سورة الأحزاب

١

اتَّقِ اللَّهَ : أكثر من التقوى ، أو أدمها «١».

وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ : فيما سألته وقد ثقيف أن يمتّعوا باللّات سنة «٢».

٤

ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ : في رجل قال : لي نفس تأمرني بالإسلام ونفس تنهاني [عنه ] «٣».

وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ : في زيد بن حارثة كان يدعى ابن النبي «٤» صلى اللّه عليه وسلم.

___________

(١) معاني القرآن للزجاج : ٤/ ٢١٣ ، وتفسير الماوردي : ٣/ ٣٠١ ، وتفسير البغوي : ٣/ ٥٠٥ ، وزاد المسير : ٦/ ٣٤٨.

(٢) لم أقف على هذا القول في سبب نزول هذه الآية ، وذكر الواحدي في أسباب النزول : ٤٠٧ أن الآية نزلت في أبي سفيان ، وعكرمة بن أبي جهل ، وأبي الأعور السلمي ، قدموا المدينة بعد قتال أحد ، فنزلوا على عبد اللّه بن أبي ، وقد أعطاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم الأمان على أن يكلموه ، فقام معهم عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق ، فقالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم وعنده عمر بن الخطاب : ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومناة ، وقل : إن لها شفاعة ومنفعة لمن عبدها ، وندعك وربك. فشق على النبي صلى اللّه عليه وسلم قولهم ، فقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : ائذن لنا يا رسول اللّه في قتلهم فقال : إني قد أعطيتهم الأمان ، فقال عمر : اخرجوا في لعنة اللّه وغضبه ، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عمر أن يخرجهم من المدينة ، وأنزل اللّه عز وجل هذه الآية.

وأورده الحافظ في الكافي الشاف : ١٣٢ ، وقال : «هكذا ذكره الثعلبي والواحدي بغير سند».

(٣) ما بين معقوفين عن «ج» و«ك».

وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢١/ ١١٨ عن قتادة ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٠٢ عن الحسن ، وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٦/ ٥٦١ ، وعزا إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن الحسن.

(٤) ينظر صحيح البخاري : ٦/ ٢٢ ، كتاب التفسير ، باب قوله تعالى : ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ، وصحيح مسلم : ٤/ ١٨٨٤ ، كتاب الفضائل ، باب «فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رضي اللّه عنهما» ، وتفسير الطبري : ٢١/ ١١٩ ، وأسباب النزول للواحدي : ٤٠٨.

٦

النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ : من بعضهم ببعض ، أو أولى بهم فيما يراه لهم منهم بأنفسهم.

ولمّا نزلت قال - عليه السلام «١» - : «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ، فأيّما رجل توفي وترك دينا ، أو ضيعة فإليّ ومن ترك مالا فلورثته».

وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ : في التحريم والتعظيم.

إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ : أي : لكن فعلكم إلى أوليائكم معروفا جائز ، وهو أن يوصى لمن لا يرث.

٨

لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ : اللّه كان أم للناس ، أو ليسأل الأنبياء عن تبليغهم تبكيتا «٢» لمن أرسل إليهم «٣».

٩

إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ : لما أجلى النبيّ - عليه السلام - يهود بني النّضير/ قدموا مكة ، وحزّبوا الأحزاب ، وتذكّر قريش طوائلهم «٤» ، وقائدهم أبو سفيان ، وقائد غطفان عيينة بن حصن ، وصار المشركون واليهود يدا واحدة ، وكان النبيّ صلى اللّه عليه وسلم وادع بني قريظة وهم أصحاب حصون بالمدينة ،

___________

(١) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه : ٦/ ٢٢ ، كتاب التفسير ، باب قوله تعالى : النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ عن أبي هريرة مرفوعا واللفظ عنده : «ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة ، اقرءوا إن شئتم : النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فأيما مؤمن هلك وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا ، ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فإني مولاه». [.....]

(٢) التبكيت : التقريع والتوبيخ.

