٤٩
{وَإِذْ
نَجَّيْنَاكُم}
يعني أسلافكم وآباءكم فأعتدّها منّة عليهم؛ لأنّهم نجوا بنجاتهم،
ومآثر الآباء مفاخر الأبناء.
وقوله :
{فَأَنجَيْنَاكُمْ} : أصله ألقيناكم على النّجاة وهو ما ارتفع واتّسع من الأرض
هذا،
هو الأصل،
ثم سمّي كلّ فائز ناجياً كأنّه
خرج من الضيق والشدة الى الرخاء والراحة.
وقرأ إبراهيم النخعي : وإذ
نجّيناكم على الواحد.
{مِّنْ ءَالِ
فِرْعَوْنَ} :
أي أشياعه وأتباعه وأسرته وعزّته وأهل دينه،
وأصله من الأول وهو الرجوع
كأنّه يؤول إليك،
وكان في الأصل همزتان فعّوضت من
إحداهما مدّ وتخفيف.
وفرعون : هو الوليد بن مصعب بن
الريّان،
وكان من العماليق.
{يَسُومُونَكُمْ
سُوءَ الْعَذَابِ}
يعني يكلّفونكم ويذيقونكم أشدّ العذاب وأسوأه،
وذلك أنّ فرعون جعل بني إسرائيل
خدماً وعبيداً وصنّفهم في أعمالهم. فصنف يبنون،
وصنف يحرثون ويزرعون،
وصنف يخدمون،
ومن لم يكن منهم في عمل من هذه
الأعمال فعليه الجزية.
{يُذَبِّحُونَ
أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ} .
وقرأ ابن محيصن : بالتخفيف فتح
الياء والباء من الذبح،
والتشديد على التكثير،
وذلك أنّ فرعون رأى في منامه
كأنّ ناراً أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقتها وأحرقت القبط
وتركت بني إسرائيل،
فهاله ذلك،
ودعا بالسحرة والكهنة وسألهم عن
رؤياه فقالوا : إنّه يولد
في بني إسرائيل غلام يكون على يده هلاكك وزوال ملكك وتبديل دينك،
فأمر فرعون بقتل كلّ غلام يولد
في بني إسرائيل،
وجمع القوابل من أهل مملكته
فقال لهنّ : لا يسقطنّ على أيديكنّ غلام من بني إسرائيل إلاّ قتل ولا جارية إلاّ
تركت،
ووكّل بهنّ من يفعلن ذلك،
وأسرع الموت في مشيخة بني
إسرائيل فدخل رؤوس القبط على فرعون فقالوا له : إنّ الموت قد وقع في بني إسرائيل
وأنت تذبح صغارهم
(ويموت كبارهم،
فيوشك أن يقع العمل
علينا،
فأمر فرعون أن
يذبحوا سنة ويتركوا سنة فولد هارون في السنة التي لا يذبحون فيها فترك،
وولد موسى في السنة
التي يذبحون فيها).
{وَفِى ذَالِكُم بَءٌ
مِّن رَّبِّكُمْ} في إنجائكم منهم نعمة عظيمة،
والبلاء تنصرف على وجهين :
النعماء والنقماء
(...........). |
﴿ ٤٩ ﴾