سورة الملائكة

١

مَثْنى وَثُلاثَ : هذه الأوزان لتكرير تلك الأعداد ولذلك عدل عن البناء الأول «١» ، ف ثُلاثَ هي ثلاث ثلاث فتكون ثلاثة أجنحة من جانب ومثله من جانب فيعتدل ، فلا يصح قول الطاعن : إنّ صاحب الأجنحة الثلاثة لا يطير ويكون كالجادف. أو يجوز أن يكون موضع الجناح الثالث بين الجناحين فيكون عونا لهما فتستوي القوى والحصص.

٣

هَلْ مِنْ خالِقٍ : لا أحد يطلق له صفة خالق ، أو لا خالق على هذه الصّفة إلّا هو.

٥

الْغَرُورُ : الشّيطان «٢». ويقرأ «الغرور» «٣» أي : الأباطيل ، جمع «غار» ك «قاعد» و«قعود» «٤».

___________

(١) البناء الأول هو اثنان ، ثلاثة ، أربعة ...

وانظر المعنى الذي ذكره المؤلف في الكشاف : ٣/ ٢٩٨ ، والمحرر الوجيز : (١٢/ ٢١٣ ، ٢١٤) ، وتفسير القرطبي : ١٤/ ٣١٩.

(٢) ورد هذا القول في أثر أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٢/ ١١٧ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما.

ونقله ابن عطية في المحرر الوجيز : ١٢/ ٢١٧ ، وابن كثير في تفسيره : ٦/ ٥٢١ عن ابن عباس أيضا.

وانظر هذا القول في معاني القرآن للزجاج : ٤/ ٢٦٣ ، وتفسير البغوي : ٣/ ٥٦٥ ، وتفسير القرطبي : ١٤/ ٣٢٣.

(٣) بضم الغين المعجمة ، وتنسب هذه القراءة إلى أبي حيوة ، وأبي السّمال العدوي ، ومحمد بن السميفع ، وسماك بن حرب.

انظر إعراب القرآن للنحاس : ٣/ ٣٦١ ، وتفسير القرطبي : ١٤/ ٣٢٣ ، والبحر المحيط : ٧/ ٣٠٠.

(٤) عن معاني القرآن للزجاج : ٤/ ٢٦٣.

١٠

إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ : التوحيد والعمل الصالح يرفعه ، أي : [٨٠/ أ] يرتفع الكلم الطّيّب بالعمل الصالح «١» ، أو العمل الصالح يرفعه/ الكلم الطّيّب «٢» إذ لا يقبل العمل إلّا من موحد.

١١

وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ : أي : من عمر آخر غير الأول كقولك : عندي درهم ونصفه «٣» ، بل لا يمتنع أن يزيد اللّه في العمر أو ينقصه. كما روي «٤» أنّ صلة الرحم تزيد في العمر. على أنّ الأحوال مستقرة في سابق العلم.

١٣

قِطْمِيرٍ : لفافة النّواة «٥» ، والنّقير «٦» : النقرة التي في ظهرها ،

___________

(١) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٢/ ١٢١ عن مجاهد ، ونقله الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٧٠ عن سعيد بن جبير ، والضحاك.

وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات : ٢/ ١٦٨ عن مجاهد.

وأورده البغوي في تفسيره : ٣/ ٥٦٦ ، وقال : «و هو قول ابن عباس ، وسعيد بن جبير والحسن ، وعكرمة ، وأكثر المفسرين».

(٢) ذكره الفراء في معانيه : ٢/ ٣٦٧ ، والطبري في تفسيره : ٢٢/ ١٢٠.

ونقله الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٧٠ عن يحيى بن سلام ، وأورده ابن الجوزي في زاد المسير : ٦/ ٤٧٨ ، وقال : «و به قال أبو صالح وشهر بن حوشب».

(٣) عن معاني القرآن للفراء : ٢/ ٣٦٨ ، ونص كلامه : ما يطوّل من عمر ، ولا ينقص من عمره ، يريد آخر غير الأول ، ثم كنى عنه بالهاء كأنه الأول. ومثله في الكلام : عندي درهم ونصفه ، يعني نصف آخر ، فجاز أن يكنى عنه بالهاء ، لأن لفظ الثاني كلفظ الأول ، فكنى عنه ككناية الأول».