الصحاح : ١/ ٢٤٤ ، واللسان : ٢/ ١١ (بكت).

(٣) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢١/ ١٢٦ عن مجاهد ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٠٧ عن النقاش.

(٤) الطوائل : الأوتار والذحول ، واحدتها طائلة ، يقال : «فلان يطلب بني فلان بطائلة ، أي بوتر ، كأن له فيهم ثأرا ...».

اللسان : ١١/ ٤١٤ (طول).

فاحتال لهم حييّ بن أخطب ولم يزل يفتلهم في الذّروة والغارب «١» حتى نقضوا العهد ، فعظم البلاء. فأشار سلمان بالمقام بالمدينة ، وأن يخندق «٢».

فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً : كانت ريح صبا «٣» [تطير] «٤» الأخبية.

١٠

إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ : عيينة في أهل نجد ، وأَسْفَلَ مِنْكُمْ :

أبو سفيان في قريش «٥».

وزاغَتِ الْأَبْصارُ : شخصت «٦» ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ :

لشدّة الرعب والخفقان.

ويروى «٧» أن المسلمين قالوا : بلغت الحناجر فهل من شيء نقوله؟.

___________

(١) هذا مثل يضرب في المخادعة ، يقال ذلك للرجل لا يزال يخدع صاحبه حتى يظفر به.

جمهرة الأمثال للعسكري : ٢/ ٩٨ ، ومجمع الأمثال : ٢/ ٤٣٦ ، والنهاية : ٣/ ٤١٠.

(٢) ينظر خبر هذه الغزوة في السيرة لابن هشام : (٢/ ٢١٤ ، ٢١٥) ، وتفسير الطبري : (٢١/ ١٢٧ ، ١٢٨) ، ودلائل النبوة للبيهقي : ٣/ ٣٩٢ ، وفتح الباري : (٧/ ٤٥٣ ، ٤٥٤) ، وعيون الأثر : ٢/ ٥٥.

(٣) ورد هذا القول في أثر أخرجه الطبري في تفسيره : ٢١/ ١٢٧ عن مجاهد وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٦/ ٥٧٣ ، وزاد نسبته إلى الفريابي وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ والبيهقي عن مجاهد.

ويدل عليه الحديث المرفوع : «نصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدبور».

أخرجه الإمام البخاري في صحيحه : ٢/ ٢٢ ، كتاب الاستسقاء ، باب «قول النبي صلى اللّه عليه وسلم :

نصرت بالصبا».

وأخرجه - أيضا - الإمام مسلم في صحيحه : ٢/ ٦١٧ ، كتاب صلاة الاستسقاء ، باب «في ريح الصبا والدبور».

(٤) في الأصل : «نظير» ، والتصويب من نسخة «ج» ، ومن كتاب وضح البرهان للمؤلف.

(٥) تفسير الطبري : ٢١/ ١٢٩ ، وفتح الباري : ٧/ ٤٦٢.

(٦) تفسير الطبري : ٢١/ ١٣١ ، والمفردات للراغب : ٢١٧ ، واللسان : ٨/ ٤٣٢ (زيغ).

(٧) أخرجه الإمام أحمد في مسنده : ٣/ ٣ ، والطبري في تفسيره : ٢١/ ١٢٧ عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه تعالى عنه مرفوعا.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٦/ ٥٧٣ ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن أبي سعيد أيضا.

فقال عليه السلام : «قولوا : اللّهم استر عورتنا وآمن روعتنا».

وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا

: الألف لبيان الحركة «١» ، إذ لو وقف بالسكون لخفي إعراب الكلمة ، وكما تدخل الهاء لبيان الحركة في مالِيَهْ «٢» وحِسابِيَهْ «٣».

١٢

ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً : قاله معتّب «٤» بن قشير.

١٣

وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ : بنو سليم «٥».

يَقُولُونَ [إِنَ ] «٦» بُيُوتَنا عَوْرَةٌ : وهم بنو حارثة «٧».

