٣١

{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّه فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللّه} الآية،

قال الحسن وابن جريج : زعم أقوام على عهد رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) أنَّهم يحبَّون اللّه،

فقالوا : يا محمَّد إنَّا نحبُ ربَّنا،

فأنزل اللّه عز وجل هذه الآية،

وجعل إتبَّاع نبيه عَلماً لحبَّه تعالى.

وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : وقف النبي (صلى اللّه عليه وسلم) على قريش وهم في المسجد الحرام،

وقد نصبوا أصنامهم وعلَّقوا عليها بعض النعام وجعلوا في آذانها السيوف وهم يسجدون لها. فقال : يا معشر قريش واللّه لقد خالفتم ملَّة أبيكم إبراهيم وإسماعيل،

ولقد كانا على الإسلام. فقالت له قريش : يا محمَّد إنَّا نعبدها حبَّاً للّه،

ليقرّبونا إلى اللّه زلفى،

فقال اللّه تعالى : قل يا محمّد إنْ كنتم تحبّون اللّه وتعبدون الأصنام ليقرّبوكم إليه فاتبعوني يحببكم اللّه،

وأنا رسوله إليكم وحجتَّه عليكم وأنا أولى بالتعظيم من الأصنام.

وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : إنَّ اليهود لمَّا قالوا : نحن أبناء اللّه وأحباؤه،

أنزل اللّه هذه الآية،

فلمَّا نزلت عرضها رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) على اليهود،

فأبوا أن يقبلوها.

روى محمد بن إسحاق عن محمَّد بن جعفر عن الزبير : قال : نزلت في نصارى أهل نجران وذلك أنَّهم قالوا : إنَّا نعظم المسيح ونعبده حبَّاً للّه سبحانه وتعظيماً له،

فقال اللّه : قل يا محمّد : إنْ كنتم تحبّون اللّه وكان عظيم قولكم في عيسى حبّاً للّه سبحانه وتعالى وتعظيماً له فاتَّبعوني يحببكم اللّه،

أي : إتَّبعوا شريعتي وسنتي يحببكم اللّه،

وحب المؤمنين للّه إتباعهم أمره وقصدهم طاعته ورضاه،

وحبَّه عزَّ وجلَّ للمؤمنين (منّة) عليهم وثوابه لهم وعفوه عنهم وذلك قوله : {وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّه غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .

قال الثعلبي : أنشدنا أبو القاسم الحبيبي قال : أنشدنا أبو أحمد محمد بن ابراهيم الصريمي قال : أنشدنا علي بن محمد قال : أنشدني الحسن بن إبراهيم البجلي لعبد اللّه بن المبارك :

تعصي الإله وأنت تظهر حبَّه

هذا لعمري في الفعال قبيح

لو كان حبّك صادقاً لأطعته

إنَّ المحب لمن يحبُّ مطيع

عروه عن عائشة قالت : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (الشرك أخفّ من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء،

وأدناه أن تحبّ على شيء من الجور أو تبغض على شيء من العدل وهل الدين إلاّ الحبّ في اللّه والبغض في اللّه قال اللّه : {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّه فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللّه} .

فلما نزلت هذه الآية قال عبد اللّه بن أُبي (لأصحابه : إنّ محمّداً يجعل طاعته كطاعة اللّه ويأمرنا أن نحبّه) كما أحبت النصارى عيسى ابن مريم،

﴿ ٣١