سورة الحشر

٢

هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا : يهود بني النّضير ، أجلاهم النّبيّ - عليه السّلام - من الحجاز إلى أذرعات «١» من الشّام بعد ما حاصرهم ثلاثا وعشرين يوما «٢».

لِأَوَّلِ الْحَشْرِ اجلوا إلى الشّام وهو أول حشر ، ثم يحشر الخلق إلى الشّام أيضا «٣».

[٩٧/ ب ] وقال النبيّ «٤» صلى اللّه عليه وسلم : «هو أول/ الحشر ونحن على الأثر».

___________

(١) أذرعات : بفتح الهمزة ، وسكون الذال ، وكسر الراء : موضع في أطراف الشام بالقرب من عمّان.

معجم البلدان : ١/ ١٣٠ ، والروض المعطار : ١٩.

(٢) عن تفسير الماوردي : ٤/ ٢٠٦.

وانظر خبر بني النضير في السيرة لابن هشام : ٢/ ١٩٠ ، وتفسير الطبري : (٢٨/ ٢٧ ، ٢٨) ، وأسباب النزول للواحدي : (٤٧٩ ، ٤٨٠) ، وتفسير ابن كثير : ٨/ ٨٣ ، وفتح الباري :(٧/ ٣٨٤ - ٣٨٨).

(٣) ورد هذا المعنى في أثر أورده السيوطي في الدر المنثور : ٨/ ٨٩ ، وعزا إخراجه إلى البزار ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في «البعث» عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما قال : «من شك أن المحشر بالشام فليقرأ هذا الآية : هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ قال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يومئذ : أخرجوا ، قالوا : إلى أين؟ قال : إلى أرض المحشر» اه - .

وانظر تفسير البغوي : ٤/ ٣١٤ ، وتفسير ابن كثير : ٨/ ٨١.

(٤) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٨/ ٢٩ عن الحسن مرفوعا بلفظ : «امضوا فهذا أول الحشر ، وإنا على الأثر».

وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٨/ ٨٩ ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الحسن ورفعه.

و«الحشر» : الجمع «١».

يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ : المؤمنون يخربون حصونهم «٢» ، وهم «يخرّبون» بيوتهم ليسدّوا بها خراب الحصون.

٣

لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا : بالسّبي والقتل كما فعل ببني قريظة «٣».

٥

مِنْ لِينَةٍ : اللّينة ما خلا العجوة من النّخل»

وقيل «٥» : هي الفسيل للينها.

وقال الأخفش «٦» : هو من اللّون لا من اللّين ، وكانت لونة فقلبت ياء لانكسار ما قبلها كالريح ، واختلاف الألوان فيها ظاهر لأنها أوّل حالها بيضاء كصدف ملئ درّا منضّدا ثم غبراء ثم خضراء كأنها قطع زبرجد خلق فيها الماء ، ثم حمراء [كيواقيت ] «٧» رصّ بعضها ببعض ، ثم صفراء كأنها شذر عقيان «٨» ، وكذلك إذا بلغ الأرطاب نصفها سمّيت «مجزّعة» لاختلاف لونيها كأنها الجزع الظفاريّ «٩».

___________

(١) في «ج» : الجمع بكرة.

وانظر تفسير القرطبي : ١٨/ ٢ ، واللسان : ٤/ ١٩٠ (حشر).

(٢) في «ج» بيوتهم.

(٣) ينظر هذا المعنى في تفسير الطبري : ٢٨/ ٣١ ، وتفسير الماوردي : ٤/ ٢٠٨ ، وتفسير البغوي : ٤/ ٣١٥ ، وزاد المسير : ٨/ ٢٠٦.

(٤) ذكره الفراء في معانيه : ٣/ ١٤٤ ، وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره : (٢٨/ ٣٢ ، ٣٣) عن ابن عباس ، وعكرمة ، وقتادة.

وانظر غريب القرآن لليزيدي : ٣٧٣ ، وتفسير القرطبي : ١٨/ ٩.

(٥) ذكره الماوردي في تفسيره : ٤/ ٢٠٩ دون عزو ، وكذا القرطبي في تفسيره : ١٨/ ٩.

