سُورَةُ الزمر٥قوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ} عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ}، قَالَ: يَحْمِلُ اللَّيْلَ". ٦قوله تعالى: {خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ} عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ}، قَالَ: عَلَقَةً، ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ عِظَامًا: {فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ}، قَالَ: ظُلْمَةُ الْبَطْنِ، وَظُلْمَةُ الرَّحِمِ، وَظُلْمَةُ المْشَيِمَةِ". ٧قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللّه غَنِيٌّ عَنكُمْ} عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا عَنْهُمَا،"{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللّه غَنِيٌّ عَنكُمْ}، يَعَنِي الْكُفَّارَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّه أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ، فَيَقُولُونَ لا إِلَهَ إِلا اللّه، ثُمَّ قَالَ: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} وَهُمْ عِبَادُهُ الْمُخْلِصُونَ الَّذِينَ قَالَ: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} فَأَلْزَمَهُمْ شِهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللّه وَحَبَبَهَا إِلَيْهِمْ". ٩قوله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنْ عُبَيْدَةَ النُّمَيْرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلْفٍ عَبْدُ اللّه بْنُ عِيسَى الْخُزَّازُ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْبَكَّاءُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، قَرَأَ:"{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ}، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ذَاكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، وَإِنَّمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ ذَلِكَ، لِكَثْرَةِ صَلاةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بِاللَّيْلِ وَقِرَاءَتِهِ، حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ، كَمَا رَوَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: ضَحَّوْا بِأَشْمَطَ عِنْوَانُ السُّجُودِ بِهِ يَقْطَعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحًا وَقُرْآنًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{يَحْذَرُ الْآخِرَةَ}، يَقُولُ: يَحْذَرُ عَذَابَ الْآخِرَةِ الْآخِرَةِ". ١٧قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قوله:"{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا}، قَالَ: نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ فِي ثَلاثَةِ نَفَرٍ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، يَقُولُونَ: لا إِلَهَ إِلا اللّه، فِي زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ الغفاري، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ" عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، قَالَ:"{الطَّاغُوتَ}، الشَّيْطَانُ هُوَ هَاهُنَا وَاحِدٌ وَهِيَ جَمَاعَةٌ، مِثْلَ قوله: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ}، قَالَ: هِيَ لِلنَّاسِ كُلِّهِمُ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ". ٢١قوله تعالى: {ألم تر أن اللّه أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبوُ قُتَيْبَةَ عُتْبَةُ بْنُ يَقَظَانَ، عَنْ عِكْرَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله تعالى:"{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّه أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ}، قَالَ: لَيْسَ فِي الْأَرْضِ مَاءٌ إِلا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَكِنْ عُرُوقٌ فِي الْأَرْضِ تُغَيِّرُهُ، فَذَلِكَ قوله تعالى: {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ}، فَمَنْ سَرَّهَ أَنْ يَعُودَ الْمِلْحُ عَذَبًا فَلْيَصْعَدْ" عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُلْتُ لَجَدَّتِي أَسْمَاءَ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأُوا الْقُرْآنَ؟ قَالَتْ:"كَانُوا كَمَا نَعَتَهُمُ اللّه تَعَالَى، تَدْمَعُ أَعْيُنُهُمْ وَتُقَشْعِرُّ جُلُودُهُمْ"، قُلْتُ: فَإِنَّ نَاسًا هَاهُنَا إِذَا سَمِعُوا ذَلِكَ تَأْخُذُهُمْ عَلَيْهِ غَشْيَةٌ، فَقَالَتْ:"أَعُوذُ بِاللّه مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" عَنِ الْفَرَجِ بْنِ زَيْدِ الْكُلاعِيِّ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ: قَالُوا لِعَلِيٍّ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ:"حَكَّمْتَ كَافِرًا، وَمُنَافِقًا، فَقَالَ: مَا حَكَّمْتُ مَخْلُوقًا، مَا حَكَمْتُ إِلا الْقُرْآنَ". ٢٩قوله تعالى: {ضَرَبَ اللّه مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا،"{ضَرَبَ اللّه مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ}، قَالَ: الرَّجُلُ يَعْبُدُ آلِهَةً شَتَّى، فَهَذَا مَثَلٌ ضَرْبَهُ اللّه تَعَالَى لِأَهْلِ الْأَوْثَانِ {وَرَجُلًا سَلَمًا}، يَعْبُدُ إِلَهًا وَاحِدًا ضَرَبَ لِنَفْسِهِ مَثَلًا" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{وَرَجُلًا سَلَمًا}، قَالَ: لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْءٌ شَيْءٌ" عَنْ مُبَشِّرٍ بْنِ عُبَيْدٍ الْقُرَشِيِّ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ: قِرَاءَةُ عَبْدِ اللّه بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ،"{وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ}، قَالَ: خَالِصًا لَرَجُلٍ قَائِمًا، يعْنِي مُسْتَسْلِمًا لِرَجُلٍ". ٣٠قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"لَقَدْ لَبِثْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرِنَا وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِينَا وَفِي أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلُ {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}، قُلْنَا: كَيْفَ نَخْتَصِمُ وَنَبِيُّنَا وَاحِدٌ، وَكِتَابُنَا وَاحِدٌ؟ حَتَّى رَأَيْتُ بَعْضَنَا يَضْرِبُ وَجُوهَ بَعْضٍ بِالسَّيفِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِينَا" حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَوْسَجَةَ، حَدَّثَنَا ضِرَارٌ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا الْقُمَيُّ، يعْنِي يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللّه، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:"نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَمَا نَعْلَمُ فِي أَيِّ شَيْءٍ نَزَلَتْ: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}، قُلْنَا: مَنْ نُخَاصِمُ؟ لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ خُصُومَةٌ، فَمَنْ نُخَاصِمُ؟ حَتَّى وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ"، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:"هَذَا الَّذِي وَعَدَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ نَخْتَصِمُ فِيهِ". ٣١قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ زَيْدٍ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ حَاطِبٍ، يعْنِي يَحْيَى بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:"لَمَّا نَزَلَتْ: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}، قَالَ الزُّبَيْرُ: يَا رَسُولَ اللّه، أَتُكَرَّرُ عَلَيْنَا الْخُصُومَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إِنَّ الْأَمْرَ إِذًا لَشَدِيدٌ". ٣٢قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللّه وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ} عَنْ قَتَادَةَ، فِي قوله:"{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللّه وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ}، أَيْ بِالْقُرْآنِ {وَصَدَّقَ بِهِ}، قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ". ٣٣قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ}، يعْنِي بَلا إِلَهَ إِلا اللّه، {وَصَدَّقَ بِهِ}، يَعْنيِ بِرَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}، يعْنِي اتَّقَوُا الشِّرْكَ الشِّرْكَ" عَنِ السُّدِّي، فِي قوله:"{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ}، قَالَ: هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ {وَصَدَّقَ بِهِ}، قَالَ: هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". ٣٦قوله تعالى: {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} عَنْ قَتَادَةَ،"{وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}، قَالَ: بِالْآلِهَةِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِيَكْسَرَ الْعُزَّى، فَقَالَ سَادَتُهَا، وَهُوَ قَيْمُهَا: يَا خَالِدُ، إِنِّي أُحَذِّرُكَهَا لا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ، فَمَشَى إِلَيْهَا خَالِدٌ بِالْفَأْسِ وَهَشَّمَ أَنْفَهَا" حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا:"احْفَظِ اللّه يِحْفَظُكَ، احْفَظِ اللّه تَجِدُهُ تِجَاهَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللّه فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفُكَ فِي الشِّدَّةِ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللّه، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللّه، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللّه عَلَيْكَ لَمْ يَضُرُّوكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللّه لَكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ، جَفَّتِ الصُّحُفُ وَرُفِعَتِ الْأَقْلامُ، وَاعْمَلْ للّه بِالشُّكْرِ فِي الْيَقِينِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا". ٣٨قوله تعالى: {قُلْ حَسْبِيَ اللّه} حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَلْيَكُنْ بِمَا فِي يَدِ اللّه أَوْثَقُ بِمَا فِي يَدَيْهِ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ، فَلْيَتَّقِ اللّه". ٤٢قوله تعالى: {اللّه يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ} عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قوله:"{اللّه يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ} الْآيَةَ، قَالَ: نَفْسٌ، وَرُوْحٌ بينهما شعاع الشمس، فيتوفى اللّه النفس في منامه، ويدع الروح في جسده وجوفه يتقلب ويعيش، فإن بدا للّه أَنْ يَقْبِضَهُ قَبْضَ الرُّوحَ فَمَاتَ، أَوْ أَخَّرَ أَجَلَهُ رَدَّ النَّفْسَ إِلَى مَكَانِهَا مِنْ جَوْفِهِ" عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ:"الْعَجَبُ مِنْ رُؤْيَا الرَّجُلِ، إِنَّهُ يُبِيتُ فَيَرَى الشَّيْءَ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ عَلَى بَالِهِ فَتَكُونُ رُؤْيَا كَأَخْذٍ بِالْيَدِ، وَيَرَى الرَّجُلُ الرُّؤْيَا فَلا تَكُونَ رُؤْيَاهُ شَيْئًا"، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَفَلا أُخْبِرُكَ بِذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ يَقَوْلُ اللّه تَعَالَى: "{اللّه يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، فَاللّه يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ كُلَّهَا، فَمَا رَأَتْ وَهِيَ عِنْدَهُ فِي السَّمَاءِ فَهِيَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ، وَمَا رَأَتْ إِذَا أُرْسِلَتْ إِلَى أَجْسَادِهَا تَلَقَّتَهَا الشَّيَاطِينُ فِي الْهَوَاءِ فَكَذَبَتْهَا وَأَخْبَرَتِهَا بِالْأَبَاطِيلِ، فَكَذَبَتْ فِيهَا"، فَعَجِبَ عُمَرُ مِنْ قَوْلِهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كَانَ نَازِلًا عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ، قَالَ كَلامًا لَمْ نَفْهَمْهُ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:"اللّهمَّ أَنْتَ تَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا، فَتُمْسِكُ الَّتِي قُضِيَ عَلَيْهَا الْمَوْتُ وَتُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنْتَ تَتَوَفَّانِي، فَإِنْ أَنْتَ تَوَفَّيْتَنِي فَاغْفِرْ لِي، وَإِنْ أَنْتَ أَخَّرْتَنِي