رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، قَالَ: شهادة الزور" عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، قَالَ: هَذَا في الفرية يَوْم نَزَلَتْ الآية لَمْ يكن فيها حد، إنما كَانَ يسأل عنه يَوْم الْقِيَامَة، ثُمَّ يغفر لَهُ حتى نَزَلَتْ هذه آية الفرية جلد ثمانين" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، قَالَ: لا تقل سمعت، ولم تسمع ولا تقل: رأيت، ولم تر، فإن اللّه سائلك عَنْ ذَلِكَ كُلّهُ" عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا}، يَقُولُ: سمعه وبصره يشهد عليه" عَنْ عمرو بن قبيس رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ كُلّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا}، قَالَ: يقال للأذن يَوْم الْقِيَامَة هل سمعت؟ ويقال للعين: هل رأيت؟ ويقال للفؤاد: مثل ذَلِكَ". قوله تعالى: { وَلا تَمْشِ فِي الأَرْض مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْض وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٣٧قوله:"{ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْض مَرَحًا}، قَالَ: لاتمشي فخراً وكبراً، فإن ذَلِكَ لا يبلغ بك الجبال، ولا إِنَّ يخرق الأَرْض بفخرك وكبرك". ٣٨قوله تعالى: { كُلّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا عَنْ عَبْد اللّه بن كثير رَضِيَ اللّه عَنْهُ، أنه كَانَ يقرأ:"كُلّ سيئة عند ربك مكروهاً، عَلَى وَاحِدٍ، يَقُولُ: هذه الأشياء التي نهيت عنها، كُلّ سيئه". ٣٩قوله تعالى: { مَدْحُورًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ مَدْحُورًا}، قَالَ: مطروداً". ٤٠قوله تعالى: { وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا}، قالت اليهود: الملائكة بنات الحق، وفي ٤٢قوله: { قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ}، يَقُولُ: { لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ}، إِذَا لعرفوا فَضَّلَهُ ومزيته عَلَيْهِمْ فابتغوا مايقربهم إليه، أنهم ليس كما يقولون". قوله تعالى: { إِذَا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِذَا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا}، قَالَ: عَلَى إِنَّ ينزلوا ملكه". ٤٥قوله تعالى: { وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا}، قَالَ: الحجاب المستور أكنة علي قلوبهم إِنَّ يفقهوه وان ينتفعوا به أطاعوا الشيطان فاستحوذ عَلَيْهِمْ" عَنْ زهير بن مُحَمَّد،"{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ}، قَالَ: ذاك رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قرأ القرآن علي المشركين بمكة سمعوا صوته، ولا يرونه" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٤٦قوله:"{ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا}، قَالَ: بغضاً لما تتكلم به، لئلا يسمعوه كما كَانَ قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم، لئلا يسمعوا مايأمرهم به مِنَ الاستغفار والتوبة" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا}، قَالَ: الشياطين" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٤٧قوله:"{ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}، قَالَ: هي في مثل قول الوليد بن المغيرة ومن معه في دار الندوة، وفي قوله: { فَلا يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلا}، قَالَ: مخرجاً يخرجهم مِنَ الأمثال التي ضربوا لك الوليد بن المغيرة وأصحابه". ٤٨-٤٩قال تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلا* وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} قوله تعالى: { وَرُفَاتًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَرُفَاتًا}، قَالَ: غباراً". ٥٠قوله تعالى: { قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَرُفَاتًا}، قَالَ: تراباً، وفي قوله: { قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا}، قَالَ: ماشئتم فكونوا فسيعيدكم اللّه كما كنتم". ٥١قوله تعالى: { أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ}، قَالَ: الموت، قَالَ: لو كنتم موتى لأحييتكم". قوله تعالى: { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ}، قَالَ: يحركون رؤوسهم استهزاء برسول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". قوله تعالى: { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ مِنْ طَرِيق علي، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا فِي قوله:"{ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ}، قَالَ: بأمره" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ}، قَالَ: يخرجون مِنْ قبورهم وهم يقولون: سبحانك اللّهم وبحمدك" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٥٢قوله:"{ يَوْم يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ}، أي