سورة [القمر]فسئل عن البرطمة، فقال: الإعراض «١» . سورة [القمر] «٢» ١وَانْشَقَّ الْقَمَرُ : قال الحسن «٣» : أي ينشق ، فجاء/ المستقبل على [٩٣/ أ] صيغة الماضي لوجوب وقوعه. أو لتقارب وقته. أو لأنّ المعنى مفهوم أنّه في المستقبل. وقيل : إنه على الاستعارة والمثل لوضوح الأمر كما يقال في المثل : اللّيل طويل وأنت مقمر. والمنقول المقبول «٤» أنه على الحقيقة ، انشق القمر نصفين حين سأله حمزة «٥» بن عبد المطلب فرآه جلة الصّحابة ..... ___________ (١) نص هذه الرواية عن مجاهد في تفسير البغوي : ٤/ ٢٥٧. وأخرج - نحوه - الطبري في تفسيره : ٢٧/ ٨٣ عن مجاهد ، وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧/ ٦٦٧ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر عن مجاهد أيضا. (٢) في الأصل «الساعة» ، والمثبت في النص عن «ك» و«ج». (٣) نقله الماوردي في تفسيره : ٤/ ١٣٥ ، والقرطبي في تفسيره : ١٧/ ١٢٦. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير : ٨/ ٨٨ دون عزو ، وعقّب عليه بقوله : «و هذا القول الشاذ لا يقاوم الإجماع ، ولأن قوله : وَانْشَقَّ لفظ ماض. وحمل لفظ الماضي على المستقبل يفتقر إلى قرينة تنقله ودليل ، وليس ذلك موجودا. وفي قوله : وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا دليل على أنه قد كان ذلك». اه - . وانظر رد أبي حيان في البحر المحيط : ٨/ ١٧٣ لقول الحسن. (٤) ورد في ذلك أخبار صحيحة كثيرة. ينظر ذلك في صحيح البخاري : (٦/ ٥٢ ، ٥٣) ، كتاب التفسير ، تفسير سورة اقتربت الساعة. وصحيح مسلم : ٤/ ٢١٥٨ كتاب صفة القيامة والجنة والنار ، باب «انشقاق القمر». وأسباب النزول للواحدي : ٤٦٢ ، وتفسير ابن كثير : (٧/ ٤٤٧ - ٤٥٠). (٥) ذكره الماوردي في تفسيره : ٤/ ١٣٥ ، والقرطبي في تفسيره : ١٧/ ١٢٦. والذي ورد في الصحيح أن أهل مكة هم الذين سألوا وطلبوا أن يريهم آية ، فكانت هذه المعجزة العظيمة. وقال ابن مسعود «١» : رأيت شقة من القمر على أبي قبيس «٢» وشقة على السّويداء «٣». فقالوا : سحر القمر. ولا يقال : لو انشق لما خفي على أهل الأقطار لجواز أن يحجبه اللّه عنهم بغيم. ٢سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ : من السّماء إلى الأرض «٤». وقيل «٥» : شديد محكم. استمرّ الأمر : استحكم ، وأمّره : أحكمه «٦». ٣وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ : أي للجزاء «٧». ___________ (١) أخرج الحاكم هذا القول عن ابن مسعود في المستدرك : ٢/ ٤٧١ ، كتاب التفسير : «سورة القمر» وقال : «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ...» ، ووافقه الذهبي. وأخرجه - أيضا - البيهقي في الدلائل : ٢/ ٢٦٥. وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧/ ٦٧٠ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي اللّه عنه. وأخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود أنه قال : «انشق القمر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرقتين ، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : اشهدوا». صحيح البخاري : ٦/ ٥٢ ، كتاب التفسير ، «تفسير سورة اقتربت الساعة». وصحيح مسلم : ٤/ ٢١٥٨ ، كتاب صفة القيامة والجنة والنار ، باب «انشقاق القمر». (٢) أبو قبيس : جبل معروف بمكة المكرمة. معجم البلدان : (١/ ٨٠ ، ٨١). (٣) السّويداء : موضع بمكة المكرمة تلى الخندمة ، والخندمة : بفتح الخاء المعجمة - أحد جبال مكة يطل على أبي قبيس من جهة الشرق. ينظر أخبار مكة للفاكهي : ٤/ ٤٧ ، والروض المعطار : (٢٢٢ ، ٢٢٣). [.....] (٤) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره : ٤/ ١٣٥ عن مجاهد. وذكره القرطبي في تفسيره : ١٧/ ١٢٨ ، وأبو حيان في البحر المحيط : ٨/ ١٧٤ دون عزو. (٥) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢/ ٢٤٠ ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٤٣١ ، ونقله القرطبي في تفسيره : ١٧/ ١٢٧ عن أبي العالية ، والضحاك. (٦) تفسير البغوي : ٤/ ٢٥٨ ، واللسان : ٥/ ١٦٩ (مرر). (٧) معاني القرآن للزجاج : ٥/ ٨٥ ، وتفسير الماوردي : ٤/ ١٣٦ ، وتفسير البغوي : ٤/ ٢٥٨ ، وزاد المسير : ٨/ ٨٩. ٥حِكْمَةٌ بالِغَةٌ : نهاية الصّواب. ٤مُزْدَجَرٌ : منتهى «١» ، مفتعل من «الزّجر» ، أبدلت التاء دالا لتؤاخي الزاي بالجهر «٢». و«النكر» : «٣» ما تنكره النّفس. صفة ك «جنب». ٧خاشعا «٤» أبصارهم : لم يجمع خاشعا وأجرى مجرى الفعل أن «٥» تخشع «٦» أبصارهم ، ووصف الأبصار بالخشوع لأنّ ذلة الذليل وعزّة العزيز في نظره. ٨مُهْطِعِينَ : مسرعين «٧» ، وقيل «٨» : ناظرين لا يقلعون البصر. ١٢فَالْتَقَى الْماءُ : التقى المياه ، إذ الجنس كالجمع. أو التقى ماء السماء ، وماء الأرض «٩». وكانت السّفينة تجري بينهما. عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ : في أمّ الكتاب ، وهو إهلاكهم. ___________ (١) ينظر معاني القرآن للفراء : ٣/ ١٠٤ ، وتفسير الطبري : ٢٧/ ٨٩ ، ومعاني الزجاج : ٥/ ٨٥. (٢) عن معاني القرآن للزجاج : ٥/ ٨٥ ، وانظر إعراب القرآن للنحاس : ٤/ ٢٨٦ ، وتفسير القرطبي : ١٧/ ١٢٨. (٣) من قوله تعالى : فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ : آية : ٦. (٤) ينظر التبيان للعكبري : ٢/ ١١٩٢ ، والبحر المحيط : ٨/ ١٧٥. (٥) هذه قراءة حمزة ، والكسائي ، وأبي عمرو ، كما السبعة لابن مجاهد : ٦١٨ ، والتبصرة لمكي : ٣٤٠ ، والتيسير للداني : ٢٠٥. (٦) في «ك» و«ج» : أي تخشع. (٧) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢/ ٢٤٠ ، واختاره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢٣٣ ، وذكره مكي في تفسير المشكل : ٣٢٩. (٨) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج : ٥/ ٨٦. وانظر معاني الفراء : ٣/ ١٠٦ ، وتفسير الطبري : ٢٧/ ٩١. (٩) ينظر هذا القول في معاني القرآن للفراء : ٣/ ١٠٦ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢/ ٢٤٠ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٤٣٢ ، وتفسير الطبري : ٢٧/ ٩٢ ، ومعاني الزجاج : ٥/ ٨٧ ، وتفسير البغوي : ٤/ ٢٦٠. وفي الحديث «١» : «خلقت الأقوات قبل الأجساد وخلق القدر قبل البلاء». ١٣وَدُسُرٍ : المسامير التي تدسر بها السّفن وتشدّ ، واحدها دسار «٢». ١٤تَجْرِي بِأَعْيُنِنا : بمرأى منا «٣». أو بوحينا وأمرنا «٤». جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ : جزاء لهم لكفرهم بنوح عليه السلام. أو فعلنا ذلك جزاء لنوح