٢٦

{قُلِ اللّهمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} ،

قد روى الأعرج عن أبي هريرة عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) ،

وروى جعفر ابن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) : إنَّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (لما أراد اللّه أنْ ينزّل فاتحة الكتاب،

وآية الكرسي،

و{شَهِدَ اللّه} ،

و{قُلِ اللّهمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} ... إلى {بِغَيْرِ حِسَابٍ} تعلقن بالعرش،

وليس بينهن وبين اللّه حجاب،

وقلن : يا رب تهبطنا دار الذنوب وإلى من يعصيك ونحن متعلقات بالطيور والعرش. فقال تعالى : وعزَّتي وجلالي ما من عبد قرأ كنَّ في دبر كل صلاة مكتوبة إلاَّ أسكنتهُ حظيرة القدس على ما كان فيه،

وإلاّ نظرتُ له بعيني في كل يوم سبعين مرة،

وإلاَّ قضيت له في كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة،

وإلاَّ أعذته من كل عدو ونصرته عليه،

ولا يمنعه دخول الجنة إلاَّ الشرك).

وقال معاذ بن جبل : أحتبستُ عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يوماً لم أصلِّ معهُ الجمعة. فقال : يا معاذ ما منعك من صلاة الجمعة؟

قلت : يا رسول اللّه كان ليوحنا اليهودي عليَّ أوقية (من تبر)،

وكان على بابي يرصدني،

فأشفقت أن يحبسني دونك. فقال : (أتحب يا معاذ أنْ يقضي اللّه دينك؟).

قلت : نعم يا رسول اللّه. قال : قل {اللّهمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} .. إلى قوله : {بِغَيْرِ حِسَابٍ} ،

وقل : (يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها تُعطي منها ما تشاء وتمنع منها ما تشاء،

أقضِ عني دَيني. فإنْ كان عليك ملىء الأرض ذهباً قضاهُ اللّه عنك).

قال قتادة : ذُكر لنا أنَّ النبي (صلى اللّه عليه وسلم) سأل ربه أنْ يجعل مُلك فارس والروم في أمته،

فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.

وقال ابن عباس،

وأنس بن مالك : لما فتح رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مكة ووعد أمته مُلك فارس والروم. قالت : المنافقين واليهود : هيهات هيهات من أينَ لمحمد مُلك فارس،

هم أعزَّ وأمنع من ذلك،

ألم يكف محمداً مكة والمدينة حتى طمع في مُلك فارس والروم. فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.

وروى كثير بن عبد اللّه بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده،

قال : خطّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) الخندق في عام الأحزاب. ثمّ قطع أربعين ذراعاً بين كلّ عشرة،

قال : فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي،

وكان رجلاً قوياً،

فقال المهاجرون : سلمان مِنّا. وقال الأنصار : سلمان منّا.

فقال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (سلمان منّا أهل البيت).

قال عمرو بن عوف : كنتُ أنا وسلمان وحذيفة والنعمان بن مقرن المزني وستة من الأنصار في أربعين ذراعاً،

فحفرنا حتى بلغنا الصدى أخرج اللّه من بطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا وشقَّت علينا. فقلنا يا سلمان : آت إلى رسول اللّه وأخبره خبر هذه الصخرة. فإمّا أنْ نعدل عنها فإنَّ المعدل قريب،

وإما أن يأمرنا فيها بأمر،

فإنّا لا نحب أن نجاوز خطة.

