سورة النحل

المجلد الثاني

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

١

أَتى أَمْرُ اللَّهِ : استقرّ دينه ، وأحكامه «١» ، فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ :

بالتكذيب ، أو أتى أمره وعدا فلا تستعجلوه وقوعا «٢».

و/ «الروح» «٣» : الوحي بالنّبوّة «٤» ، كقوله تعالى «٥» : يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ ، أو هو البيان عن الحق الذي يجب العمل به ، أو هو الروح الذي تحيا به الأبدان.

___________

(١) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره : ١٤/ ٧٥ عن الضحاك.

ونقله الماوردي في تفسيره : ٢/ ٣٨٢ عن الضحاك ، وكذا ابن عطية في المحرر الوجيز : ٨/ ٣٦٥ ، وقال : «و يبعده قوله : فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ لأنا لا نعرف استعجالا إلّا ثلاثة : اثنان منها للكفار في القيامة وفي العذاب ، والثالث للمؤمنين في النصر وظهور الإسلام».

وانظر زاد المسير : ٤/ ٤٢٧ ، وتفسير الفخر الرازي : ١٩/ ٢٢٣ ، وتفسير القرطبي : ١٠/ ٦٥.

(٢) ذكره الطبريّ في تفسيره : (١٤/ ٧٥ ، ٧٦) ، ورجحه ، وضعّف القول الأول الذي نسب إلى الضحاك فقال : «و أولى القولين في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : هو تهديد من اللّه أهل الكفر به وبرسوله ، وإعلام منه لهم قرب العذاب منهم والهلاك ، وذلك أنّه عقب ذلك بقوله سبحانه وتعالى : عَمَّا يُشْرِكُونَ فدل ذلك على تقريعه المشركين ، ووعيده لهم.

وبعد ، فإنه لم يبلغنا أن أحدا من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استعجل فرائض قبل أن تفرض عليهم ، فيقال لهم من أجل ذلك : قد جاءتكم فرائض اللّه فلا تستعجلوها ، وأما مستعجلو العذاب من المشركين ، فقد كانوا كثيرا» اه.

(٣) في قوله تعالى : يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ... [آية : ٢].

(٤) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤١ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ٧٧ ، وتفسير الماوردي : ٢/ ٣٨٣ ، والمحرر الوجيز : ٨/ ٣٦٨ ، وزاد المسير : ٤/ ٤٢٨ ، وتفسير القرطبي : ١٠/ ٦٧.

(٥) سورة غافر : آية : ١٥.

٤

فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ : أي : من أخرج من النطفة ما هذه صفته فقد أعظم العبرة «١».

٥

دِفْءٌ : ما يستدفأ به من لباس «٢» ، سمّي بالمصدر من دفؤ الزمان يدفؤ دفأ فهو دفيء ، ودفيء الرجل فهو دفآن.

وفي الحديث «٣» : «أنّه أتي بأسير يوعك فقال : أدفوه» فقتلوه «٤» ، فوداه «٥» أراد عليه السّلام : أدفئوه ، فترك الهمز إذ لم يكن في لغته ، ولو أراد القتل لقال : دافّوه ، داففت الأسير : أجهزت عليه «٦».

٧

بِشِقِّ الْأَنْفُسِ : بجهدها «٧».

٦

تُرِيحُونَ : باللّيل إلى معاطنها «٨» ، وَحِينَ تَسْرَحُونَ : بالنّهار إلى مسارحها «٩».

___________

(١) عن تفسير الماوردي : ٢/ ٣٨٣.

وقال ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٤٢٩ : «و المعنى : أنه مخلوق من نطفة ، وهو مع ذلك يخاصم وينكر البعث ، أفلا يستدل بأوله على آخره ، وأنّ من قدر على إيجاده أولا ، يقدر على إعادته ثانيا ...».

(٢) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤١ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ٧٨ ، ومعاني الزجاج : ٣/ ١٩٠.

(٣) أورده أبو عبيد في غريب الحديث : ٤/ ٣٣.

وهو أيضا في الفائق : ١/ ٤٢٨ ، وغريب الحديث لابن الجوزي : ١/ ٣٤١ ، والنهاية : ٢/ ١٢٣ ، وقد جاء في هذين الأخيرين «يرعد» بدل «يوعك».

(٤) الإدفاء : القتل في لغة اليمن.

النهاية لابن الأثير : ٢/ ١٢٣ ، واللسان : ١/ ٧٦ (دفأ).

(٥) أي : أدى ديته.

(٦) الجمهرة لابن دريد : ٢/ ١٠٦٠ ، وغريب الحديث للخطابي : ٢/ ٢٦٩. [.....]

(٧) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢/ ٩٧ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤١ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ٨٠ ، والمفردات للراغب : ٢٦٤.

(٨) معاطن الإبل : مباركها ومنازلها.

