سورة الحديدبضبائر «١» الرّيحان من الجنّة فيجعل روحه فيها». ١سَبَّحَ لِلَّهِ تسبيح ما لا يعقل تنزيه اللّه بما فيه من الآيات «٢». ٣هُوَ الْأَوَّلُ قبل كل شيء ، وَالْآخِرُ بعد كل شيء ، الظاهر بأدلته ، الباطن عن إحساس خلقه. ٤ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ بالاستيلاء على التدبير «٣» من جهته ليتصوّر العبد منشأ التدبير من أعلى مكان. ١٠وَلِلَّهِ مِيراثُ : أي فيم «٤» لا تنفقون وأنتم ميّتون وتاركون «٥»؟!. لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ : لما نالهم من كثرة المشاق ، ولأنّ بصائرهم كانت أنفذ ، وما أنفقوا كان أعظم غناء وأنفع. ١٢يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ : نور أعمالهم المقبولة «٦» ، أو نور الإيمان. وَبِأَيْمانِهِمْ : وهو نور آخر بما أنفقته أيمانهم «٧». ١٣قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ إذ لم يتقدّم بكم الإيمان. ___________ (١) الضبائر : الجماعات في تفرقة ، واحدتها ضبارة. النهاية : ٣/ ٧١. (٢) في «ك» : لما فيه من الآيات ، والأولى إجراء الآية على ظاهرها وإثبات التسبيح للجمادات الذي أثبته القرآن ، وقد تقدم بيان ذلك ص ٤٥٣. [.....] (٣) تقدم التعليق على تأويل المؤلف لمثل هذه ص ٧٩. (٤) في «ك» : «ففيم لا تنفقون». (٥) ينظر تفسير البغوي : ٤/ ٢٩٤ ، وزاد المسير : ٤/ ١٦٣ ، وتفسير القرطبي : ١٧/ ٢٣٩. (٦) ذكر نحوه الماوردي في تفسيره : ٤/ ١٨٧. (٧) المصدر السابق. فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ وهو الأعراف «١». ١٤فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ : أهلكتم وأضللتم «٢». وَتَرَبَّصْتُمْ : قلتم : نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ «٣». ١٥هِيَ مَوْلاكُمْ : أولى بكم. ١٦أَلَمْ يَأْنِ أنى يأني وآن يئين : حان «٤». ١٨إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ : أي الذين تصدقوا وأقرضوا بتلك الصدقة. ٢٠أَعْجَبَ الْكُفَّارَ : الزّراع «٥» ، ويجوز الكافرين لأنّ الدنيا أمسّ «٦» لهم وأعجب عندهم «٧». ٢٢مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها : نخلقها «٨». ولما حمل سعيد بن جبير إلى الحجاج بكى بعض أصحابه فسلّاه سعيد بهذه الآية «٩». ___________ (١) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٧/ ٢٢٥ عن مجاهد ، وابن زيد. ونقله ابن الجوزي في زاد المسير : ٨/ ١٦٦ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. واختاره الطبري في تفسيره : ١٢/ ٤٤٩ ، وصححه الحافظ ابن كثير في تفسيره : ٨/ ٤٣. (٢) تفسير البغوي : ٤/ ٢٩٦ ، وتفسير القرطبي : ١٧/ ٢٤٦. (٣) من آية : ٣٠ سورة الطور. (٤) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٤٥٣ ، ومعاني القرآن للزجاج : ٥/ ١٢٥ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٤/ ٣٥٩. (٥) هذا قول ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٤٥٤ ، وقال أيضا : «يقال للزارع : كافر لأنه إذا ألقى البذر في الأرض : كفره ، أي : غطاه». وانظر هذا القول في إعراب القرآن للنحاس : ٤/ ٣٦٢ ، وتفسير البغوي : ٤/ ٢٩٨ ، وزاد المسير : ٨/ ١٧١. (٦) في «ج» : أفتن بهم. (٧) ذكره الزجاج في معانيه : ٥/ ١٢٧. (٨) معاني القرآن للفراء : ٣/ ١٣٦ ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢/ ٢٥٤ ، وتفسير الطبري : ٢٧/ ٢٣٣ ، ومعاني الزجاج : ٥/ ١٢٨ ، واللسان : ١/ ٣١ (برأ). (٩) ورد هذا المعنى في أثر أورده السيوطي في الدر المنثور : ٨/ ٦٣ ، وعزا إخراجه إلى ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن أبي صالح. وانظر تفسير القرطبي : (١٧/ ٢٥٧ ، ٢٥٨). [.....] ٢٣لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ أي : أعلمناكم بذلك لتتسلّوا عن الدنيا إذا علمتم/ أن ما ينالكم في كتاب قد سبق لا سبيل إلى تغييره. [٩٧/ أ] قال ابن مسعود «١» : «لجمرة على لساني تحرقه جزءا جزءا أحبّ إليّ من أن أقول لشيء كتبه اللّه : ليته لم يكن». ٢٧وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها : رفض النساء ، واتخاذ الصوامع «٢». وقيل «٣» : الانقطاع عن النّاس. ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ أي : ما كتبنا عليهم غير ابتغاء رضوان اللّه ، فيكون بدلا من «ها» «٤» الذي يشتمل عليه المعنى. ٢٨كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ : نصيبين «٥» لإيمانهم بالرسل الأولين ، ثم لإيمانهم بخاتم النّبيّين. ٢٩لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ : لئلا يظن ، كما جاء الظن في مواضع بمعنى العلم «٦». ___________ (١) لم أقف على هذا القول ، وذكره المؤلف - رحمه اللّه - في كتابه وضح البرهان : ٢/ ٣٨٥. وانظر نحوه في المعجم الكبير للطبراني : ٩/ ٢٧٣. (٢) نص هذا القول في تفسير الماوردي : ٤/ ١٩٥ عن قتادة ، وكذا في تفسير القرطبي : ١٧/ ٢٦٣. (٣) ذكره الماوردي في تفسيره : ٤/ ١٩٥ دون عزو. (٤) في قوله تعالى : كَتَبْناها ، ينظر إعراب هذه الآية في معاني الزجاج : ٥/ ١٣٠ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٤/ ٣٦٨ ، ومشكل إعراب القرآن لمكي : ٢/ ٧٢٠. (٥) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢/ ٢٥٤ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٤٥٥ ، ومعاني الزجاج : ٥/ ١٣١. قال الزجاج : «و إنما اشتقاقه من اللغة من «الكفل» ، وهو كساء يجعله الراكب تحته إذا ارتدف لئلا يسقط ، فتأويله : يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي». (٦) مثّل الدامغاني له في كتابه الوجوه والنظائر : ٣١١ بقوله تعالى : وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ. |
﴿ ٠ ﴾