(٦) في معاني القرآن له : ٢/ ٧٠٦ ، ونص كلامه : وهي من اللّون في الجماعة ، وواحدته «لينة» ، وهو ضرب من النخل ، ولكن لما انكسر ما قبلها انقلبت إلى الياء».

وأورد الطبري في تفسيره : ٢٨/ ٣٤ قول الأخفش ، ثم قال : «و كان بعضهم ينكر هذا القول ويقول : لو كان كما قال لجمعوه : «اللوان» لا «الليان» ...». [.....]

(٧) في الأصل : «كياقوت» ، والمثبت في النص عن «ك».

(٨) العقيان : الذهب.

(٩) الجزع : بفتح الجيم وسكون الزاي : الخرز اليماني ، الواحدة جزعة.

النهاية : ١/ ٢٦٩.

و«الظفاري» منسوب إلى «ظفار» موضع باليمن قرب صنعاء.

معجم البلدان : ٤/ ٦٠.

أَوْجَفْتُمْ وجف الفرس وجيفا : أسرع «١» ، وأوجفته.

نزلت في مال بني النّضير ، أي : الفيء الذي يكون من غير «٢» قتال للرسول صلى اللّه عليه وسلم يضعه حيث وضعه أصلح ، فوضعه في المهاجرين ، وأما القرى والنّخيل فكان يوزع «٣» لقوت أهله وكانت [صدقاته ] «٤» منها ، ومن أموال مخيريق «٥» سبعة حوائط «٦» أحدها [مشربة] «٧» أمّ إبراهيم مارية ، وكان عليه السّلام يصير إليها هناك.

٧

كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً : الدّولة في الحرب ، وبالضّم «٨» فيما يتداوله الناس من متاع الدنيا «٩».

___________

(١) ينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٤٦٠ ، ومعاني الزجاج : ٥/ ١٤٥ ، وتفسير القرطبي : ١٨/ ١٠ ، واللسان : ٩/ ٣٥٢ (وجف).

(٢) تفسير الطبري : ٢٨/ ٣٥.

(٣) في «ك» : «يزرع».

(٤) هو مخيريق النّضري الإسرائيلي ، استشهد يوم أحد.

السيرة لابن هشام : (٢/ ٨٨ ، ٨٩) ، والإصابة : (٦/ ٥٧ ، ٥٨).

(٥) في الأصل «صداق مارية منها» ، والمثبت في النص عن «ج» ، «ك».

(٦) جمع «حائط» ، وهو البستان.

(٧) في الأصل «مشرفة» ، وفي «ك» «مشرقة» ، والمثبت في النص هو الصواب.

ينظر الروض الأنف للسهيلي : ٣/ ١٨٠ ، وتخريج الدلالات السمعية : ٥٦٤.

قال السهيلي : وإنما سميت مشربة أم إبراهيم ، لأنها كانت تسكنها. والمشربة : بفتح الميم وضم الراء : الغرفة ، وفتح الراء لغة فيها.

اللسان : ١/ ٤٩١ (شرب).

(٨) هذه قراءة أبي جعفر من القراء العشرة.

ينظر النشر لابن الجزري : ٣/ ٢٢١ ، وإتحاف فضلاء البشر : ٢/ ٥٣٠.

(٩) ينظر المفردات للراغب : ١٧٤ ، وتفسير القرطبي : ١٨/ ١٦ ، والبحر المحيط : ٨/ ٢٤٥ ، واللسان : ١١/ ٢٥٢ (دول).

٩

وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ : المدينة دار الهجرة «١».

وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي : تمكنوا في الإيمان واستقرّ في قلوبهم وجمعوه إلى سكنى الدار وهم الأنصار بالمدينة.

وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا أي : حسدا على إيثار المهاجرين بمال بني النّضير «٢».

وأصل الخصاصة «٣» : الخلل والفرجة «٤» ، وخصاص الأصابع الفرج التي بينها.

وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ قال عليه السّلام «٥» : «وقى الشّحّ من أدى الزكاة وقرى الضّيف ، وأعطى في النائبة».