قال : فرقى سلمان إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وهو ضارب عليه قبّة تركية. فقال : يا رسول اللّه خرجت صخرة بيضاء مروة من بطن الخندق،

وكسرت حديدنا وشقت علينا حتى ما يجيء منها قليل ولا كثير،

فمرنا فيها بأمرك فإنّا لا نحب أن نجاوز خطك،

قال : فهبط رسول اللّه مع سلمان الخندق وبقينا نحن التسعة على شفة الخندق. فأخذ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) المعول من سلمان فضربها ضربة صدعها،

وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها،

يعني المدينة،

حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم،

فكبَّر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) تكبير فَتْح،

وكبَّر المسلمون،

ثم ضربها (صلى اللّه عليه وسلم) فكسرها،

وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحاً في جوف بيتُ مظلم،

فكبَّر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) تكبير فتح،

وكبَّر المسلمون معه. فأخذ بيد سلمان ورقى. فقال سلمان : بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه لقد رأيتُ شيئاً ما رأيتُ مثلهُ قط فالتفت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) إلى القوم فقال : رأيتم ما يقول سلمان؟

قالوا : نعم يا رسول اللّه (بأبينا أنت وأمّنا وقد رأيناك تضرب فيخرج برق كالموج،

فرأيناك تكبّر فنكبّر ولا نرى شيئاً غير ذلك) قال : ضربت ضربتي الأولى،

فبرق الذي رأيتم،

أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب،

وأخبرني جبرائيل (عليه السلام) أنَّ أمتي ظاهرة عليها،

ثم ضربت ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور نصرى من أرض الروم كأنَّها أنياب الكلاب،

وأخبرني جبرائيل (عليه السلام) أنَّ أمتي ظاهرة عليها. (ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب،

وأخبرني جبرائيل أنَّ أمتي ظاهرة عليها) فأبشروا. فاستبشر المسلمون،

وقالوا : الحمد للّه موعود صدق بأن وعدنا النصرُ بعد الحصر. (فطبقت الأحزاب فقال : المسلمون : {هذا مَا وَعَدَنَا اللّه وَرَسُولُهُ}

الآية).

وقال المنافقون : ألا تعجبون يُمنّيكم ويعدكم الباطل،

ويخبركم أنَّه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى،

وأنَّها تفتح لكم وأنتم إنَّما تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون أنْ تبرزوا،

قال : فأنزل القرآن : {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللّه وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا} وأنزل اللّه في هذه القصة قوله تعالى : {قُلِ اللّهمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} .

واختلف النحاة في وجه دخول الميم في هذا الاسم وأصلهُ (اللّه) وفي نصبه.

وقال بعضهم : إنَّما أُدخل الميم في آخره بدلاً من حرف النداء المحذوف من أوله؛ لأنَّ أصلهُ (يا اللّه) فحذفت حرف النداء وأُدخلت الميم خلفاً منه.

كما قالوا : فم،

ودم،

وزر،

قم مُحذف وستهم،

وما أشبه ذلك من الأسماء والنعوت التي يحذف منها الحرف.

واحتجوا بأنّ نحوها من الأسماء والنعوت إذا حُذف منها حرف أُبدل مكانهُ ميم،

ولمّا كان المحذوف من هذا الاسم حرفين كان البدل ميمين،

فأدغمت إحداها في الأُخرى فجاء التشديد لذلك،

وفي سائر أخواتها مخففة؛ لأنَّ المحذوف حرف واحد ثم نُصب لحق التضعيف.

وأنكر الآخرون هذه القول وقالوا : سمعنا العرب يدخل الميم فيه مع ياء النداء وأنشد الفرّاء :

وما عليكِ أنْ تقولي كلما

سبحتَّ أو هللت يا اللّهمّ ما

اردد علينا شيخنا مسلما

فإنّنا من خيره لن نعدما

قالوا : ونرى أنَّما أصله اللّه في الدعاء. بمعنى (يا اللّه) ضُم إليها أمَّ وحذف حرف النداء. يُراد يا اللّه آتنا الخير أي : أقصدنا به ثمّ ضرب في الكلام حتى اختلطت به. فحذفت الهمزة استخفافاً كقولهم : هلَّم إلينا كان أصلهُ هل لم إلينا،

أي أقصد أو أسرع. ثم كُثرت هذه اللفضة حتى قالوا : لاهم بمعنى اللّهم،

وربما خفضوا ميمها أيضاً،

واللّه أعلم.