النهاية : ٣/ ٢٥٨ ، واللسان : ١٣/ ٢٨٦ (عطن).

(٩) قال الطبري - رحمه اللّه - في تفسيره : ١٤/ ٨٠ : «يعني تردونها بالعشي من مسارحها إلى مراحها ومنازلها التي تأوي إليها ، ولذلك سمي المكان : المراح ، لأنها تراح إليها عشيا ، فتأوي إليه ، يقال منه : أراح فلان ماشيته ، فهو يريحها إراحة. وقوله : وَحِينَ تَسْرَحُونَ يقول : وفي وقت إخراجكموها غدوة من مراحها إلى مسارحها ، يقال منه : سرح فلان ماشيته يسرحها تسريحا ، إذا أخرجها للرعي غدوة ، وسرحت الماشية : إذا خرجت للمرعى تسرح سرحا وسروحا ، فالسرح بالغداة ، والإراحة بالعشي».

٩

وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ : بيان الحق. أو إليه طريق كلّ أحد لا يقدر أحد أن يجوز عنه.

وَمِنْها جائِرٌ : أي : من السّبيل ما هو مائل عن الحق «١».

١٠

تُسِيمُونَ : ترعون أنعامكم ، والسّوم في الرعي من التسويم بالعلامة «٢» لأنّ الراعي يسم الراعية بعلامات يعرف بها البعض عن البعض.

١٤

أو يظهر في مواضع الرعي علامات وسمات من اختلاء النبات «٣» ومساقط الأبعار.

وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ : أي : جواري «٤». مخرت السفينة كما تمخر الرّيح.

والمخر : هبوب الريح ، والمخر : شق الماء بشيء يعترض في جهة جريانه «٥».

___________

(١) قال الطبري في تفسيره : ١٤/ ٨٤ : «يعني تعالى ذكره : ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوج ، فالقاصد من السبل : الإسلام ، والجائر منها : اليهودية والنصرانية ، وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبيل وقصدها ، سوى الحنيفية المسلمة».

(٢) معاني القرآن للزجاج : ٣/ ١٩٢ ، واللسان : ١٢/ ٣١٢ (سوم).

(٣) اختلاء النبات : نزعها وقطعها. وفي اللسان : «و اختلاه فانخلى : جزّه وقطعه ونزعه».

اللسان : ١٤/ ٢٤٣ (خلا).

(٤) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٢/ ١٢٤ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما.

وذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٢ ، والزجاج في معانيه : ٣/ ١٩٣ ، والبغوي في تفسيره : ٣/ ٦٤ ، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٤٣٥ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. وكذا الفخر الرازي في تفسيره : ٢٠/ ٧.

(٥) ينظر تفسير الماوردي : ٢/ ٣٨٦ ، والمفردات للراغب : ٤٦٤ ، والكشاف : ٢/ ٤٠٤ ، وزاد المسير : ٤/ ٤٣٥ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٠/ ٧ ، وتفسير القرطبي : ١٠/ ٨٩ ، واللسان : ٥/ ١٦٠ (مخر).

قال الفخر الرازي رحمه اللّه : «إذا عرفت هذا فقول ابن عباس : «مواخر» أي : جوار ، إنما حسن التفسير به ، لأنها لا تشق الماء إلا إذا كانت جارية».

وقيل «١» : مَواخِرَ : مواقر مثقلات.

١٥

أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ : لئلا تميد «٢».

٢٧

كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ : تظهرون شقاق المسلمين لأجلهم.

٢٨

فَأَلْقَوُا السَّلَمَ : الخضوع والاستسلام لملائكة العذاب «٣».

٤٦

تَقَلُّبِهِمْ : تصرّفهم في أسفارهم وأعمالهم «٤».

٤٧

أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ : أي : ما يتخوّفون منه من الأعمال السّيئة «٥».

أو [ما يتخوفون ] «٦» عليه من متاع الدنيا.

وقيل «٧» : هو على تنقّص ، أي : نسلّط عليهم الفناء فيهلك الكثير في

___________

(١) أخرجه الطبري في تفسيره : ١٤/ ٨٨ عن الحسن رحمه اللّه تعالى.

ونقله الماوردي في تفسيره : ٢/ ٣٨٦ عن الحسن أيضا ، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٤٣٥ ، والقرطبي في تفسيره : ١٠/ ٨٩.

(٢) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٢ : «أي : لئلا تميد بكم الأرض. والميد :

الحركة والميل. ومنه يقال : فلان يميد في مشيته : إذا تكفّا».

وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٣٥٧ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ٩٠ ، وتفسير البغوي : ٣/ ٦٤.

