٣٥
{وقلنا يا آدم أسكن
أنت وزوجك الجنة} وذلك أن آدم ج كان في الجنّة
وحِشاً ولم يكن له من يُجالسه ويؤانسه،
فنام نومة فخلق اللّه تعالى
زوجته من قصيراه من شقّه الأيسر من غير أن يحسّ آدم بذلك ولا وجد له ألماً ولو ألم
من ذلك لما عطف رجلٌ على امرأة،
فلمّا هبّ آدم من نومه إذا هو
بحواء جالسة عند رأسه كأحسن ما خلق اللّه تعالى،
فقال لها : من أنت؟
قالت أنا زوجتك خلقني اللّه لك
لتسكن إليّ وأسكن إليك. فقالت الملائكة عند ذلك امتحاناً لعلم آدم : يا آدم ما
هذه؟
قال : امرأة،
قالوا : ما اسمها؟
قال : حوّاء،
قالوا : لمَ سمّيت حوّاء؟
قال : لأنها خلقت من حيّ،
قالوا : تحبّها يا آدم؟
قال : نعم،
فقالوا لحوّاء : أتحبّينه؟
قالت : لا، وفي قلبها أضعاف ما
في قلبه من حُبّه،
قالوا : فلو صدقت امرأة في حبّها لزوجها لصدقت حوّاء.
مسألة :
قالت القدرّية : إنّ الجنّة
التي أسكنها اللّه آدم وحوّاء لم تكن جنّة الخلد وإنما كان بستاناً من بساتين
الدنيا،
واحتجّوا بأن الجنة لا يكون
فيها إبتلاء وتكليف.
والجواب :
إنّا قد أجمعنا على أنّ أهل
الجنّة مأمورون فيها بالمعرفة ومكلّفون بذلك.
وجواب آخر : إنّ اللّه تعالى
قادر على الجمع بين الأضداد،
فأرى آدم المحنة في الجنّة وأرى
إبراهيم النعمة في النار لئلاّ يأمن العبد ربّه ولا يقنط من رحمته وليعلم أنّ له
أن يفعل ما يشاء.
واحتجّوا أيضاً بأنَّ من دخل
الجنة يستحيل الخروج منها،
قال اللّه تعالى :
{وما هم
عنها بمخرجين} .
والجواب عنه : إنّ من دخلها
للثواب لا يخرج منها أبداً،
وآدم لم يدخلها للثواب،
ألا ترى أنّ رضوان خازن الجنة
يدخلها ثم يخرج منها،
وإبليس أيضاً كان داخل الجنّة
وأُخرج منها.
{وَكُ مِنْهَا
رَغَدًا} واسعاً كثيراً.
{حَيْثُ
شِئْتُمَا} : كيف شئتما ومتى شئتما وأين شئتما.
{وَلا تَقْرَبَا
هَذِهِ الشَّجَرَةَ} قال بعض العلماء : وقع النهي
على جنس من الشجر.
وقال آخرون : بل وقع على شجرة مخصوصة واختلفوا فيها،
فقال علي بن أبي طالب
(كرم اللّه وجهه) : هي شجرة الكافور.
وقال قتادة : شجرة العلم وفيها
من كلّ شيء.
ومحمد بن كعب ومقاتل : هي
السنبلة.
وقيل : هي الحَبْلَة وهي الأصلة من أصول الكرم.
أبو روق عن الضحّاك : أنها شجرة
التين.
{فَتَكُونَا} فتصيرا
{مِنَ
الظَّالِمِينَ} لأنفسكما بالمعصية،
وأصل الظلم : وضع الشيء في غير
موضعه. |
﴿ ٣٥ ﴾