٢٦٥{ومثل الذين يُنفقون أموالهم ابتغاء مرضاة اللّه} طلب رضا اللّه {وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ} قال الشعبي والكلبي والضحاك : يعني تصديقاً من أنفسهم يخرجون الزكاة طيبة بها أنفسهم يعلمون أن ما أخرجوا خيراً لهم ممّا تركوا. السدي وأبو صالح وأبو روق وابن زيد والمفضّل : على يقين إخلاف اللّه عليهم. قتادة : احتساباً بإيمان من أنفسهم، عطاء ومجاهد : مثبّتون أي لا يضيّعون أموالهم، وكذلك قرأ مجاهد : وتثبيتاً لأنفسهم. قال الحسن : كان الرجل إذا همّ بصدقة تثبّت إن كان للّه أعطى وإن خالطه شيء أمسك، وعلى هذا القول يكون التثبيت بمعنى التثبت كقوله عزّ وجلّ : {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا} أي تبتّلاً. سعيد بن جبير وأبو مالك : تخفيفاً في ذنبهم. ابن كيسان : إخلاصاً وتوطيناً لأنفسهم على طاعة اللّه عزّ وجلّ في نفقاتهم، الزجاج : ينفقونها مقرّين بأن اللّه عزّ وجلّ رقيب عليهم. وأصل هذه الكلمة من قول السائل : ثبت فلان في هذا الأمر إذا حققه وثبت عليه وعزمه وقوي عليه بذاته. فثبت اللّه ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا {كَمَثَلِ جَنَّة} أي بستان. قال الفراء : إذا كان في البستان نخل فهو جنّة، وإذا كان كرم فهو فردوس. وقول مجاهد : كمثل حبّة بالحاء والباء {بِرَبْوَةٍ} قرأ السليمي والعطاردي والحسن وعاصم وابن عامر : {بِرَبْوَةٍ} بفتح الراء هاهنا وفي سورة المؤمنين وهي لغة بني تميم. وقال أبو جعفر وشيبة ونافع وابن كثير والأعمش وحمزة والكسائي وخلف وأبو عمرو ويعقوب وأيوب بضم الراء فيهما. واختاره أبو حاتم وأبو عبيد لأنّها أكمل اللغات وأشهرها، وقول ابن عباس وأبو إسحاق السبيعي وابن أبي إسحاق : بربوة، وقرأ أشهب العقيلي : برباوة بالألف وكسر الراء فيها. وهي جميعاً المكان المرتفع المستوي الذي تجري فيه الأنهار ولا يخلو من الماء. وإنّما سمّيت ربوة لأنّها ربت (وطابت) وعلت، من قولهم ربا الشيء يربو إذا انتفخ وعظم، وإنّما جعلها بربوة لأن النبات عليها أحسن وأزكى. {أَصَابَهَا وَابِلٌ} مطر شديد كثير {فََاتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : {أُكُلَهَا} بالتخفيف والباقون بالتشديد وهو الثمر. قال المفضّل : الأكل : كثرة مافي الشيء ممّا يجود ويقوى به، يقال : ثوب كثير الأكل، أي كثير الغزل. ومعناه : وأعطت ثمرها ضعفين والضعف في الحمل. قال عطاء : حملت في سنة من الريع ما تحمل غيرها في سنتين. قال عكرمة : حملت في السنة مرّتين. {فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} أي فطشّ وهو أضعف المطر وألينه. قال السدي : هو الندى. أبو سلام عبد الملك بن سلام عن زيد بن أسلم في قوله {فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} قال : هي أرض مصر إن لم يصبها مطر زكت وإن أصابها مطر ضعفت، وهذا مثل ضربه اللّه عزّ وجلّ لعمل المؤمن المخلص، يقول : كما أن هذه الجنّة تريع في كلّ حال ولا تخلف ولا تُخيّب صاحبها سواء قلّ المطر أو كثر، كذلك يُضاعف اللّه عزّ وجلّ ثواب صدقة المؤمن المخلص الذي لا يمنّ ولا يُوذي سواء قلّت نفقته وصدقته أو كثرت فلا تخيب بحال. {لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} هذه الآية متصلة بقوله تعالى : {يا أيُّها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}. الآية {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} . {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ} وإنّما قال : {أَصَابَهُ} فردّ الماضي على المستقبل؛ لأن العرب تلفظ توددت مرّة مع (لو) وهي الماضي فتقول : وددت لو ذهبتَ عنّا، ومرّة مع (أن) وهي للمستقبل فتقول : وددت أن تذهب عنّا، و (لو) و (أن) مضارعان في معنى الجزاء، ألا ترى أنّ العرب فيما جمعت بين (لو) و (أن) قال اللّه تعالى : {وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ} . الآية كما تجمع بين (ما) و (أن) وهما جحد. قال الشاعر ما أنْ رأيت ولا سمعت بمثله كاليوم طالي أينق جرب فلما جاز ذلك صلح أن يقال : فعل بتاويل يفعل ويفعل بتأويل فعل، وان ينطق ب (لو) عنها ما كان (أن) وب (أن) مكان (لو). |
﴿ ٢٦٥ ﴾