بمعرفته وطاعته، { وَتَظُنُّونَ إِنَّ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا}، أي في الدُّنْيَا تحاقرت الأعمار في أنفسهم، وقلت حين عاينوا يَوْم الْقِيَامَة" عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ليس علي أَهْل لا اللّه إلا اللّه وحشة في قبورهم ولا في منشرهم، وكأني بِأَهْلِ لا اللّه إلا اللّه ينفضون التراب عَنْ رؤوسهم، ويقولون: الحمد للّه الّذِي أذهب عنا الحزن". قوله تعالى: { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ عَنِ ابْنِ سيرين رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٥٣قوله:"{ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، قَالَ: لا اللّه إلا اللّه". قوله تعالى: { إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"نزغ الشيطان: تحريشه" عَنْ قَتَادَة، فِي قوله:"{ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}، قَالَ: عادوه، فانه يحق عَلَى كُلّ مسلم عداوته، وعداوته إِنَّ تعاديه بطاعة اللّه". ٥٥قوله تعالى: { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ عَنْ قَتَادَة، فِي قوله:"{ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}، قَالَ: اتخذ اللّه إبراهيم خليلاً وكلم موسى تكليماً، وجعل عِيسَى كمثل آدم خلقه مِنْ تراب، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كن، فكان وهو عَبْد اللّه ورسوله مِنْ كلمة اللّه وروحه وآتى سليمان ملكاً عظيماً لا ينبغي لأحد مِنْ بعده، وآتى داود زبوراً، وغفر لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماتقدم مِنْ ذنبه وما تأخر" عَنِ ابْنِ جريج رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}، قَالَ: كلم اللّه موسى تكليماً، وأرسل محمداً إِلَى الناس كافة" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا}، قَالَ: كنا نحدث أنه دعاء علمه داود وتحميد، أو تمجيد اللّه عز وجل ليس فيه حلال ولا حرام، ولا فرائض ولا حدود" عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"الزبور ثناء عَلَى اللّه، ودعاء، وتسبيح". قوله تعالى: { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٥٦قوله:"{ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلا}، قَالَ: كَانَ نفر مِنَ الإِنْس يعبدون نفراً مِنَ الجِنّ، فأسلم النفر مِنَ الجِنّ، وتمسك الإنسيون بعبادتهم، فأنزل اللّه: ٥٧{ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}، كلاهما بالياء". قوله تعالى: { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، في الآية، قَالَ:"كَانَ أَهْل الشرك يعبدون الملائكة، والمسيح، وعزيراً". قوله تعالى: { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٦٠قوله:"{ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ}، قَالَ: عصمك مِنَ الناس" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ}، قَالَ: فهم في قبضته" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ}، قَالَ: أحاط بهم فهو مانعك منهم، وعاصمك حتى تبلغ رسالته" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}، قَالَ: هي رؤيا عين أريها رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة أسري به إِلَى بيت المقدس، وليست برؤيا منام، { وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ}، قَالَ: هي شجرة الزقوم". قوله تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ عَنْ يعلي بن مرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أريت بني أمية عَلَى منابر الأَرْض وسيتملكونكم فتجدونهم أرباب سوء، واهتم رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لذلك، فأنزل اللّه: { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}" عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"رأى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بني أمية عَلَى المنابر فساءه ذَلِكَ، فأوحى اللّه إليه إنما هي دنيا أعطوها، فقرت عينه، وهي قوله: { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}، يعْنِي بلاء للناس". قوله تعالى: { وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"قَالَ ابو جهل: لما ذكر رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شجرة الزقوم تخويفاً لَهُمْ: يامعشر قريش، هل تدرون ماشجرة الزقوم التي يخوفكم بها مُحَمَّد؟