وقال أبو رجاء العطاردي : هذه الميم في قوله : (اللّهم) : تجمع سبعين اسماً من أسمائه عزَّ وجلَّ مالك المُلك. قال اللّه تعالى في بعض الكتب : أنا اللّه مالك الملوك ومالك الملك،

قلوب الملوك ونواصيها بيدي،

فإذا العباد أطاعوني جعلت عليهم رحمة،

وإذا العباد عصوني جعلت عليهم عقوبة،

فلا تشتغلوا بسبَّ الملوك،

ولكن توبوا إليَّ اعطفهم عليكم.

{تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} ،

قال مجاهد وسعيد بن جبير : يعني ملك النبوة،

الكلبي : {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} : محمد وأصحابه،

{وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} : أبي جهل وصناديد قريش.

وقال معتصم : {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} : العرب. {وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} : الروم والعجم وسائر الأمم.

السدَّي : {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} : آتى اللّه الأنبياء وأمر العباد بطاعتهم. {وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} : نزع من الجبّارين وأمر العباد بخلافهم.

وقيل : {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} : آدم وولده،

{وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} أبليس وجُنده.

وقيل : {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} : داود. {وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} : جالوت.

وقيل : {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} : صخراً. {وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} : سليمان (عليه السلام) كان يطعم الخبز الجواري ويأكل خبز الشعير،

وكان يلبس المرقعة ولم ينظر أربعين سنة إلى السماء تخشيّاً للّه.

وكان يدخل المسجد فيرتاد فقيراً يقعد بجنبهِ،

ويقول : مسكينٌ جالس مسكيناً {وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} : ملك النفس حتى يغلبهُ هواه ويتخذهُ إلهاً. كما قال اللّه عزَّ وجل {أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ الههُ هَوَ اهُ} .

وقال الشاعر :

ملكتُ نفسي فذاك ملكٌ

ما مثلهُ للأنام ملكٌ

فصرتُ حراً بملك نفسي

فما لخلق عليَّ ملكٌ.

آخر :

من ملك النفس فحر (ضاهي)

والعبدُ من يملكهُ هواه

وقيل : هو ملك العافية. قال اللّه تعالى : {وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا}

وقال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (من أصبح منكم آمناً في سربه. معافىً في بدنه،

وعندهُ قوت يومهِ؛ فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها).

وقيل : هو القناعة. قال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (ملوك أمتي القانع يوماً بيوم،

فمن أوتي ذلك فلم يقبلهُ بقبوله ولم يصبر عليه شاكراً قصر عملهُ،

وقل عقلهُ).

وعن ابن المبارك قال : دخلت على سفيان الثوري بمكة،

فوجدتهُ مريضاً شارب دواء،

وبه غمٌ شديد فسلمتُ عليه،

وقلت : مالك يا عبد اللّه؟

فقال : أنا مريضٌ شارب دواء وبيَّ غمٌ شديد،

فقلتُ : أعندك بصلة؟

قال : نعم،

فقلت : آتيني بها فأتاني بها،

فكسرتها ثم قلتُ : شِمَّها فشَمَّها؛ فعطس عند ذلك فقال : الحمدُ للّه ربَّ العالمين،

فسكن ما به،

فقال لي : يا بن المبارك أنت فقيه وطبيب أو قال : عالمٌ وطبيب،

فقلت لهُ : مجرّب يا أبا عبد اللّه. قال : فلمّا رأيته سكن ما بهِ وطابت نفسهُ. قلتُ : إني أريد أنْ أسألك حديثاً. فقال : سلْ ما شئتَ.

فقلت : أخبرني ما الناس؟

قال : الفقهاء. قلتُ : فما الملوك؟

قال : الزَّهادْ. قلتُ : فما الاشراف؟

قال : الأتقياء. قلتُ : فما الغوغاء؟

قال : الذين يكتبون الأحاديث ليستأكلوا به أموال الناس. قلت له : أخبرني رحمك اللّه : ما السفلة؟

قال : الظلمة. ثم ودّعتهُ وخرجت من عنده. قال : يا ابن المبارك عليك بهذا الخبر فإنهُ موجود رخيص قبل أنْ يغلوا فلا يوجد بالثمن.