١٩

سَلَقُوكُمْ : بلغوا في إيحاشكم «٨».

___________

(١) معاني القرآن للزجاج : ٤/ ٢١٨ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣/ ٣٠٥ ، والبيان لابن الأنباري : ٢/ ٢٦٥ ، والتبيان للعكبري : ٢/ ١٠٥٣ ، والبحر المحيط : ٧/ ٢١٧.

(٢) من الآية : ٢٨ ، سورة الحاقة.

(٣) من الآية : ٢٠ ، سورة الحاقة.

(٤) ذكر الفراء في معانيه : ٢/ ٣٣٦ أن القائل هو معتب.

وأورده السيوطي في مفحمات الأقران : ١٦٤ ، وعزا إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن السدي.

وذكره البغوي في تفسيره : ٣/ ٥١٦ ، وابن عطية في المحرر الوجيز : ١٢/ ٢٤. [.....]

(٥) ذكره الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣١٠.

(٦) سقط من الأصل.

(٧) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢١/ ١٣٥ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما من طريق محمد بن سعد عن أبيه ... ، وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء ، وقد تقدم بيان أحوالهم ص (١٣٥).

وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة : ٣/ ٤٣٣ عن ابن عباس أيضا.

وذكره البغوي في تفسيره : ٣/ ٥١٦ ، وابن عطية في المحرر الوجيز : ١٢/ ٢٥ دون عزو.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٦/ ٥٧٩ ، وزاد نسبته إلى ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما.

(٨) كذا في «ك» وفي وضح البرهان : ٢/ ١٨٢ : «بلغوا في أذاكم بالكلام الموحش كل مبلغ».

وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢/ ١٣٥ : «أي بالغوا في عيبكم ...».

وانظر معاني القرآن للفراء : ٢/ ٣٣٩ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣٠٢ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٤٩ ، والمفردات للراغب : ٢٣٩.

٢١

أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ : حسن مواساة ومشاركة «١» ، إذ قاتل يوم أحد حتى جرح وقتل عمّه وخاصّته.

٢٣

مَنْ قَضى نَحْبَهُ : مات ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ : أي : الموت.

وإن كان النّحب : النّذر «٢» ، فهو نذر صدق القتال.

٢٥

وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ : لما اشتد الخوف أتى نعيم بن مسعود مسلما من غير أن علم قومه ، فقال عليه السّلام : «إنّما أنت فينا رجل واحد وإنّما غناؤك أن تخادع عنّا فالحرب خدعة».

فأتى بني قريظة وكان نديمهم ، فذكّرهم ودّه ، وقال : إنّ قريشا وغطفان طارئين على بلادكم ، فإن وجدوا نهزة «٣» وغنيمة أصابوها ، وإلّا لحقوا ببلادهم ، ولا قبل لكم بالرجل ، فلا تقاتلوا حتى تأخذوا رهنا من أشرافهم [٧٨/ أ] ليناجزوا القتال ، ثم أتى قريشا وغطفان فذكرهم ودّه/ لهم ، وقال : بلغني أمر أنصحكم فيه فاكتموه عليّ ، إنّ معشر اليهود ندموا وترضّوا محمّدا على أن يأخذوا منكم أشرافا ويدفعوهم إليه ، ثم يكونون معه عليكم ، فوقع ذلك من القوم ، وأرسل أبو سفيان وعيينة إلى بني قريظة : إنا لسنا بدار مقام ، وقد هلك الخف والحافر «٤» ، فلنناجز «٥» محمدا. فطلبوا رهنا ، فقالت قريش :

___________

(١) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره : ٣/ ٣١٤ عن السدي.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٦/ ٥٨٣ ، وعزا إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن السدي.

(٢) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٤٩ ، والمفردات : ٤٨٤ ، واللسان : ١/ ٧٥٠ (نحب).

(٣) أي : فرصة.

الصحاح : ٣/ ٩٠٠ (نهز) ، والنهاية : ٥/ ١٣٥.

