٨٣{أَفَغَيْرَ دِينِ اللّه يَبْغُونَ} الآية. قال ابن عباس : اختصم أهل الكتاب إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فيما اختلفوا بينهم من دين إبراهيم (عليه السلام) كل فرقة زعمت أنّه أولى بدينه، قال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم، فغضبوا وقالوا : واللّه ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك، فأنزل اللّه {أَفَغَيْرَ دِينِ اللّه يَبْغُونَ} وهو قراءة الحسن وحميد ويعقوب وسلام وسهل وصفوان بالياء لقوله : {أُولَاكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ، وقرأ أبو عمرو : يبغون بالياء وترجعون بالتاء، قال : لأن الأول خاص والثاني عام؛ ففرّق بينهما لافتراقهما في المعنى، وقرأ الباقون : بالتاء فيهما على الخطاب لقوله : {لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ} . {وَلَهُ أَسْلَمَ} خضع وانقاد من في السماوات والأرض {طَوْعًا} والطوع الانقياد والاتباع بسهولة من قولهم : فرسٌ طوع العنان، أي منقاد {وَكَرْهًا} والكره : ما كان بمشقة وإباء من النفس، كرهاً بضم الكاف وهما مصدران وضعا موضع الحال، كأنّه قال : وله أسلم من في السماوات والأرض طائعين وكارهين، واختلفوا في قوله طوعاً وكرهاً، فروى أنس بن مالك عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) في قوله : {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً} قال : (الملائكة أطاعوه في السماء، والأنصار وعبد القيس أطاعوه في الأرض). وقال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (لا تسبّوا أصحابي فإنّ أصحابي أسلموا من خوف اللّه، وأسلم الناس من خوف السيف). وقال الحسن والمفضّل : الطوع لأهل السماوات خاصة، وأهل الأرض منهم من أسلم طوعاً ومنهم من أسلم كرهاً. ابن عباس : عبادتهم للّه أجمعين طوعاً وكرهاً وانقياداً له. الربيع عن أبي العالية في قول اللّه تعالى : {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً} قال : كل بني آدم أقرّ على نفسه أنّ اللّه ربّي وأنا عبده، فهذا الإسلام لو استقام عليه، فلمّا تكلّم به صار حجة عليه، ثم أشرك في عبادته فهذا الذي أسلم كرهاً، ومنهم من شهد أنّ اللّه ربّي وأنا عبده، ثم أخلص العبودية فهذا الذي أسلم طوعاً، وقال الضحّاك : هذا حين أخذ منه الميثاق وأقرّ به. مجاهد : طوعاً : ظل المؤمن وكرهاً : ظل الكافر، يدلّ عليه قوله : {وللّه يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدوّ والآصال} ، وقوله : {يتفيّؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجداً للّه} . الشعبي : هو استعاذتهم به عند اضطرارهم، يدلّ عليه قوله تعالى : {فَإِذَا رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ دَعَوُا اللّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} . قتادة : المؤمن أسلم طائعاً والكافر كارهاً؛ فإما المؤمن فأسلم طائعاً فنفعه ذلك وقبل منه، وأما الكافر فأسلم كارهاً في وقت البأس والمعاينة حتى لا يقبل منه ولا ينفعه، يدل عليه قوله : {فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} . الكلبي : طوعاً : الذين ولدوا في الإسلام، وكرهاً : الذين أجبروا على الإسلام. عكرمة : وكرهاً : من اضطرته (الحجة) إلى التوحيد، يدلّ عليه قوله تعالى : {وَلَ ن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّه} ، وقوله : {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولنّ اللّه} . ابن كيسان : وله أسلم أي خضع من في السماوات والأرض فيما صيّرهم عليه وصوّرهم فيه وما يحدث فهم لا يمتنعون عليه، كرهوا ذلك أو أحبوه. {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال : إذا استصعبت دابة أحدكم أو كانت شموساً فليقرأ في أذنها هذه الآية. |
﴿ ٨٣ ﴾