فَاحْفَظْنِي". ٥٣قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ} عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ}، فِي مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ:"لَمَّا أَسْلَمَ وَحْشِيٌّ، أَنْزَلَ اللّه: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّه إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّه إِلا بِالْحَقِّ}، قَالَ وَحْشِيٌّ وَأَصْحَابُهُ: فَنَحْنُ قَدِ ارْتَكَبْنَا هَذَا كُلَّهُ، فَأَنْزَلَ اللّه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ}"، الْآيَةَ حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، وَحُمَيْدٌ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:"إِنَّ إِبْلِيسَ عَلَيْهِ لَعَائِنُ اللّه، قَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ أَجْلِ آدَمَ، وَإِنِّي لا أَسْتَطِيعُهُ إِلا بِسُلْطَانِكَ، قَالَ: فَأَنْتَ مُسَلَّطٌ، قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي، قَالَ: لا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ إِلا وُلِدَ لَكَ مِثْلُهُ، قَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي، قَالَ: أَجْعَلُ صُدُورَهُمْ مَسَاكِنَ لَكُمْ، وَتَجْرُونَ مِنْهُمْ مَجْرَى الدَّمِ"، قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي، قَالَ:"أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ، وَرَجِلِكَ، وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ، وَالْأَوْلادِ، وَعِدْهُمْ وَمَا يِعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا"، فَقَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ، قَدْ سَلَّطْتَهُ عَلَيَّ، وَإِنِّي لا أَمْتَنِعُ إِلا بِكَ، قَالَ:"لا يُولَدُ لَكَ وَلَدٌ إِلا وَكَّلْتُ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ منْ قُرَنَاءِ السُّوءِ"، قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي، قَالَ:"الْحَسَنَةُ عَشْرٌ أَوْ أُزِيدُ، وَالسَّيْئَةُ وَاحِدَةٌ أَوْ أَمْحُوهَا"، قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي، قَالَ:"بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ مَا كَانَ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ"، قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي، قَالَ:"{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّه إِنَّ اللّه يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}" عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ}"، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللّه، فَمَنْ أَشْرَكَ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"إِلا وَمَنْ أَشْرَكَ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ" عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي، قَالَ: صُدُورُهُمْ مَسَاكِنُ لَكُمْ، وَتَجْرُونَ مِنْهُمْ مَجْرَى الدَّمِ"، قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي، قَالَ: {أَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا}، فَقَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ: يَا رَبِّ، قَدْ سَلَّطْتَهُ عَلَيَّ وَإِنِّي لا أَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلا بِكَ، فَقَالَ: لا يُوَلَدُ لَكَ وَلَدٌ إِلا وَكَّلْتُ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ مِنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ"، قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي، قَالَ:"الْحَسَنَةُ عَشْرٌ أَوْ أُزِيدُ، وَالسَّيْئَةُ وَاحِدَةٌ أَوْ أَمْحُوهَا"، قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي، قَالَ:"بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحً مَا كَانَ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ"، قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي، قَالَ:"{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّه إِنَّ اللّه يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}". ٥٦-٥٧-٥٨قوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطْتُ} عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله:"{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطْتُ} الْآيَاتِ، قَالَ: أَخْبَرَ اللّه سُبْحَانُهُ مَا الْعِبَادُ قَائِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَقُولُوهُ، وَعَمْلَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوهُ، {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}، {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّه وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}، يَقُولُ الْمَخْلُوقِينَ: {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللّه هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، يَقُولُ: مِنَ الْمُهْتَدِينَ، فَأَخْبَرَ اللّه سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى: أَنَّهُمْ لَوْ رُدُّوا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْهُدَى، قَالَ اللّه تَعَالَى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}، وَقَالَ: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، قَالَ: وَلَوْ رُدُّوا إِلَى الدُّنْيَا لَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْهُدَى كَمَا حِلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي الدُّنْيَا". ٦٣قوله تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْبَصَرِيُّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا الْأَغْلَبُ بْنُ تَمِيمٍ، عَنْ مُجَلَّدِ بْنِ هُذَيْلِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَفْسِيرِ: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، فَقَالَ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ يَا عُثْمَانُ، قَالَ: تَفْسِيرُهَا: لا إِلَهَ إِلا اللّه، وَاللّه أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللّه وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللّه، وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللّه، الْأَوَّلُ، وَالْآخِرُ، وَالظَّاهِرُ، وَالْبَاطِنُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، مَنْ قَالَهَا يَا عُثْمَانُ إِذَا أَصْبَحَ عَشْرَ مَرَّاتٍ أُعْطِيَ خَصْلًا سِتًّا، أَمَّا أُولاهُنَّ: فَيُحْرَسُ مِنْ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَيُعْطَى قِنْطَارًا مِنَ الْأَجْرِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ: فَتُرْفَعُ لَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ: فَيَتَزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعَيْنِ، وَأَمَّا الْخَامِسَةُ: فَيَحْضَرُهُ اثْنَا عَشْرَ مَلَكًا، وَأَمَّا السَّادِسَةُ: فَيُعْطَى مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَالتَّوْرَاةَ، وَالْإِنْجِيلَ، وَالزَّبُورَ، وَلَهُ مَعَ هَذَا يَا عُثْمَانُ، مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ حَجَّ وَتُقُبِّلَتْ حَجَّتُهُ، وَاعْتَمَرَ فَتُقُبِّلَتْ عُمْرَتُهُ، فَإِنَّ مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ طُبِعَ بِطَابِعِ الشُّهَدَاءِ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، فِي قوله:"{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، قَالَ: مَفَاتِيحُهَا". ٦٧قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللّه حَقَّ قَدْرِهِ} عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"تَكَلَّمَتِ الْيَهُودُ فِي صِفَةِ الرَّبِّ، فَقَالُوا: مَا لَمْ يَعْلَمُوهُ، وَمَا لَمْ يَرَوْا، فَأَنْزَلَ اللّه: {وَمَا قَدَرُوا اللّه حَقَّ قَدْرِهِ}" عَنِ الْحَسَنِ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"الْيَهُودُ نَظَرُوا فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضِ، وَالْمَلائِكَةِ، فَلَمَّا زَاغُوا أَخَذُوا يُقَدِّرُونَهُ، فَأَنْزَلَ اللّه: {وَمَا قَدَرُوا اللّه حَقَّ قَدْرِهِ}" عَنِ الرَّبيعِ بْنِ أَنَسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ:"لَمَّا نَزَلَتْ: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّه، هَذَا الْكُرْسِيُّ هَكَذَا فَكَيْفَ بِالْعَرْشِ؟ فَأَنْزَلَ اللّه: {وَمَا قَدَرُوا اللّه حَقَّ قَدْرِهِ}" عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، أَنّ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ:"{وَمَا قَدَرُوا اللّه حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} وَرَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَكَذَا بِيَدِهِ، وَيُحَرِّكُهَا يُقْبِلُ بِهَا وَيُدْبِرُ، يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الْكَرِيمُ، فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا: لَيَخِرَّنَ بِهِ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"يَطْوِي اللّه السَّمَوَاتِ بِمَا فِيهَا مِنَ الْخَلِيقَةِ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْخَلِيقَةِ، يُطْوِي كُلَّهُ بِيَمِينِهِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ خَرْدَلَةٍ". ٦٨قوله تعالى: {إِلا مَنْ شَاءَ اللّه} عَنْ قَتَادَةَ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي الْآيَةِ، قَالَ:"مَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلا مَاتَ، وَقَدِ اسْتَثْنَى وَاللّه أَعْلَمُ مُثْنَيَاهَ" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ، وَعِنْدَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ:"إِنَّ اللّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ خَلَقَ الصُّورَ، فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ، شَاخِصٌ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَنْظُرُ مَتَى يُؤْمَرُ، فَيَنْفُخُ فِيهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّه، وَمَا الصُّورُ؟ قَالَ: الْقَرْنُ، قُلْتُ: فَكَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: عَظِيمٌ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ أَنَّ عَظْمَ دَارَةٍ فِيهِ لَعَرْضُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَيَنْفُخُ فِيهِ النَّفْخَةَ الْأُولَى فَيُصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ مَرَّةً أُخْرَى {فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} لِرَبِّ الْعَالَميِنَ، فَيَأْمُرُ اللّه إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي النَّفْخَةِ الْأُولَى أَنْ يَمُدَّهَا وَيُطَوِّلَهَا فَلا يَفْتُرُ، وَهُوَ الَّذِي يَقَوْلُ اللّه: {وَمَا يَنظُرُ هَؤُلاءِ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} فَيُسَيِّرُ اللّه الْجِبَالَ فَتَكُونُ سَرَابًا، وَتَرْتَجُّ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا رَجًّا فَتَكُونُ كَالسَّفِينَةِ الْمُوسَقَةِ فِي الْبَحْرِ تَضْرِبُهَا الرِّيَاحُ تَنْكَفِأَ بِأَهْلِهَا، كَالْقَنَادِيلِ الْمُعَلَّقَةِ بِالْعَرْشِ تُمِيِّلُهَا الرِّيَاحُ، وَهِيَ الَّتِي يَقَوْلُ اللّه: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} فَيَمِيدُ النَّاسُ عَلَى ظُهُورِهَا، وَتَذْهَلُ الْمَرَاضِعُ، وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ، وَتَشِيبُ الْوِلْدَانُ، وَتَطِيرُ الشَّيَاطِينُ هَارِبَةً مِنَ الْفَزَعِ حَتَّى تَأْتِيَ الْأَقْطَارَ فَتَلْقَاهَا الْمَلائِكَةُ، فَتَضْرِبُ وُجُوهَهَا فَتَرْجِعُ، وَتَوَلَّى النَّاسُ بِهِ مُدَبْرِينَ يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضِ، كُلُّ صَدْعٍ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ، فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ، وَأَخَذَهُمْ لِذَلِكَ مِنَ الْكَرْبِ وَالْهَوْلِ مَا اللّه بِهِ عَلَيمٌ، ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا هِيَ كَالْمُهْلِ، ثُمَّ انْشَقَّتْ وَانْتَثَرَتْ وَخُسِفَ شَمْسُهَا وَقَمَرُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالْأَمْوَاتُ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّه، فَمَنِ اسْتَثْنَى اللّه حِينَ يَقُولُ: {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللّه}؟ قَالَ: أُولَئِكَ الشُّهَدَاءُ، وَإِنَّمَا يَصِلُ الْفَزَعُ إِلَى الْأَحْيَاءِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونُ، وَوَقَاهُمُ اللّه فَزَعَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَآمَنَهُمْ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي يَقَوْلُ اللّه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} إِلَى قوله: {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللّه شَدِيدٌ} فَيُنْفَخُ الصُّورُ فَيُصْعَقُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ {إِلا مَنْ شَاءَ اللّه} فَإِذَا هُمْ خُمُودٌ، ثُمَّ يَجِئُ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى الْجَبَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَدْ مَاتَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ إِلا مَنْ شِئْتَ، فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ:"فَمَنْ بَقِيَ؟"، فَيْقُولُ: يَا رَبِّ، بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ، وَبَقِيَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ، وَبَقَي جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ، وَبَقِيتُ أَنَا، فَيَقُولُ اللّه: "لِيَمُتْ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ؟"، وَيُنْطِقُ اللّه الْعَرْشَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، تُمِيتُ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ؟ فَيَقُولُ اللّه لَهُ:"اسْكُتْ، فَإِنِّي كَتَبْتُ الْمَوْتَ عَلَى مَنْ كَانَ تَحْتَ عَرْشِي"، فَيَمُوتُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى الْجَبَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَدْ مَاتَ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ، فَيَقُولُ اللّه عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ:"مَنْ بَقِيَ؟"، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا تَمُوتَ، وَبَقِيَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ، وَبَقِيتُ أَنَا، فَيَقَولَ اللّه لَهُ:"لِيَمُتْ حَمَلَةُ عَرْشِي"، فَيَمُوتُونَ، وَيَأْمُرُ اللّه الْعَرْشَ فَيَقْبِضُ الصُّورَ، ثُمَّ يَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَاتَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ، فَيَقُولُ اللّه وَهُوَ أَعْلَمُ:"فَمَنْ بَقِيَ؟"، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ، وَبَقِيتُ أَنَا، فَيَقُولُ اللّه لَهُ:"أَنْتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي، خَلَقْتُكَ لِمَا رَأَيْتُ فَمُتْ"، فَيَمُوتُ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلا اللّه الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، وَالصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، كَانَ آخَرًا كَمَا كَانَ أَوَّلًا، طَوَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَطَيِّ السِّجِلِ لِلْكِتَابِ، ثُمَّ قَالَ بِهِمَا فَلَفَّهُمَا، ثُمَّ قَالَ:"أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْجَبَّارُ"، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ هَتَفَ بِصَوْتِهِ:"لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمُ؟ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمُ؟"، فَلا يُجِيبَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ يَقُولُ لِنَفْسِهِ:"للّه الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}". فَبَسَطَهَا وَسَطَّحَهَا، ثُمَّ مَدَّهَا مَدَّ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ {لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا} ثُمَّ يَزْجُرُ اللّه الْخَلْقَ زَجْرَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ فِي هَذِهِ الْمُبَدَّلَةِ مَنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا كان فِي بطنها، وَمَنْ كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا، ثُمَّ يُنَزِّلُ اللّه عَلَيْكُمَ مَاءً مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، فَيَأْمُرُ اللّه السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ، فَتُمْطِرُ أَرْبِعِينَ يَوْمًا حَتَّى يَكُونَ الْمَاءُ فَوْقَكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعًا، ثُمَّ يَأْمُرُ اللّه الْأَجْسَادَ أَنْ تَنْبُتَ فَتَنْبُتُ نَبَاتَ الطَّوَانِيتِ كَنَبَاتِ الْبَقَلِ، حَتَّى إِذَا تَكَامَلَتْ أَجْسَامُهُمْ وَكَانَتْ كَمَا كَانَتْ، قَالَ اللّه:"لِيَحْيَى حَمَلَةُ الْعَرْشِ"، فَيَحْيَوْنَ، وَيَأْمُرُ اللّه إِسْرَافِيلَ فَيَأْخُذُ الصُّورَ فَيَضَعُهُ عَلَى فِيهِ، ثُمَّ يَقُولُ اللّه:"لِيَحْيَى جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ"، فَيَحْيَيَانِ، ثُمَّ يَدْعُو اللّه بِالْأَرْوَاحِ فَيُؤْتَى بِهِنَّ تَوَهَّجُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ نُورًا وَالْأُخْرَى ظُلْمَةً، فَيَقْبَضُهُنَّ اللّه جَمِيعًا ثُمَّ يُلْقِيهَا فِي الصُّورِ، ثُمَّ يَأْمُرُ إِسْرَافِيلَ أَنْ يَنْفُخَ نَفْخَةَ الْبَعْثِ، فَتَخْرُجُ الْأَرْوَاحُ كَأَنَّهَا النَّحْلُ قَدْ مَلاتْ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَيَقُولُ:"وَعِزَّتِي وَجَلالِي، لَيَرْجِعَنَّ كُلُّ رُوحٍ إِلَى جَسَدِهِ"، فَتَدْخُلُ الْأَرْوَاحُ فِي الْأَرْضِ إِلَى الْأَجْسَادِ، فَتَدْخُلُ فِي الْخَيَاشِيمِ، ثُمَّ تَمْشِي فِي الْأَجْسَادِ كَمَا يَمْشِي السُّمُّ فِي اللَّدِيغِ، ثُمَّ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْكُمْ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ، فَتَخْرُجُونَ مِنْهَا سِرَاعًا إِلَى رَبِّكُمْ تَنَسِلُونَ {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمُ عَسِرٌ} حُفَاةً عُرَاةً غُلَفًا غُرْلًا، فَبَيْنَا نَحْنُ وُقُوفٌ إِذْ سَمِعْنَا حَسًّا مِنَ السَّمَاءِ شَدِيدًا، فَيَنْزِلُ أَهْلُ سَمَاءِ الدُّنْيَا بِمِثْلَيْ مَنْ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ، أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِهِمْ، ثُمَّ يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ بِمِثْلِيْ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْمَلائِكَةِ، وَمِثْلِيْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِهِمْ، وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، ثُمَّ يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ بِمِثْلِيْ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْمَلائِكَةِ، وَمِثْلِيْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِهِمْ، وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، ثُمَّ يَنْزِلُونَ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّضْعِيفِ إِلَى السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، ثُمَّ يَنْزِلُ الْجَبَّارُ {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} يَحْمِلُ عَرْشَهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ وَهُمُ الْيَوْمَ أَرْبَعَةٌ، أَقْدَامُهُمْ عَلَى تُخُومِ الْأَرْضِ السُّفْلَى وَالْأَرْضُونَ وَالسَّمَاوَاتُ إِلَى حَجْزِهِمْ، وَالْعَرْشُ عَلَى مَنَاكِبِهِمْ لَهُمْ زَجْلٌ بِالتَّسْبِيحِ، فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ، سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي يُمِيتُ الْخَلائِقَ وَلا يَمُوتُ، سَبُوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ، سُبْحَانَ رَبِّنَا الْأَعْلَى الَّذِي يُمِيتُ الْخَلائِقَ وَلا يَمُوتُ. فَيَضَعُ عَرْشَهُ حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ يَهْتِفُ بِصَوْتِهِ، فَيَقُولُ:"يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، إِنِّي قَدْ أَنْصَتُّ لَكُمْ مُنْذُ يَوْمِ خَلْقِكُمْ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا أَسْمَعُ قَوْلَكُمْ، وَأُبْصِرُ أَعْمَالَكُمْ فَأَنْصِتُوا إِلَيَّ، فَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ وَصُحُفُكُمْ تُقْرَأُ عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللّه، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ"، ثُمَّ يَأْمُرُ اللّه جَهَنَّمَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ سَاطِعٌ مُظْلِمٌ، ثُمَّ يَقُولُ: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} إِلَى قوله: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} فَيَمِيزُ بَيْنَ النَّاسِ، وَتَجْثُوا الْأُمَمُ، قَالَ: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا}، وَيَقِفُونَ وَاحِدًا مِقْدَارَ سَبْعِينَ عَامًا لا يَقْضِي بَيْنَهُمْ فَيَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، وَيَدْمَعُونَ دَمًا وَيَعْرَقُونَ عَرَقًا إِلَى أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَنْ يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ، وَأَنْ يَبْلُغَ الْأَذْقَانَ مِنْهُمْ، فَيَصْيَحُونَ وَيَقُولُونَ: مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا؟ فَيَقْضِي بَيْنَنَا، فَيَقُولُونَ: وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ؟ فَيَطْلُبُونَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَأْبَى، وَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَسْتَفِزُّونَ الْأَنْبِيَاءَ نَبِيًّا نَبِيًّا كُلَّمَا جَاءُوا نَبِيًّا أَبَى عَلَيْهِمْ، قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَأْتُونَنِي فَأَنْطَلَقُ حَتَّى آتِيَّ، فَأَخِرُّ سَاجِدًا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ وَرُبَّمَا قَالَ: قُدَّامُ الْعَرْشِ، حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيَّ مَلَكًا فَيَأْخُذُ بِعَضُدِي فَيَرْفَعُنِي، فَيَقُولُ لِي:"يَا مُحَمَّدُ"، فَأَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ:"مَا شَأْنُكَ؟"، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ فَشَفِّعْنِي فِي خَلْقِكَ فَاقْضِ بَيْنَهُمْ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فأجيئ فَأَقِفُ مَعَ النَّاسِ فَيَقْضِي اللّه بَيْنَ الْخَلائِقِ، فَيَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يَقْضِي فِيهِ فِي الدِّمَاءِ، وَيَأْتِي كُلُّ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللّه يَحْمِلُ رَأْسَهُ وَتَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا، قَتَلَنَا فُلانٌ وَفُلانٌ، فَيَقُولُ اللّه وَهُوَ أَعْلَمُ:"أَقُتِلْتُمْ؟"، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا، قُتِلْنَا لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ فَيَقُولُ اللّه لَهُمْ:"صَدَقْتُمْ"، فَيَجْعَلُ لِوُجُوهِهِمْ نُورًا مِثْلَ نُورِ الشَّمْسِ، ثُمَّ تُوَصِّلُهُمُ الْمَلائِكَةُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَيَأْتِي مَنْ كَانَ قُتِلَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ يَحْمِلُ رَأْسَهُ، وَتَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا، قَتَلَنَا فُلانٌ وَفُلانٌ، فَيَقُولُ:"لِمَ؟"، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُونَ: لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ اللّه:"تَعِسْتُمْ"، ثُمَّ مَا يَبْقَى نَفْسٌ قَتَلَهَا إِلا قُتِلَ بِهَا، وَلا مَظْلَمَةٌ ظَلَمَهَا إِلا أَخُذِ بِهَا، وَكَانَ فِي مَشِيئَةِ اللّه تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ رَحِمَهُ، ثُمَّ يَقْضِي اللّه بَيْنَ مَا بَقِيَ مِنْ خَلْقِهِ، حَتَّى لا يَبْقَى مَظْلَمَةٌ لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ إِلا أَخَذَهَا اللّه تَعَالَى لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُكَلِّفُ يَوْمَئِذٍ شَائِبَ اللَّبَنِ لِلْبَيْعِ، الَّذِي كَانَ يَشُوبُ اللَّبَنَ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَبِيعُهُ، فَيُكَلَّفُ أَنْ يُخَلِّصَ اللَّبَنَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِذَا فَرَغَ اللّه مِنْ ذَلِكَ نَادَى