(٤) كناية عن الإبل والفرس ، وفي النهاية لابن الأثير : ٢/ ٥٥ : «و لا بد من حذف مضاف : أي ذي خف ... وذي حافر. والخفّ للبعير كالحافر للفرس».

وانظر اللسان : ٩/ ٨١ (خفف).

(٥) أي : نقاتل.

النهاية لابن الأثير : ٥/ ٢١.

واللّه إنّ حديث نعيم لحقّ ، وتخاذل القوم وانصرفوا «١».

٢٦

مِنْ صَياصِيهِمْ : حصونهم «٢». نزل جبريل ورسول اللّه في بيت زينب بنت جحش - تغسل رأسه - فقال : عفا اللّه عنك ما وضعت الملائكة سلاحها منذ أربعين ليلة فانهض إلى بني قريظة فإني تركتهم في زلزال وبلبال. فحاصرهم عليه السلام وقتلهم وسباهم «٣».

٢٧

وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها : أرض فارس والروم «٤».

٣٠

يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ : لأنّ النّعمة عندهن بصحبة الرسول أعظم والحجة عليهن ألزم.

___________

(١) ينظر خبر نعيم بن مسعود رضي اللّه عنه في السيرة لابن هشام : (٢/ ٢٢٩ ، ٢٣٠) ، وجوامع السيرة لابن حزم : (١٩٠ ، ١٩١) ، وزاد المعاد : (٣/ ٢٧٣ ، ٢٧٤).

(٢) معاني القرآن للفراء : ٢/ ٣٤٠ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣٠٣ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٤٩ ، وتفسير الطبري : ٢١/ ١٥٠ ، والمفردات للراغب : ٢٩١.

(٣) أخرجه الطبريّ في تفسيره : ٢١/ ١٥٠ عن قتادة ، وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٦/ ٥٩١ ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة.

وقيل : بل المراد خيبر ، وقيل : اليمن ، وقيل : مكة.

وعقب ابن عطية - رحمه اللّه - على هذه الأقوال بقوله : «و لا وجه لتخصيص شيء من ذلك دون شي ء».

المحرر الوجيز : ١٢/ ٤٩.

وقال الطبري رحمه اللّه في تفسيره : ٢١/ ١٥٥ : «و الصواب من القول في ذلك أن يقال :

إن اللّه تعالى ذكره أخبر أنه أورث المؤمنين من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أرض بني قريظة وديارهم وأموالهم ، وأرضا لم يطئوها يومئذ ، ولم تكن مكة ولا خيبر ، ولا أرض فارس والروم ولا اليمن ، مما كان وطئوها يومئذ ، ثم وطئوا ذلك بعد ، وأورثهموه اللّه ، وذلك كله داخل في قوله : وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها لأنه تعالى ذكره لم يخصص من ذلك بعضا دون بعض» اه.

(٤) أخرج عبد الرزاق هذا القول في تفسيره : ٢/ ١١٥ عن الحسن ، وكذا الطبري في تفسيره : ٢١/ ١٥٥.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٦/ ٥٩٢ ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم عن الحسن رحمه اللّه.

وقال أبو عمرو : أقرأ بالتشديد «١» للتفسير بالضعفين»

ولو كان مضاعفة لكان العذاب ثلاثا أو أكثر.

٣٣

وَقَرْنَ «٣» : من : وقر يقر وقورا ووقارا ، أي : كن ذوات وقار «٤» ، ولا تخفقن بالخروج.

والتبرّج : التبختر والتكسر «٥».

٣٦

وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ : في زينب بنت جحش ابنة عمة النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم خطبها لزيد بن حارثة فامتنعت [هي ] وأخوها عبد اللّه «٦».

___________

(١) قراءة أبي عمرو : يضعّف بالياء وتشديد العين وفتحها.

السبعة لابن مجاهد : ٥٢١ ، والتبصرة لمكي : ٢٩٩ ، والتيسير للداني : ١٧٩. [.....]