، قالوا: لا، قَالَ: عجوة يثرب بالزبد واللّه لئن استمكنا منها لنتزقمنها تزقماً، فأنزل اللّه: { إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ –}، وأنزل اللّه: { وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ}" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَنُخَوِّفُهُمْ}، قَالَ: أبو جهل لشجرة الزقوم: { فَمَا يَزِيدُهُمْ}، قَالَ: مايزيد أبا جهل { إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا}". ٦١-٦٢قوله تعالى: { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا عَنْ قَتَادَة، في الآية، قَالَ:"حسد إبليس آدم عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى مَا أعطاه اللّه مِنَ الكرامة، وَقَالَ: أنا ناري وهذا طيني، فكان بدء الذنوب الكبر" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"قَالَ إبليس: إِنَّ آدم خلق مِنْ تراب ومن طين، خلق ضعيفاً، وإني خلقت مِنْ نار، والنار تحرق كُلّ شىء { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلا}، فصدق ظنه عَلَيْهِمْ". قوله تعالى: { لأَحْتَنِكَنَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ لأَحْتَنِكَنَّ}، قَالَ: لأستولين" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ}، يَقُولُ: لأضلنهم". ٦٣قوله تعالى: { جَزَاءً مَوْفُورًا عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ جَزَاءً مَوْفُورًا}، قَالَ: وافراً" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا}، يَقُولُ: يوفر عذابها للكافر، فلا يدخر عنهم منها شىء". ٦٤قوله تعالى: { وَاسْتَفْزِزْ مِنَ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَاسْتَفْزِزْ مِنَ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ}، قَالَ: صوته كُلّ داع دعا إِلَى معصية اللّه، { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ}، قَالَ: كُلّ راكب في معصية اللّه، { وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ}، قَالَ: كُلّ مال في معصية اللّه، { وَالأَوْلادِ}، قَالَ: ماقتلوا مِنَ اولادهم وأتوا فيهم الحرام" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ}، قَالَ: خيل تسير في معصية اللّه وكل رجل يمشي في معصية اللّه، وكل مال اخذ بغير حقه، وكل ولد زنا" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَاسْتَفْزِزْ مِنَ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ}، قَالَ: استنزل مِنَ استطعت منهم بالغناء، والمزامير، واللّهو، والباطل، { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ}، قَالَ: كُلّ راكب وماش في معاصي اللّه، { وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ}، قَالَ: كُلّ مال أخذ بغير طاعة اللّه تَعَالَى، وأنفق في غير حقه، { وَالأَوْلادِ}، أولاد الزنا". قوله تعالى: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي ٦٥قوله:"{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}، قَالَ: عبادي الذين قضيت لَهُمْ بالجنة، ليس لك عَلَيْهِمْ إِنَّ يذنبوا ذنباً الا غفر لَهُمْ". ٦٦قوله تعالى: { يُزْجِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ يُزْجِي}، قَالَ: يجري" عَنْ عطاء الخراساني رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ}، قَالَ: يسيرها في البحر" عَنْ عطاء الخراساني رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"{ الْفُلْكَ}: السفن". قوله تعالى: { بِكُمْ رَحِيمًا عَنِ الأوزاعي رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، قَالَ: نَزَلَتْ في المشركين". ٦٨قوله تعالى: { أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا}، قَالَ: حجارة مِنَ السَّمَاء، { ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلا}، أي منعه ولا ناصراً، { أَمْ أَمِنْتُمْ إِنَّ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى}، أي: مرة أخرى في البحر". ٦٩قوله تعالى: { تَبِيعًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ قَاصِفًا}، قَالَ: عاصفاً، وفي قوله: { ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا}، قَالَ: نصيراً" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا}، قَالَ: لا يتبعنا أحد بشىء مِنْ ذَلِكَ". ٧٠لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا} قوله تعالى: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، قَالَ: جعلناهم يأكلون بأيديهم، وسائرالخلق يأكلون بأفواهم". ٧١قوله تعالى: { يَوْم نَدْعُو كُلّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ يَوْم نَدْعُو كُلّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}، قَالَ: إمام هدى، وإمام ضلالة" عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ يَوْم نَدْعُو كُلّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}، قَالَ: بنبيهم" عَنْ أبى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، عَنْ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قوله:"{ يَوْم نَدْعُو كُلّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}، قَالَ: يدعى أحدهم، فيعطى كتابه بيمينه، ويمد لَهُ في جسمه ستين ذراعاً، ويبيض وجههه، ويجعل عَلَى رأسه تاجاً مِنْ نور يتلألأ، فينطلق إِلَى أصحابه فيرونه مِنْ بعيد، فيقولون: اللّهم ائتنا