٦١{فَمَنْ حَآجَّكَ} : خاصمك وجادلك بأمر يا محمد. {فِيهِ} : في عيسى. {مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} : بأنه عبد اللّه ورسوله. {فَقُلْ تَعَالَوْا} : قرأ الحسن وأبو واقد الليثي وأبو السمّاك العدوي : {تَعَالَوْا} بضم اللام، وقرأ الباقون بفتحها و الأصل فيه تعاليوا لأنّه تفاعلوا من العلو فاستثقلت الضّمة على الياء فسكنت ثم حذفت وبقيت (اللام على محلّها وهي عين الفعل) ضم فإنّه نقل حركة الياء المحذوفة التي هي لام الفعل إلى اللام. قال الفرّاء : معنى تعال كأنّه يقول ارتفع. {نَدْعُ} : جزم لجواب الأمر وعلامة الجزم فيه سقوط الواو. {أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم} : وقيل : أراد نفوسهم، وقيل : أراد الأزواج. {ثُمَّ نَبْتَهِلْ} : نتضرّع في الدّعاء. قاله ابن عباس. مقاتل : نخلص في الدعاء. الكلبي : نجهد ونبالغ في الدّعاء. الكسائي وأبو عبيدة : نلتعن بقول : لعن اللّه الكاذب منّا، يقال : عليه بهلة اللّه، وبهلته : أي لعنته. قال لبيد : في قدوم سادة من قولهم نظر الدهر إليهم فابتهل. {فَنَجْعَل} : عطف على قوله : نبتهل. {لَّعْنَةُ اللّه} : مصدر. {عَلَى الْكَاذِبِينَ} : منّا ومنكم في أمر عيسى، فلمّا قرأ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) هذه الآية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة قالوا : حتى نرجع وننظر في أمرنا ثمّ نأتيك غداً. فخلا بعضهم ببعض، فقالوا للعاقب وكان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ماترى؟ فقال : واللّه يا معشر النّصارى لقد عرفتم أنّ محمداً نبيٌ مرسل ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، واللّه ما لاعن قوم نبياً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن نعلم ذلك لنهلكنّ. فإن رأيتم إلاّ البقاء لدينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرّجل وانصرفوا إلى بلادكم، فأتوا رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وقد غدا رسول اللّه محتضناً الحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي (رضي اللّه عنه) خلفها وهو يقول لهم : إذا أنا دعوت فأَمّنوا. فقال أسقف نجران : يا معشر النّصارى إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا اللّه أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. فقالوا : يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك، وأن نتركك على دينك ونثبت على ديننا. فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فإن أبيتم المباهلة فأسلموا يكُن لكم ما للمسلمين، وعليكم ما عليهم. فأبوا. قال : فإنّي أُنابذكم بالحرب. فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ولكنّا نصالحك على أن لا تغزونا ولا تُخيفنا ولا تردّنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عام ألفي سكّة ألفاً في صفر وألفاً في رجب. فصالحهم رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) على ذلك. وقال : والذي نفسي بيده إنّ العذاب قد نزل في أهل نجران ولو تلاعنوا لمُسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل اللّه نجران وأهله حتّى الطير على الشجر ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا. قال اللّه تعالى : |
﴿ ٦١ ﴾