(٣) قال ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٤٤٢ : «قال المفسرون : وهذا عند الموت يتبرؤون من الشرك ، وهو قولهم : ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ وهو الشرك ، فترد عليهم الملائكة فتقول :

بَلى ، وقيل : هذا رد خزنة جهنم عليهم : بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من الشرك والتكذيب.

(٤) تفسير الطبري : ١٤/ ١١٢ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣/ ٢٠١ ، وتفسير الماوردي : ٢/ ٣٩٢ ، وتفسير القرطبي : ١٠/ ١٠٩ ، وتفسير ابن كثير : ٤/ ٤٩٣.

(٥) ذكر نحوه الماوردي في تفسيره : ٢/ ٣٩٢.

(٦) ما بين معقوفين عن نسخة «ج». [.....]

(٧) معاني القرآن للفراء : ٢/ ١٠١ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٣٦٠.

وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٣ : «و مثله : التخوّن ، يقال : تخوفته الدهور وتخونته ، إذا نقصته وأخذت من ماله أو جسمه».

وانظر تفسير الطبري : (١٤/ ١١٢ - ١١٤) ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣/ ٢٠١ ، وتفسير البغوي : ٣/ ٧٠.

وقت يسير ، أو بنقصهم في أموالهم وثمارهم «١».

وسأل عمر عنها على المنبر فسكت النّاس حتى قام شيخ هذليّ فقال : هذه لغتنا ، التخوّف : التنقّص. فقال عمر : و/ هل شاهد «٢»؟ فأنشد لأبي كبير «٣» :

تخوّف الرّحل «٤» منها تامكا «٥» قردا كما تخوّف عود النّبعة السّفن «٦»

___________

(١) ذكره الزجاج في معاني القرآن : ٣/ ٢٠١.

وانظر زاد المسير : ٤/ ٤٥١ ، وتفسير القرطبي : (١٠/ ١٠٩ ، ١١٠).

(٢) كذا في «ك» وورد في المصادر التي ذكرت الرواية : «فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟

قال : نعم ...».

(٣) كذا ورد في الرواية التي ذكرها القرطبي في تفسيره : ١٠/ ١١٠ ، والبيضاوي في تفسيره : ١/ ٥٥٧ ، منسوبا إلى أبي كبير الهذلي.

ونسبه الأزهري في التهذيب : ٧/ ٥٩٤ إلى ابن مقبل ، والجوهري في الصحاح : ٤/ ١٣٥٩ (خوف) إلى ذي الرمة ، والزمخشري في الكشاف : ٢/ ٤١١ إلى زهير.

وأورده صاحب اللسان مرتين ، نسبه في الأولى مادة (خوف) إلى ابن مقبل ، وفي الثانية (سفن) إلى ذي الرمة.

وقد ذكر الزبيدي هذا الاختلاف في نسبة البيت فقال : «و قد روى الجوهري هذا الشعر لذي الرمّة ، ورواه الزجاج ، والأزهري لابن مقبل ، قال الصّاغاني : وليس لهما. وروى صاحب الأغاني - في ترجمة حمّاد الراوية - أنه لابن مزاحم الثمالي ، ويروى لعبد اللّه بن العجلان النّهدي.

قلت (الزبيدي) : وعزاه البيضاوي في تفسيره إلى أبي كبير الهذلي ، ولم أجد في ديوان شعر هذيل له قصيدة على هذا الرويّ» اه.

ينظر تاج العروس : ٢٣/ ٢٩٢ (خوف).

(٤) في تهذيب اللّغة ، والصحاح ، واللسان ، وتاج العروس : «السّير» : مكان «الرحل».

(٥) في الأصل : «تامكا صلبا قردا ...» ، وأثبت ما ورد في «ك» ، وسائر المصادر التي ذكرت البيت.

(٦) قال القرطبي في شرح هذا البيت : «تمك السنام يتمك تمكا ، أي : طال وارتفع فهو تامك ، والسّفن والمسفن ما ينجر به الخشب».

ينظر تفسيره : ١٠/ ١١١.

فقال عمر : عليكم بديوانكم شعر العرب «١».

٤٨

يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ : يتميل ويتحول «٢» ، وتفيّأت في الشّجرة : دخلت في أفيائها ، والفيء : الظلّ بعد الزوال لأنه مال «٣».

عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ : في أول النهار وآخره «٤» ، إذ بالغداة يتقلص «٥» الظلّ من إحدى الجهتين وبالعشيّ ينبسط من الأخرى.

وجمع الشَّمائِلِ للدلالة على أنّ المراد ب «اليمين» الجمع على معنى الجنس ، ولأنّ الابتداء من اليمين ثم ينقبض حالا فحالا عن الشمائل «٦».

___________

(١) أورد هذا الأثر الزمخشري في الكشاف : ٢/ ٤١١ ، والفخر الرازي في تفسيره : ٢٠/ ٤٠ ، والقرطبي في تفسيره : ١٠/ ١١٠ ، والبيضاوي في تفسيره : ١/ ٥٥٧.

