سورة الحج

١

قوله تعالى: { يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ عَنِ الحَسَنِ وغيره، عَنْ عمران بن حصين، قَالَ: لما نَزَلَتْ"{ يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } إِلَى قَوْلِهِ { وَلَكِنَّ عَذَابَ اللّه شَدِيدٌ} أنزلت عليه هذه وهو في سفر، فقال: أتدرون أي يَوْم ذَلِكَ؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم ! قَالَ: ذَلِكَ يَوْم يقوم اللّه لآدم: ابعث بعث النَّار، قَالَ: يا رب، وما بعث النَّار؟ قَالَ: مِنْ كُلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إِلَى النَّار، وواحداً إِلَى الْجَنَّة، فأنسأ المسلمون يبكون، فقال رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قاربوا وسددوا فإنها لَمْ تكن نبوة قط، إلا كَانَ بين يديها جاهلية، فتؤخذ العدة مِنَ الجاهلية فإن تمت وإلا أكملت مِنَ المنافقين، وما مثلكم: إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة، أو كالشامة في جنب البعير، ثُمَّ قَالَ: اني لأرجو إِنَّ تكونوا ربع أَهْل الْجَنَّة، فكبروا ! ثُمَّ قَالَ: إني لأرجو إِنَّ تكونوا ثلث أَهْل الْجَنَّة، فكبروا ! ثُمَّ قَالَ: إني لأرجوا إِنَّ تكونوا نِصْف أَهْل الْجَنَّة، فكبروا ! قَالَ: فلا أدري قَالَ الثلثين أم لا" عَنِ انس، قَالَ: نَزَلَتْ"{يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}} إِلَى قَوْلِهِ { {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللّه شَدِيدٌ}عنده:"{ يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}، فقال: هل تدرون أي يَوْم ذاك؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قَالَ: ذاك يَوْم يَقُولُ اللّه: يا آدم، قم فابعث بعث النَّار، فَيَقُولُ: يا رب مِنْ كم؟ فَيَقُولُ: مِنْ كُلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إِلَى النَّار وواحداً إِلَى الْجَنَّة، فشق ذَلِكَ عَلَى القوم، فقال رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إني لأرجو إِنَّ تكون شطر أَهْل الْجَنَّة، ثُمَّ قَالَ: اعملوا وأبشروا، فإنكم بين خليقتين لَمْ تكونا مع أحد إلا أكثرتاه: يأجوج ومأجوج وإنما أنتم في الأمم كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة، وإنما أمتي جزء مِنَ الف جزء"    عَنِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"يَقُولُ اللّه يَوْم الْقِيَامَة: يا آدم، ابعث بعث النَّار، فَيَقُولُ: يا رب، وما بعث النَّار؟ فَيَقُولُ: مِنْ كُلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فعند ذَلِكَ يشيب والوليد { وَتَضَعُ كُلّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللّه شَدِيدٌ} قَالَ: فشق ذَلِكَ عَلَى الناس، فقالوا: يا رَسُول اللّه، مِنْ كُلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ويبقى الواحد ! فأينا ذَلِكَ الواحد؟ فقال: مِنْ يأجوج ومأجوج ألف، ومنكم وَاحِدٍ وهل أنتم في الأمم إلا كالشعرة السوداء في الثور الأبيض؟ أو كالشعرة البيضاء فى الثور الأسود؟" عَنْ عَلْقَمَةَ فِي

قوله:"{ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}، قَالَ: الزلزلة قبل الساعة"، وأخرج ابن جرير وابن المنذر عَنِ الشعبي، أنه قرأ: { يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ } إِلَى قَوْلِهِ { وَلَكِنَّ عَذَابَ اللّه شَدِيدٌ}، قَالَ: هَذَا في الدُّنْيَا مِنَ ايات الساعة.

٢

قوله تعالى: { يَوْم تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ عَنْ سُفْيَانَ فِي

قوله:"{ يَوْم تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ}، قَالَ: تغفل".

قوله تعالى: { وَتَرَى النَّاسَ عَنِ أَبِي نهيك، أنه قرأ"{ وَتَرَى النَّاسَ} يعْنِي تحسب الناس، قَالَ: لو كانت منصوبة كانوا سكارى، ولكنها { تري} تحسب" عَنِ الرَّبِيعِ"{ وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى}، قَالَ: ذَلِكَ عند الساعة، يسكر الكبير ويشيب الصغير وتضع الحوامل مَا في بطونها".

٣

قوله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ عَنِ أَبِي مَالِكٍ، فِي

قوله:"{ وَمِنَ النَّاسِ مِنْ يُجَادِلُ فِي اللّه بِغَيْرِ عِلْمٍ}، قَالَ: نَزَلَتْ في النضر بن الحَارِث".

قوله تعالى: { وَيَتَّبِعُ كُلّ شَيْطَانٍ عَنْ قَتَادَة فِي

قوله:"{ وَيَتَّبِعُ كُلّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ}، قَالَ: تمرد عَلَى معاصي اللّه" عَنْ قَتَادَة فِي

٤

قوله:"{ كُتِبَ عَلَيْهِ}، قَالَ: كتب عَلَى الشيطان" عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي

قوله:"{ كُتِبَ عَلَيْهِ}، قَالَ: عَلَى الشيطان {أنه مِنْ تولاه}، قَالَ: اتبعه" عَنْ عَبْد اللّه بن مسعود، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الصادق المصدوق:"إِنَّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثُمَّ يكون علقة مثل ذَلِكَ، ثُمَّ يكون مضغة مثل ذَلِكَ، ثُمَّ يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات، يكتب رزقة، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره، إِنَّ أحدكم ليعمل بعمل أَهْل الْجَنَّة حتى مَا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الْكِتَاب فيعمل بعمل أَهْل النَّار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أَهْل النَّار حتى مَا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الْكِتَاب فيعمل بعمل أَهْل الْجَنَّة فيدخلها" عَنِ ابْنِ مسعود، قَالَ:"النطفة إِذَا استقرت في الرحم أخذها ملك مِنَ الأرحام بكفه، فقال: يا رب، مخلقة أم غير مخلقة؟ فإن قِيلَ: غير مخلقة لَمْ تكن نسمة وقذفتها الرحم دماً، وإن قِيلَ: مخلقة، قَالَ: يا رب أذكر أم أنثى؟ أشقي أم سعيد؟ مَا الأجل وما الأثر وما الرزق؟ وبأي أرض تموت؟ فيقال للنطفة: مِنْ ربك؟ فتقول: اللّه، فيقال: مِنْ رازقك؟ فتقول، اللّه فيقال لَهُ: اذهب إِلَى أم الْكِتَاب، فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة، قَالَ: فتخلق فتعيش في أجلها وتأكل في رزقها وتطأ في أثرها، حتى إِذَا جاء أجلها ماتت فدفنت في ذَلِكَ المكان المكان".

٥

قوله تعالى: { مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله:"{ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}، قَالَ: المخلقة: مَا كَانَ حياً { وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} مَا كَانَ مِنْ سقط" عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ:"العلقة: الدم، والمضغة اللحم، والمخلقة التي تم خلقها { وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} السقط" عَنْ مُجَاهِدٍ"{ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}، قَالَ: السقط مخلوق وغير مخلوق { وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، قَالَ: التمام" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، فِي

قوله:"{ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، قَالَ: إقامته في الرحم حتى يخرج".

قوله تعالى: { لِنُبَيِّنَ لَكُمْ عَنْ قَتَادَة فِي

قوله:"{ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ}، قَالَ: إنكم كنتم في بطون أمهاتكم كذلك".

قوله تعالى: { وَتَرَى الأَرْض هَامِدَةً عَنْ قَتَادَة، فِي

قوله:"{ وَتَرَى الأَرْض هَامِدَةً} أي: غبراء متهشمة { فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}، يَقُولُ: نفرق الغيث في سبختها وربوها { وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي: حسن".

قوله تعالى: { زَوْجٍ بَهِيجٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي

قوله:"{ زَوْجٍ بَهِيجٍ}، قَالَ: حسن".

٨

قوله تعالى: { بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ}، قَالَ: يضاعف الشيىء وهو احد".

٩

قوله تعالى: { ثَانِيَ عِطْفِهِ عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ ثَانِيَ عِطْفِهِ}، قَالَ: هُوَ المعرض مِنَ العظمة، إنما ينظر في جانب وَاحِدٍ" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ ثَانِيَ عِطْفِهِ}، قَالَ: لاوى رأسه معرضاً مولياً لا يريد إِنَّ يسمع مَا قِيلَ لَهُ" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ ثَانِيَ عِطْفِهِ}، قَالَ: لاوي عنقه" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ ثَانِيَ عِطْفِهِ} أنزلت في النضر بن الحَارِث" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا:"{ ثَانِيَ عِطْفِهِ}، يَقُولُ: يعرض عَنْ ذكري" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا:"{ ثَانِيَ عِطْفِهِ}، قَالَ: متكبراً في نفسه" عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"بلغنى إِنَّ أحدهم حرق في اليوم سبعين ألف مرة".