(٤) أخرج الإمام البخاري والإمام مسلم رحمهما اللّه تعالى عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : «من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه».

صحيح البخاري : ٣/ ٨ ، كتاب البيوع ، باب «من أحب البسط في الرزق».

صحيح مسلم : ٤/ ١٩٨٢ ، كتاب البر ، باب «صلة الرحم وتحريم قطعها».

(٥) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٣٦٠ ، وتفسير الطبري : ٢٢/ ١٢٥ ، ومعاني الزجاج : ٤/ ٢٦٦ ، والمفردات للراغب : ٤٠٨.

قال ابن قتيبة - رحمه اللّه - : «و هو من الاستعارة في قلة الشيء وتحقيره».

(٦) وردت هذه اللفظة مرتين في سورة النساء في قوله تعالى : أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً آية : ٥٣.

وفي قوله تعالى : فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً [آية : ١٢٤].

وانظر معاني القرآن للزجاج : ٤/ ٢٦٦ ، والمفردات للراغب : ٥٠٣. [.....]

والفتيل «١» : الذي في وسطها.

١٤

يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ : بعبادتكم إياهم.

٢٧

جُدَدٌ : طرائق ، جمع «جدّة» ك «مدة» ومدد «٢».

والمقتصد «٣» : المتوسط في الطاعة ، والسّابق : أهل الدرجة القصوى منها ، والظالم : مرتكب الصغيرة «٤» ، كقوله في الآية الأخرى «٥» : وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ فكان لهؤلاء الجنّة.

قال عمر - رضي اللّه عنه - «٦» : «سابقنا سابق ، ومقتصدنا ناج ،

___________

(١) من قوله تعالى : بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء : ٤٩] ، ومن قوله تعالى :

قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء : ٧٧] ، وقوله تعالى : فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا [الإسراء : ١٧].

وانظر المفردات للراغب : ٣٧١.

(٢) معاني القرآن للفراء : ٢/ ٣٦٩ ، وغريب القرآن لليزيدي : ٣٠٩ ، وتفسير غريب القرآن : ٣٦١ ، وتفسير الطبري : ٢٢/ ١٣١.

(٣) في قوله تعالى : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [آية : ٣٢].

(٤) ذكره الماوردي في تفسيره : ٣/ ٣٧٦ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٦/ ٤٨٩ ، والقرطبي في تفسيره : ١٤/ ٣٤٦ ، ويكون الضمير في قوله تعالى : يَدْخُلُونَها عائدا على الأصناف الثلاثة ، ولا يكون الظالم هاهنا كافرا ولا فاسقا.

قال القرطبي رحمه اللّه : «و ممن روي عنه هذا القول عمر ، وعثمان ، وأبو الدرداء ، وابن مسعود ، وعقبة بن عمرو وعائشة».

وذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره : ٦/ ٥٣٣ الاختلاف في هذه الآية ، ثم قال : «و الصحيح أن الظالم لنفسه من هذه الأمة ، وهذا اختيار ابن جرير كما هو ظاهر الآية ، وكما جاءت به الأحاديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من طرق يشد بعضها بعضا ...» اه - .

وأورد طائفة من الآثار للدلالة على هذا القول.

(٥) سورة فاطر : آية : ٣٦.

(٦) أخرجه البغوي في تفسيره : ٣/ ٥٧١ عن عمر رضي اللّه تعالى عنه ورفعه. وأورده الحافظ ابن حجر في الكافي الشاف : ١٣٩ وعزاه إلى البيهقي في «الشعب» من رواية ميمون بن سياه عن عمر رضي اللّه عنه مرفوعا ، وقال الحافظ : «و هذا منقطع ، وأخرجه الثعلبي ، وابن مردويه من وجه آخر عن ميمون بن سياه عن أبي عثمان النهدي عن عمر ، فيه الفضل بن عميرة ، وهو ضعيف. ورواه سعيد بن منصور عن فرج بن فضالة عن أزهر بن عبد اللّه الحرازي عمن سمع عمر ، فذكره موقوفا» اه - .

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧/ ٢٥ ، وعزا إخراجه إلى سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، والبيهقي في «البعث» عن عمر رضي اللّه عنه موقوفا.

وظالمنا مغفور له».

٤٥

عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ : لأنّها خلقت للنّاس.

﴿ ٠