وأشار إليه المناوي في الفتح السماوي : ٢/ ٧٥٥ ، وقال : «لم أقف عليه».

ونقل محقق الفتح السماوي عن ابن همات الدمشقي في تحفة الراوي في تخريج أحاديث البيضاوي أنه قال : «قال السيوطي : لا يحضرني الآن تخريجه ، لكن أخرج ابن جرير (تفسير الطبري : ١٤/ ١١٣) عن عمر أنه سألهم عن هذه الآية فقالوا : ما نرى إلا أنه عند تنقص ما يردده من الآيات ، فقال عمر : ما أرى إلّا أنه على تنتقصون من معاصي اللّه ، فخرج رجل ممن كان عند عمر فلقي أعرابيا فقال : يا فلان ما فعل ربك؟ قال : قد تخيفته يعني - تنقصته - فرجع إلى عمر فأخبره ، فقال : قدر اللّه ذلك».

(٢) عن تفسير الماوردي : ٢/ ٣٩٢.

(٣) هذا قول رؤبة بن العجاج ، قال ثعلب في كتابه «الفصيح» : ٣١٩ : «و أخبرت عن أبي عبيدة قال : قال رؤبة بن العجاج : كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيء وظلّ وما لم تكن عليه الشمس فهو ظل».

وانظر تهذيب اللغة : (١٥/ ٥٧٧ ، ٥٧٨) ، والمحرر الوجيز : ٨/ ٤٣٢ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٠/ ٤١.

(٤) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ١٤/ ١١٥ عن قتادة ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٢/ ٣٩٣ عن قتادة ، والضحاك. وكذا البغوي في تفسيره : ٣/ ٧١.

(٥) في «ج» : يتنقص.

(٦) ينظر المحرر الوجيز : ٨/ ٤٣٢ ، وزاد المسير : ٤/ ٤٥٣ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٠/ ٤٣ ، وتفسير القرطبي : ١٠/ ١١٢.

سُجَّداً : خضّعا «١» لأمر اللّه لا يمتنع على تصريفه ، إذ التصرف لا يخلو عن التغير ، والتغيّر لا بدّ له من مغيّر ومدبّر فهي في تلك الشهادة كالخاضع السّاجد.

داخِرُونَ : صاغرون خاضعون «٢» بما فيهم من التسخير ودلائل التيسير.

٥٠

يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ : أي عذابه وقضاءه ، إذ قدرته فوق ما أعارهم من القوى والقدر ، كقوله «٣» : وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ ، أو لمّا وصف اللّه بالتعالي على معنى لا قادر أقدر منه ، وأنّ صفته في أعلى مراتب صفات القادرين حسن القول مِنْ فَوْقِهِمْ ليدل على هذا المعنى.

٥٣

تَجْئَرُونَ : ترفعون أصواتكم بالاستغاثة «٤».

٥٢

وَلَهُ الدِّينُ : الطاعة «٥» ، واصِباً : دائما ، أو خالصا «٦».

والوصب «٧» : التّعب بدوام العمل.

___________

(١) تفسير الماوردي : ٢/ ٣٩٣ ، وزاد المسير : ٤/ ٤٥٣ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٠/ ٤٤. [.....]

(٢) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٣٦٠ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٣ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ١١٦ ، والمفردات للراغب : ١٦٦.

(٣) سورة الأنعام : آية : ٦١.

(٤) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج : ٣/ ٢٠٤ ، وقال : «يقال : جأر الرجل يجأر جؤارا».

وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٣٦١ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ١٢١ ، وتفسير البغوي : ٣/ ٧٢.

(٥) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٣ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ١١٨ ، ومعاني الزجاج : ٣/ ٢٠٣ ، وتفسير الماوردي : ٢/ ٣٩٤.

(٦) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢/ ١٠٤ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٣٦١ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٣ ، وتفسير الطبري : (١٤/ ١١٩ ، ١٢٠) ، وتفسير البغوي : ٣/ ٧٢.

(٧) تفسير الطبري : ١٤/ ١١٨ ، وتهذيب اللغة للأزهري : ١٢/ ٢٥٥ ، واللسان : ١/ ٧٩٧ (وصب) ، والبحر المحيط : ٥/ ٥٠٠.

٥٥

لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ : بما أنعمنا عليهم ، أي : جعلوا ما أنعمنا به عليهم سببا للكفر ، فهم بمنزلة من أشرك في العبادة ليكفروا بما أوتى من النعمة كأنّه لا غرض في شركه إلّا هذا.

٥٦

تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ : سؤال التوبيخ وهو الذي لا جواب لصاحبه إلا بما فيه فضيحته ، وهو يشبه سؤال الجدال من المحق للمبطل.

وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ : أنه يضر وينفع.

