سورة يونس٢قَدَمَ صِدْقٍ : ثواب واف بما قدّموا «٣». ٣فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ : ليشاهد «٤» الملائكة شيئا بعد شيء فيعتبرون ، ولأن تصريف الخلق حالا بعد حال أحكم وأبعد من شبهة الاتفاق «٥». ٤وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ : بنصيبهم وقسطهم من الثواب ، وليس معناه العدل «٦» لأن العدل محمول عليه الكافرون والمؤمنون «٧». ___________ (٣) تفسير الطبري : ١٥/ ١٤. ونقله الماوردي في تفسيره : ٢/ ١٨٠ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. وأورده ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٥ ، وقال : «رواه العوفي عن ابن عباس». (٤) في «ك» : «لتشهده». (٥) ينظر هذا المعنى في تفسير الماوردي : ٢/ ٣٢ ، وتفسير الفخر الرازي : ١٤/ ١٠٥ ، عند تفسير قوله تعالى : إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ... [آية : ٥٤ من سورة الأعراف ]. وذكر الفخر الرازي في تفسيره : ١٧/ ١٢ : «إنه يحسن منه كلما أراد ، ولا يعلل شيء من أفعاله بشيء من الحكمة والمصالح ، وعلى هذا القول يسقط قول من يقول : لم خلق العالم في ستة أيام وما خلقه في لحظة واحدة؟ لأنا نقول : كل شيء صنعه ولا علة لصنعه فلا يعلل شيء من أحكامه ولا شيء من أفعاله بعلة ، فسقط هذا السؤال». (٦) وهو قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : ١/ ٢٧٤ ، وأخرجه الطبري في تفسيره : (١٥/ ٢١ ، ٢٢) عن مجاهد ، وذكره النحاس في معانيه : ٣/ ٢٧٨. (٧) ذكره الفخر الرازي في تفسيره : (١٥/ ٣٣ ، ٣٤) ، وقال : «و هذا الوجه ، لأنه في مقابلة قوله : بِما كانُوا يَكْفُرُونَ. ٥وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ : خص به القمر لأن حساب العامة وعلمهم بالسّنين هلاليّ ، ولأن المنازل «١» تنسب إلى القمر. والضياء أغلب من النور فجعله للشمس. ١٠دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ : إذا اشتهوا شيئا قالوا : سبحانك اللهم فيأتيهم ، وإذا فرغوا منه قالوا : الحمد للّه فيذهب «٢». وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ : ملكهم سالم من الزوال «٣». ١١وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ : يستجيب إذا دعوا على أنفسهم وأولادهم «٤». ١٦وَلا أَدْراكُمْ بِهِ : ولا أعلمكم به «٥». ١٩وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ : في أن لا يعاجل العصاة ، أو لا يستعجل عن الأجل. ٢١مَكْرٌ فِي آياتِنا : كفر وتكذيب «٦». ___________ (١) وهي ثمانية وعشرون منزلا. ينظر كتاب الأزمنة وتلبية الجاهلية لقطرب : ٢٣ ، والأنواء لابن قتيبة : ٤. (٢) ذكر نحوه الماوردي في تفسيره : ٢/ ١٨٢ عن الربيع وسفيان. وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٤/ ٣٤٥ ، وعزا إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن الربيع. ونقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ١٠ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. (٣) نص هذا القول في تفسير الماوردي : ٢/ ١٨٢ ، وأورده ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ١١ عن الماوردي. (٤) في «ج» : وأموالهم. (٥) هذا قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ١٩٤ ، وأخرجه الطبري في تفسيره : ١٥/ ٤٢ عن ابن عباس ، وابن زيد. ونقله النحاس في معاني القرآن : ٣/ ٢٨٢ عن الضحاك. (٦) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن : ١/ ٢٧٦ : «مجاز المكر هاهنا