١١

قوله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مِنْ يَعْبُدُ اللّه عَلَى حَرْفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا"{ وَمِنَ النَّاسِ مِنْ يَعْبُدُ اللّه عَلَى حَرْفٍ}، قَالَ: كَانَ الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاماً ونتجت خيله، قَالَ: هَذَا دين صلاح، وإن لَمْ تلد امرأته ولم تنتج خيله، قَالَ: هَذَا دين سوء" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"كَانَ ناس مِنَ الأعراب يأتون النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيسلمون، فإذا رجعوا إِلَى بلادهم فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن، قالوا: إِنَّ ديننا هَذَا صالح فتمسكوا به، وإن وجدوا عام جدب وعام ولاد سوء وعام فحط، قالوا: مَا في ديننا هَذَا خير، فأنزل اللّه { وَمِنَ النَّاسِ مِنْ يَعْبُدُ اللّه عَلَى حَرْفٍ}" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، في الآية قَالَ:"كَانَ أحدهم إِذَا قدم المدينة وهى أرض وبيئة، فإن صح بها جسمه ونتجت فرسه مهراً حسناً وولدت امرأته غلاماً، ورضى به واطمأن إليه، وَقَالَ: مَا أصبت منذ كنت عَلَى دينى هَذَا إلا خيراً، وإن رجع المدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه الصدقة، أتاه الشيطان، فقال: واللّه مَا أصبت منذ كنت عَلَى دينك هَذَا إلا شراً، وذلك الفتنة" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي

قوله:"{ وَمِنَ النَّاسِ مِنْ يَعْبُدُ اللّه عَلَى حَرْفٍ}، قَالَ: عَلَى شك {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ}، يَقُولُ: إِنَّ أصاب خصباً وسلوة مِنْ عش وما يشتهي، اطمأن إليه، وَقَالَ: أنا عَلَى حق وأنا أعرف الّذِي أنا عليه { وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ} أي: بلاء، { انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ}، يَقُولُ: ترك مَا كَانَ عليه مِنَ الحق فأنك رمعرفته، { خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ}، يَقُولُ: خسر دنياه التي كَانَ لها يحزن وبها يفرح ولها يسخط ولها يرضى، وهي همه وسدمه وطلبته ونيته، ثُمَّ أفضى إلي الآخرة وليس لَهُ حسنة يعطي بها خيرا ف { ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}".

قوله تعالى: { يَدْعُو مِنْ دُونِ اللّه مَا لا يَضُرُّهُ عَنِ السُّدِّىِّ فِي

١٢

قوله:"{ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللّه مَا لا يَضُرُّهُ} إِنَّ عصاه في الدُّنْيَا { وَمَا لا يَنْفَعُهُ} إِنَّ أطاعه وهو الصنم { يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ}، يَقُولُ: ضره في الآخرة مِنَ اجل عبادته إياه في الدُّنْيَا { لَبِئْسَ الْمَوْلَى}، يَقُولُ: الصنم".

١٣

قوله تعالى: { لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ"{ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ}، قَالَ: الصاحب".

١٥

قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ إِنَّ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا فِي

قوله:"{مَنْ كَانَ يَظُنُّ إِنَّ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّه}، قَالَ: مِنْ كَانَ يظن إِنَّ لن ينصر اللّه محمداً { فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ}، قَالَ: فليربط حبلاً { إِلَى السَّمَاء}، قَالَ: إِلَى سماء بيته السقف { ثُمَّ لِيَقْطَعْ}، قَالَ: ثُمَّ يختنق به حتي يموت" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا فِي

قوله:"{مَنْ كَانَ يَظُنُّ إِنَّ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّه}، يَقُولُ: إِنَّ لن يرزقه اللّه { فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء} فيأخذ حبلاً فليربطه في سماء بيته فليختنق به { فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}، قَالَ: فلينظر هل تنفعه ذَلِكَ أو يأتيه برزق؟" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ في الآية، قَالَ:"مِنْ كَانَ يظن إِنَّ لن ينصر اللّه نبيه ويكابد هَذَا الأمر ليقطعه عنه، فليقطع ذَلِكَ مِنَ اصله حتى يأتيه، فإن أصله في السَّمَاء { ثُمَّ لِيَقْطَعْ} أي عَنِ النَّبِيّ الوحي الّذِي يأتيه مِنَ اللّه إِنَّ قدر" عَنْ قَتَادَة، فِي

قوله:"{مَنْ كَانَ يَظُنُّ إِنَّ لَنْ يَنْصُرَهُ اللّه}، يَقُولُ: مِنْ كَانَ يظن إِنَّ اللّه غير ناصر دينه { فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء} سماء البيت فليختنق { فَلْيَنْظُرْ} مَا يرد ذَلِكَ في يده".

١٧

قوله تعالى: {وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية، قَالَ: الصابئون، قوم يعبدون الملائكة ويصلون القبلة ويقرأون الزبور { وَالْمَجُوسَ} عبدة الشمس والقمر والنيران وأما { َالَّذِينَ أَشْرَكُوا} فهم عبدة اللأوثان { إِنَّ اللّه يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة}، قَالَ: الأديان ستة: فخمسة للشيطان، ودين للّه عز وجل".

قوله تعالى: { إِنَّ اللّه يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي

قوله:"{ إِنَّ اللّه يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ }، قَالَ: فصل قضاءه بَيْنَهُمْ، فعجل الْجَنَّة مشتركة وجعل هذه الأمة واحدة" عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"قالت اليهود: عزير ابن اللّه، وقالت النصارى: المسيح ابن اللّه، وقالت الصابئة: نحن نعبد الملائكة مِنْ دون اللّه، وقالت الْمَجُوس: نحن نعبد الشمس والعمر مِنْ دون اللّه، وقالت المشركون: نحن نعبد الأوثان مِنْ دون اللّه، فأوحى اللّه إِلَى نبيه ليكذب، قولهم {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} إِلَى آخرها { وَقُلِ الْحَمْدُ للّه الّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} وأنزل اللّه { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ}".

١٨

قوله تعالى: { يَسْجُدُ لَهُ مِنْ فِي السَّمَوَاتِ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ في الآية، قَالَ:"سجود كُلّ شيء فيئه، وسجود الجبال فيئها" عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:"الثوب يسجد" عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"إِذَا فاء الفيئ لَمْ يبق شيء مِنْ دابة ولا طائر إلا خر للّه ساجداً" عَنْ عَمْرو بْن دِينَار رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"سمعت رَجُلاً يطوف بالبيت ويبكي، فإذا هُوَ طَاوُسٍ ! فقال: عجبت مِنْ بكائي؟ قلت: نعم، قَالَ: ورب هذه البنية، إِنَّ هَذَا القمر ليبكي مِنْ خشية اللّه ولا ذنب لَهُ".

قوله تعالى: { وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَنْ طَاوُسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ في الآية، قَالَ:"لَمْ يستثن مِنْ هؤلاء أحداً حتى إِذَا جاء ابن آدم استثناه، فقال: { وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ}، قَالَ: والذي أحق بالشكر هُوَ اكثرهم" عَنْ علي"أنه قِيلَ لَهُ: إِنَّ ههنا رَجُلاً يتكلم في المشيئة، فقال لَهُ علي: يا عَبْد اللّه خلقك اللّه، لما يشاء أو لما شئت؟ قَالَ: بل لما يشاء، قَالَ فيمرضك إِذَا شاء أو إِذَا شئت؟ قَالَ: بل إِذَا شاء، قَالَ: فيشفيك إِذَا شاء أو إِذَا شئت؟ قَالَ: بل إِذَا شاء، قَالَ: فيدخلك الْجَنَّة حيث شاء أو حيث شئت؟ قَالَ: بل حيث شاء، قَالَ: واللّه لو قلت غير ذَلِكَ لضربت الّذِي فيه عيناك بالسيف".