٥٧

نَصِيباً : يتقربون به إليه ، أي : الأصنام ، كما في قوله «١» : وَهذا لِشُرَكائِنا.

وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ : أي : من البنين.

٦٠

وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى : مع/ قوله «٢» : فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ [٣٥/ أ] لأنّها الأمثال التي توجب الاشتباه «٣».

ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ : أي : من أهل الظلم «٤» ، أو لأنّه لو أهلك

___________

(١) سورة الأنعام : آية : ١٣٦.

(٢) سورة النحل : آية : ٧٤.

(٣) في «ك» : الأشباه.

وذكر القرطبي هذا القول في تفسيره : ١٠/ ١١٩ ، وقال : «أي لا تضربوا للّه مثلا يقتضي نقصا وتشبيها بالخلق ، و«المثل الأعلى» وصفه بما لا شبيه له ولا نظير ...».

(٤) ذكره الماوردي في تفسيره : ٢/ ٣٩٦ ، وابن عطية في المحرر الوجيز : ٨/ ٤٥٠ ، عن فرقة ، قال : «و يدل على هذا التخصيص أن اللّه تعالى لا يعاقب أحدا بذنب أحد.

واحتجت - الفرقة - بقوله تعالى : وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى . وهذا كله لا حجة فيه وذلك أن اللّه تعالى لا يجعل العقوبة تقصد أحدا بسبب إذ ناب غيره ، ولكنه إذا أرسل عذابا على أمة عاصية لم يمكن البريء التخلص من ذلك العذاب ، فأصابه العذاب لا بأنه له مجازاة. ونحو هذا قوله : وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وقيل للنبي صلى اللّه عليه وسلم : أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : «نعم إذا كثر الخبث».

ثم لا بد من تعلق ظلم ما بالأبرياء وذلك بترك التغيير ومداجنة أهل الظلم ومداومة جوارهم» اه.

وانظر تفسير الفخر الرازي : ٢٠/ ٦١ ، وتفسير القرطبي : (١٠/ ١١٩ ، ١٢٠).

الآباء لم يكن الأنباء «١».

٦٢

لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ : وجب قطعا ، أو كسب فعلهم أنّ لهم النّار ، فيكون لا ردّا للكلام «٢» ، أو صلة.

مُفْرَطُونَ : معجّلون «٣» ، أو مقدمون ، تقول : أفرطناه في طلب الماء : قدمناه.

٦٦

مِمَّا فِي بُطُونِهِ : التذكير للرد إلى لفظ «ما» «٤» ، أو للردّ على النّعم.

والنّعم والأنعام واحد «٥» لأنّ النّعم اسم جنس فيذكّر على اللّفظ ، ألا ترى أنّ النعم يؤنث على نية الأنعام فيذكّر الأنعام على نية النّعم. أو ردّ الكناية إلى البعض «٦» ، أي : نسقيكم مما في بطون البعض منها إذ ليس لكلّها لبن يشرب.

___________

(١) ذكره الماوردي في تفسيره : ٢/ ٣٩٦ دون عزو ، وكذا البغوي في تفسيره : ٣/ ٧٤ ، والفخر الرازي في تفسيره : ٢٠/ ٦١ ، والقرطبي في تفسيره : ١٠/ ١١٩.

(٢) ذكره الزجاج في معانيه : ٣/ ٢٠٧ ، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٤٦٠ ، والفخر الرازي في تفسيره : ٢٠/ ٦٢ ، والقرطبي في تفسيره : ١٠/ ١٢١ عن الزجاج.

(٣) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : (٢٤٤ ، ٢٤٥) : «أي معجلون إلى النار. يقال : فرط مني ما لم أحسبه ، أي : سبق. والفارط : المتقدم إلى الماء لإصلاح الأرشية والدلاء حتى يرد القوم وأفرطته : أي : قدمته».

وانظر تفسير الطبري : ١٤/ ١٢٨ ، ومعاني الزجاج : ٢/ ٢٠٧ ، والكشاف : ٢/ ٤١٥ ، والمفردات للراغب : ٣٧٦.

(٤) ذكره الطبري في تفسيره : ١٤/ ١٣٢ ، والفخر الرازي في تفسيره : ٢٠/ ٦٦. ونقله القرطبي في تفسيره : ١٠/ ١٢٤ عن الكسائي. [.....]

(٥) ذكره الفراء في معانيه : (٢/ ١٠٨ ، ١٠٩).

وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٣٦٢ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٥ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ١٣١ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢/ ٤٠١ ، وزاد المسير : ٤/ ٤٦٣.

(٦) نقله المؤلف في وضح البرهان : ١/ ٥٠٧ عن المؤرج.