فنجيناه ومن معه وأغرقنا المكذّبين جزاء لما صنع به. ١٥فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ : طالب علم فيعان عليه ، وهو «مذتكر» مفتعل من الذكر فأدغم «٥». ١٩يَوْمِ نَحْسٍ : يوم ريح النحس الدّبور. مُسْتَمِرٍّ : دائم الهبوب. [٣٩/ ب ] ٢٠ تَنْزِعُ النَّاسَ : تقلعهم من حفر حفروها للامتناع/ من الريح ، ثم ترمي بهم على رؤوسهم فيدقّ رقابهم. كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ : أصولها التي قطعت فروعها «٦». ___________ (١) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٧/ ٩٣ عن محمد بن كعب القرظي بلفظ : «كانت الأقوات قبل الأجساد ، وكان القدر قبل البلاء». وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٧/ ٦٧٥ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر عن محمد بن كعب رحمه اللّه تعالى. [.....] (٢) ينظر معاني الفراء : ٣/ ١٠٦ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢/ ٢٤٠ ، والمفردات : ١٦٩ ، واللسان : ٤/ ٢٨٥ (دسر). (٣) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٤٣٢ ، واختاره الطبري في تفسيره : ٢٧/ ٩٤ ، وانظر تفسير البغوي : ٤/ ٢٦٠ ، وزاد المسير : ٨/ ٩٣ ، والبحر المحيط : ٨/ ١٧٨. (٤) نقله الماوردي في تفسيره : ٤/ ١٣٧ عن الضحاك ، وعزاه البغوي في تفسيره : ٤/ ٢٦٠ إلى سفيان. (٥) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢/ ٢٤٠ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٤٣٢ ، وتفسير الطبري : (٢٧/ ٩٥ ، ٩٦) ، ومعاني الزجاج : ٥/ ٨٨. (٦) معاني القرآن للفراء : ٣/ ١٠٨ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢/ ٢٤١ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٤٣٣ ، وتفسير الطبري : ٢٧/ ٩٩. مُنْقَعِرٍ : منقلع عن مكانه ، و«كأنّ» في موضع الحال ، أي : تنزعهم مشبهين بالنخل المقلوع من أصله «١». ٢٢وَلَقَدْ يَسَّرْنَا : أعيد ذكر [التيسير] «٢» ليتبين عن أنه يسّر بهذا الوجه من الوعظ كما يسّر بالوجه الأول. أو يسّر بحسن التأليف للحفظ كما يسّر بحسن البيان للفهم. ٢٤ضَلالٍ وَسُعُرٍ : أي تركنا دين آبائنا. أو التغير به كدخول النّار التي تنذرنا بها «٣». وقيل «سعر» : جنون ناقة مسعورة «٤». ٢٩فَنادَوْا صاحِبَهُمْ : نادى مصدع بن زهير «٥» قدار «٦» بن سالف بعد ما رماه مصدع سهمه «٧» [فعقرها قدار] «٨». ___________ (١) عن معاني القرآن للزجاج : ٥/ ٨٩. وانظر إعراب القرآن للنحاس : (٤/ ٢٩١ ، ٢٩٢) ، والتبيان للعكبري : ٢/ ١١٩٤ ، وتفسير القرطبي : ١٧/ ١٣٧. (٢) في الأصل : «اليسير» ، والمثبت في النص عن هامش الأصل الذي أشار ناسخه إلى وروده في نسخة أخرى. (٣) ذكره الماوردي في تفسيره : ٤/ ١٣٩. (٤) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٤٣٣ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٥/ ٨٩ ، والبحر المحيط : ٨/ ١٨٠ ، واللسان : ٤/ ٣٦٦ (سعر). (٥) في المحبّر لابن حبيب : ٣٥٧ «مصدع بن دهر» ، وفي المعارف لابن قتيبة : ٢٩ ، والبداية والنهاية : ١/ ١٢٧ : «مصرع بن مهرج». قال ابن قتيبة : «كان رجلا نحيفا طويلا أهوج مضطربا». (٦) قدار بن سالف : هو عاقر الناقة في ثمود ، وكان رجلا قويا في قومه. