١٠٢

وَاتَّبَعُوا : يعني اليهود ، ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ : أي : شياطين الإنس «٥» من السّحر.

وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ : ما سحر وذلك لإنكار اليهود نبوّته ، وأنه ظهر من تحت كرسيّه كتب السّحر «٦».

___________

(١) في «ج» : أثبته معروفا.

(٢) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».

(٣) عن نسخة «ج».

(٤) هذه الآية نزلت في اليهود. وقال الطبري في تفسيره : ٢/ ٣٧٧ : «أجمع أهل العلم بالتأويل جميعا على أن هذه الآية نزلت جوابا لليهود من بني إسرائيل إذ زعموا أن جبريل عدوّ لهم ، وأن ميكائيل وليّ لهم ...».

راجع سبب نزول الآية في مسند الإمام أحمد : ١/ ٧٤ ، وتفسير الطبري : (٢/ ٣٨٣ - ٣٨٤) ، وأسباب النزول للواحدي : ٦٤ ، وتفسير البغوي : ١/ ٩٦ ، وتفسير ابن كثير : (١/ ١٨٥ ، ١٨٦).

(٥) قال الفخر الرازي في تفسيره : (٣/ ٢٢٠) : «و اختلفوا في «الشياطين» ، فقيل : المراد شياطين الجن وهو قول الأكثرين. وقيل : شياطين الإنس وهو قول المتكلمين من المعتزلة.

وقيل : هم شياطين الإنس والجن معا ...». [.....]

(٦) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٥٩ ، وتفسير الطبري : (٢/ ٤٠٥ - ٤٠٧) ، وأسباب النزول للواحدي : (٦٨ ، ٦٩) ، وتفسير البغوي : (١/ ٩٨ ، ٩٩) ، وتفسير ابن كثير : ١/ ١٩٤.

قال الطبري - رحمه اللّه - : «و الصواب من القول في تأويل قوله : وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ أن ذلك توبيخ من اللّه لأحبار اليهود الذين أدركوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، فجحدوا نبوته ، وهم يعلمون أنه للّه رسول مرسل وتأنيب منه لهم في - رفضهم تنزيله ، وهجرهم العمل به ، وهو في أيديهم يعلمونه ويعرفون أنه كتاب اللّه ، واتباعهم واتباع أوائلهم وأسلافهم ما تلته الشياطين في عهد سليمان ، وقد بينا وجه جواز إضافة أفعال أسلافهم إليهم فيما مضى ...».

وهو إما - إن فعلها - لئلا يعمل بها «١» ، أو افتعلها السّحرة بعده لتفخيم السّحر «٢» وأنه استسخر به ولذلك قال : «تتلوا عليه» لأنّ في الحق :

تلا «٣» عنه.

وقيل : عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ معناه : على «٤» ذهاب ملكه ، [أي :

حين نزع اللّه عنه الملك ] «٥».

وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ أي : واتبعوا ذلك ، وأنزل عليهما من السحر ليعلما ما السحر وفساده وكيف الاحتيال به.

فِتْنَةٌ : خبرة «٦» [من ] «٧» ، فتنت الذهب ، أي تظهر «٨» بما تتعلمون

___________

(١) ينظر : متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار : (٩٩ - ١٠٣) ، وتفسير الفخر الرازي : (٣/ ٢٣٨ - ٢٣٩) ، وتفسير القرطبي : ٢/ ٥٤.

(٢) تفسير الفخر الرازي : ٣/ ٢٢١.

(٣) المصدر السابق.

(٤) في «ج» و«ك» : «في ذهاب ملكه».

وانظر هذا المعنى في تفسير الطبري : (٢/ ٤١١ ، ٤١٢).

(٥) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».

وقال الفخر الرازي - رحمه اللّه - في تفسيره : ٣/ ٢٢١ «أما قوله : عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ فقيل : في ملك سليمان عن ابن جريج ، وقيل : على عهد ملك سليمان.