(٢) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٣٥٠ : «كأنه أراد : يضاعف لها العذاب ، فيجعل ضعفين ، أي : مثلين ، كل واحد منهما ضعف الآخر. وضعف الشيء : مثله ، ولذلك قرأ أبو عمرو : يضعّف ، لأنه رأى أن «يضعّف» للمثل ، و«يضاعف» لما فوق ذلك».

وانظر توجيه قراءة أبي عمرو في معاني القرآن للزجاج : ٤/ ٢٢٦ ، والكشف لمكي : ٢/ ١٩٦ ، والبحر المحيط : ٧/ ٢٢٨.

(٣) بكسر القاف ، وهي قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي.

السبعة لابن مجاهد : ٥٢٢ ، والتبصرة لمكي : ٢٩٩ ، والتيسير للداني : ١٧٩.

(٤) قال مكي في الكشف : ٢/ ١٩٨ : «فيكون الأصل في «و قرن» و«اقررن» ، فتحذف الراء الأولى استثقالا للتضعيف ، بعد أن تلقى حركتها على القاف ، فتنكسر القاف ، فيستغنى بحركتها عن ألف الوصل ، فيصير اللفظ «قرن» ...».

(٥) تفسير الطبري : ٢٢/ ٤ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٤/ ٢٢٥ ، وتفسير الماوردي : ٣/ ٣٢٢.

(٦) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».

أي : وامتنع أخوها عبد اللّه بن جحش كذلك ، وأخرج نحوه الطبري في تفسيره : ٢٢/ ١١ عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وعكرمة. دون ذكر عبد اللّه بن جحش.

وأخرج نحوه أيضا الدارقطني في سننه : ٣/ ٣٠١ ، كتاب المهر ، عن الكميت بن زيد عن مذكور مولى زينب بنت جحش عن زينب رضي اللّه عنها.

وأورده الزمخشري في الكشاف : ٣/ ٢٦١ ، والحافظ في الكافي الشاف : ١٣٤ ، وقال :

«لم أجده موصولا - وأشار إلى رواية الدارقطني ثم قال - : وإسناده ضعيف». وأشار المناوي في الفتح السماوي : (٣/ ٩٣٥ ، ٩٣٦) إلى رواية الدارقطني ، وضعف سنده.

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : ٦/ ٤١٩ : «هذه الآية عامة في جميع الأمور ، وذلك إذا حكم اللّه ورسوله بشيء ، فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هاهنا ولا رأى ولا قول كما قال تعالى : فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ...».

٣٧

أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ : [أي : على زيد] «١» بالإسلام ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ :

بالعتق «٢».

وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ : من الميل إليها وإرادة طلاقها «٣».

وقيل «٤» : هو ما أعلمه اللّه بأنها تكون زوجته.

فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً : من طلاقها «٥». وقيل «٦» : من نكاحها.

٣٨

وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً : جاريا على تقدير وحكمة.

٤٠

ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ : [أي : من رجالكم البالغين ] «٧» الحسن والحسين إذ ذاك لم يكونا رجلين ، والقاسم وإبراهيم والطيّب والمطهّر «٨» توفوا صبيانا.

___________

(١) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».

(٢) ورد هذا القول في أثر أخرجه عبد الرزاق في تفسيره : ٢/ ١١٧ عن قتادة.

وكذا الطبري في تفسيره : ٢٢/ ١٣ ، وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٦/ ٦١٤ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، والطبراني عن قتادة أيضا.

وانظر هذا القول في تفسير البغوي : ٣/ ٥٣١ ، وتفسير القرطبي : ١٤/ ١٨٨ ، وتفسير ابن كثير : ٦/ ٤١٩.

(٣) المصادر السابقة.

(٤) نقله الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٢٧ عن الحسن ، وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٦/ ٦١٦ ، وعزا إخراجه إلى ابن أبي حاتم عن السدي.

(٥) ذكره الزجاج في معانيه : ٤/ ٢٢٩ ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٢٧ ، والقرطبي في تفسيره : ١٤/ ١٩٤ عن قتادة.