١٩

قوله تعالى: { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ عَنْ أَبِي رَضِيَ اللّه عَنْهُ: أنه كَانَ يقسم قسماً إِنَّ هذه الأية"{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ } إِلَى قَوْلِهِ { إِنَّ اللّه يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} نَزَلَتْ في الثلاثة والثلاة الذين تبارزوا يَوْم بدر، وهم: حمزة بن عَبْد المطلب، وعبيدة بن الحَارِث وَعَلَى بن أَبِي طالب، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، قَالَ علي رَضِيَ اللّه عَنْهُ أنا أول مِنْ يجثو في الخصومة علي ركبتيه بين يدي اللّه يَوْم الْقِيَامَة" عَنِ أَبِي العالية، قَالَ:"لما التقوا يَوْم بدر، قَالَ لَهُمْ عتبة بن ربيعة: لا تقتلوا هَذَا الرجل، فإنه إِنَّ يكن صادقاً فأنتم أسعد الناس بصدقه، وإن يكن كاذاباً فأنتم أحق مِنْ حقن دمه، فقال أبو جهل بن هشام: لقد امتلأت رعباً، فقال عتبة: ستعلم أينا الجبان المفسد لقومه، قَالَ: فبرز عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، فنادوا النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، فقالوا: ابعث إلينا أكفاءنا نقاتلهم، فوثب غلمة مِنَ الأنصار مِنْ بني الخزرج، فقال لَهُمْ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجلسوا قوموا يا بني هاشم، فقام حمزة بن عَبْد المطلب وعلي بن أَبِي طالب وعبيدة بن الحَارِث فبرزوا لَهُمْ، فقال عتبة: تكلموا نعرفكم إِنَّ تكونوا أكفاءنا قاتلناكم، قَالَ حمزة: أنا حمزة بن عَبْد المطلب، أنا أسد اللّه وأسد رسوله، فقال عتبة: كفء كريم ! فقال علي: أنا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فقال: كفء كريم ! فقال عبيدة: أنا عبيدة بن الحَارِث، فقال عتبة: كفء كريم ! فأخذ حمزة شيبة بن ربيعة وأخذعَلِىِّ بْنِ أََبِي طَالِبٍ عتبة بن ربيعة، وأخذ عبيدة الوليد، فأما حمزة فأجاز عَلَى شيبة، وأما علي فاختلفا ضربتين فأقام فأجاز عَلَى عتبة، وأما عبيدة فأصيبت رجله، قَالَ: فرجع هؤولاء وقتل هؤلاء، فنادى أبو جهل وأصحابه: لنا العزى ولا عزى لكم، فنادى منادي النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قتلانا في الْجَنَّة وقتلاكم في النَّار، فأنزل اللّه: { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي

قوله:"{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}، قَالَ: مثل المُؤْمِن والكافر اختصامهما في البعث" عَنْ قَتَادَة، قَالَ:"اختصم المسلمون وأهل الْكِتَاب، فقال أَهْل الْكِتَاب نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى باللّه منكم، وَقَالَ المسلمون: إِنَّ كتابنا يقضي علي الكتب كلها، ونبينا خاتم الأَنْبِيَاء فنحن أولى منكم، فأفلج اللّه أَهْل الإسلام علي مِنَ اناوأهم فأنزل اللّه { هذان خصمان اختصموا في ربهم } إِلَى قَوْلِهِ { عذاب الحريق}".

قوله تعالى: { قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي

قوله:"{ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} مِنْ نحاس، وليس مِنَ الآنية شيء إِذَا حمي استد بأحر منه، وفي

قوله: { يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ}، قَالَ: النحاس يذاب عَلَى روؤسهم، وفي

قوله: { يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ}، قَالَ: تسيل أمعاؤهم والجلود، قَالَ: تتناثر جلودهم حتى يقوم كُلّ عضو بحياله" عَنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، أنه قرأ

قوله:"{ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} قَالَ: سبحان مِنْ قطع مِنَ النَّار ثياباً".

قوله تعالى: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ عَنِ ابى هُرَيْرَةَ أنه تلا هذه الآية، فقال: سمعت رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"إِنَّ الحميم ليصب علي رؤوسهم فينفذ الجمجمة، حتى يخلص إِلَى جوفه فيسلت مَا في جوفه حتى يمرق مِنْ قدمه وهو الصهر، ثُمَّ يعاد كما كَانَ" عَنِ السُّدِّىِّ، قَالَ:"يأتيه الملك يحمل الاناء بكليتين مِنْ حرارته، فاذا ادناه مِنْ وجهه يكرهه فيرفع مقمعة معه فيضرب بها رأسه فيفدغ دماغه، ثُمَّ يفرغ الإناء مِنْ دماغه فيصل إِلَى جوفه مِنْ دماغه، فذلك

٢٠

قوله: { يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ}" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:"إِذَا جاء أَهْل النَّار في النَّار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فاختنست جلود وجوههم، فلو إِنَّ مارا يمر بهم يعرفهم لعرف جلود وجوههم بها، ثُمَّ يصب عَلَيْهِمْ العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل وهو الّذِي قد سقطت عنه الجلود و{ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ} يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم، ثُمَّ يضربون بمقامع مِنْ حديد فيسقط كُلّ عضو علي حياله يدعون بالويل والثبور" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي

قوله:"{ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} قَالَ: يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم، وفي

٢١

قوله: { وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}، قَالَ: يضربون بها فيقع كُلّ عضو عَلَى حياله" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي

قوله:"{ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ}، قَالَ: يذاب إذابة" عَنْ عطاء الخراساني فِي

قوله:"{ يُصْهَرُ بِهِ}، قَالَ: يذاب كما يذاب الشحم".

قوله تعالى: { وَلَهُمْ مَقَامِعُ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي

قوله:"{ وَلَهُمْ مَقَامِعُ}، قَالَ: مطارق" عَنِ ابى سعيد الخدري، عَنْ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"لو إِنَّ مقمعاً مِنْ حديد وضع في الأَرْض فاجتمع الثقلان، مَا ألقوه مِنَ الأَرْض، ولو ضرب الجبل بمقمع مِنْ حديد لتفتت ثُمَّ عاد كما كَانَ".

٢٢

قوله تعالى: { كُلَّمَا أَرَادُوا إِنَّ يَخْرُجُوا مِنْهَا عَنْ سليمان، قَالَ:"النَّار سوداء مظلمة لا يضيئ لهبها ولا جمرها، ثُمَّ قرأ { كُلَّمَا أَرَادُوا إِنَّ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا}" عَنِ ابى جعفر القاريء، أنه قرأ هذه الآية"{ كُلَّمَا أَرَادُوا إِنَّ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ} فبكى، وَقَالَ: أخبرني زَيْدٍ بْنِ أَسْلَمَ في هذه الآية إِنَّ أَهْل النَّار في النَّار لا يتنفسون" عَنِ الفضيل بن عياش في الآية، قَالَ:"واللّه مَا طمعوا في الخروج، لأن الأرجل مقيدة والأيدي موثقة، ولكن يرفعهم لهبها وتردهم مقامعها".

٢٣

قوله تعالى: { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ عَنِ ابْنِ الزبير، قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مِنْ لبس الحرير في الدُّنْيَا لَمْ يلبسه في الآخرة، قَالَ ابن الزبير مِنْ قبل نفسه: ومن لَمْ يلبسه في الآخرة لَمْ يدخل الْجَنَّة، لأن اللّه تعالي قَالَ: { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}".

٢٤

قوله تعالى: { وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي

قوله:"{ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ}، قَالَ: ألهموا" عَنِ أَبِي العالية فِي

قوله:"{ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ}، قَالَ: في الخصومة، إذ قالوا: اللّه مولانا ولا مولى لكم" عَنِ اسماعيل بن أبى خالد"{ وهدوا إلي الطيب مِنَ القول}، قَالَ: الإخلاص { وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}، قَالَ: الإسلام" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي

قوله:"{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}، قَالَ: لا إله إلا اللّه واللّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّه الّذِي، قَالَ: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}".

٢٥

قوله تعالى: { سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي

قوله:"{ سَوَاءً} يعْنِي شرعاً واحداً { الْعَاكِفُ فِيهِ}، قَالَ: أَهْل مكة في مكة أيام الحج { وَالْبَادِ}، قَالَ: مِنْ كَانَ في غير اهلها مِنْ يعتكف به مِنَ الآفاق، قَالَ: هم في منازل مكة سواء، فينبغي لأهل مكة إِنَّ يوسعوا لَهُمْ حتي يقضوا مناسكهم" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في الآية، قَالَ:"البادي وأهل مكة سواء في المنزل والحرم" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قول اللّه تَعَالَى:"{سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} قَالَ: سواء المقيم والذي يرحل" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي

قوله:"{ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}، قَالَ: يَنْزِل أَهْل مكة وغيرهم في المسجد الحرام".

