١٨٣فأنزل اللّه عزّ وجلّ {الَّذِينَ قَالُوا} يعني وسمع اللّه قول الذين قالوا، ومحل (الذين) خفض ردّاً على الذين الأول {إِنَّ اللّه عَهِدَ إِلَيْنَآ} أي أمرنا وأوصانا في كتبه على ألسنة رُسله. {أَلا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ} أي لا نصدق رسولا يزعم أنه جاء من عند اللّه {حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ} فيكون ذلك دلالةً على صدقه، والقربان كل ما يتقرب به العبد إلى اللّه عزّ وجلّ من زكاة وصدقة وعمل صالح، وهو فعلان من القربة مثل الرفعان من الرّفع (والغنيان) من الغنى، ويكون اسماً ومصدراً فمثال الاسم : السلطان والبرهان، ومثال المصدر : العدوان والخسران. وكان عيسى بن عمر يقرأ : قُربان فبضم الراء والقاف كما يقال في جمع ظلمة : ظلمات، وفي جمع حجرة : حجرات. قال المفسرون : كانت القرابين والغنائم تحل لبني إسرائيل، فكانوا إذا قرّبوا قرباناً وغنموا غنيمة فإن تقبل منهم ذلك جاءت نار بيضاء من السماء لا دخان لها ولها دوي وحفيف، فتأكل ذلك القربان وتلك الغنيمة وتحرقهما، فيكون ذلك علامة القبول، وإذا لم يقبل بقي على حاله. وقال عطاء : كانت بنو إسرائيل يذبحون للّه فيأخذون الثروب وأطائب اللحم فيضعونها في وسط البيت والسقف مكشوف، فيقوم النبي في البيت ويناجي ربّه، وبنو إسرائيل خارجون حول البيت، فتنزل نار فتأخذ ذلك القربان فيخر النبي ساجداً فيوحي اللّه عزّ وجلّ إليه بما شاء. قال السدي : إن اللّه تعالى أمر بني إسرائيل في التوراة : من جاءكم من أحد يزعم أنه رسول فلا تصدقوه حتى يأتيكم بقربان تأكله النار حتى يأتيكم المسيح ومحمد، فإذا أتياكم فآمنوا بهما فإنهما يأتيان بغير قربان، قال اللّه تعالى إقامة للحجة عليهم {قُلْ} يا محمد {قَدْ جَآءَكُمُ} يا معشر اليهود {رُسُلٌ مِّن قَبْلِى بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِى قُلْتُمْ} من القربان {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ} يعني زكريا ويحيى وسائر من قتلوا من الأنبياء، وأراد بذلك أسلافهم، فخاطبهم بذلك لأنهم رضوا بفعل أسلافهم، ومعنى الآية تكذيبهم يا محمد إياك مع علمهم بصدقك، كقتل آبائهم الأنبياء مع الإتيان بالقربان والمعجزات، ثم قال معزياً نبيه (صلى اللّه عليه وسلم) |
﴿ ١٨٣ ﴾