٣٠

وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ : «إذ» دلالة على معنى في الماضي «١» ، وتأويله : اذكر إذ قال ربك.

خَلِيفَةً : أي : آدم «٢» ، أو جميع بنيه يخلف بعضهم بعضا «٣» ، أو أولو الأمر منهم ، فهم خلفاء اللّه في الحكم بين الخلق «٤» وتدبير ما على الأرض.

وفي حديث ابن عباس «٥» أن أعرابيا قال له : أنت خليفة رسول اللّه ، فقال : لا أنا الخالفة بعده.

والخالفة الذي يستخلفه الرّئيس على أهله.

___________

(١) انظر تفسير الطبري : ١/ ٤٤٣ ، وحروف المعاني للزجاجي : ٦٣ ، ورصف المباني : ١٤٨ ، والجنى الداني : ٢١١ ، والدر المصون : ١/ ٢٤٧.

(٢) المعنى أنه خلف من سلف في الأرض قبله ، فخليفة على هذا «فعيلة» بمعنى «فاعله» أي :

يخلف من سبقه.

وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (١/ ٤٥٠ ، ٤٥١) عن ابن عباس رضي اللّه عنهما والربيع بن أنس ، وأخرجه الحاكم في المستدرك : ٢/ ٢٦١ ، كتاب التفسير ، باب «سورة البقرة» عن ابن عباس وقال : «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي».

قال الطبري رحمه اللّه : «فعلى هذا القول إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً من الجن يخلفونهم فيها فيسكنونها ويعمرونها».

(٣) ذكره الطبري في تفسيره : ١/ ٤٥١ ، وقال : وهذا قول حكى عن الحسن البصري. ا ه.

ف «خليفة» على هذا القول «فعيلة» بمعنى «مفعولة» أي : مخلوف.

(٤) هذا المعنى فهمه الطبري رحمه اللّه من الرواية التي أخرجها في تفسيره : (١/ ٤٥١ ، ٤٥٢) عن ابن عباس وابن مسعود رضي اللّه عنهما وهي : أن اللّه جل ثناؤه قال للملائكة : «إني جاعل في الأرض خليفة». قالوا : ربنا وما يكون ذلك الخليفة؟ قال : يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا». قال الطبري : «فكان تأويل الآية على هذه الرواية التي ذكرناها عن ابن مسعود وابن عباس : إنّي جاعل في الأرض خليفة منّي يخلفني في الحكم بين خلقي. وذلك الخليفة هو آدم ومن قام مقامه في طاعة اللّه والحكم بالعدل بين خلقه ...». وقال البغوي في تفسيره : ١/ ٦٠ : «و الصحيح أنه خليفة اللّه في أرضه لإقامة أحكامه وتنفيذ قضاياه». [.....]

(٥) كذا في النسخ الثلاث ، وفي تاج العروس : ٢٣/ ٢٧٨ (خلف) : وفيه حديث ابن عباس.

أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ على التألم أو الاغتمام لمن يفسد ، وعلى الاستعظام للمعصية مع جلائل النّعمة ، أو على استعلام وجه التدبير فيه «١» أو على السؤال أن يكونوا الخلفاء فيسبحوه بدل من يفسد فقال اللّه : إني أعلم من صلاح كل واحد ما لا تعلمون فدلهم به على أنّ صلاحهم في أن اختار لهم السماء وللبشر الأرض ، وفي قوله : إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ إشارة إلى أنّ ذلك الخليفة يكون من ذريته أهل طاعة [و ولاية] «٢» ، وفيهم الأنبياء والعلماء ، ولا تتم مصلحة الجميع إلا بما دبّرته من خلق من يفسد ويعصي معهم «٣».

﴿ ٣٠