وأورده النحاس في إعراب القرآن : ٢/ ٤٠٢ ، وقال : «حكاه أبو عبيد عن أبي عبيدة» ، ونقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٤٦٣ ، والقرطبي في تفسيره : ١٠/ ١٢٤ عن أبي عبيدة أيضا.

وانظر تفسير الطبري : ١٤/ ١٣٣ ، والمحرر الوجيز : ٨/ ٤٥٧.

٦٧

سَكَراً : شرابا مسكرا «١» ، وَرِزْقاً حَسَناً : فاكهة.

وقيل «٢» : السكر ما شربت ، والرزق الحسن ما أكلت.

٦٨

وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ : ألهمها «٣» ، أي : جعله في طباعها حتى صارت سبله لها مذلّلة سهلة ، فتراها تبكّر إلى الأعمال وتقسمها بينها كما يأمرها اليعسوب «٤» فبعض يعمل الشّمع ، وبعض العسل ، وبعض يبني البيوت ، وبعض يستقي الماء ويصبّه في الثّقب.

يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ : سمّاه شرابا إذ يجيء منه الشّراب وإن كانت تجيء بالعسل بأفواهها فهو يخرج من جهة أجوافها وبطونها ويكون باطنا في فيها ولأن الاستحالة لا يكون إلّا في البطن فالنّحل تخرج العسل من البطن إلى الفم كالريق ، وخوطب بهذا الكلام أهل تهامة وضواحي كنانة

___________

(١) فيكون هذا القول محمولا على قبل تحريم الخمر ، وقد ذكر هذا القول الفراء في معانيه : ٢/ ١٠٩ ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٥ ، وأخرجه الطبري في تفسيره : (١٤/ ١٣٤ - ١٣٦) عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد.

قال الفخر الرازي في تفسيره : ٢٠/ ٧٠ «فإن قيل : الخمر محرمة فكيف ذكرها في معرض الإنعام؟ أجابوا عنه من وجهين :

الأول : أن هذه السورة مكية ، وتحريم الخمر نزل في سورة المائدة ، فكان نزول هذه الآية في الوقت الذي كانت فيه غير محرمة.

الثاني : أنه لا حاجة إلى التزام هذا النسخ ، وذلك لأنه تعالى ذكر ما في هذه الأشياء من المنافع وخاطب المشركين بها ، والخمر من أشربتهم فهي منفعة في حقهم ، ثم إنه تعالى نبه في هذه الآية أيضا على تحريمها ، وذلك لأنه ميز بينها وبين الرزق الحسن في الذكر ، فوجب أن يكون السكر رزقا حسنا ، ولا شك أنه حسن بحسب الشهوة ، فوجب أن يقال الرجوع عن كونه حسنا بحسب الشريعة ، وهذا إنما يكون كذلك إذا كانت محرمة» اه.

(٢) نقله المؤلف - رحمه اللّه - في كتابه وضح البرهان : ١/ ٥٠٨ عن الحسن رحمه اللّه تعالى ، ونقله البغوي في تفسيره : ٣/ ٧٥ عن الشعبي.

(٣) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢/ ١٠٩ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٥ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ١٣٩ ، ومعاني الزجاج : ٣/ ٣١٠ ، والمحرر الوجيز : ٨/ ٤٦٠.

(٤) اليعسوب : فحل النحل.

النهاية : ٣/ ٢٣٤ ، واللسان : ١/ ٥٩٩ (عسب).

- وهم أهل العسل - فلم ينكر أحد هذا المجاز.

فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ : إذ المعجونات كلها بالعسل ، وفي الحديث «١» :

«عليكم بالشفاءين : القرآن والعسل».

٧٠

أَرْذَلِ الْعُمُرِ : أردأه وأوضعه «٢» ، وهو إذا صار إلى خمس وسبعين سنة ، عن عليّ رضي اللّه عنه «٣».

لِكَيْلا يَعْلَمَ : لما فيه من الاعتبار بتصريف الأحوال.

٧١

فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ : أي :

ما ملكت أيمانهم لا يشاركونهم في ملكهم ولا يملكون/ شيئا من رزقهم ، فكيف يجعلون للّه من خلقه شركاء في ملكه «٤».

و«الحفدة» «٥» : الخدم والأعوان «٦». وبنو البنين بلغة سعد

___________

(١) أخرجه ابن ماجة في السنن : ٢/ ١١٤٢ ، كتاب الطب ، باب «العسل» عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه مرفوعا.

وأخرجه الحاكم في المستدرك : ٤/ ٢٠٠ ، كتاب الطب ، باب «الشفاء شفاءان قراءة القرآن وشرب العسل» عن عبد اللّه بن مسعود مرفوعا ، وقال : «هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٥/ ١٤٤ ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه عن ابن مسعود موقوفا.

(٢) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢٤٦ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ١٤١ ، والكشاف : ٢/ ٤١٨ ، وتفسير القرطبي : ١٠/ ١٤٠ ، واللسان : ١١/ ٢٨١ (رذل).