١٠

وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ أي : من بعد انقطاع الهجرة وإيمان الأنصار «٦».

١٤

تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى اجتمعوا على عداوتكم ومع ذلك اختلفت قلوبهم لاختلاف/ أديانهم. [٩٨/ أ]

___________

(١) تفسير الطبري : ٢٨/ ٤١ ، وتفسير البغوي : ٤/ ٣١٩ ، وتفسير القرطبي : ١٨/ ٢٠.

(٢) ينظر تفسير الطبري : ٢٨/ ٤١ ، وتفسير الماوردي : ٤/ ٢١٢ ، وزاد المسير : ٨/ ٢١٢ ، وتفسير ابن كثير : ٨/ ٩٦. [.....]

(٣) من قوله تعالى : وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [آية : ٩].

(٤) تفسير الطبري : ٢٨/ ٤٢ ، والمفردات للراغب : ١٤٩ ، والكشاف : ٤/ ٨٤ ، واللسان : ٧/ ٢٥ (خصص).

(٥) أخرجه الطبري في تفسيره : ٢٨/ ٤٤ عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه مرفوعا.

وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ٤/ ١٨٨ (حديث رقم ٤٠٩٦) عن خالد بن زيد الأنصاري مرفوعا.

وأورده السيوطي في الدر المنثور : (٨/ ١٠٩ ، ١١٠) ، وزاد نسبته إلى ابن مردويه عن أنس مرفوعا.

(٦) تفسير البغوي : ٤/ ٣٢٠ ، وزاد المسير : ٨/ ٢١٦ ، وتفسير الفخر الرازي : ٢٩/ ٢٨٩ ، وتفسير القرطبي : ١٨/ ٣١.

١٥

كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ : أهل بدر «١».

١٩

نَسُوا اللَّهَ : تركوا أداء حقّه.

فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ : بحرمان حظوظهم «٢». أو بخذلانهم حتى تركوا طاعته.

٢١

لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ أي : أنزلناه على جبل ، والجبل ممّا يتصدّع خشية لتصدّع مع صلابته فكيف وقد أوضح هذا التأويل بقوله : وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها.

٢٣

الْقُدُّوسُ : الطاهر المنزّه عن أن يكون له ولد «٣» ، أو يكون في حكمه ما ليس بعدل.

والسّلام : ذو السّلام على عباده. أو الباقي ، والسلامة : البقاء ، والصفة منها للعبد : السّالم وللّه السّلام «٤».

الْمُؤْمِنُ : المصدق وعده. أو المؤمن من عذابه من أطاعه «٥».

___________

(١) من المشركين ، كما في تفسير الطبري : ٢٨/ ٤٨ عن مجاهد.

وقيل : هم يهود بن قينقاع ، أخرجه الطبري عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما.

قال الطبري - رحمه اللّه - : «و أولى الأقوال بالصواب أن يقال : إن اللّه عزّ وجلّ مثّل هؤلاء الكفار من أهل الكتاب مما هو مذيقهم من نكاله بالذين من قبلهم من مكذبي رسوله صلى اللّه عليه وسلم ، الذين أهلكهم بسخطه ، وأمر بني قينقاع ووقعة بدر كانا قبل جلاء بني النضير ، وكل أولئك قد ذاقوا وبال أمرهم ، ولم يخصص اللّه عزّ وجلّ منهم بعضا في تمثيل هؤلاء بهم دون بعض ، وكل ذائق وبال أمره ، فمن قربت مدته منهم قبلهم ، فهم ممثلون بهم فيما عنوا به من المثل».

(٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٢٨/ ٥٢ عن سفيان.

وذكره البغوي في تفسيره : ٤/ ٣٢٦ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٨/ ٢٢٤ ، وأبو حيان في البحر المحيط : ٨/ ٢٥١.

(٣) زاد المسير : ٨/ ٢٢٥ عن الخطابي.

(٤) ذكره الماوردي في تفسيره : ٤/ ٢١٩.

(٥) ينظر تفسير الماوردي : ٤/ ٢١٩ ، وزاد المسير : ٨/ ٢٢٥.

﴿ ٠