٢٩ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ : قصد وعمد إلى خلقها «٤» ، أو صعد أمره الذي به كانت الأشياء إليها «٥». أو تقديره : لأنّ القضاء والقدر من السّماء فحذف الأمر والتقدير لدلالة الحال. وقيل «٦» : استولى على ملك السماء ولم يجعلها كالأرض المعارة من العباد. ___________ (١) أخرجه الطبري في تفسيره : ١/ ٤١٩ عن أبي صالح ، وأورده السيوطي في الدر المنثور : ١/ ١٠٥ وزاد نسبته إلى وكيع عن أبي صالح. وانظر المحرر الوجيز : ١/ ٢٢١ ، وتفسير القرطبي : ١/ ٢٤٩ ، وتفسير ابن كثير : ١/ ٩٧. (٢) في «ك» و«ج» : «أو لأن الميت ولا شيء سواء». (٣) انظر معاني القرآن للفراء : ١/ ٢٤ ، ومعاني القرآن للزجاج : ١/ ١٠٧ ، والتبيان للعكبري : ١/ ٤٥ ، والدر المصون : ١/ ٢٣٨. (٤) نقل الزجاج في معاني القرآن : ١/ ١٠٧ عن بعضهم - ولم يسمهم - عمد وقصد إلى السماء كما تقول قد فرغ الأمير من بلد كذا وكذا ، ثم استوى إلى بلد كذا ، معناه قصد بالاستواء إليه. (٥) ذكره الزجاج في معاني القرآن : ١/ ١٠٧ وعزاه إلى ابن عباس رضي اللّه عنهما. (٦) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير : ٣/ ٢١٣ عند تفسير قوله تعالى : ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الأعراف : ٥٤ ، وأورد البيتين اللذين يستشهد بهما أصحاب هذا القول وهما قول الشاعر : حتى استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق وبقول الشاعر : - هما استويا بفضلهما جميعا على عرش الملوك بغير زور قال ابن الجوزي : «و هذا منكر عند اللغويين. قال ابن الأعرابي : العرب لا تعرف «استوى» بمعنى «استولى» ، ومن قال ذلك فقد أعظم ، قالوا : وإنما يقال : استوى فلان على كذا ، إذا كان بعيدا عنه غير متمكن منه ، ثم تمكن منه ، واللّه - عز وجل - لم يزل مستوليا على الأشياء ، والبيتان لا يعرف قائلهما كذا قال ابن فارس اللغوي ، ولو صحا فلا حجة فيهما لما بينا من استيلاء من لم يكن مستوليا. نعوذ باللّه من تعطيل الملحدة وتشبيه المجسمة». وقال القرطبي في تفسيره : ٧/ ٢١٩ : «و قد كان السلف الأول رضي اللّه عنهم لا يقولون بنفي الجهة ، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها للّه تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله. ولم ينكر أحد من السلف أنه استوى على عرشه حقيقة. وخص العرش بذلك لأنه أعظم المخلوقات ، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته ...». وقيل لمالك : كيف استوى؟ فقال : الكيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول «١». ولا يصح معنى فَسَوَّاهُنَّ عند الحمل على الانتصاب ، ولا يناقض الآية قوله «٢» : وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها ، لأنّ الدّحو : البسط «٣» فإنّما دحاها بعد أن خلقها وبنى عليها السماء «٤». ___________ (١) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات : (٢/ ١٥٠ ، ١٥١) ، وتتمة كلام الإمام مالك : والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعا. فأمر به أن يخرج. قال البيهقي : «و روى ذلك أيضا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أستاذ مالك بن أنس رضي اللّه عنهما». وانظر شرح العقيدة الطحاوية : ٧٦ ، والدر المنثور : ٣/ ٤٧٤. (٢) سورة النازعات : آية : ٣٠. (٣) انظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٥١٣ ، وتأويل مشكل القرآن : ٦٨ ، وتفسير المشكل لمكي : ٣٧٤ ، وتفسير القرطبي : ١٩/ ٢٠٤. (٤) هذا الذي ذكره المؤلف رحمه اللّه نسب إلى مجاهد كما في زاد المسير : ١/ ٥٨ ، وأورده ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : ٦٧ آية النازعات وقال : فدلت هذه الآيات على أنه خلق السماء قبل الأرض. وليس في كتاب اللّه تحريف الجاهلين ، وغلط المتأولين. وإنما كان يجد الطاعن متعلّقا لو قال : والأرض بعد ذلك خلقها أو ابتدأها أو أنشأها ، وإنما قال : دَحاها فابتدأ الخلق للأرض على ما في الآي الأول في يومين ، ثم خلق السماوات وكانت دخانا في يومين ، ثم دحا بعد ذلك الأرض ، أي بسطها ومدها. |
﴿ ٢٩ ﴾