(٣) أخرجه الطبري في تفسيره : (١٤/ ١٤١ ، ١٤٢) عن علي رضي اللّه عنه.

ونقله الماوردي في تفسيره : ٢/ ٤٠٠ عن علي أيضا ، وكذا البغوي في تفسيره : ٣/ ٧٦ ، وابن عطية في المحرر الوجيز : ٨/ ٤٦٤ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ٤٦٧.

(٤) ينظر تفسير الطبري : ١٤/ ١٤٢ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣/ ٢١٢ ، وتفسير البغوي : ٣/ ٧٧ ، والمحرر الوجيز : ٨/ ٤٦٥.

(٥) في قوله تعالى : وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ... [آية : ٧٢].

(٦) ذكره الفراء في معانيه : ٢/ ١١٠ ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن : ١/ ٣٦٤ ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٤٦ ، وأخرجه الطبري في تفسيره : (١٤/ ١٤٤ ، ١٤٥) عن ابن عباس ، وعكرمة ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة.

العشيرة «١» ، أي : اللّه جعل من الأزواج بنين ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة. يقال : حفد أسرع في العمل «٢».

٧٦

كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ : وليّه.

٧٧

وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ : أي : إذا أمرنا «٣».

أَوْ هُوَ أَقْرَبُ : على تقدير قول المخاطب وشكه ، أي : كونوا فيها على هذا الظن.

٨٤

نَبْعَثُ [مِنْ ] «٤» كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً : يبعث اللّه يوم القيامة من أهل كل عصر من هو حجة عليهم فيشهد.

٩٠

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ : تجالس مسروق «٥» وشتير «٦» ، فقال شتير :

___________

(١) ورد في كتاب لغات القرآن لأبي عبيد : ١٦٠ أن «الحفدة» : الأختان ، بلغة سعد العشيرة.

وقد أخرج الطبري في تفسيره : ١٤/ ١٤٦ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال : «هم الولد وولد الولد».

ورجحه ابن العربي في أحكام القرآن : ٣/ ١١٦٢ فقال : «الظاهر عندي من قوله : بَنِينَ أولاد الرجل من صلبه ، ومن قوله : حَفَدَةً أولاد ولده. وليس في قوة اللفظ أكثر من هذا ، ونقول : تقدير الآية على هذا : واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجا ، ومن أزواجكم بنين ، ومن البنين حفدة».

(٢) ينظر تفسير الطبري : ١٤/ ١٤٧ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٣/ ٢١٣ ، وتهذيب اللغة : ٤/ ٤٢٦ ، واللسان : ٣/ ١٥٣ (حفد). [.....]

(٣) قال الزجاج في معانيه : ٣/ ٢١٤ : «ليس يريد أن الساعة تأتي في أقرب من لمح البصر ، ولكنه يصف سرعة القدرة على الإتيان بها».

وانظر زاد المسير : ٤/ ٤٧٤ ، وتفسير القرطبي : ١٠/ ١٥٠.

(٤) في الأصل : «في».

(٥) هو مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني ، الوادعي ، الكوفي.

الإمام التابعي الجليل. قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب : ٥٢٨ : «ثقة فقيه عابد ، مخضرم ، من الثانية».

ترجمته في طبقات ابن سعد : ٦/ ٧٦ ، وتذكرة الحفاظ : ١/ ٤٩ ، وسير أعلام النبلاء : ٤/ ٦٣.

(٦) هو شتير بن شكل بن حميد العبسي الكوفي.

ضبط ابن ماكولا اسمه فقال : «أوله شين معجمة مضمومة بعدها تاء مفتوحة معجمة باثنتين من فوقها ثم ياء معجمة باثنتين من تحتها وآخره راء». الإكمال : ٤/ ٣٧٨.

ترجم له الحافظ في التقريب : ٢٦٤ ، فقال : «يقال إنه أدرك الإسلام ، ثقة ، من الثانية».

إمّا أن تحدّث ما سمعت من عبد اللّه «١» وأصدّقك وإمّا أن أحدّثك وتصدقني. قال مسروق : بل تحدّث وأصدقك ، فقال شتير : سمعت عبد اللّه يقول : أجمع آية في القرآن لخير وشرّ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ الآية. فقال مسروق : صدقت «٢».

٩٢

أَنْكاثاً : أنقاضا «٣».

دَخَلًا : غرورا ودغلا ، كأنّ داخل القلب يخالف ظاهر القول «٤».

أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ : أعزّ وأزيد «٥» ، وكانوا يعقدون الحلف ثم ينقضونه إذا وجدوا من هو أقوى.

و«الحياة الطيّبة» «٦» : الرزق الحلال «٧» ، أو القناعة «٨» وأكثر

___________

(١) هو عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه تعالى عنه.