بهذا، وبارك لنا في هَذَا حتى يأتيهم، فَيَقُولُ: أبشروا، لكل رجل منكم مثل هَذَا، واما الكافر فيسود وجهه، ويمد لَهُ في جسمه ستين ذراعاً عَلَى صورة آدم ويلبس تاجاً مِنْ نار فيراه اصحابه، فيقولون: نعوذ باللّه مِنْ شر هَذَا، اللّهم لاتأتنا بهذا، قَالَ: فيأتيهم، فيقولون: رَبُّنَا اخره، فَيَقُولُ: أبعدكم اللّه فإن لكل رجل منكم مثل هَذَا". ٧٢قوله تعالى: { وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: جاء نفر مِنَ اهْل اليمن إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فسأله رجل: أرأيت قوله تعالى:"{ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى}، فقال ابن عباس رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا: لَمْ تصب المسألة اقرأ ماقبلها: { رَبُّكُمُ الّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ، حتى بلغ: وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيل }، فقال ابن عباس رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا: فمن كَانَ أعمى عَنْ هَذَا النعيم الّذِي قد رأى وعاين، فهو في أمر الآخرة التي لَمْ تر ولم تعاين: { أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا}" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا،"{ وَمَنْ كَانَ}، في الدُّنْيَا { أَعْمَى}، عما يرى مِنْ قدرتي مِنْ خلق السَّمَاء والأرض، والجبال والبحار، والناس والدواب، وأشباه هَذَا، فهو عما وصفت لَهُ في الآخرة ولم يره { أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا}، يَقُولُ: أبعد حجة". قوله تعالى: { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"إِنَّ أمية بن خلف، وأبا جهل بن هشام، ورجالاً مِنْ قريش أتوا رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: تعال فاستلم آلهتنا، وندخل معك في دينك، وكان رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشتد عليه فراق قَوْمِهِ ويحب إسلامهم، فرق لَهُمْ، فأنزل اللّه: { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ، } إِلَى قَوْلِهِ { نَصِيرً }" عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ:"كَانَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستلم الحجر، فقالوا: لا ندعك تستلمه حتى تستلم آلهتنا، فقال رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما عليّ لو فعلت واللّه يعلم مني خلافه؟ فأنزل اللّه: { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ، } إِلَى قَوْلِهِ { نَصِيرً }" عَنِ ابْنِ شهاب، قَالَ:"كَانَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طاف، يَقُولُ لَهُ المشركون: استلم، استلم آلهتنا كي لا تضرك، فكاد يفعل، فأنزل اللّه: { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ}" عَنْ جبير بن نفير رَضِيَ اللّه عَنْهُ،"إِنَّ قريشاً أتو النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا لَهُ: إِنَّ كنت أرسلت إلينا فاطرد الذين اتبعوك مِنْ سقاط الناس ومواليهم لنكون اصحابك فركن إِلَيْهِمْ، فأوحى اللّه إليه: { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ}" عَنْ مُحَمَّد بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"أنزل اللّه: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}، فقرأ عَلَيْهِمْ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِمْ وسلم هذه الآية: { أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى}، فألقى عليه الشيطان كلمتين تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى، فقرأ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بقى مِنَ السُورَة وسجد، فأنزل اللّه: { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}، فَمَا زال مغموماً مهموما، حتى أنزل اللّه تَعَالَى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُول وَلا نَبِيّ}". ٧٦قوله تعالى: { وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"قَالَ المشركون للنبي صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَتِ الأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ يسكنون الشام فمالك والمدينة؟ فهم إِنَّ يشخص، فأنزل اللّه تَعَالَى: { وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْض}" عَنْ عَبْد الرحمن بن غنم رَضِيَ اللّه عَنْهُ:"إِنَّ اليهود أتوا النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: إِنَّ كنت نبياً فالحق بالشام، فإن الشام أرض المحشر وأرض الأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، فصدق رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماقالوا، فغزا غزوة تبوك لا يريد إلا الشام، فلما بلغ تبوك أنزل اللّه عليه آيات مِنْ سُورَة بني إسرائيل بعد ماختمت السُورَة: { وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْض، } إِلَى قَوْلِهِ { تَحْوِيل }، فامره بالرجوع إِلَى المدينة، وَقَالَ: فيها محياك وفيها مماتك وفيها تبعث، وَقَالَ لَهُ جبريل عَلَيْهِ السَّلامُ: سل ربك..... فإن لكل نَبِيّ مسألة، فقال: ماتأمرني إِنَّ اسأل، قَالَ: { وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا}، فهؤلاء نزلن عليه في رجعته مِنْ تبوك" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْض}، هم أَهْل مكة بإخراج النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مكة وقد فعلوا بعد ذَلِكَ، فأهلكهم اللّه تَعَالَى يَوْم بدر، ولم يلبثوا بعده إلا قليلاً حتى أهلكهم اللّه يَوْم بدر، وكذلك كانت سنة اللّه تَعَالَى في الرُّسِل عَلَيْهِمْ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، إِذَا فعل بهم قومهم مثل ذَلِكَ" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{ وَإِذَا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا}، قَالَ: يعْنِي بالقليل يَوْم أخذهم ببدر، فكان ذَلِكَ هُوَ القليل الّذِي كَانَ كثيراً بعده" عَنِ السُّدِّىِّ، قَالَ:"القليل: ثمانية عشر شهراً" عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"دلوك الشمس: غروبها، تقول العَرَب إِذَا غربت الشمس: دلكت الشمس" عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"دلوكها، غروبها". ٧٨قوله تعالى: { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}، قَالَ: تشهده الملائكة وَالْجِنّ" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"تجتمع ملائكة الليل، وملائكة النهار في صلاة الفجر"، ثُمَّ يَقُولُ أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ: اقرءوا إِنَّ شئتم: { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}" عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ:"نسخ قيام الليل إلا عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي ٧٩قوله:"{ نَافِلَةً لَكَ}، يعْنِي خاصة للنبي صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمر بقيام الليل وكتب عليه" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ،"{ نَافِلَةً لَكَ}، قَالَ: تطوعاً وفضيلة لك" عَنْ أَبِى أُمَامَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{ نَافِلَةً لَكَ}، قَالَ: كانت للنبي صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نافلة، ولكم فضيلة"، وفي لفظ: إنما كَانَتِ النافلة خاصة لرسول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أبى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قوله:"{ عَسَى إِنَّ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}، وسئل عنه، قَالَ: هُوَ المقام الّذِي أشفع فيه لأمتي" عَنْ أبى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ: إِنَّ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"المقام المحمود: الشفاعة". قوله تعالى: { مَقَامًا مَحْمُودًا عَنْ كَعْبٍ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ: إِنَّ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"يبعث الناس يَوْم الْقِيَامَة، فأكون أنا، وأمتي علي تل، ويكسوني ربي حلة خضراء، ثُمَّ يؤذن لي إِنَّ أقول ماشاء اللّه إِنَّ أقول، فذلك: المقام المحمود" مِنْ طَرِيق علي بن حُسَيْنٍ، قَالَ: أخبرنى رجل مِنَ اهْل العلم، إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"تمد الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة مدّ الأديم، ولا يكون لبشر مِنْ بني آدم فيها إلا موضع قدمه، ثُمَّ أدعى أول الناس، فأخر ساجداً ثُمَّ يؤذن لي، فأقول: يارب، أخبرنى هَذَا لجبريل، وجبريل عَنْ يمين الرحمن، واللّه مارآه جبريل قط قبلها انك ارسلته الي، وجبريل عَلَيْهِ السَّلامُ ساكت لا يتكلم حتى يَقُولُ الرب، صدقت.. ثُمَّ يؤذن لي في الشفاعة، فأقول: أي رب عبادك عبدوك في أطراف الأَرْض، فذلك: المقام المحمود" عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"يجمع الناس في صَعِيدٍ وَاحِدٍ يسمعهم الداعي وينفذهم البصر حفاة عراة كما خلقوا قياماً لا تَكَلَّمَ نفس إلا بإذنه، ينادي: يا مُحَمَّد، فَيَقُولُ: لبيك وسعديك والخير في يديك والبشر ليس إليك والمهدي مِنْ هديت وعبدك بين يديك وبك واليك لا ملجاً ولا منجي منك، الا اليك تباركت، وتعاليت سبحانك رب البيت، فهذه: المقام المحمود" عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"يأذن اللّه تَعَالَى في الشفاعة، فيقوم روح القدس جبريل عَلَيْهِ السَّلامُ، ثُمَّ يقوم إبراهيم خليل اللّه عليه الصلاة والسلام، ثُمَّ يقوم عِيسَى أو موسى عليهما السلام، ثُمَّ يقوم نبيكم صلى اللّه عليه الصلاة والسلام واقفاً ليشفع، لا يَشْفَعْ أحد بعده اكثر مما شفع، وهو المقام المحمود الّذِي قَالَ اللّه: { عَسَى إِنَّ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}". |
﴿ ٠ ﴾