قوله تعالى: { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ عَنِ ابْنِ مسعود رفعه فِي

قوله:"{ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}، قَالَ: لو إِنَّ رَجُلاً هم فيه بإلحاد وهو بعدن أبين، لأذاقه اللّه تَعَالَى عذاباً أليماً" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"نَزَلَتْ هذه الآية في عَبْد اللّه بن أنيس إِنَّ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه مع رجلين: أحدهما مهاجري وآخر مِنَ الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عَبْد اللّه بن أنيس فقتل الأَنْصَارِي، ثُمَّ ارتد عَنِ الإسلام وهرب إِلَى مكة فنزلت فيه { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} يعْنِي مِنْ لجأ إِلَى الحرم { بإلحاد} يعْنِي بميل عَنِ الإسلام" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي

قوله:"{ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}، قَالَ: بشرك" عَنْ يعلي بن أمية، عَنْ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه" عَنِ ابْنِ عمر، قَالَ:"بيع الطعام بمكة إلحاد" عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:"كَانَ لعبد اللّه بن عمرو فسطاطان: أحدهما في الحل والآخر في الحرم، فإذا إراد إِنَّ يصلي صلى في الّذِي في الحرم، وَإِذَا أراد إِنَّ يعاتب أهله عاتبهم في الّذِي في الحل، فيقل لَهُ: كنا نحدث إِنَّ مِنَ الألحاد فيه إِنَّ يَقُولُ الرجل: كلا واللّه ويلي واللّه" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في الأية، قَالَ:"شتم الخادم في الحرم ظلم فَمَا فوقه" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"تجارة الامير بمكة إلحاد" عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس فِي

قوله:"{ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، قَالَ: حَدَّثَنَا شيخ مِنْ عقب المهاجرين والأنصار، أنهم أخبروه إِنَّ أيما أحد أراد به مَا أراد أصحاب الفيل، عجل لَهُمْ العقوبة في الدُّنْيَا، وَقَالَ: إنما يؤتي استحلاله مِنْ قبل أهله، فأخبرني عنهم أنه وجد سطران بمكة مكتوبان في المقام: أما أحدهما، فكان كتابته: بسم اللّه والبركة، وضعت بيتي بمكة طعام أهله اللحم والسمن والتمر، ومن دخله كَانَ آمناً لا يحله إلا أهله، قَالَ لولا إِنَّ أهله هم الذين فعلوا به مَا قد علمت لعجل لَهُمْ في الدُّنْيَا العذاب، قَالَ: ثُمَّ أخبرني إِنَّ عَبْد اللّه بن عمرو ابن العاص، قَالَ قبل إِنَّ يستحل منه الّذِي يستحل، قَالَ: أجد مكتوباً في الْكِتَاب الاول: عَبْد اللّه يستحل به الحرم، وعنده عَبْد اللّه بن عمر بن الخطاب وعبد اللّه بن الزبير، فقال: عَبْد اللّه بن عمرو بن العاص، وعبد اللّه بن عمر بن الخطاب، قَالَ كُلّ ماحد منهما: لست قاراً به إلا حاجاً أو معتمراً أو حاجة لابد منها وسكت عَبْد اللّه بن الزبير فلم يقل شيئاً فاستحل مِنْ بعد ذَلِكَ" عَنِ ابْنِ مسعود، قَالَ:"مِنْ هم بسيئة لَمْ تكتب عليه حتى يعملها، ولو إِنَّ رَجُلاً كَانَ بعد إِنَّ أبين حدث نفسه بأن يلحد في البيت، والإلحاد فيه إِنَّ يستحل فيه مَا حرم اللّه عليه فمات قبل إِنَّ يصل إِلَى ذَلِكَ، أذاقه اللّه مِنْ عذاب أليم".

قوله تعالى: { بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ مِنْ طَرِيق معمر، عَنْ قَتَادَة، قَالَ:"وضع اللّه البيت مع آدم حين اهبط اللّه آدم إلي الأَرْض، وكَانَتِ الملائكة تهابه فنقص إِلَى ستين ذراعاً، فحزن آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا ذَلِكَ إِلَى اللّه، فقال اللّه: يا آدم، إني قد أهبط لك بيتاً يطاف به كما يطاف حول عرشي، ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي فاخرج إليه، فخرج إليه آدم ومدّ لَهُ في خطوة، فكان بين كُلّ خطوتين مفازة، فلم تزل تلك المفاوز بعد عَلَى ذَلِكَ، وأتى آدم فطاف به ومن بعده مِنَ الأَنْبِيَاء، قَالَ معمر: وأخبرنى أَبَانٌ إِنَّ البيت أهبط يا قوتة واحدة أو درة واحدة، قَالَ معمر: وبلغنى إِنَّ سفينة نوح طافت بالبيت سبعاً، حتى إِذَا أغرق اللّه قوم نوح فقدوا بقى أساسه، فبوأه اللّه لإبراهيم فبناه بعد ذَلِكَ، فذلك

٢٦

قوله: { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} قَالَ معمر: قَالَ ابن جريج: قَالَ ناس: أَرْسَلَ اللّه سبحانه سحباة فيها رأس، فقال الرأس: يا إبراهيم، إِنَّ ربك يأمرك إِنَّ تأخذ قدر هذه السحابة، فجعل ينظر إليها ويخط قدرها، قَالَ الرأس: قد فعلت؟ قَالَ: نعم، ثُمَّ ارتفعت فأبرز عَنِ اساس ثَابِت في الأَرْض. قَالَ ابن جريج: قَالَ مُجَاهِدٍ: أقبل الملك والصرد والسكينة مع إبراهيم مِنَ الشام، فقالت السكينة: يا إبراهيم، ريض عَلَى البيت، قَالَ: فلذلك لا يطوف البيت أعرابي ولا ملك مِنْ هذه الملوك، إلا رزيت عليه السكينة والوقار" عَنْ كَعْبٍ الأحبار، قَالَ:"كَانَ البيت غثاة وهي الماء قبل إِنَّ يخلق اللّه الأَرْض بأربعين عاماً، ومنه دحيت الأَرْض". عَنِ السُّدِّىِّ، قَالَ:"إِنَّ اللّه عز وجل أمر إبراهيم إِنَّ ينبي البيت هُوَ وإسماعيل، فانطلق إبراهيم حتى اتى مكة فقام هُوَ وإسماعيل وأخذ المعاول لا يدريان أين البيت، فبعث اللّه ريحاً يقال شلها ريح الخجوج، لها جناحان ورأس في صورة حية، فكنست لهما مَا حول الكعبة مِنَ البيت الأول، واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس، فذلك حين يَقُولُ اللّه: { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} فلما بنيا القواعد فبلغ مكان الركن، قَالَ إبراهيم لإسماعيل: اطلب لي حجراً حسناً أضعه ههنا، قَالَ: يا أبت، إني كسلان لغب، قَالَ: عليّ ذَلِكَ، فانطلق يطلب لي حجراً فجاءه جبريل بالحجر الأسود مِنَ الْجَنَّة، وكان أبيض ياقوتة بيضاء مثل الغثامة وكان آدم هبط به مِنَ الْجَنَّة فاسود مِنْ خطايا الناس، فجاءه إسماعيل بحجر فوجد عنه الركن، فقال: يا أبت مِنْ جاءك بهذا؟ قَالَ: جاءني به مِنْ هُوَ أنشط منك، فبينما هما يدعوان بالكلمات التي ابْتَلَى بها إبراهيم ربه، فلما فرغا مِنَ البنيان أمره اللّه إِنَّ ينادي، فقال: { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}" عَنْ حوشب بن عقيل، قَالَ: سألت مُحَمَّد بن عباد بن جعفر:"متى كَانَ البيت؟ قَالَ: خلقت الأشهر لَهُ، قلت: كم كَانَ طول بناء إبراهيم؟ قَالَ: ثمانية عشر ذراعاً، قلت: كم هُوَ اليوم؟ قَالَ: ستة وعشرون ذراعاً، قلت: هل بقى مِنْ حجارة بناء إبراهيم شيىء؟ قَالَ: حشي به البيت إلا حجرين مما يليان الحجر".

قوله تعالى: { لِلطَّائِفِينَ عَنْ عطاء فِي

قوله:"{ لِلطَّائِفِينَ}، قَالَ الذين يطوفون به { والقائمين}، قَالَ: المصلين عنده" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"لما فرغ إبراهيم مِنْ بناء البيت، قَالَ: رب قد فرغت، فقال: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}، قَالَ: رب وما يبلغ صوتي؟ قَالَ: أذن وعليّ البلاغ، قَالَ: رب كيف أقول؟ قَالَ: يا أيها الناس، كتب عليكم الحج إلي البيت العتيق، فسمعه مِنْ بين السَّمَاء والأرض، ألا ترى أنهم يجيئون مِنَ اقصى الأَرْض يلبون؟" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"لما أمر اللّه إبراهيم إِنَّ ينادي في الناس بالحج صعد أبا قبيس فوضع أصبعيه في أذنيه، ثُمَّ نادى: إِنَّ اللّه كتب عليكم الحج فأجيبوا ربكم، فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجل وأرحام النساء وأول مِنَ اجابه أَهْل اليمن، فيلس حاج يحج مِنْ يومئذ إِلَى إِنَّ تقوم الساعة إلا مِنْ كَانَ أجاب إبراهيم يومئذ".