مجاز الجحود بها والرد لها». وأخرج الطبري في تفسيره : ١٥/ ٤٩ عن مجاهد قال : «استهزاء وتكذيب» ، ونقله النحاس في معاني القرآن : ٣/ ٢٨٥ عن مجاهد. ونقل الماوردي في تفسيره : ٢/ ١٨٦ عن ابن بحر قال : المكر هاهنا الكفر والجحود ، وعن مجاهد قال : إنه الاستهزاء والتكذيب. [.....] ٢٦لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى : أي : الجنّة «١» ، فهي مأوى كلّ حسن على أفضل وجه. وَلا يَرْهَقُ : ولا يغشى «٢» ، قَتَرٌ : غبرة وسواد «٣». ٢٧قِطَعاً : لغة في قطع «٤». ك «ظلع» و«ظلع» فلذلك وصف ب «مظلما» «٥» ، وإن كان جمع قطعة ف «المظلم» حال من اللّيل ، أي : [٤٢/ ب ] أغشيت قطعا من الليل حال إظلامه «٦»/. ٢٩فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً : تمييز ، أي : كفى به من الشهداء. ___________ (١) هذا قول جمهور المفسرين كما في تفسير الطبري : (١٥/ ٦٢ - ٦٨) ، والمحرر الوجيز : ٧/ ١٣٧ ، وزاد المسير : ٤/ ٢٤ ، وتفسير القرطبي : ٨/ ٣٣٠ ، وتفسير ابن كثير : (٤/ ١٩٨ ، ١٩٩) وقد ورد هذا المعنى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه : ١/ ١٦٣ ، كتاب الإيمان ، باب «إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى» ، عن صهيب رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال : «إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال : يقول اللّه تبارك وتعالى : تريدون أزيدكم؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال : فيكشف الحجاب فما أوتوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل» ... ثم تلا هذه الآية : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ. (٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٢٧٧ ، وتفسير الطبري : ١٥/ ٧٢ ، ومعاني الزجاج : ٣/ ١٥. (٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٢٧٧ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٩٦ ، والمفردات للراغب : ٣٩٣ ، وتفسير القرطبي : ٨/ ٣٣١. وأخرج الطبري في تفسيره : ١٥/ ٧٣ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال : «سواد الوجوه». (٤) بإسكان الطاء ، وهي أيضا قراءة الكسائي ، وابن كثير. السبعة لابن مجاهد : ٣٢٥ ، والتبصرة لمكي : ٢١٩. (٥) معاني القرآن للفراء : ١/ ٤٦٢ ، ومعاني الزجاج : ٢/ ١٦ ، والكشف لمكي : ١/ ٥١٧. (٦) هذا التوجيه على قراءة الفتح. قال مكي في الكشف : ١/ ٥١٧ : «و فيه المبالغة في سواد وجوه الكفار». وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٢٧٨ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٩٦ ، وتفسير الطبري : (١٥/ ٧٥ ، ٧٦) ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣/ ١٦ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢/ ٢٥١. أو حال ، أي : وكفى اللّه في حال الشهادة. ٣٠تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ : ينكشف لها ما أسلفت فتختبر جزاءها «١» ، كقوله «٢» : يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ : تختبر بالكشف. ٣٣حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ : وعيده «٣». ٣٥أَمَّنْ لا يَهِدِّي : اهتدى يهتدي ، وهدى يهدي ، وهدي يهدى. أما فتح الهاء والياء «٤» ، فلأنه لما أدغمت التاء في الدال ألقيت حركة التاء على الهاء كقولك : «عدّ وفرّ ، والأصل : اعدد» [وافرر] «٥» وأما فتح الياء وكسر الهاء «٦» فلاجتماع ساكنين بالإدغام فكسرت الهاء على أصل حركة الساكن وكسرهما لاستتباع الآخرة الأولى [أي الياء] «٧». ٤٥يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ : يعرف بعضهم بعضا ثم ينقطع التعارف لأهوالها «٨». وقيل «٩» : يعترفون ببطلان ما كانوا عليه. ___________ (١) في «ج» : جزاء. (٢) سورة الطارق : آية : ٩. (٣) معاني القرآن للزجاج : ٣/ ١٨ ، وزاد المسير : ٤/ ٢٩. (٤) وهي قراءة ابن كثير ، وابن عامر ، وأبي عمرو ، وورش عن نافع. ينظر السبعة لابن مجاهد : ٣٢٦ ، وحجة القراءات : ٣٣١. (٥) ما بين معقوفين ساقط من الأصل ، والمثبت عن «ك» و«ج». (٦) قراءة عاصم في رواية حفص. السبعة لابن مجاهد : ٣٢٦ ، وحجة القراءات : ٣٣٢ ، والتبصرة لمكي : ٢٢٠. (٧) ما بين معقوفين عن نسخة «ج» ، وانظر توجيه القراءتين اللتين ذكرهما المؤلف في : معاني القرآن للزجاج : ٣/ ١٩ ، وإعراب القرآن للنحاس : (٢/ ٢٥٣ ، ٢٥٤) ، والكشف لمكي : ١/ ٥١٨ ، والبحر المحيط : ٥/ ١٥٦ ، والدر المصون : ٦/ ١٩٩. (٨) تفسير الطبري : ١٥/ ٩٧ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣/ ٢٢ ، ومعاني النحاس : ٣/ ٢٩٧ ، وتفسير الماوردي : ٢/ ١٩٠ ، وتفسير الفخر الرازي : (١٧/ ١٠٩ ، ١١٠) ، وتفسير القرطبي : ٨/ ٣٤٨. [.....] (٩) لم أقف على هذا القول ، وفي تفسير الماوردي : ٢/ ١٩٠ : «يعرفون أن ما كانوا عليه باطل». ٥٣إِي وَرَبِّي : كلمة تحقيق «١» ، أي : كائن لا محالة. ٥٩فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالًا : أي : البحيرة ونحوها «٢». ٦١وَما يَعْزُبُ : يغيب أو يبعد «٣» ، وفي الحديث «٤» : «من قرأ القرآن في أربعين ليلة فقد عزب» ، أي : بعد عهده بما ابتدأ به. ٦٤٦٤هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا : بشارة الملائكة عند الموت «٥». وقيل «٦» : الرؤيا الصالحة. ___________ (١) تفسير الماوردي : ٢/ ١٩١ ، وزاد المسير : ٤/ ٣٩. وقال القرطبي في تفسيره : ٨/ ٣٥١ : «أي : كلمة تحقيق وإيجاب وتأكيد بمعنى نعم. وَرَبِّي قسم ، إِنَّهُ لَحَقٌّ جوابه ، أي : كائن لا شك فيه». (٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (١٥/ ١١١ ، ١١٢) عن ابن عباس ، ومجاهد ، وابن زيد. وانظر هذا القول في معاني القرآن للزجاج : ٣/ ٢٥ ، ومعاني النحاس : ٣/ ٣٠١ ، وتفسير البغوي : ٢/ ٣٥٨ ، وزاد المسير : ٤/ ٤١. (٣) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٢٧٨ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٩٧ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣/ ٢٦ ، ومعاني النحاس : ٣/ ٢٠٢ ، والمفردات للراغب : ٣٣٣. قال الطبري في تفسيره : ١٥/ ١١٦ : «و أصله من عزوب الرجل عن أهله في ماشيته ، وذلك غيبته عنهم فيها. يقال منه : عزب الرجل عن أهله يعزب ويعزب». (٤) الحديث في الفائق : ٢/ ٤٢٦ ، وغريب الحديث لابن الجوزي : ٢/ ٩١ ، والنهاية : ٣/ ٢٢٧ ، وذكره السمين الحلبي في الدر المصون : ٦/ ٢٢٩. (٥) ذكره الطبري في تفسيره : ١٥/ ١٤٠ ، وقال : «كما روي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : «أن الملائكة التي تحضره عند خروج نفسه تقول لنفسه : اخرجي إلى رحمة اللّه ورضوانه». وعلق الشيخ محمود محمد شاكر عليه قائلا : «حديث بغير إسناد ، لم أستطع أن أجده بلفظه في مكان قريب». وأورد ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٤٤ القول الذي ذكره المؤلف ، وعزاه إلى الضحاك ، وقتادة ، والزهري. (٦) وهي الرؤيا التي يراها المؤمن أو ترى له. وقد ثبت هذا