نِدَاءً أَسْمَعَ الْخَلِائِقَ كُلَّهُمْ:"أَلا لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِآلِهَتِهِمْ، وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه"، فَلا يَبْقَى أَحَدٌ عَبَدَ مِنْ دُونِ اللّه إِلا مُثِّلَتْ لَهَ آلِهَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيُجْعَلُ مِنَ الْمَلائِكَةِ عَلَى صُورَةِ عُزَيْرٍ، وَيُجْعَلُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ عَلَى صُورَةِ عِيسَى، فَيَتَبَعُ هَذَا الْيَهُودُ، وَهَذَا النَّصَارَى، ثُمَّ يَعُودُ بِهِمْ آلِهَتُهُمْ إِلَى النَّارِ، فَهِيَ الَّتِي قَالَ اللّه:"{لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ}"، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلا الْمُؤْمِنُونَ وَفِيهِمُ الْمُنَافِقُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ذَهَبَ النَّاسُ فَالْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ"، فَيَقُولُونَ: وَاللّه مَا لَنَا إِلَهٌ إِلا اللّه، وَمَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ، فَيُقَالُ لَهُمْ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ذَهَبَ النَّاسُ فَالْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ"، فَيَقُولُونَ: وَاللّه مَالَنَا إِلَهٌ إِلا اللّه، وَمَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ، فَيُقَالُ لَهُمُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ، فَيَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ:"أَنَا رَبُّكُمْ فَهَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ آيَةٌ تَعْرِفُونَهُ بِهَا؟"، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُرِيهِمُ اللّه مَا شَاءَ مِنَ الْآيَةِ أَنْ يُرِيَهُمْ، فَيَعْرَفُونَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ، فَيَخُرِّونَ لَهُ سُجَّدًا لِوُجُوهِهِمْ، وَيَخِرُّ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلَى قَفَاهُ، يَجْعَلُ اللّه أَصْلابَهُمْ كَصَيَاصِي الْبَقَرِ، ثُمَّ يَأْذَنُ اللّه لَهُمْ فَيَرْفَعُونَ رؤوسهم، وَيَضْرِبُ الصِّرَاطَ بَيْنَ ظَهْرَانِيِّ جَهَنَّمَ كَدِقَّةِ الشَّعْرِ، وَكَحَدِّ السَّيْفِ عَلَيْهِ كَلالَيْبُ، وَخَطَاطِيفُ، وَحَسْكٌ كَحَسْكِ السَّعْدَانَ، دُونَهُ جِسْرٌ دَحْضُ مَزَلَّةٍ، فَيَمُرُّونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ، وَكَلَمْحِ الْبَرْقِ، وَكَمَرِّ الرِّيحِ، وَكَجِيَادِ الْخَيْلِ، وَكَجِيَادِ الرِّكَابِ، وَكَجِيَادِ الرِّجَالِ، فَنَاجٍ مُسْلِمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوشٌ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَهَنَّمَ، فَإِذَا أَفْضَى أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ فَدَخَلُوهَا، فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَنْتُمْ فيِ الدُّنْيَا بِأَعْرَفَ بِأَزْوَاجِهِمْ وَمَسَاكِنِهِمْ، إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ، فَدَخَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِمَّا يُنْشِئُ اللّه فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَتَيْنِ آدَمِيِّتَيْنِ مِنْ وَلَدِ آدَمَ لَهُمَا فَضْلٌ عَلَى مَنْ أَنْشَأَ اللّه لِعِبَادَتِهِمَا فِي الدُّنْيَا، فَيَدْخُلُ عَلَى الْأَرْضِ مِنْهِنَّ فِي غُرْفَةٍ مَنْ يَاقُوتَةٍ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلٍ بِاللُّؤْلُؤِ، عَلَيْهِ سَبْعُونَ زَوْجًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإسْتَبْرِقٍ، ثُمَّ أَنَّهُ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، فَيَنْظُرُ إِلَى يَدِهَا مِنْ صَدْرِهَا، وَمِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهَا وَلَحْمِهَا وَجِلْدِهَا، وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى يَدِهَا مِنْ صَدْرِهَا وَمِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهَا وَلَحْمِهَا وَجِلْدِهَا، وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى مُخِّ سَاقِهَا كَمَا يَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلَى السِّلْكِ فِي الْيَاقُوتَةِ، كَبِدُهَا لَهُ مِرْآةٌ، فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَهَا لا يَمَلُّهَا وَلا تَمَلُّهُ، وَلا يَأْتِيهَا مَرَّةً إِلا وَجَدَهَا عَذْرَاءَ لا يَفْتُرَانِ وَلا يَأْلَمَانِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ نُودِيَ، فَيُقَالُ لَهُ:"إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا أَنَّكَ لا تَمَلُّ وَلا تُمَلُّ، وَإِنَّ لَكَ أَزْوَاجًا غَيْرَهَا"، فَيَخْرُجُ فَيَأْتِيهِنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، كُلَّمَا جَاءَ وَاحِدَةً، قَالَتْ لَهُ: وَاللّه مَا أَرَى فِي الْجَنَّةِ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْكَ وَلا شَيْئًا فِي الْجَنَّةِ أَحَبَّ مِنْكَ، قَالَ: وَإِذَا وَقَعَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ وَقَعَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللّه أَوْبَقَتْهُمْ أَعْمَالُهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى رُكْبَتِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ فِي جَسَدِهِ كُلِّهُ إِلا وَجْهَهُ حَرَّم اللّه صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُنَادُونَ فِي النَّارِ، فَيَقُولُونَ: مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُخْرِجَنَا مِنَ النَّارِ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ؟ فَيَنْطَلِقُ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى آدَمَ، فَيَقُولُونَ: خَلَقَكَ اللّه بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَكَلَّمَكَ، فَيَذْكُرُ آدَمُ ذَنْبَهُ، فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِنُوحٍ فَإِنَّهُ أَوَّلُ رُسُلِ اللّه، فَيَأْتُونَ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلامُ وَيَذْكُرُونَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَذْكُرُ ذَنْبًا، فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ اللّه اتَّخَذَهُ خَلِيلًا، فَيُؤْتَى إِبْرَاهِيمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَذْكُرُ ذَنْبًا، فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّ اللّه قَرَبَهُ نَجِيًّا وَكَلَّمَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ، فَيُؤْتَى مُوسَى فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَذْكُرُ ذَنْبًا، وَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِرُوحِ اللّه وَكَلِمَتِهُ عِيسَى بِنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَيُؤْتَى عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَأْتُونِي وَلِي عِنْدَ رَبِّي ثَلاثُ شَفَاعَاتٍ وَعَدَنِيهِنَّ، فَأَنْطَلِقُ حَتَّى آتيَ بَابَ الْجَنَّةِ، فَآخُذُ بِحَلَقَةِ الْبَابِ، فَأَسْتَفْتِحُ فيُفْتَحُ لِي، فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَيُأْذَنُ لِي مِنْ حَمْدِهِ وَتَمْجِيدِهِ بِشَيْءٍ مَا أُذِنَ بِهِ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ يَقُولُ:"ارْفَعُ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ وَسَلْ تُعْطَهْ"، فَإِذَا رَفَعْتُ رَأْسِي، قَالَ لِي وَهُوَ أَعْلَمُ:"مَا شَأْنُكَ؟"، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ فَشَفِّعْنِي، أَقُولُ: يَا رَبِّ، مَنْ وَقَعَ فِي النَّارِ مِنْ أُمَّتِي؟ فَيَقُولُ اللّه:"أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ"، فَيَخْرُجُ أُولَئِكَ حَتَّى لا يَبْقَى نَبِيٌّ وَلا شَهِيدٌ إِلا شُفِّعَ، فَيَقُولُ اللّه:"أَخْرِجُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ زِنَةَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ"، فَيَخْرُجُ أُولَئِكَ حَتَّى لا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَحَتَّى لا يَبْقَى فِي النَّارِ مَنْ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ، وَلا يَبْقَى أَحَدٌ لَهُ شَفَاعَةٌ إِلا شُفِّعَ، حَتَّى إِنَّ إِبْلِيسَ لَيَتَطَاوَلُ فِي النَّارِ لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللّه رَجَاءً أَنْ يَشْفَعَ لَهُ، ثُمَّ يَقُولُ اللّه:"بَقِيتُ وَأَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً فَيَخْرُجُ مِنْهَا مَا لا يُحْصِيهُ غَيْرُهُ، فَيُنْبِتَهُمْ عَلَى نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ: نَهْرُ الْحَيَوَانِ، فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، فَمَا يَلِي الشَّمْسَ أَخْضَرُ، وَمَا يَلِي الظِّلَّ أَصْفَرُ، فَيَنْبُتُونَ كَالدُّرِّ مَكْتُوبٌ فِي رِقَابِهِمُ الْجَهَنَّمِيُّونَ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ لَمْ يَعْمَلُوا للّه خَيْرًا قَطُّ، يَقُولُ مَعَ التَّوْحِيدِ، فَيَمْكُثُونَ فِي الْجَنَّةِ مَا شَاءَ اللّه، وَذَلِكَ الْكِتَابُ فِي رِقَابِهِمْ، ثُمَّ يَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا، امْحُ عَنَّا هَذَا الْكِتَابَ، فَيَمْحُوهُ عَنْهُمْ". ٧١قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُ، فِي قوله تعالى:"{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا}، قَالَ: سِيقُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَجَدُوا عِنْدَهَا شَجَرَةً يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ سَاقِهَا عَيْنَانِ، فَعَمَدُوا إِلَى إِحْدَاهُمَا فَتَطَهَّرُوا مِنْهَا، فَجَّرَتْ عَلَيْهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ، فَلَمْ تُغَيَّرْ أَبْشَارُهُمْ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَلَمْ تَشْعَثْ أَشْعَارُهُمْ أَبَدًا بَعْدَهَا، كَأَنَّمَا دُهِنُوا بِالدِّهَانِ، ثُمَّ عَمَدُوا إِلَى الْأُخْرَى كَأَنَّمَا أَمَرُّوا بِهَا، فَشَرِبُوا مِنْهَا، فَأَذْهَبَتْ مَا كَانَ فِي بُطُونِهِمْ مِنْ أَذًى أَوْ قَذًى، وَتَلَقَّتَهُمُ الْمَلائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ {سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}، وَيَلْقَى كُلُّ غُلْمَانٍ صَاحِبَهُمْ يَطِيفُونَ بِهِ، فَعَلَ الْوِلْدَانُ بِالْحَمِيمِ جَاءَ مِنَ الْغَيْبَةِ: أَبْشِرْ قَدْ أَعَدَّ اللّه لَكَ مِنَ الْكَرَامَةِ كَذَا وَكَذَا، قَدْ أَعَدَّ اللّه لَكَ مِنَ الْكَرَامَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَيَنْطَلِقُ غُلامٌ مِنْ غِلْمَانِهِ إِلَى أَزْوَاجِهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فَيَقُولُ: هَذَا فُلانٌ بِاسْمِهِ فِي الدُّنْيَا، فَيَقُلْنَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ، فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَسْتَخِفُّهُنَّ الْفَرَحُ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَى أَسْكِفَةِ الْبَابِ، قَالَ: فَيَجِئُ فَإِذَا هُوَ بِنَمَارِقَ مَصْفُوفَةٍ، وَأَكْوَابٍ مَوْضُوعَةٍ، وَزَرَابِيَّ مَبْثُوثَةٍ، قَالَ: ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى تَأْسِيسِ بُنْيَانِهِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ أُسِّسَ عَلَى جَنْدَلِ اللُّؤْلُؤِ، بَيْنَ أَحْمَرَ، وَأَخْضَرَ، وَأَصْفَرَ، وَمِنْ كُلِّ لَوْنٍ، ثُمَّ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى سَقْفِهِ فَلَوْلا أَنَّ اللّه قَدَّرَهُ لَهُ لالَّم أَنْ يَذْهَبَ بِبَصَرِهِ، إِنَّهُ لَمِثْلُ الْبَرْقِ، ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى أَزْوَاجِهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، ثُمَّ يَتَّكِئُ عَلَى أَرِيكَةٍ مِنْ أَرَائِكِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: {الْحَمْدُ للّه الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّه}، الْآيَةَ". ٧٣أَمَّا قوله تعالى: {وفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا، قَالَ:"لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ: بَابٌ لِلْمُصَلِّينَ، وَبَابٌ لِلْحَاجِّينَ، وَبَابٌ لِلْمُعْتَمِرِينَ، وَبَابٌ لِلْمُجَاهِدِينَ، وَبَابُ لِلذَّاكِرِينَ، وَبَابٌ لِلشَّاكِرِينَ". |
﴿ ٠ ﴾