٢٧

قوله تعالى: { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ عَنْ علي بن أَبِي طلحة،"إِنَّ اللّه أوحى إِلَى إبراهيم عَلَيْهِ السَّلامُ إِنَّ { أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} فقام عَلَى الحجر، فقال: يا أيها الناس، إِنَّ اللّه يأمركم بالحج، فأجابه مِنْ كَانَ مخلوقاً في الأَرْض يومئذ، ومن كَانَ في أرحام النساء، ومن كَانَ في أصلاب الرجال، ومن كَانَ في البحور، فقالوا: لبيك اللّهم لبيك" عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:"لما أمر إبراهيم إِنَّ يؤذن في الناس بالحج، قام عَلَى المقام فنادى بصوت أسمع مِنْ بين المشرق والمغرب: يا أيها الناس أجيبوا ربكم" عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:"قَالَ إبراهيم: كيف أقول؟ قَالَ: قل: يا أيها الناس أجيبوا ربكم، فَمَا خلق اللّه مِنْ جبل ولا شجر ولا شيىء مِنَ المطيعين لَهُ، إلا ينادي: لبيك اللّهم لبيك، فصارت التلبية" عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:"تطاول به المقام حتى كَانَ أطول جبل في الأَرْض، فأذن فيهم بالحج، فأسمع مِنْ تحت البحور السبع، وقالوا: لبيك أطعنا، لبيك أجبنا، فكل مِنْ حج إلي يَوْم الْقِيَامَة ممن استجاب لَهُ يومئذ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"لما أمر إبراهيم إِنَّ يؤذن في الناس تواضعت لَهُ الجبال، ورفعت لَهُ الأَرْض فقام، فقال: يا أيها الناس، أجيبوا ربكم" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"صعد إبراهيم ابا قبيس، فقال: اللّه أكبر اللّه أكبر أشهد إِنَّ لا إله إلا اللّه وأشهد إِنَّ إبراهيم إبراهيم رَسُول اللّه، أيها الناس إِنَّ اللّه أمرني إِنَّ أنادي في الناس، أجيبوا ربكم، فأجابه مِنَ اخذ اللّه ميثاقه بالحج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة".

قوله تعالى: { يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلّ ضَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"مَا آسي علي فاتني، إلا أني لَمْ أحج ماشياً حتى أدركني الكبر أسمع اللّه تعالي، يَقُولُ: { يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلّ ضَامِرٍ} فبدأ بالرجال قبل الركبان" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ وَعَلَى كُلّ ضَامِرٍ}، قَالَ: مَا تبلغه المطي حتى تضمر". قوله تعالي: { مِنْ كُلّ فَجٍّ عَمِيقٍ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ مِنْ كُلّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، قَالَ: طَرِيق بعيد".

قوله تعالى: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا"{ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}، قَالَ: أسواقاً كانت لَهُمْ، مَا ذكر اللّه منافع إلا الدُّنْيَا" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا فِي

قوله:"{ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}، قَالَ: منافع في الدُّنْيَا ومنافع في الآخرة فأما منافع الآخرة، فرضوان اللّه عز وجل، وأما منافع الدُّنْيَا، فَمَا يصيبون مِنْ لحوم البدن في ذَلِكَ اليوم والذبائح والتجارات".

قوله تعالى: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّه عَنْ مقاتل رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّه}، قَالَ: فيما ينحرون مِنَ البدن" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ"{ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّه}، قَالَ: كَانَ يقال: إِذَا ذبحت نسيكتك فقل بسم اللّه واللّه أكبر، اللّهم هَذَا منك ولك عَنْ فلان، ثُمَّ كُلّ وأطعم كما أمرك اللّه: الجار والأقرب فالأقرب" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"الأيام المعلومات، أيام العشر" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"الأيام المعلومات: يَوْم النحر وثلاثه أيام بعده" عَنِ ابْنِ عُمْرَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"الأيام المعلومات والمعدودات، هن جميعا اربعة ايام، فالمعلومات، يَوْم النحر ويومان بعده، والمعدودات، ثلاثه ايام بعد النحر".

٢٨

قوله تعالى { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ عَنِ ابراهيم رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"كَانَ المشركون لا يأكلون مِنْ ذبائح نسائكهم، فأنزل اللّه: { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} فرخص للمسلمين، فمن شاء أكل ومن شاء لَمْ يأكل" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ فَكُلُوا مِنْهَا} إِنَّ ابن مسعود كَانَ يقال للذين يبعث بهديه معه: كُلّ ثلثاً وتصدق بالثلث، وأهد لآل عتبة ثلثاً"  عَنْ جابر بن عَبْد اللّه، قَالَ:"نحر رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُلّ جزور بضعة، فجعلت في قدر فأكل رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلي مِنَ اللحم وحسوا مِنَ المرق، قَالَ سفيان: لأن اللّه يَقُولُ: { فَكُلُوا مِنْهَا}" عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"{ الْبَائِسَ} المضطر الّذِي عليه البؤس و{ الْفَقِيرَ} الضعيف".

٢٩

قوله تعالى: { ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"التفث: قضاء النسك كُلّهُ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، أنه قَالَ"في التفث: حلق الرأس، والأخذ مِنَ العارضين، ونتف الإبط وحلق العانة، والوقوف بعرفة، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، وقص الأظافر وقص الشارب والذبح"    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي

قوله:"{ ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}، قَالَ: يعْنِي بالتفث: وضع إحرامهم مِنْ حلق الرأس، ولبس الثياب، وقص الأظفار، ونحو ذَلِكَ { وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}، قَالَ: هُوَ الحج" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"{ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}، قَالَ: والعانة والاظفار، ورمي الجمار، وقص اللحية { وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} وقص الشارب ونتف الإبط حلق الرأس، قَالَ: الحج" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي

قوله:"{ وَلْيَطَّوَّفُوا}، قَالَ: هُوَ الطواف الواجب يَوْم النحر" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"البيت العتيق، لأنه أعتق مِنَ الجبابرة" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"إنما سمي البيت العتيق لأنه لَمْ يرده احد بسوء إلا هلك" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"إنما سمي البيت العتيق، لأنه أعتق مِنَ الغرق في زمان نوح" عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"إنما سمي العتيق، لأنه أول بيت وضع" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"لما نَزَلَتْ هذه الآية { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} طاف رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ورائه" عَنِ ابى جمرة، قَالَ: قَالَ لي ابن عباس:"أتقرأ سُورَة الحج؟ يَقُولُ اللّه: { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} قَالَ: فإن آخر المناسك الطواف بالبيت".

٣٠

قوله تعالى: { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللّه عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي

قوله:"{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللّه}، قَالَ: الحرمة الحج والعمرة وما نهى اللّه عنه مِنْ معاصيه كلها" عَنْ عياش بن أَبِي ربيعة المخزومي، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"لن تزال هذه الأمة بخير ماعظموا هذه الحرمة حق تعطيمها يعْنِي مكة فإذا ضيعوا ذَلِكَ هلكوا".

قوله تعالى: { وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ عَنْ مُجَاهِدٍ"{ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}، قَالَ: الكذب" عَنْ مقاتل"{ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} يعْنِي الشرك بالكلام، وذلك أنهم كانوا يطوقون بالبيت، فيقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هُوَ لك، تملكه وما ملك".

٣١

قوله تعالى: { حُنَفَاءَ للّه غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله:"{ حُنَفَاءَ للّه غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}، قَالَ: حجاجاً للّه غير مشركين به، وذلك إِنَّ الجاهلية كانوا يحجون مشركين فلما أظهر اللّه إلاسلام، قَالَ اللّه للمسلمين: حجوا الآن غير مشركين باللّه" عَنْ عَبْد اللّه بن القَاسِم مولى أَبِي بكر الصديق، قَالَ:"كَانَ ناس مِنْ مضر وغيرهم يحجون البيت وهم مشركون، وكان مِنْ لا يحج البيت مِنَ المشركين، يقولون: قولوا حنفاء، فقال اللّه: { حُنَفَاءَ للّه غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}، يَقُولُ: حجاجاً غير مشركين به" عَنْ مُجَاهِدٍ"{ حُنَفَاءَ}، قَالَ: متبعين" عَنْ قَتَادَة فِي

قوله:"{ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللّه فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء}، قَالَ: هَذَا مثل ضربه اللّه لمن أشرك باللّه في بعده مِنَ الهدى وهلاكه" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي

قوله:"{فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}، قل: بعيد".

