٢٦

{إنّ اللّه لا يستحي أن يضرب مثلا} هذه الآية نزلت في اليهود،

وذلك أنّ اللّه تعالى ذكر في كتابه العنكبوت والذباب فقال : {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّه لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا} الآية. وقال : {الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللّه أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ} الآية،

ضحكت اليهود وقالوا : ما هذا الكلام وماذا أراد اللّه بذكر هذه الأشياء الخبيثة في كتابه وما يشبه هذا كلام اللّه،

فأنزل اللّه تعالى : {إنّ اللّه لا يستحي أن يضرب مثلا} أي لا يترك ولا يمنعه الحياء أن يضرب مثلا أن تصف للحق شبهاً. {مَّا بَعُوضَةً} . (ما) صلة،

وبعوضة نصب يدلّ على المثل.

{فَمَا فَوْقَهَا} : ابن عباس يعني الذباب والعنكبوت. وقال أبو عبيدة : يعني فما دونها.

{فَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا} بمحمد والقرآن {فَيَعْلَمُونَ} يعني أنّ هذا المثل هو {أَنَّهُ الْحَقُّ} الصدق الصحيح. {مِن رَّبِّهِمْ} .

{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} بمحمد (صلى اللّه عليه وسلم) والقرآن. {فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ اللّه بِهذا مَثَلًا} : أي بهذا المثل. فلمّا حذف الألف واللام نصب على الحال والقطع والتمام،

كقوله : {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} .

فأجابهم اللّه تعالى فقال : أراد اللّه بهذا المثل {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا} من الكافرين ذلك أنهم ينكرونه ويكذّبونه {وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} من المؤمنين يعرفونه ويصدّقون.

{وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ} الكافرين،

وأصل الفسق : الخروج،

قال اللّه تعالى : {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} أي خرج. تقول العرب : فسقت الرّطبة عن القشر،

أي خرجت.

﴿ ٢٦