(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك : ٢/ ٣٥٦ ، كتاب التفسير ، باب «أجمع آية في القرآن للخير والشر» وقال : «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ...» ووافقه الذهبي.

وأخرج - نحوه - الطبري في تفسيره : ١٤/ ١٦٣ عن ابن مسعود رضي اللّه عنه.

وانظر هذا الأثر عن عبد اللّه بن مسعود في تفسير البغوي : ٣/ ٨٢ ، والمحرر الوجيز : ٨/ ٤٩٣ ، وزاد المسير : ٤/ ٤٨٤.

(٣) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ٣٦٧ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ١٦٦ ، والمفردات للراغب : ٥٠٤ ، وتفسير القرطبي : ١٠/ ١٧١.

(٤) قال الراغب في المفردات : ١٦٦ : «و الدّخل كناية عن الفساد والعداوة المستبطنة كالدّغل ..».

(٥) تفسير الطبري : ١٤/ ١٦٧ ، وتفسير الماوردي : ٢/ ٤١٠.

(٦) من قوله تعالى : مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ... [آية : ٩٧].

(٧) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ١٤/ ١٧٠ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٥/ ١٦٤ ، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.

(٨) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ١٤/ ١٧١ عن الحسن ، والضحاك.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٥/ ١٦٤ ، وعزا إخراجه إلى وكيع عن محمد بن كعب القرظي.

المسلمين ليسوا متّسقي الأرزاق.

١٠٣

لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ : يميلون ويضيفون إليه «١» ، حين اتهموا النّبيّ - عليه السلام - في معرفة الأخبار ببعض العجم ممن قرأ.

١١٢

فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ : أي : جعل ما يظهر عليهم من الهزال وسوء الحال كاللباس عليهم.

وإنّما يقال لصاحب الشدّة : ذق لأنّه يتجدّد عليه إدراكه كما يتجدد على الذائق.

١٢٠

إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً : إماما يأتمّ به النّاس «٢».

قانِتاً : دائما على العبادة.

حَنِيفاً : مسلما مستقبلا في صلاته الكعبة «٣».

١٢٢

وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ : فيه غاية الترغيب في الصّلاح والمدح لإبراهيم - عليه السلام - ، إذ شرف جملة هو منها حتى يصير الاستدعاء إليها بأنه فيها.

وإنّما جاز أن/ يتبع الأفضل المفضول «٤» لسبقه إلى القول بالحق [٥٤/ أ] والعمل به وإن كان نبيّنا أفضل الأنبياء.

___________

(١) ينظر تفسير غريب القرآنلابن قتيبة : ٢٤٩ ، ومعاني الزجاج : ٣/ ٢١٩ ، والمفردات : ٢١٩.

(٢) ذكره الماوردي في تفسيره : ٢/ ٤١٥ عن الكسائي ، وأبي عبيدة. [.....]

(٣) قال ابن عطية في المحرر الوجيز : ٨/ ٥٤١ : «الحنيف : المائل إلى الخير والإصلاح ، وكانت العرب تقول لمن يختتن ويحج البيت حنيفا».

(٤) لعله تفسير لقوله تعالى : ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ... [آية : ١٢٣].

١٢٤

إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ : التشديد في يوم السّبت «١».

عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ : جاءهم موسى بالجمعة فقال أكثرهم : لا ، بل يوم السّبت «٢».

___________

(١) قال القرطبي في تفسيره : ١٠/ ١٩٩ : «كان السبت تغليظا على اليهود في رفض الأعمال وترك التبسيط في المعاش بسبب اختلافهم فيه ...».

(٢) معاني القرآن للفراء : ٢/ ١١٤ ، وتفسير الطبري : ١٤/ ١٩٣.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز : ٨/ ٥٤٤ : «قوله تعالى : إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ ، أي : لم يكن من ملة إبراهيم ، وإنما جعله اللّه فرضا عاقب به القوم المختلفين فيه ، قاله ابن زيد ، وذلك أن موسى - عليه السلام - أمر بني إسرائيل أن يجعلوا من الجمعة يوما مختصا بالعبادة وأمرهم أن يكون يوم الجمعة ، فقال جمهورهم : بل يكون يوم السبت ، لأن اللّه فرغ فيه من خلق مخلوقاته ...».

وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا اللّه له ، فالناس لنا فيه تبع ، اليهود غدا والنصارى بعد غد» اه.

صحيح البخاري : (١/ ٢١١ ، ٢١٢) ، كتاب الجمعة ، باب «فرض الجمعة ...».

وصحيح مسلم : (٢/ ٥٨٥ ، ٥٨٦) ، كتاب الجمعة ، باب «هداية هذه الأمة ليوم الجمعة».

﴿ ٠