(٦) تفسير القرطبي : ١٤/ ١٩٤.

(٧) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».

(٨) كذا ورد في رواية الطبري في تفسيره : ٢٢/ ١٦ عن قتادة ، وأيضا في معاني القرآن للزجاج : ٤/ ٢٣٠ ، وتفسير ابن كثير : ٦/ ٤٢٢.

وذكر ابن حبيب في المحبر : ٥٣ أن عبد اللّه هو الطيب وهو الطاهر.

وقال ابن حزم في الجمهرة : ١٦ : «و كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الولد سوى إبراهيم :

القاسم ، وآخر اختلف في اسمه ، فقيل : الطاهر ، وقيل : الطيب ، وقيل : عبد اللّه ...».

٤٣

يُصَلِّي عَلَيْكُمْ : يوجب بركة الصلاة لكم ، وهو الدعاء بالخير ، وتوجبه الملائكة بفعل الدّعاء «١» ، وهذا مما يختلف فيه معنى الصفتين ، ك «توّاب» بمعنى كثير القبول للتوبة ، وبمعنى كثير الفعل لها.

[٧٨/ ب ] ٤٨ وَدَعْ أَذاهُمْ : / لا تحزن وكلهم إلينا.

٥٠

وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها : هي ميمونة «٢» بنت الحارث.

وقيل «٣» : زينب بنت خزيمة.

٤٩

مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها : تحسبونها «تفتعلون» من العدّ «٤».

٥١

تُرْجِي : تؤخر ، وَتُؤْوِي : تضم «٥» ، ومعناهما الطلاق والإمساك.

___________

(١) قال الحافظ ابن كثير - رحمه اللّه - في تفسيره : ٦/ ٤٢٨ : «و أما الصلاة من الملائكة فبمعنى الدعاء للناس والاستغفار ، كقوله : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ... الآية» اه. [.....]

(٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٢/ ٢٣ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما.

ونقله الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٣٣ عن ابن عباس ، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير : ٦/ ٤٠٦ ، والقرطبي في تفسيره : ١٤/ ٢٠٩.

(٣) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٢/ ٢٣ عن علي بن الحسين ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٣٣ ، والبغوي في تفسيره : ٣/ ٥٣٧ عن الشعبي.

وأورده الحافظ ابن حجر في الفتح : ٨/ ٣٨٦ ، وقال : «جاء عن الشعبي وليست بثابت ...

ومن طريق قتادة عن ابن عباس قال : التي وهبت نفسها للنبي صلى اللّه عليه وسلم هي ميمونة بنت الحارث ، وهذا منقطع ، وأورده من وجه آخر مرسل وإسناده ضعيف ، ويعارضه حديث سماك عن عكرمة عن ابن عباس ، «لم يكن عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له».

أخرجه الطبري وإسناده حسن ، والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له وإن كان مباحا له ، لأنه راجع إلى إرادته لقوله تعالى : إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها ...».

(٤) المحرر الوجيز : ١٢/ ٨٣ ، والتبيان للعكبري : ٢/ ١٠٥٨.

(٥) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢/ ١٣٩ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣٠٤ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٥١ ، وتفسير الطبري : ٢٢/ ٢٤ ، وتفسير البغوي : ٣/ ٥٣٧.

وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ : طلبت إصابته بعد العزل.

ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ : إذا علمن أنك لا تطلقهن أو لا تتزوج عليهن.

٥٢

لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ : نكاح النساء أو شيء من النساء.

مِنْ بَعْدُ : من بعد التسع إذ لمّا خيّرن فاخترنه أمر أن يكتفي بهن «١».

٥٣

غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ : منتظرين وقت «٢» نضجه «٣».

٥٩

ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ : الحرّة من الأمة «٤» ، أو الصالحات من المتبرجات «٥».

٦٩

آذَوْا مُوسى : اتهموه بقتل هارون ، فأحياه [اللّه ] «٦» فبرّأه ثم مات «٧».