٣٢-٣٣

قوله تعالى: { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللّه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي

قوله:"{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللّه}، قَالَ: البدن" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله:"{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللّه}، قَالَ الاستسمان والاستحسان والاستعظام، وفي

قوله: { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، قَالَ: ظهورها وأوبارها وأشعارها وأصوافها، إِلَى إِنَّ تسمى هدياً، فإذا سميت هدياً ذهبت المنافع { ثُمَّ مَحِلُّهَا}، يَقُولُ: حين يسمى إلي البيت العتيق" عَنِ الضَّحَّاكِ، وعطاء في هذه الآية، قَالَ:"المنافع فيها، الركوب عليها إِذَا احتاج، وفي أوبارها وألبانها، والأجل المسمى: إِلَى إِنَّ تقلد فتصير بدناً { ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، قالا: إِلَى يَوْم النحر تنحر بمنى" عَنْ مُحَمَّد بن موسى فِي

قوله:"{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللّه}، قَالَ: الوقوف بعرفة مِنْ شعائر اللّه، والجمع مِنْ شعائر اللّه والبدن مِنْ شعائر اللّه ورمي الجمار مِنْ شعائر اللّه، والحلق مِنْ شعائر اللّه فمن يعظمها { فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، قَالَ: لكم في كُلّ مشعر منها منافع الي إِنَّ تخرجوا منه إِلَى غيره { ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، قَالَ: محل هذه الشعئر كلها الطواف بالبيت العتيق".

٣٤

قوله تعالى: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي

قوله:"{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا}، قَالَ: عيداً" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي

قوله:"{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا}، قَالَ: إهراق الدماء" عَنْ عِكْرِمَةَ:"{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا}، قَالَ: ذبحاء" عَنْ زَيْدٍ بْنِ أَسْلَمَ، أنه قَالَ في هذه الأية"{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} إنه مكة، لَمْ يجعل اللّه لأمة قط منسكاً غيرها" عَنْ جابر بن عَبْد اللّه"إِنَّ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى للناس يَوْم النحر، فلما فرغ مِنْ خطبته وصلاته دعا بكبش فذبحه هُوَ بنفسه، وَقَالَ: بسم اللّه واللّه أكبر اللّهم، هَذَا عني وعمن لَمْ يضح مِنَ امتي" عَنْ جابر، قَالَ"ضحى رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكبشين في يَوْم عيد، فقال حين وجهها: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا مِنَ المشركين، إِنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين لا شريك لَهُ وذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللّهم منك ولك وعن مُحَمَّد وأمته، ثُمَّ سمي اللّه، وكبر وذبح" عَنْ مقاتل"{ فَلَهُ أَسْلِمُوا}، يَقُولُ: فله أخلصوا" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي

قوله:"{ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}، قَالَ: المخبتون، الذين لا يظلمون الناس، وَإِذَا ظُلموا لَمْ ينتصروا" عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِى اللّه عَنْهُ"{ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}، قَالَ: المتواضعين" عَنِ السُّدِّىِّ رَضِى اللّه عَنْهُ"{ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}، قَالَ: الوجلين".

٣٥

قوله تعالى: { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّه وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ مقاتل"{ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّه وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} عندما يخوفون { وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ} مِنَ البلاء والمصيبات { وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ} يعْنِي إقامتها بأداء مَا استحفظهم اللّه فيها".

٣٦

قوله تعالى: { وَالْبُدْنَ }

عَنِ ابْنِ عُمْرَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"البدنة، ذات الخف" عَنِ ابْنِ عُمْرَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"البدنة ذات البدن مِنَ الإبل والبقر" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"ليس البدن إلا مِنَ الإبل" عَنْ عَبْد الكريم، قَالَ: اختلف عطاء والحكم، فقال عطاء"البدن مِنَ الإبل والبقر، قَالَ الحكم: مِنَ الإبل" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"إنما سميت البدن مِنْ قبل السمانة".

قوله تعالى: { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ عَنِ ابراهيم فِي

قوله:"{ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}، قَالَ: هي البدنة، إِنَّ احتاج إِلَى ظهر ركب، إو إِلَى لبن شرب" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}، قَالَ: لكم أجر ومنافع للبدن" عَنْ مالك بن أنس، قَالَ:"حج سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، وحج معه ابن حرملة فاشترى سعيد كبشاً فضحى به، واشترى ابن حرملة بدنة بستة دنانير، فنحرها فقال لَهُ سعيد: أما كَانَ لك فينا أوسة؟ فقال: إني سمعت اللّه يَقُولُ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللّه لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} فأحببت إِنَّ آخذ الخير مِنْ حيث دلني اللّه عليه، فأعجب ذَلِكَ ابن المسيب منه، وجعل يحدث بها عنه".

قوله تعالى: { صواف}

 عَنِ أَبِي ظَبْيَانَ، قَالَ: سألت ابن عباس، عَنْ

قوله:"{ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّه عَلَيْهَا صَوَافَّ}، قَالَ: إِذَا أردت إِنَّ تنحر البدنة، فأقمها علي ثلاث قوائم معقولة، ثُمَّ قل: بسم اللّه واللّه أكبر، اللّهم منك ولك" عَنِ ابْنِ مر"أنه نحر بدنة وهي قائمة معقولة إحدى يديها، وَقَالَ: { صَوَافَّ} كما قَالَ اللّه عز وجل عَنِ الحَسَنِ أنه كَانَ يقرأها"{ صَوَافَّ}، قَالَ: خالصة للّه تَعَالَى، قَالَ: كانوا يذبحونها لأصنامهم" عَنْ زَيْدٍ بْنِ أَسْلَمَ أنه قرأ"{ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّه عَلَيْهَا صَوَافَّ} بالياء منتصبة، وَقَالَ: خالصة للّه مِنَ الشرك لأنهم كانوا يشركون في الجاهلية إِذَا نحروها" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ"{ فَإِذَا وَجَبَتْ}، قَالَ: سقطت عَلَى جنبها" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:"{ فَإِذَا وَجَبَتْ}، قَالَ: نحرت".

قوله تعالى: { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ عَنِ ابْنِ عمر"أنه كَانَ يطعم مِنْ بدنه قبل إِنَّ يأكل منها، ويقول: { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} هما سواء" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"القانع المتعفف، والمعتر السائل" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"القانع الّذِي يجلس في بيته" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:"القانع الّذِي يقنع بما أوتي، والمعتر الّذِي يعترض" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:"القانع أَهْل مكة، المعتر سائر الناس".

٣٧

قوله تعالى: { لَنْ يَنَالَ اللّه لُحُومُهَا عَنِ ابْنِ جريج، قَالَ:"كَانَ أَهْل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها، فقال أصحابها النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فنحن أحق إِنَّ ننضح، فأنزل اللّه { لَنْ يَنَالَ اللّه لُحُومُهَا}" عَنْ مقاتل بن حيان"{ لَنْ يَنَالَ اللّه}، قَالَ: لن يرفع إِلَى اللّه { لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا} ولكن نحر البدن مِنْ تقوى اللّه وطاعته، يَقُولُ: يرفع إِلَى اللّه منكم: الأعمال الصالحة والتقوى" عَنِ ابراهيم"{ وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}، قَالَ: عَلَى ذبحها في تلك الأيام".

٣٨

قوله تعالى: { إِنَّ اللّه يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي

قوله:"{ إِنَّ اللّه يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}، قَالَ: واللّه مَا يضيع اللّه رَجُلاً قط حفظ لَهُ دينه" عَنْ سُفْيَانَ فِي قَوْلِهِ"{ إِنَّ اللّه لا يُحِبُّ}، قَالَ: لا يقرب" عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:"كُلّ شيئ في القرآن { كَفُورٍ} يعْنِي به الكفار".

٣٩

قوله تعالى: { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّه عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"لما خرج النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مكة، قَالَ أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا للّه وإنا إليه راجعون، ليهلكن القوم ! فنزلت { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} الأية، وكان ابن عباس يقرأها { أُذِنَ}، قَالَ أبو بكر: فعلمت أنه سيكون قتال، قَالَ ابن عباس: وهي أول آية نَزَلَتْ في القتال" عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:"خرج ناس مؤمنون مهاجرين مِنْ مكة إِلَى المدينة، فاتبعهم كفار قريش فأذن لَهُمْ في قتالهم فأنزل اللّه: { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} الأية، فقاتلوهم" عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ"إِنَّ أول آية أنزلت في القتال حين ابْتَلَى المسلمون بمكة وسطت بهم عشائرهم ليفتنوهم عَنِ الإسلام، وأخرجوهم مِنْ ديارهم وتظاهروا عَلَيْهِمْ، فأنزل اللّه: { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} الآية وذلك حين أذن لرسوله بالخروج، أذن لَهُمْ بالقتال" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي

قوله:"{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ}، قَالَ: أذن لَهُمْ في قتالهم، بعدما عفى، عنهم عشر سنينن" عَنْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ"{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ}، قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه { بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} يعْنِي ظلمهم أَهْل مكة حين أخرجوهم مِنْ ديارهم".