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : ٨/ ٤٣٧ : «كان هذا الرجل عزيزا فيهم ، شريفا في قومه ، نسيبا رئيسا مطاعا. وانظر المعارف لابن قتيبة : ٢٩ ، والبداية والنهاية : ١/ ١٢٧. (٧) في «ك» : بسهمه. (٨) ما بين معقوفين عن نسخة «ج». ٣١الْمُحْتَظِرِ : المبتني الحظيرة التي يجمع فيها الهشيم «١» ، و«الهشيم» : حطام العشب إذا يبس «٢» ، ومثله الدّرين والثّنّ «٣». الحاصب «٤» : السحاب حصبهم بالحجارة «٥». وآل لوط : ابنتاه زعورا وريثا «٦». ٣٧وَنُذُرِ : هو الإنذار. ك [النكر] «٧». أو جمع «نذير» «٨». ٤٤أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ : أي : يدلّون بكثرتهم «٩». ٤٥سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ : أي : يوم بدر «١٠» ، وهذا من آياته صلى اللّه عليه وسلم. ___________ (١) تفسير غريب القرآن : ٤٣٤. [.....] (٢) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢/ ٢٤١ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٤٣٤ ، وتفسير المشكل لمكي : ٣٣٠ ، والمفردات للراغب : ٥٤٣ ، واللسان : ١٢/ ٦١٢ (هشم). (٣) الدّرين : يبيس الحشيش وكل حطام من حمض أو شجر. والتّنّ : اليابس من العيدان. ينظر اللسان (١٣/ ٨٣ ، ١٥٣) (ثنن ، درن). (٤) من قوله تعالى : إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ آية : ٣٤. (٥) ذكر الماوردي هذا القول في تفسيره : ٤/ ١٤١ دون عزو. (٦) جاء في هامش الأصل : «الصحيح «ربثا» بالباء المنقوط بواحدة من تحت» ونقل ابن الجوزي في زاد المسير : ٤/ ١٤١ عن مقاتل أن اسميهما : ريثا وزعرثا ، وعن السدي : رية وعروبة. (٧) في الأصل : النكير ، والمثبت في النص عن «ج». (٨) ينظر المفردات للراغب : ٤٨٧ ، وتفسير القرطبي : ١٧/ ١٢٩ ، والبحر المحيط : ٨/ ١٨٢. (٩) عن معاني القرآن للزجاج : ٥/ ٩١. (١٠) يدل عليه ما أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال وهو في قبة يوم بدر : اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك ، اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم ، فأخذ أبو بكر بيده فقال : حسبك يا رسول اللّه ألححت على ربك وهو يثب في الدرع فخرج وهو يقول : (سيهزم الجمع ويولون الدّبر) اه - . صحيح البخاري : ٦/ ٥٤ ، كتاب التفسير ، تفسير سورة اقتربت الساعة. وعدّ المؤلف - رحمه اللّه - هذه الآية من معجزات النبي صلى اللّه عليه وسلم لأن هذه السورة مكية ونزلت قبل وقعة بدر بسنين عديدة. ٤٨ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ : هو كقولك : وجدت مسّ الحمّى «١». ٤٩خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ : قدّر اللّه لكل خلق قدره الذي ينبغي له. ٥٠وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ : مرة واحدة. أو كلمة واحدة. أو إرادة واحدة «٢». ٥٤وَنَهَرٍ : سعة العيش «٣». أو وضع موضع «أنهار» على مذهب الجنس. ___________ (١) تفسير الطبري : ٢٧/ ١١٠. (٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ٣/ ١١٠ ، وزاد المسير : ٨/ ١٠٢ ، وتفسير القرطبي : ١٧/ ١٤٩. (٣) نقل الماوردي هذا القول في تفسيره : ٤/ ١٤٣ عن قطرب. وذكر نحوه البغوي في تفسيره : ٤/ ٢٦٦ عن الضحاك. |
﴿ ٠ ﴾