المعنى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في عدة آثار أخرجها الإمام أحمد في مسنده : (١٢/ ٩ ، ١٠) رقم ٧٠٤٤ عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص مرفوعا وصحح الشيخ أحمد شاكر رحمه اللّه - إسناده. وهو في المسند أيضا (٥/ ٣١٥) عن عبادة بن الصامت مرفوعا ، و(٦/ ٤٤٧) عن أبي الدرداء مرفوعا. وأخرجه الترمذي في سننه : (٥/ ٢٨٦ ، ٢٨٧) ، كتاب تفسير القرآن ، باب «من سورة يونس». وابن ماجة في سننه : ٢/ ١٢٨٣ ، كتاب تعبير الرؤيا ، باب «الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له». والطبري في تفسيره : (١٥/ ١٢٤ - ١٣٩). وانظر تفسير ابن كثير : (٤/ ٢١٤ ، ٢١٥) ، والدر المنثور : (٤/ ٣٧٤ ، ٣٧٥). ٦٥وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ : كسرت «إن» للاستئناف بالتذكير لما ينفي الحزن ، لا لأنها بعد القول لأنها ليست حكاية عنهم «١». ٦٦وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ : يجوز «ما» في معنى «أي» «٢» ، ويجوز نافية «٣» ، أي : لم يتّبعوا حقيقة واتبعوا الظن في الشرك. ٧١لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً : مغطى «٤» ، أي : أظهروا ما عندكم من طاعة أو معصية. ٧٨لِتَلْفِتَنا : تصرفنا ، لفتّه لفتا «٥». ___________ (١) معاني القرآن للفراء : ١/ ٤٧١ ، وتفسير الطبري : ١٥/ ١٤٢ ، والتبيان للعكبري : ٢/ ٦٧٩ ، والدر المصون : ٦/ ٢٣٣. (٢) بمعنى الاستفهام. قال الفخر الرازي في تفسيره : ١٧/ ١٣٧ : «كأنه قيل : أي شيء يتبع الذين يدعون من دون اللّه شركاء ، والمقصود تقبيح فعلهم ، يعني أنهم ليسوا على شي ء». وانظر الكشاف : ٢/ ٢٤٤ ، والتبيان للعكبري : ٢/ ٦٨٠ ، والدر المصون : ٦/ ٢٣٥. (٣) مشكل إعراب القرآن : ١/ ٣٤٩ ، والبيان لابن الأنباري : ١/ ٤١٦ ، وتفسير الفخر الرازي : ١٧/ ١٣٧ ، والتبيان للعكبري : ٢/ ٦٨٠ ، وتفسير القرطبي : ٨/ ٣٦٠. (٤) قال الطبري في تفسيره : (١٥/ ١٤٩ ، ١٥٠) : «يقول : ثم لا يكون أمركم عليكم ملتبسا مشكلا مبهما. من قولهم : غمّ على الناس الهلال ، وذلك إذا أشكل عليهم فلم يتبينوه ...». (٥) ينظر معاني القرآن للفراء : ١/ ٤٧٥ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٢٨٠ ، وتفسير الطبري : ١٥/ ١٥٧. ٧٧أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا : تقديره : أتقولون للحق لما جاءكم إن هذا لسحر مبين ، أسحر هذا «١»؟. ٨٣إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ : جماعة كانت أمهاتهم من بني إسرائيل وآباؤهم من القبط «٢». ٨٥لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً : لا تعذبنا بأيدي آل فرعون فيظن بنا الضلال «٣». ٨٧أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً : وذلك إذ هدم فرعون المساجد وبنى [٤٣/ أ] الكنائس يومئذ/ فأمروا أن يصلوا في بيوتهم» ٨٨لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ : استفهام «٥» ، أي : أليضلوا عن سبيلك ___________ (١) عن معاني القرآن للزجاج : ٣/ ٢٩ ، ورجحه الطبري في تفسيره : (١٥/ ١٥٥ ، ١٥٦). (٢) هذا قول الفراء في معانيه : ١/ ٤٧٦. وأورده الطبري في تفسيره : ١٥/ ١٦٦ ، فقال : «و قد زعم بعض أهل العربية ...» ، ثم عقب عليه بقوله : «و المعروف من معنى «الذرية» ، في كلام العرب ، أنها أعقاب من نسبت إليه من قبل الرجال والنساء ، كما قال اللّه جل ثناؤه : ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ [سورة الإسراء : ٣] ، وكما قال : وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ ، ثم قال بعد : وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ [سورة الأنعام : ٨٤ ، ٨٥] ، فجعل من كان من قبل الرجال والنساء من ذرية إبراهيم». [.....] (٣) في معاني القرآن للزجاج : ٣/ ٣٠ : «أي لا تهلكنا وتعذبنا فيظن آل فرعون إنا إنما عذّبنا لأننا على ضلال». ونقل ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٥٤ ، القول الذي ذكره المؤلف عن مجاهد. وانظر تفسير القرطبي : ٨/ ٣٧٠. (٤) زاد المسير : ٤/ ٥٤ ، وتفسير القرطبي : ٨/ ٣٧١. (٥) لم أقف على قول من قال : إن اللام هنا بمعنى الاستفهام ، وذكر الفخر الرازي في تفسيره : ١٧/ ١٥٦ وجها قريبا منه وهو : «أن يكون موسى - عليه السلام - ذكر ذلك على سبيل التعجب المقرون بالإنكار ، والتقدير : كأنك آتيتهم ذلك الغرض فإنهم لا ينفقون هذه الأموال إلا فيه ، وكأنه قال : آتيتهم زينة وأموالا لأجل أن يضلوا عن سبيل اللّه ، ثم حذف حرف الاستفهام». ولعل هذا الذي ذكره المؤلف توجيه لقراءة أبي الفضل الرقاشي : «أ إنك آتيت» على الاستفهام. ذكر هذه القراءة الزمخشري في الكشاف : ٢/ ٢٥٠ ، وأبو حيان في البحر المحيط : ٥/ ١٨٧ وقال أبو حيان : «و اللام في لِيُضِلُّوا الظاهر أنها لام «كي» ، على معنى : آتيتهم ما آتيتهم على سبيل الاستدراج ، فكان الإتيان لكي يضلوا. ويحتمل أن تكون لام الصيرورة والعاقبة كقوله : فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً ...». أعطيتهم ذلك كله؟. اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ : أذهب نورها وبهجتها «١». وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا : خرج على الدعاء من موسى عليهم ، ومعناه : فلا آمنوا «٢». ٨٩وَلا تَتَّبِعانِّ : بتشديد النون وتخفيفها «٣» ، وهما نونا التوكيد انكسرت فيهما لمشابهتهما نون «يفعلان» في الخبر بوقوعهما بعد الألف واجتماع ساكنين. قوله تعالى : فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ : نلقيك على نجوة «٤» من الأرض بدرعك «٥». ___________ (١) قال الزجاج في معانيه : ٣/ ٣١ : «و تأويل تطميس الشيء إذهابه عن صورته والانتفاع به على الحال الأولى التي كان عليها». وانظر المفردات للراغب : ٣٠٧ ، وزاد المسير : ٤/ ٥٦ ، وتفسير القرطبي : ٨/ ٣٧٤. (٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ١/ ٤٧٧ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٢٨١ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣/ ٣١ ، وتفسير القرطبي : ٨/ ٣٧٥. (٣) بتشديد النون قراءة الجمهور وعليها القراء السبعة إلا ابن عامر فقد نقل عنه التخفيف. ينظر السبعة لابن مجاهد : ٣٢٩ ، والتبصرة لمكي : ٢٢٠. (٤) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن : ١/ ٢٨١ : «نلقيك على نجوة ، أي ارتفاع». وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ١٩٩ : «و النّجوة والنّبوة : ما ارتفع من الأرض». (٥) ذكره النحاس في معانيه : ٣/ ٣١٥ ، ونقل الماوردي في تفسيره : ٢/ ١٩٨ عن أبي صخر قال : كان له درع من حديد يعرف بها». وقال الأخفش في معاني القرآن : ٢/ ٥٧٤ : «و ليس قولهم : «إن البدن ها هنا الدرع بشيء ولا له معنى». وانظر تفسير البغوي : ٢/ ٣٦٧ ، وزاد المسير : ٤/ ٦٢ ، وتفسير القرطبي : ٨/ ٣٨٠. لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً : ليرى قدرة الصادق في الربوبية على الكاذب ، ولم ير في الغرقى غير فرعون «١». ٩٣فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ : الفرائض والأحكام «٢» ، أي : كانوا على الكفر ، فلما جاءهم العلم من جهة الرسول والكتاب اختلفوا فآمن فريق وكفر فريق. وقيل «٣» : كانوا على ٩٤فَإِنْ كُنْتَ : أيها السامع ، فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ : على لسان نبينا فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ. ومن قال إن الخطاب للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم فذلك على قسمة الكلام وقضية الخطاب «٤». ___________ (١) ذكره النحاس في معاني القرآن : ٣/ ٣١٥. (٢) فيكون المراد ببني إسرائيل هنا الذين كانوا قبل موسى عليه السلام ثم عاصروه. وقد ذكر الفخر الرازي نحو هذا القول في تفسيره : ١٧/ ١٦٥ فقال : «و المراد أن قوم موسى عليه السلام بقوا على ملة واحدة ومقالة واحدة من غير اختلاف حتى قراء التوراة ، فحينئذ تنبهوا للمسائل والمطالب ووقع الاختلاف بينهم. ثم بين تعالى أن هذا النوع من الاختلاف لا بد وأن يبقى في دار الدنيا ، وأنه تعالى يقضي بينهم يوم القيامة». (٣) ذكره الفراء في معاني القرآن : ١/ ٤٧٨ ، والطبري في تفسيره : ١٥/ ١٩٩ ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٢/ ١٩٨ عن ابن بحر وابن جرير الطبري. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٦٣ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. وانظر المحرر الوجيز : (٧/ ٢١٦ ، ٢١٧) ، وتفسير القرطبي : ٨/ ٣٨١. (٤) لعله يريد أن الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام ، والمراد به غيره من الشاكين وقد ذكر ابن قتيبة هذا القول في تأويل مشكل القرآن : (٢٧٠ - ٢٧٢) ، ورجحه وقال : «لأن القرآن نزل عليه بمذاهب العرب كلهم ، وهم قد يخاطبون الرجل بالشيء ويريدون غيره ، ولذلك يقول متمثلهم : إياك أعني واسمعي يا جارة. ومثله قوله : يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً الخطاب للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم ، والمراد بالوصية والعظة المؤمنون ، يدلك على ذلك أنه قال : وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ولم يقل : «بم تعمل خبيرا». ورجح الزجاج هذا القول في معاني القرآن : ٣/ ٣٢ ، وابن عطية في المحرر الوجيز : ٧/ ٢١٧ ، والفخر الرازي في تفسيره : ١٧/ ١٦٧. ١٠٠أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ : بعلمه أو بتمكينه وإقداره ، وأصل «الإذن» «١» الإطلاق في الفعل «٢». ١٠١قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ : أي : من العبر باختلاف اللّيل والنّهار ، ومجرى النجوم والأفلاك ، ونتاج الحيوان ، وخروج الزرع والثمار ، ووقوف السماوات والأرض بغير عمد. وَما تُغْنِي الْآياتُ : «ما» يجوز نافية «٣» ، ويجوز استفهاما ، أي : أيّ شيء يغنى عنهم إذا لم يستدلوا بها؟. ١٠٩وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ : يأمرك بالهجرة والجهاد. ___________ (١) في «ج» : على الأصل في الإذن الإطلاق في الفعل. (٢) التعريفات للجرجاني : ١٦. [.....] (٣) قال أبو حيان في البحر المحيط : ٥/ ١٩٤ : «و «ما» الظاهر أنها للنفي ، ويجوز أن تكون استفهاما ، أي : وأيّ شيء تغني الآيات ، وهي الدلائل ، وهو استفهام على جهة التقرير ، وفي الآية توبيخ لحاضري رسول اللّه صلّى اللّهعليه وسلّم من المشركين». وانظر المحرر الوجيز : ٧/ ٢٢٦ ، وتفسير الفخر الرازي : ١٧/ ١٧٧ ، والتبيان للعكبري : ٢/ ٦٨٦ ، وتفسير القرطبي : ٨/ ٣٨٦ ، والدر المصون : ٦/ ٢٧١. |
﴿ ٠ ﴾