٤٠

قوله تعالى: { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:"{ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} أي مِنْ مكة إِلَى المدينة { بِغَيْرِ حَقٍّ} يعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واصحابه" عَنْ عثمان بن عفان، قَالَ:"فينا نَزَلَتْ هذه الآية { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ} والأية بعدها، أخرجنا مِنْ ديارنا { بِغَيْرِ حَقٍّ}، ثُمَّ مكنا في الأَرْض فأقمنا الصلاة، وآتينا الزكاة، أمرنا بالمعروف ونهينا، عَنِ المنكر، فهي لي ولأصحابي" عَنْ ثَابِت بن عوسجة الخضيري، قَالَ: حَدَّثَنِي سبعة وعشرون مِنَ اصحاب علي وعبد اللّه منهم لاحق بن الأقمر، والعيزار بن جرول، وعطية القرظى، إِنَّ علياً، قَالَ:"إنما نَزَلَتْ هذه الآية في أصحاب مُحَمَّد { وَلَوْلا دَفْعُ اللّه النَّاسَ}، قَالَ: لولا دفع اللّه بأصحاب مُحَمَّد، عَنِ التابعين، لهدمت صوامع" عَنْ مُجَاهِدٍ في الآية، قَالَ:"منع بعضهم ببعض في الشهادة وفي الحق، وفيما يكون مثل هَذَا يَقُولُ: لولا هَذَا لهلكت هذه الصوامع وماذكر معها" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ"{ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ}، قَالَ: الصوامع التي تكون فيها الرهبان، والبيع مساجد اليهود، وصلوات كنائس النصاري، والمساجد مساجد المسلمين" عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ:"صلوات كنائس اليهود، يسمون الكنيسة صلاة" عَنْ عاصم الجحدري أنه قرأ:"{ وصلوات}، قَالَ: الصلوات دونه الصوامع، قَالَ: وكيف تهدم الصلاة !" عَنِ أَبِي العالية في الآية، قَالَ:"صوامع الرهبان، وبيع النصارى، وصلوات مسجد الصابئين: يسمونها بصلوات" عَنْ قَتَادَة فِي

قوله:"{ صَوَامِعُ}، قَالَ: هي للصابئين، وبيع للنصارى، وصلوات كنائس اليهود، ومساجد للمسلمين" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي

قوله:"{ وَصَلَوَاتٌ} صلوات أَهْل الإسلام تنقطع إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ العدو تنقطع العبادة مِنَ المساجد" عَنِ الضَّحَّاكِ فِي

قوله:"{ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللّه كَثِيرًا} يعْنِي في كُلّ مما ذكر مِنَ الصوامع والصلوات والمساجد، يَقُولُ: في كُلّ هَذَا يذكر اسم اللّه ولم يخص المساجد".

٤١

قوله تعالى: { الَّذِينَ إِنَّ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْض عَنِ أَبِي العالية فِي

قوله:"{ الَّذِينَ إِنَّ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْض}، قَالَ: أصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" عَنْ مُحَمَّد بن كَعْبٍ:"{ الَّذِينَ إِنَّ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْض}، قَالَ: هم الولاة" عَنْ زَيْدٍ بْنِ أَسْلَمَ فِي

قوله:"{ الَّذِينَ إِنَّ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْض}، قَالَ: أرض المدينة: { أقاموا الصلاة}، قَالَ: المكتوبة { وَآتَوُا الزَّكَاةَ}، قَالَ: المفروضة، { وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ} بلا إله إلا اللّه: { وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ}، قَالَ: الشرك باللّه: { وَللّه عَاقِبَةُ الأُمُورِ}، قَالَ: وعند اللّه ثواب مَا صنعوا" عَنِ أَبِي العالية في الآية، قَالَ:"كَانَ أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلي اللّه وحده عبادته لا شريك لَهُ، وكان نهيهم أنهم نهوا، عَنْ عبادة الشيطان وعبادة الأوثان" عَنْ قَتَادَة فِي

قوله:"{الَّذِينَ إِنَّ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْض}، قَالَ: هَذَا شرط اللّه علي هذه الأمة".

٤٥

قوله تعالى: { فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ،"{ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ}، قَالَ: وهو المجصص".

٤٦

قوله تعالى: { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْض فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ"{ فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ}، قَالَ: مَا هذه الأبصار التي في الرؤوس فإنها جعلها اللّه منفعة وبلغة، وأما البصر النافع فهو في القلب، ذكر لنا أنها نَزَلَتْ في عَبْد اللّه بن زائدة يعْنِي ابن أم مكتوم".

٤٧

قوله تعالى { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللّه وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ عَنْ قَتَادَة فِي

قوله:"{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ}، قَالَ: قَالَ ناس مِنْ جلهة هذه الأمة: {اللّهمَّ إِنَّ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي

قوله:"{ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}، قَالَ: مِنَ الأيام الستة التي خلق اللّه فيها السموات والأرض" عَنِ ابراهيم، قَالَ:"مَا طول ذَلِكَ اليوم عَلَى المُؤْمِن، إلا كما بين الأولى والعصر" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"الدُّنْيَا جمعة مِنْ جَمَعَ الآخرة سبعة آلاف سنة، فقد مضى منها ستة آلاف" عَنْ مُحَمَّد بن سيرين، عَنْ رجل مِنَ اهْل الْكِتَاب أسلم، قَالَ:"إِنَّ اللّه خلق السموات والأرض في ستة أيام، وإن يوماً عند ربك { كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} وجعل أجل الدُّنْيَا ستة أيام وجعل الساعة في اليوم السابع، فقد مضت الستة الأيام، وأنتم في اليوم السابع، فمثل ذَلِكَ مثل الحامل إِذَا دخلت في شهرها، ففي أية ساعة ولدت كَانَ تماماً" عَنْ صفوان بن سليم إِنَّ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"فقراء المسلمين يدخلون الْجَنَّة قبل الأغنياء مِنَ المسلمين بنصف يَوْم، قِيلَ: وما نِصْف اليوم؟ قَالَ: خمسمائة عام، وتلا { وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}".

٤٩-٥١

قوله تعالى: { يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ عَنْ مُحَمَّد بن كَعْبٍ القرظى، قَالَ: إِذَا سمعت اللّه يَقُولُ:"{ رِزْقٌ كَرِيمٌ} فهي الْجَنَّة" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا فِي

قوله:"{ مُعَاجِزِينَ}، قَالَ: مراغمين" عَنِ ابْنِ الزبير، أنه كَانَ يقرأ:"{ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} يعْنِي مثبطين" عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،"أنه كَانَ يعجب مِنَ الذين يقرأون هذه الآية / سُورَة النجم بمكة، فقالت قريش: يا مُحَمَّد، إنه يجالسك الفقراء والمساكين ويأتيك الناس مِنَ اقطار الأَرْض، فإن ذكرت آلهتنا بخير جالسناك، فقرأ رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَة { النجم} فلما أتى علي هذه الآية /سُورَة سجد وسجد أصحابه وسجد المشركون لذكره ألهتهم، فلما رفع رأسه حملوه، فاستدوا به بين قطري مكة، يقولون: نَبِيّ بني عَبْد مناف، حتى إِذَا جاءه جبريل عرض عليه، فقرأ ذينك الحرفين، فقال جبريل: معاذ اللّه إِنَّ أكون أقرأتك هَذَا ! فاشتد عليه، فأنزل اللّه يطيب نفسه { وما أرسلنا مِنْ قبلك}" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ"{ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}، يَقُولُ: إِذَا حدث ألقى الشيطان في حديثه" عَنِ الضَّحَّاكِ فِي

٥٢

قوله:"{ إِذَا تَمَنَّى} يعْنِي بالتمني التلاوة والقراءة { أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} في تلاوة النَّبِيّ { فَيَنْسَخُ اللّه} ينسخ جبريل بأمر اللّه: مَا ألقاه الشيطان عَلَى لسان النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" عَنْ مُجَاهِدٍ"{ إِذَا تَمَنَّى}، قَالَ: تَكَلَّمَ في أمنيته، قَالَ: كلامه".

لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللّه لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في"{ مِرْيَةٍ مِنْ}، قَالَ: مما جاء به الخبيث إبليس لا يخرج مِنْ قلوبهم زادهم ضلالة" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ"{ عَذَابُ يَوْم عَقِيمٍ}، قَالَ: يَوْم بدر" عَنْ مُجَاهِدٍ"{ عَذَابُ يَوْم عَقِيمٍ}، قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة لا ليلة لَهُ".

٥٨

قوله تعالى: { وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللّه ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللّه رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللّه لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ عَنْ سليمان الفارسي: سمعت رَسُول اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"مِنْ مات مرابطاً أجرى اللّه عليه مثل ذَلِكَ الأجر، وأجرى عليه الرزق وأمن الفتانين، واقرأوا إِنَّ شئتم، { والذين هاجروا في سبيل اللّه ثُمَّ قتلوا أو ماتوا } إِلَى قَوْلِهِ { حليم}" عَنْ فضالة بن عبيد الأَنْصَارِي الصحابي أنه كَانَ برودس،"فمروا بجنازتين أحدهما قتيل والآخر متوفي، فمال الناس عَلَى القتيل، فقال فضالة: مالى أرى الناس مالوا مع هَذَا وتركوا هَذَا؟ فقالوا: هَذَا لقتيل في سبيل اللّه، فقال: واللّه مَا أبالي مِنَ اي حفرتيهما بعثت، اسمعوا كتاب اللّه: { والذي هاجروا في سبيل اللّه ثُمَّ قبلوا أو ماتوا}" عَنِ السُّدِّىِّ فِي

٥٩

قوله:"{ مدخلاً يرضونه}، قَالَ: الْجَنَّة".