وقال عبد العزيز بن يحيى : {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} : يعني الملك على المهين وقهر الشيطان. كما قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (إنَّ الشيطان ليجري من بني آدم مجرى الدم).

وقال تعالى : {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} : يعني ملك المعرفة،

كما آتى السحرة : {وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} ،

كما نزع من إبليس وبلعام.

الحسين بن الفضل : {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ} : يعني ملك الجنة كما آتى المؤمنين قال اللّه تعالى : {وَمُلْكًا كَبِيرًا} ،

{وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} : كما نُزع من الكفار وأهل النَّار.

أبو عثمان : أراد (بالملك) : توفيق للإيمان والطاعة.

وحكى الاستاذ أبو سعيد الواعظ : إنَّهُ سمع بعض زهّاد اليمن يقول : هو قيام الليل.

الشبلي : الاستغناء بالمكوِن عن الكونين.

الواسطي : افتخر الملوك بالملك. فأخبرهم اللّه تعالى أنَّ الملك (زائل) عندهم لقوله تعالى : {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ} .

قالت الحكماء في هذه الآية : هذا إخبار عن كمال القدرة. وأنَّ القادر على الكمال هو القادر على الشيء وضده،

فأخبر أنَّه قادر على أن يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء.

{وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ} : قال عطا : تعز من تشاء : المهاجرين والأنصار،

وتذل من تشاء : فارس والروم.

وقيل : {تعزُ من تشاء} : محمداً وأصحابه حين دخلوا مكة وعشرة آلاف ظاهرين عليها،

وتذل من تشاء : أبا جهل وأصحابه حين حزَّوا رؤوسهم وألُقوا في القليب.

وقيل : {تعزُ من تشاء} : بالايمان والمعرفة. وتذل من تشاء : بالخذلان والحرمان.

وقيل : {تعزُ من تشاء} : بالتمليك والتسليط. وتذل من تشاء : بسلب الملك وتسليط عدوهُ عليه.

الورّاق : {تعزُ من تشاء} : بقهر النفس ومخالفة الهوى. {وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ} : باتباع الهوى.

الكياني : {تعزُ من تشاء} : بقهرهِ الشيطان. {وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ} : بقهر الشيطان لنا.

وقيل : {تعزُ من تشاء} : بالقناعة والرضا. {وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ} : بالخزي والطمع.

قال الثعلبي (رحمه اللّه) : وسمعتُ السلمي يقول : سمعت عبد اللّه بن علي يقول : سمعت محمد بن الفضل يقول : سمعت الزبير بن عبد الواحد يقول : سمعت بنان الحمّال يقول : الحرَّ عبدٌ ما طمع. والعبد حرٌ ما قنع.

وقال وهب : خرج الغنى والعز يجولان فلقيا القناعة فاستقرا.

وقال عيسى (عليه السلام) لأصحابه : لأنتم أغنى من الملوك.

قالوا : كيف يا روح اللّه ولسنا نملك شيئاً؟

قال : أنتم ليس عندكم شيء ولا تريدونها،

وعندهم أشياء ولا تكفيهم.

وللشافعي (رضي اللّه عنه) :

ألاَّ يا نفس أنْ ترضي بقوت

فأنتِ عزيزة أبداً غنَّية

دعي عنكِ المطامع والاماني

فكم أمنية جلبت منيَّة

وقال الآخر :

أفادتني القناعة كل عز

وهل عزٌّ أعزُّ من القناعة

فصيرَّها لنفسك رأس مال

وصيّرها مع التقوى بضاعة

وقيل : {تعزُ من تشاء} : بالإخلاص،

وتذلُ مَن تشاء : بالرياء.

وقال الحسن بن الفضل : {وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ} : بالجنة والرؤيا. {وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ} : بالنار والحجاب.

{بِيَدِكَ الْخَيْرُ} : يعني الخير والشر،

فأكتفي بذكر الخير؛ فإنَّهُ الأفضل والاغلب كقوله تعالى : {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} : أي الحر والبرد {إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ} .

﴿ ٢٦