١٩٥

{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} .

روى أبو بكر الهذلي عن الحسن قال : ما زالوا يقولون : ربّنا ربّنا حتى استجاب لهم ربّهم.

وروى عن الصادق أنه قال : من حزَّ به أمر فقال خمس مرات : ربنا أنجاه اللّه ممّا يخاف وأعطاه ما أراد. قيل له : وكيف ذلك؟

قال : اقرؤا إن شئتم الذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً إلى قوله تعالى الميعاد.

فأما نزول الآية : فقال مجاهد : قالت أم سلمة : يا رسول اللّه إني أسمع اللّه يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء بشيء،

فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.

قال : وقالت الأنصار : هي أول ظعينة قدمت علينا {إِنِّى} أي بأني أو لأني،

نصب بنزع الخافض.

وقرأ عيسى بن عمر : (إني) بكسر الألف،

كأنه أضمر القول أو جعل الإستجابة قولا.

{أُضِيعُ} لا أحبط ولا أبطل {عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم} أيها المؤمنون {مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} .

قال الكلبي : يعني من الدين والنصرة والموالاة،

وقيل : حكم جميعكم في الثواب واحد،

وقيل : كلكم من آدم وحواء.

الضحاك : رجالكم بشكل نسائكم في الطاعة ونساؤكم بشكل رجالكم في الطاعة،

نظيرها قوله : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} .

{فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِى سَبِيلِى} أي في طاعتي،

وهم المهاجرون الذين أخرجهم المشركون من مكة وآذوهم {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} .

قرأ محارب بن دثار : (وقتلوا) بفتح القاف وقاتلوا.

وعن يزيد بن حازم قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يقرأ : (وقتلوا وقتلوا) يعني أنهم قتلوا من قتلوا من المشركين ثم قتلهم المشركون.

وقرأ أبو رجاء والحسن وطلحة : (وقاتلوا وقتِّلوا) مشدداً.

قال الحسن : يعني إنهم قطّعوا في المعركة.

وقرأ عاصم وأبو عبيد وأهل المدينة : (وقاتلوا وقتلوا) يريد أنهم قاتلوا ثم قتلوا.

وقرأ يحيى بن وثَّاب والأعمش وحمزة والكسائي وخلف : (وقتلوا وقاتلوا) ولها وجهان : أحدهما وقاتل من بقى منهم،

تقول العرب : قتلنا بني تميم،

وإنما قتلوا بعضهم. والوجه الآخر : بإضمار (قد) أي وقتلوا وقد قاتلوا.

قال الشاعر :

تصابى وأمسى علاه الكبر

{كَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّ َاتِهِمْ وَدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللّه} .

قال الكسائي : نصب (ثواباً) على القطع،

وقال المبرد : مصدر ومعناه : لأتينهم ثواباً.

{وَاللّه عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} .

عن عبد اللّه بن عمرو قال : سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يقول : (إن اللّه عزّ وجلّ يدعوا يوم القيامة بالجنة ويأتي بزخرفها وزينتها فيقول : أين عبادي الذين قاتلوا في سبيل اللّه وأوذوا في سبيلي وجاهدوا في سبيلي ادخلوا الجنة،

فيدخلونها بغير حساب ولا عذاب،

فتأتي الملائكة فيسجدون ويقولون : ربّنا نسبح الليل والنهار ونقدس لك من هؤلاء الذين آثرتهم علينا،

فيقول اللّه عزّ وجلّ : هؤلاء عبادي الذين أوذوا في سبيلي،

فيدخل عليهم الملائكة يقولون : سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).

﴿ ١٩٥