___________

(١) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره : ٢٢/ ٢٩ عن قتادة ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٣٤ عن ابن عباس ، وقتادة.

وأورده ابن العربي في أحكام القرآن : ٣/ ١٥٧٠ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما.

(٢) في «ج» : بعد.

(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢/ ١٤٠ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٥٢ ، والمفردات للراغب : ٢٩.

والمعنى كما جاء في تفسير الطبري : ٢٢/ ٣٤ : «يا أيها الذين آمنوا باللّه ورسوله ، لا تدخلوا بيوت نبي اللّه إلّا أن تدعوا إلى طعام غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ ، يعني : غير منتظرين إدراكه وبلوغه ، وهو مصدر من قولهم : قد أنى هذا الشيء يأني إليّ وأنيا وإناء ... وفيه لغة أخرى ، يقال : قد آن لك ، أي : تبين لك أينا ، ونال لك ، وأنال لك ...».

(٤) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٢/ ٤٦ عن قتادة ، ومجاهد.

وذكره الواحدي في أسباب النزول : ٤٢١ عن السدي بغير سند.

ونقله الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٣٩ عن قتادة.

(٥) ذكر الماوردي نحو هذا القول في تفسيره : ٣/ ٣٣٩.

(٦) عن نسخة «ج».

(٧) ورد هذا المعنى في أثر أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٢/ ٥٢ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ، وأخرجه - أيضا - الحاكم في المستدرك : ٢/ ٥٧٩ ، كتاب التاريخ ، باب «ذكر وفاة هارون بن عمران» ، وقال : «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٦/ ٦٦٦ ، وزاد نسبته إلى ابن منيع ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه.

وأشار الحافظ في الفتح : ٨/ ٣٩٥ إلى رواية الطبري وابن أبي حاتم ، وقوى إسنادهما.

وثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه مرفوعا أن بني إسرائيل اتهموا موسى عليه الصلاة والسلام بأنه آدر ، أو به برص ، أو آفة في جسمه. (صحيح البخاري : ٤/ ١٢٩ ، كتاب الأنبياء).

قال الحافظ ابن حجر رحمه اللّه : «لا مانع أن يكون للشيء سببان فأكثر ...» ذكره تعقيبا على الروايتين.

وَجِيهاً : رفيع القدر إذا سأله أعطاه.

٧٢

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ : الأمانة : ما أودعها اللّه من دلائل التوحيد فأظهروها إلّا الإنسان «١».

«الجهول» : الكافر بربه.

وقيل : هو على التمثيل أي منزلة الأمانة منزلة ما لو عرض على الأشياء مع عظمها وكانت تعلم ما فيها لأشفقت منها ، إلّا أنّه خرج مخرج الواقع لأنّه أبلغ من المقدّر.

وقيل : العرض بمعنى المعارضة ، أي : عورضت السّماوات والأرض ، وقوبلت بثقل الأمانة ، فكانت الأمانة أوزن وأرجح «٢».

فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها : لم يوازنها.

٧٣

لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ : في الأمانة ، وَالْمُشْرِكِينَ : بتضييعها.

وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ : بحفظهم لها.

___________

(١) ذكره الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٤٣ وقال : «قاله بعض المتكلمين».

وأورد الطبري - رحمه اللّه - عدة أقوال في المراد ب «الأمانة» هنا ، ثم قال : «و أولى الأقوال في ذلك بالصواب ما قاله الذين قالوا : إنه عني بالأمانة في هذا الموضع جميع معاني الأمانات في الدين ، وأمانات الناس ، وذلك أن اللّه لم يخص بقوله : عَرَضْنَا الْأَمانَةَ بعض معاني الأمانات لما وصفنا».

(تفسير الطبري : ٢٢/ ٥٧).

وقال القرطبي في تفسيره : ١٤/ ٢٥٣ : «و «الأمانة» تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال».

(٢) ذكره الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٤٣ عن ابن بحر.

﴿ ٠