٧

{خَتَمَ اللّه} : أي طبع {عَلَى قُلُوبِهِمْ} والختم والطبع بمعنى واحد وهما التغطية للشيء (والاستيثاق) من أن يدخله شيء آخر.

فمعنى الآية : طبع اللّه على قلوبهم وأغلقها وأقفلها فليست تعي خبراً ولا تفهمه. يدل عليه قوله : {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ} .

وقال بعضهم : معنى الطبع والختم : حكم اللّه عليهم بالكفر والشقاوة كما يُقال للرجل : ختمت عليك أن لا تفلح أبداً.

{وَعَلَى سَمْعِهِمْ} : فلا يسمعون الحق ولا ينتفعون به،

وإنما وحّده لأنه مصدر،

والمصادر لا تُثنّى ولا تجمع،

وقيل : أراد سمع كل واحد منهم كما يُقال : آتني برأس كبشين،

أراد برأس كل واحد منهما،

قال الشاعر :

كلوا في نصف بطنكم تعيشوا

فإن زمانكم زمن خميص

وقال سيبويه : توحيد السمع يدل على الجمع لأنه لا توحيد جمعين كقوله تعالى : {يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} يعني الأنوار.

قال الراعي :

بها جيف الحسري فأما عظامها

فبيض وأما جلدها فصليب

وقرأ ابن عبلة : وعلى أسماعهم،

وتم الكلام عند قوله {وَعَلَى سَمْعِهِمْ} .

ثم قال : {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} : أي غطاء وحجاب،

فلا يرون الحق،

ومنه غاشية السرج،

وقرأ المفضل بن محمد الضبي : {غِشَاوَةٌ} بالنصب كأنّه أضمر له فعلا أو جملة على الختم : أي وختم على أبصارهم غشاوة. يدل عليه قوله تعالى : {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} .

وقرأ الحسن : {غِشَاوَةٌ} بضم الغين،

وقرأ الخدري : {غِشَاوَةٌ} بفتح الغين،

وقرأ أصحاب عبداللّه : غشوة بفتح الغين من غير ألف.

{وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} : القتل والأسر في الدنيا،

والعذاب الأليم في العقبى،

والعذاب كلّ ما يعنّي الإنسان ويشقّ عليه،

ومنه : عذّبه السواط ما فيها من وجود الألم،

وقال الخليل : العذاب ما يمنع الانسان من مراده،

ومنه : الماء العذب لأنه يمنع من العطش،

ثم نزلت في المنافقين : عبداللّه بن أُبي بن سلول الخزرجي،

ومعتب بن بشر،

وجدّ بن قيس وأصحابهم حين قالوا : تعالوا إلى خلة نسلم بها من محمد وأصحابه ونكون مع ذلك مستمسكين بديننا،

فأجمعوا على أن يقرّوا كلمة الإيمان بألسنتهم واعتقدوا خلافها وأكثرهم من اليهود.

﴿ ٧