١٩٦فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ : قال الشّافعي «٢» رحمة اللّه عليه : الإحصار منع العدوّ لأنّها «٣» في عمرة الحديبية ، ولقوله : فَإِذا أَمِنْتُمْ. وعندنا «٤» الإحصار بالمرض وبالعدو ، والحصر في العدو خاصّة. قال أبو عبيد «٥» : الإحصار ما كان من المرض وذهاب/ النفقة ، وما [١٢/ ب ] كان من سجن أو حبس. قيل : حصر فهو محصور. قال المبرّد «٦» : حصر : حبس ، وأحصر : عرض للحبس على الأصل نحو اقتله عرّضه للقتل وأقبره جعل له القبر. ___________ (١) ورد هذا السبب - باختلاف في ألفاظه - في عدة روايات منها ما أخرجه الطبريّ في تفسيره : (٣/ ٥٧٥ - ٥٧٨) عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ، وعن أبي العالية ، ومجاهد ، وقتادة. ونقله الواحدي في أسباب النزول : ٨٨ عن قتادة ، وأورده السيوطي في الدر المنثور : ١/ ٤٩٧ وزاد نسبته إلى عبد بن حميد عن مجاهد وقتادة. (٢) ينظر قول الإمام الشافعي في الأم : ٢/ ١٨٥ ، وأحكام القرآن : (١/ ١٣٠ ، ١٣١) ، واستدل فيه بحديث ابن عباس : «لا حصر إلا حصر العدو» ، وقال : وعن ابن عمر وعائشة معناه. وقال أيضا : «فمن حال بينه وبين البيت مرض حابس فليس بداخل في معنى الآية ، لأن الآية نزلت في الحائل من العدو ، واللّه أعلم». (٣) في «ج» : لأنه. (٤) أي عند الحنفية. ينظر هذا القول في أحكام القرآن للجصاص : (١/ ٢٦٨ ، ٢٦٩) ، وبدائع الصنائع : ٢/ ١٧٥ ، والهداية : ١/ ١٨٠ ، وفتح القدير لابن الهمام : ٣/ ٥١. (٥) لم أقف على قوله في كتابه غريب الحديث ، ونقله الأزهري في تهذيب اللغة : ٤/ ٢٢٣ عن أبي عبيد بن أبي عبيدة ، وهو في مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى : ١/ ٦٩. وانظر معاني القرآن للأخفش : ١/ ٣٥٥ ، والصحاح : ٢/ ٦٣٢ ، واللسان : ٤/ ١٩٥ (حصر). (٦) لم أجد قوله فيما تيسر لي من كتبه ، وذكره النحاس في معاني القرآن له : ١/ ١١٧ دون عزو. فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ : جمع هديّة «١» وهو «٢» شاة ، وموضع «ما» رفع «٣» ، ويجوز نصبه «٤» على «فليهد». ومَحِلَّهُ : الحرم «٥». وعند الشافعي «٦» موضع الإحصار. والمتمتع بالعمرة إلى الحج : هو المحرم بالعمرة في أشهر الحج ، إذا أحرم بالحج بعد الفراغ من العمرة من غير أن يلمّ بأهله عند العبادلة «٧» والفقهاء «٨». ولفظ مشايخنا في «شروح المتفق» «٩» هو المتزوّد من العمرة إلى الحج. ___________ (١) مجاز القرآن : ١/ ٦٩ عن أبي عمرو بن العلاء ، وعنه أيضا : تقديرها جدية السرج ، والجميع الجدي ، مخفف. قال أبو عمرو : ولا أعلم حرفا يشبهه. وانظر تفسير الغريب : ٧٨ ، وتفسير الطبري : ٤/ ٣٤. قال الطبري - رحمه اللّه - و«الهدى» عندي إنما سمي «هديا» لأنه تقرب به إلى اللّه جل وعز مهدية ، بمنزلة الهدية يهديها الرجل إلى غيره متقربا بها إليه. يقال منه : «أهديت الهدى إلى بيت اللّه ، فأنا أهديه إهداء». كما يقال في الهدية يهديها الرجل إلى غيره : أهديت إلى فلان هدية وأنا أهديها» ، ويقال للبدنة هدية ...». (٢) في «ج» : وهي. (٣) معاني الفراء : ١/ ١١٨ ، تفسير الطبري : ٤/ ٣٤ ، معاني الزجاج : ١/ ٢٦٧. وقال العكبري في التبيان : ١/ ١٥٩ : «ما» في موضع رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ، أي : فعليكم. ويجوز أن تكون خبرا والمبتدأ محذوف أي : فالواجب ما استيسر. [.....] (٤) معاني الزجاج : ١/ ٢٦٨ ، ومشكل إعراب القرآن : ١/ ١٢٣ ، والدر المصون : ٢/ ٣١٣. (٥) وهو قول الحنفية