٦٠

قوله تعالى: { ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ عَنْ مقاتل فِي

قوله:"{ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ} الآية، قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث سرية في ليلتين بقيتا مِنَ المحرم، فلقوا المشركين، فقال المشركون بعضهم لبعض: قاتلوا أصحاب مُحَمَّد، فإنهم يحرمون القتال في الشهر الحرام، وأن اصحاب مُحَمَّد ناشدوهم وذكروهم باللّه إِنَّ يعرضوا لقتالهم، فإنهم لا يستحلون القتال في الشهر الحرام إلا مِنْ بادءهم وإن المشركين بدأوا وقاتلوهم فاستحل الصحابة فتالهم عند ذَلِكَ، فقاتلوهم ونصرهم اللّه عَلَيْهِمْ" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي

٦٢

قوله:"{ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}، قَالَ: الشيطان".

٦٦

قوله تعالى: { إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ عَنِ الحَسَنِ فِي

قوله:"{ إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ}، قَالَ: بعد المصيبات، وينسى النعم" عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:"كُلّ شيء في القرآن { إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ} يعْنِي به الكفار".

٦٧

قوله تعالى: { لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ عَنِ ابى المليح، قَالَ:"الأمة مَا بين الأربعين إِلَى المائة فصاعداً" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا فِي

قوله:"{ هُمْ نَاسِكُوهُ} يعْنِي هم ذابحوه { فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ} يعْنِي في أمر الذبائح" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ"{ مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ}، قَالَ: إهراقة دم الهدي" عَنْ قَتَادَة رَضِيَ اللّه عَنْهُ"{ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا}، قَالَ:ذبحاً وحجاً" عَنْ مقاتل رَضِيَ اللّه عَنْهُ"{ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ}، قَالَ: إِلَى دين ربك { إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى}، قَالَ: دين مستقيم { إِنَّ جَادَلُوكَ} يعْنِي في الذبائح" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"خلق اللّه اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عام، وَقَالَ للقلم قبل إِنَّ وهو عَلَى العرش: يخلق الخلق قَالَ: مَا أكتب؟ قَالَ: علمي في خلقي إلي يَوْم تقوم الساعة، فجرى القلم بما هُوَ كائن في علم اللّه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فذلك قوله للنبي صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَلَمْ تَعْلَمْ إِنَّ اللّه يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ} يعْنِي مَا في السموات السبع والأرضين السبع { إِنَّ ذَلِكَ} العلم { في كتاب} يعْنِي في اللوح المحفوظ مكتوب قبل إِنَّ يخلق السموات والأرضين { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللّه يَسِيرٌ} يعْنِي هين".

٧١

وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّه سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي

قوله:"{ يكادون يسطون} يبطئون" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ"{ يَكَادُونَ يَسْطُونَ} قَالَ: يبطئون كفار قريش" عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

قوله:"{ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} يعْنِي الصنم لا يخلق ذباباً { وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا}، يَقُولُ: يجعل للأصنام طعام، فيقع عليه الذباب، فيأكل منه فلا يستطيع إِنَّ يستنقذه منه، ثُمَّ رجع إِلَى الناس وإلى الأصنام { ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} الّذِي يطلب إِلَى هَذَا الصنم، الّذِي لا يخلق ذباباً، ولا يستطيع إِنَّ يستنقذ مَا سلب منه وضعف {الْمَطْلُوبُ} إليه الّذِي لا يخلق ذباباً ولا يستنقذ مَا سلب منه" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ فِي

٧٤

قوله:"{ مَا قَدَرُوا اللّه حَقَّ قَدْرِهِ}، قَالَ: حين يعبدون مع اللّه مالا ينتصف مِنَ الذباب" عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ في الآية، قَالَ: الّذِي { يَصْطَفِي} مِنَ الناس هم الأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ" عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي

٧٧

قوله:"{ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا}، قَالَ: إنما هي أدب وموعظة".

٧٨

قوله:"{ وَجَاهِدُوا فِي اللّه حَقَّ جِهَادِهِ}، قَالَ جاهدوا عدوّ اللّه حتى يدخلوا في الإسلام" عَنِ الحَسَنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُ"{ وَجَاهِدُوا فِي اللّه حَقَّ جِهَادِهِ}، قَالَ: إِنَّ الرجل ليجاهد في اللّه حق جهاده وما ضرب بسيف" عَنْ مقاتل رَضِيَ اللّه عَنْهُ:"{ وَجَاهِدُوا فِي اللّه حَقَّ جِهَادِهِ} يعْنِي: العمل إِنَّ يجتهدوا فيه" عَنِ السُّدِّىِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ"{ وَجَاهِدُوا فِي اللّه حَقَّ جِهَادِهِ}، قَالَ: يطاع فلا يعصى" عَنْ مُحَمَّد، قَالَ: قَالَ أبو هُرَيْرَةَ، لابن عباس:"أما علينا في الدين مِنْ حرج، في إِنَّ نسرق أو نزني، قَالَ: بلى، { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} قَالَ: الإصر الّذِي كَانَ عَلَى بني إسرائيل وضع، عنكم" مِنْ طَرِيق ابن شهاب، إِنَّ ابن عباس كَانَ يَقُولُ: فِي

قوله:"{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} توسعة الإسلام، مَا جعل اللّه مِنَ التوبة ومن الكفارات" مِنْ طَرِيق عثمان بن بشار، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ"{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، قَالَ: هَذَا في هلال رمضان، إِذَا شك فيه الناس، وفي الحج، إِذَا شكوا في الهلال، وفي الأضحى والفطر وفي أشباهه" عَنْ مقاتل بن حيان، فِي

قوله:"{مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، يَقُولُ: لَمْ يضيق الدين عليكم، ولكن جعله واسعاً لَمْ دخله، وذلك وذلك أنه ليس مما فرض عَلَيْهِمْ فيه، إلا ساق إِلَيْهِمْ، عند الاضطرار رخصة، والرخصة في الدُّنْيَا فيها وسع عَلَيْهِمْ رحمة منه، إذ فرض عَلَيْهِمْ الصلاة في المقام اربع ركعات، وجعلها في السفر ركعتين، وعند الخوف مِنَ العدو ركعة، ثُمَّ جعل في وجهه رخصة أنيومئ أيماء إِنَّ لَمْ يستطع السجود، في أي نحو كَانَ وجهه، لمن تجاوز، عَنِ السيئات منه والخطأ، وجعل في الوضوء والغسل رخصة، إِذَا لَمْ يجدوا الماء إِنَّ يتيمموا الصعيد، وجعل الصيام عَلَى المقيم واجباً، ورخص فيه للمريض، والمسافر عدة مِنَ ايام اخر، فمن لَمْ يطق فإطعام مسكين مكان كُلّ يَوْم، وجعل في الحج رخصة، إِنَّ لَمْ يجد زاداً أو حملاناً او حبس دونه، وجعل في الجهاد رخصة، إِنَّ لَمْ يجد حملاناً أو نفقة، وجعل، عند الجهد والاضطرار مِنَ الجوع: إِنَّ رخص في الميتة والدم ولحم الخنزير قدر مَا يرد نفسه، لا يموت جوعاً، في أشباه هَذَا في القرآن، وسعه اللّه عَلَى هذه الأمة رخصة منه ساقها إِلَيْهِمْ عَنِ السُّدِّىِّ فِي

قوله:"{ مِلَّة أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} قَالَ: دين أبيكم"    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي

قوله:"{ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ}، قَالَ: اللّه عز وجل: { سَمَّاكُمُ}" عَنْ مُجَاهِدٍ فِي

قوله:"{ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ}، قَالَ اللّه عز وجل { سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ}، قَالَ: الكتب كلها وفي الذكر وفي هَذَا، قَالَ: القرآن" عَنْ قَتَادَة فِي

قوله:"{ هُوَ سَمَّاكُمُ}، قَالَ: اللّه { سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا} أي في كتابكم { لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ} أنه قد بلغكم { وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} إِنَّ رسلهم قد بلغتهم" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ في الآية، قَالَ:"لَمْ يذكر اللّه بالإسلام والإيمان غير هذه الأمة، ذكرت بهما جميعاً، ولم يسمع بأمة ذكرت بالإسلام والإيمان غيرها" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي

قوله:"{ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ}، قَالَ إبراهيم: ألا ترى } إِلَى قَوْلِهِ {: { رَبُّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} الآية كلها".آخر تفسير سُورَة الحج.

آخر تفسير سورة الحج

﴿ ٠