٢٥
{وَبَشِّرِ}
أي وأخبر.
{الَّذِينَ
ءَامَنُوا} وأصل التبشير : إيصال الخبر السار على
(مسامع الناس) ويستبشر به،
وأصله من البشرة؛ لأنّ الإنسان
إذا فرح بان ذلك في وجهه وبشرته،
ثمّ كثر حتى وضع موضع الخبر
فيما
(ساء وسرّ)
قال اللّه تعالى :
{فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} .
{وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ}
أي الخصال والفعلات
{الصَّالِحَاتِ} نعت لأسم مؤنث محذوف.
وقال عثمان بن عفان رضي اللّه
عنه في
{وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} : معناه أخلصوا الأعمال،
يدلّ عليه
قوله :
{فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا}
أي خالصاً لأن المنافق والمرائي لا يكون عمله خالصاً،
وقال : أقاموا الصلوات
المفروضات،
دليله
قوله تعالى :
{إِنَّ الَّذِينَ} .
{إِنَّا نُضِيعُ
أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} من المسلمين.
وقال ابن عباس : عملوا الصالحات
فيما بينهم وبين ربّهم،
وقال : العمل الصالح يكون
فيه أربعة أشياء : العلم،
والنية،
والصبر،
والاخلاص.
وقال سهل بن عبداللّه : لزموا
السنّة؛ لأنّ عمل المبتدع لا يكون صالحاً.
وقيل : أدّوا الأمانة،
يدل عليه
قوله :
{وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}
أي أميناً.
وقيل : تابوا،
ودليله
قوله تعالى :
{وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}
أي التائبين.
{أَنَّ لَهُمْ} : محل
(أن) نصب بنزع حرف الصّفة،
أي بأنّ لهم.
{جَنَّاتٍ} : في محل النصب فخفض لأنها جمع التأنيث،
وهي جمع الجنّة وهي البستان،
سمّيت جنّة لاجتنانها بالأشجار.
{تَجْرِى مِن
تَحْتِهَا الأنهار} :
أي من تحت شجرها
ومساكنها.
وقيل : بأمرهم،
كقوله :
(وهذه الأنهار تجري من تحتي أي بأمري.
والأنهار : جمع نهر،
سمّي نهراً لسعته
وضيائه ومنه النهار.
وأنشد أبو عبيدة :
ملكتُ بها كفّي
فأنهرتُ فتقها
يرى قائم من دونها
ما وراءها
أي وسعتها،
يصف طعنة.
وأراد بالأنهار
المياه على قرب الجوار لأن النهر لا يجري.
وقد جاء في الحديث :
(أنهار الجنّة تجري في غير إخدود).
{كُلَّمَآ} متى ما
{رُزِقُوا} أطعموا
{مِّنْهَآ} من الجنّة
{مِن
ثَمَرَةٍ} :
أي ثمره،
و
(من) صلة.
{رِّزْقًا} طعاماً.
{قَالُوا
هذا الَّذِى رُزِقْنَا} أُطعمنا
{مِن قَبْلِ} : طعامهما،
وقيل معناه : هذا الذي رزقنا من قبل،
أي وعدنا اللّه في الدنيا وهو قول عطاء،
و
(قبل) رفع على الغاية،
قال اللّه تعالى :
{للّه
الأمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} .
{وَأْتُوا} وجيئوا
{بِهِ} بالرزق.
قرأ هارون بن موسى :
(وأتوا) بفتح
الألف،
أراد أتاهم الخدم به.
{مُتَشَابِهًا} اختلفوا في معناه،
فقال ابن عباس ومجاهد والربيع
والسّدي : متشابهاً في الألوان،
مختلفاً في الطعوم.
الحسن وقتادة : متشابهاً في
الفضل ،
خياراً كلّه؛ لأنّ ثمار الدنيا
(تبقى) ويرذل
منها،
وإن ثمار الجنة لا يرذل منها
شيء.
محمد بن كعب وعلي بن زيد :
بمعنى يشبه ثمر الدنيا غير أنها أطيب.
وقال بعضهم : متشابهاً في الإسم مختلفاً في الطعم.
قال ابن عباس : ليس في الجنة
شيء ممّا في الدنيا غير الأسماء.
{وَلَهُمْ فِيهَآ} في الجنّات.
{أَزْوَاجٌ} نساء وجوار،
يعني الحور العين.
قال ثعلب : الزوج في اللغة :
المرأة والرجل،
والجمع والفرد،
والنوع واللون،
وجميعها أزواج.
{مُّطَهَّرَةٌ} من الغائط والبول والحيض والنفاس والمخاط والبصاق والقيء
والمني والولد وكل قذر ودنس.
وقال إبراهيم النخعي : في الجنة
جماع ما شئت ولا ولد.
وقيل : مطهّرة عن مساويء الأخلاق.
وقال يمان : مطهّرة من الأثم
والأذى.
قال النبي
(صلى اللّه عليه وسلم)
(إنّ أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتفلون ولا
يتغوّطون ولا يبولون ولا يتمخطون). قيل : فما بال
الطعام؟
قال :
(جشأ
ورشح تجري من أعرافهم كريح المسك يلهمون التسبيح والتهليل كما يلهمون النفس).
{وَهُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ} دائمون مقيمون لا يموتون فيها ولا يخرجون منها.
الحسن عن ابن عمر
قال : سُئل رسول
اللّه
(صلى اللّه عليه وسلم) عن الجنة : كيف هي؟
قال :
(من
يدخل الجنة يحيى ولا يموت وينعم ولا يبؤس ولا تبلى ثيابه ولا شبابه).
قيل : يا رسول اللّه كيف
بناؤها؟
قال :
(لبنة
من فضّة ولبنةٌ من ذهب،
بلاطها مسك أذفر،
وحصباؤها اللؤلؤ
والياقوت،
وترابها الزعفران).
وقال يحيى بن أبي كثير : إنّ
الحور العين لتُنادينّ أزواجهنّ بأصوات حسان،
فيقلن : طالما انتظرناكم،
نحن الراضيات الناعمات
الخالدات،
أنتم حبّنا ونحن حبّكم ليس
دونكم مقصد ولا وراءكم معذر.
وقال الحسن في هذه
الآية : هنّ
عجائزكم الغمض الرّمض العمش طُهّرن من قذرات الدنيا. |
﴿ ٢٥ ﴾