كما في أحكام القرآن للجصاص : ١/ ٢٧٢ ، وبدائع الصنائع : ٢/ ١٧٨. (٦) كتاب الأم : (٢/ ١٥٨ ، ١٥٩) ، وأحكام القرآن : ١/ ١٣١. ورجحه الطبري في تفسيره : (٤/ ٥٠ ، ٥١) ، وابن العربي في أحكام القرآن : ١/ ١٢٢ ، والقرطبي في تفسيره : ٢/ ٣٧٩. (٧) هم عبد اللّه بن عباس ، وعبد اللّه بن عمر بن الخطاب ، وعبد اللّه بن الزبير ، وعبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهم. ينظر : تدريب الراوي : ٢/ ٢١٩. (٨) ينظر الكافي لابن قدامة : ١/ ٣٩٤ ، وروضة الطالبين : ٣/ ٤٦ ، وحاشية الهيثمي على الإيضاح : ١٥٦ ، والخرشي على مختصر خليل : (٢/ ٣١٠ ، ٣١١). (٩) كتاب المتفق في فروع الحنفية لأبي بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد الجوزقي المتوفى سنة ٣٨٨ ه. ترجمته في الأنساب : ٣/ ٣٦٥ ، وتذكرة الحفاظ : ٣/ ١٠١٣ ، وسير أعلام النبلاء : ١٦/ ٤٩٣. وذكر حاجي خليفة في كشف الظنون : ٢/ ١٦٨٥ من شروحه المحقق ، ولم يذكر مؤلفه. والتمتع عند الحنفية : هو الترفق بأداء النسكين (العمرة والحج) في أشهر الحج في عام واحد من غير أن يلم بأهله إلماما صحيحا بين العمرة والحج. والإلمام الصحيح : هو الذي يكون في حالة تحلّله من العمرة وقبل شروعه في الحج. ينظر لباب المناسك : ١٧٩ ، وشرحه المسلك المتقسط : (١٧٢ ، ١٧٣). وقال السّدّي «١» : هو فسخ الحج بالعمرة «٢». وقال ابن الزّبير «٣» : هو المحصر إذا دخل مكة بعد فوت الحج. فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ : قبل [يوم ] «٤» النحر ما بين إحرامه في أشهر الحج إلى يوم عرفة «٥» ، وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ : إذا رجع المتمتع من ___________ (١) السدي : ( - ١٢٧ ه). هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي. تابعي روى عن ابن عباس وطائفة. وعنه أبو عوانة والثوري وغيرهما. والسّدّي كما في اللباب لابن الأثير : ٢/ ١١٠ : « - بضم السين المهملة وتشديد الدال - هذه النسبة إلى السدة ، وهي الباب ، وإنما نسب السّدّي الكبير إليها لأنه كان يبيع الخمر بسدة الجامع بالكوفة». ترجمه الحافظ في التقريب : ١٠٨ ، وقال : «صدوق بهم ورومي بالتشيع». وانظر ترجمته في ميزان الاعتدال : ١/ ٢٣٦ ، وطبقات المفسرين للداودي : ١/ ١٠٩. (٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٤/ ٩١ عن السدي. وانظر تفسير الماوردي : ١/ ٢١٤. (٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف : ٤/ ١٣٤ ، كتاب الحج ، باب «في الرجل يهل بالحج فيحصر ما عليه». وأخرجه - أيضا - الطبري في تفسيره : (٤/ ٨٨ ، ٨٩) وابن أبي حاتم في تفسيره : ٤٦٧. وضعف المحقق إسناده. وأورده السيوطي في الدر المنثور : ١/ ٥١٦ وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن ابن الزبير أيضا. (٤) عن نسخة «ج». (٥) أخرجه الطبريّ في تفسيره : ٤/ ٩٤ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ، وهو قول الحنفية كما في أحكام القرآن للجصاص : (١/ ٢٩٣ - ٢٩٥) ، والمسلك المتقسط : ١٧٧. الحج «١». وعند الشّافعي «٢» : إذا رجع إلى الأهل. تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ : في الأجر «٣» ، أو قيامها مقام الهدي «٤» ، أو المراد رفع الإبهام «٥» فلا يتوهم في «الواو» أنها بمعنى «أو». وحاضر والمسجد الحرام : أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة ، فليس لهم أن يتمتعوا عندنا «٦» ، ولو فعلوا لزمهم دم الجناية لا المتعة. |
﴿ ١٩٦ ﴾