والأقرب أن يكون المراد : واتبعوا ما تتلوا الشياطين افتراء على ملك سليمان ، لأنهم كانوا يقرءون من كتب السحر ويقولون : إن سليمان إنما وجد ذلك الملك بسبب هذا العلم ، فكانت تلاوتهم لتلك الكتب كالافتراء على ملك سليمان».

(٦) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٥٩ ، وفي تهذيب اللّغة للأزهري : ١٤/ ٢٩٦ : «جماع معنى الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان وأصلها مأخوذ من قولك : فتنت الفضّة والذهب إذا أذبتهما بالنار ليتميز الرديء من الجيّد ...».

وانظر لسان العرب : ١٣/ ٣١٧ (فتن).

(٧) عن نسخة «ج».

(٨) في «ك» و«ج» : «أي اختبرته ليظهر ...».

منّا حالكم في اجتناب السحر الذي نعلم فساده والعمل به.

فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما : أي : مكان ما علما من تقبيح السحر.

ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ : وذلك بالتبغيض «١» ، أو إذا سحر كفر فتبين امرأته «٢». وقيل : بالجحد في (و ما [أنزل ] «٣»).

وصرف ويتعلمون منهما إلى السّحر والكفر لدلالة ما تقدّم عليهما.

كقوله : يَتَجَنَّبُهَا

«٤» أي : الذكرى لدلالة سَيَذَّكَّرُ عليها.

بِإِذْنِ اللَّهِ : بعلم اللّه «٥» ، أو بتخليته ، أو بفعله وإرادته لأنّ الضّرر بالسّحر وإن كان لا يرضاه عنه «٦» تعالى عند السبب الواقع من الساحر.

وقال : لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ مع قوله : وَلَقَدْ عَلِمُوا لأنه في فريق

___________

(١) تفسير الطبري : ٢/ ٤٤٧ عن قتادة.

(٢) تفسير الفخر الرازي : ٣/ ٢٣٩.

(٣) عن نسخة «ك» و«ج».

(٤) سورة الأعلى : الآيتان : (١٠ ، ١١).

(٥) قال الطبري - رحمه اللّه تعالى - في تفسيره : ٢/ ٤٤٩ : «و ل «الإذن» في كلام العرب أوجه منها :

- الأمر على غير وجه الإلزام. وغير جائز أن يكون منه قوله : وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لأن اللّه جل ثناؤه قد حرّم التفريق بين المرء وحليلته بغير سحر - فكيف به على وجه السحر؟ - على لسان الأمة.

- ومنها : التخلية بين المأذون له ، والمخلّى بينه وبينه.

- ومنها العلم بالشيء ، يقال منه : «قد أذنت بهذا الأمر» إذا علمت به ... وهذا هو معنى الآية ، كأنه قال جل ثناؤه : وما هم بضارين ، بالذي تعلموا من الملكين ، من أحد إلا بعلم اللّه ، يعني : بالذي سبق له في علم اللّه أنه يضره».

وانظر تفسير الماوردي : ١/ ١٤٣ ، والمحرر الوجيز : ١/ ٤٢٣ ، وتفسير الفخر الرازي : ٣/ ٢٣٩. [.....]

(٦) من المعلوم أن «رضي» يأتي لازما فيتعدى بحرف الجر «عن» نحو قولك : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ويأتي متعديا بنفسه نحو قوله : وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ، وعليه تكون صحة العبارة إما أن يقال : ولا يرضى عنه تعالى ، وإما أن يقال : ولا يرضاه تعالى ، حيث لم يجر العرف اللغوي باستعمال الفعل لازما متعديا في عبارة واحدة.

عاند وفي فريق جهل ، أو لما لم يعملوا بما علموا كأنهم لم يعلموا «١».

لَمَنِ اشْتَراهُ : في معنى الجزاء «٢» ، وجوابه مكتفى منه بجواب القسم كقوله «٣» : لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ.

والهاء في اشْتَراهُ يعود على السحر ، أي من استبدل السحر بدين اللّه.

والخلاق : النّصيب من الخير.

﴿ ١٠٢